السلام عليكم يا سيدي ورحمة الله وبركاته.. هل لي أن أسألك في أمور تهمني وتهم كل إنسان يرغب في حياة طيبة.. فأنا إنسان فقير لا أملك من حطام الدنيا شيئا.. كيف لي أن أعيش حياة طيبة، وما الذي يُخشى عليّ منه؟ يقول الإمام: أمتُّ مطامعي فأرحت نفسي فإن النفس ما طمِعت تهونُ وأحييت القنوع وكان ميتا ففي إحيائه عرض مصون إذا طمعٌ يحلُّ بقلب عبدٍ علته مانةٌ وعلاه هُونُ إذن فهو "الطمع"، صدقت يا سيدي.. ولكننا في زمن تتحكم فيه الأموال في تقدير الناس واحترامهم.. ومن لا يملك مثلي يبغي عليه الجهلاء فماذا عساي أن أصنع؟ يقول الإمام: أعرض عن الجاهل السفيه فكل ما قال فهو فيه ما ضر بحر الفرات يوما إن خاض بعض الكلاب فيه ولكنني أحيانا أشعر بالرغبة في رد الإهانة لهؤلاء فماذا أفعل؟ يقول الإمام: يخاطبني السفيه بكل قبح فأكره أن أكون له مجيبا يزيد سفاهة فأزيد حِلما كعودٍ زاده الإحراق طيبا وإذا ما سكتّ سيقولون إنني ضعيف وإنني أخشاهم؟ يقول الإمام: قالوا سكتَّ وقد خوصمت قلت لهم إن الجواب لبابِ الشرِ مفتاحُ والصمت عن جاهلٍ أو أحمقٍ شرفٌ وفيه أيضاً لصون العرض إصلاحُ أما ترى الأسد تُخشَى وهي صامتة؟ والكلب يُخسى لعمري وهو نبّاحُ نعم.. ولكنني أجد في قلبي شيئا من الغضب منهم، أأبدي لهم هذا؟ وهل لي أن أسامحهم وهم قد آذوني.. أجبني يا سيدي؟ يقول الإمام: لما عفوت ولم أحقد على أحدٍ أرحت نفسي من هم العداوات إني أحيّي عدوي عند رؤيته فأدفع الشر عني بالتحيات وأظهر البشر للإنسان أبغضُه كما أن قد حشى قلبي محبات الناس داء ودواء الناس قربهم وفي اعتزالهم قطع المودات فماذا أفعل فيما يدور برأسي ويؤلم صدري؟ فأنا أحفظ مكانة الناس عندي وليس لي عندهم مكان؟ يقول الإمام
زِن من وزَنْك بما وزَنْك وما وزَنْك به فزِنهُ من جاء إليك فرُح إليه ومن جفاك فصُدّ عنهُ وارجع إلى رب العباد فكل ما يأتيك منهُ ومما يؤلم نفسي أنني أسررت أمرا لأحدهم فأفشاه يا سيدي فمن الملوم فينا؟ يقول الإمام:
إذا المرء أفشى سره بلسانه ولام عليه غيره فهو أحمقُ إذا ضاق صدر المرء عن سرِّ نفسه فصدرُ الذي يُستودع السرَّ أضيقُ هل لي بسؤال آخر يا سيدي.. فقد اختلط عليّ أمر الناس فقيههم ورئيسهم وغنيهم... فقد وجدت في بعضهم ما لا يستحق الثناء عليه رغم مكانتهم؟ يقول الإمام:
إن الفقيه هو الفقيه بفعله ليس الفقيه بنطقه ومقاله وكذا الرئيس هو الرئيس بخلقه ليس الرئيس بقومه ورجاله وكذا الغني هو الغني بحاله ليس الغني بملكه وبماله وما خير ما توجهني إليه؟ يقول الإمام: صُنِ النفسَ واحملها على ما يزينها تعِش سالماً والقول فيك جميلُ ولا توليّن الناس إلا تجملاً نبا بك دهرٌ أو جفاك خليلُ وإن ضاق رزق اليوم فاصبر إلى غدٍ عسى نكبات الدهر عنك تزولُ ولا خير في ود امرئ متلوّن إذا الريح مالت مال حيث تميلُ وما أكثر الإخوان حين تعدهم ولكنهم في النائبات قليلُ زدني يا سيدي بنصيحة تساعدني في أمر ديني ودنياي.. وتسعدني في الدنيا والآخرة.. يقول الإمام:
دع الأيام تفعل ما تشاء وطِب نفسا إذا حكم القضاءُ ولا تجزع لحادثة الليالي فما لحوادث الدنيا بقاءُ وكن رجلا على الأهوال جلدا وشيمتك السماحة والوفاءُ وإن كثرت عيوبك في البرايا وسَرّك أن يكون لها غِطاءُ تستّر بالسخاءِ فكلُ عيبٍ يغطّيه كما قِيل السخاءُ ولا تُرِ للأعادي قطُ ذُلاًّ فإن شماتة الأعدا بلاءُ ولا ترجُ السماحة من بخيل فما في النار للظمآن ماءُ ورزقك ليس يُنقِصُه التأني وليس يزيدُ في الرزق العناءُ ولا حزنٌ يدوم ولا سرورٌ ولا بؤسٌ عليك ولا رخاءُ إذا ما كنت ذا قلبٍ قنوعٍ فأنت ومالكُ الدنيا سواءُ دع الأيام تغدر كل حين فما يُغني عن الموت الدواءُ رضي الله عنك وأرضاك يا إمام.. ونفعنا بعلمك.. وجعلنا من العاملين بما يعلمون.. فلا خير في علم بلا عمل..