«جبالي» يحيل اتفاقية تمويل مشروع «الصناعة الخضراء» للجنة التشريعية    الحوار الوطني يستأنف اجتماعاته لمناقشة أبرز القضايا الطارئة ذات الأولوية داخليًا وخارجيًا    تداول 15 ألف طن و736 شاحنة بضائع بموانئ البحر الأحمر    لليوم الثاني.. التموين تواصل صرف مقررات يونيو 2024    «جبالي» يفتتح أعمال الجلسة العامة للنواب لمناقشة عدد من القوانين    برلماني: الدولة المصرية حريصة علي تغليب الحوار والتفاوض للحفاظ علي أمن المنطقة    كوريا الشمالية ترسل 600 بالون إضافي محملين بالقمامة عبر الحدود    الزمالك يستأنف تدريباته في غياب 12 لاعبًا.. تصعيد ناشئين.. ووديتان استعدادًا للدوري    الظهير الأيسر وملف المحترفين ودعم الهجوم.. يلا كورة يرصد خريطة ميركاتو الأهلي في الصيف    الوكرة يكشف ليلا كورة.. حقيقة طلب التعاقد مع أليو ديانج    موعد والقناة الناقلة لمباراة الزمالك وسبورتنج بنهائي كأس اليد    موعد ظهور نتيجة الشهادة الإعدادية في كفر الشيخ    محافظ الغربية يتابع أداء الطلاب في امتحانات الشهادة الثانوية الأزهرية    أهالي قنا يشيعون جثامين 3 أشخاص لقوا مصرعهم في مرسى علم    حفر 30 بئرًا جوفية وتنفيذ سدَّين لحصاد الأمطار.. تفاصيل لقاء وزير الري سفيرَ تنزانيا بالقاهرة    في زيارة أخوية.. أمير قطر يصل الإمارات    الخارجية الفلسطينية ترحب بدعوى تشيلي ضد إسرائيل أمام محكمة العدل    النواب يحيل 3 اتفاقيات للجان النوعية في بداية الجلسة العامة .. اعرف التفاصيل    بالاسم ورقم الجلوس.. نتيجة الشهادة الإعدادية في كفر الشيخ    "الحوار الوطني" يطالب بالإفراج عن المحبوسين احتياطيا في أنشطة دعم فلسطين    وزير التعليم العالي يوجه بضرورة توفير الدعم للجامعات التكنولوجية    تنفيذ 5 دورات بمركز تدريب الشرقية خلال مايو الماضي    نواب بالجلسة العامة يؤيدون التحول للدعم النقدى ليصل لمستحقه    رئيس الوزراء يُتابع إجراءات سد العجز في أعداد المُعلمين على مستوى الجمهورية    عيد الأضحى.. موعد أطول إجازة متصلة للموظفين في شهر يونيو 2024    قرار من المحكمة ضد إنجي حمادة وكروان مشاكل بسبب "فيديو المطبخ"    رئيس بعثة الحج الرسمية: بدء تفويج حجاج القرعة من المدينة المنورة إلى مكة المكرمة    اليوم.. جمعية الفيلم تعرض فيلم بيت الروبي وتحتفل بمئوية الفنانة سامية جمال    قيادات «المتحدة» ونجوم الفن ورجال الدولة في احتفالية العرض الخاص من سلسلة «أم الدنيا 2»    شاهد، برومو تشويقي جديد لمسلسل الوصفة السحرية    نسرين طافش تكشف حقيقة طلبها "أسد" ببث مباشر على "تيك توك"    ما حكم من أحرم بالحج ثم مات بعد الوقوف بعرفة؟.. «المفتي» يجيب    توقيع الكشف الطبي على 1314 حالة خلال قافلة طبية بملوي في المنيا    تحرير 139 مخالفة للمحلات التى لم تلتزم بقرار الغلق خلال 24 ساعة    طريقة عمل الفطير المشلتت الفلاحي، الوصفة الأصلية    213 قرار علاج على نفقة الدولة و27 زراعة نخاع.. جهود اللجنة الطبية والاستغاثات خلال مايو 2024    أحمد حلمي يطالب بصناعة عمل فني يفضح الاحتلال الإسرائيلي: علينا تحمل مسئولية تقديم الحقيقة للعالم    قرار جديد من محكمة النقض بشأن قضية «شهيدة الشرف»    رسمياً.. منحة 500 جنيه بمناسبة عيد الأضحى لهذه الفئات (التفاصيل والموعد)    السكرتير المساعد لبني سويف يناقش إجراءات تعزيز منظومة الصرف بمنطقة كوم أبوراضي الصناعية    مجلس الزمالك يسابق الزمن لتجهيز مستحقات الفريق.. ومفاجأة بخصوص جوميز (خاص)    وزيرة التخطيط ل"النواب": الأزمات المتتالية خلقت وضعًا معقدًا.. ولابد من «توازنات»    سيناتور أمريكي: نتنياهو «مجرم حرب» لا يجب دعوته للكونجرس    طبيب قلب يقدم نصائح للوقاية من المضاعفات الصحية الناتجة عن حرارة الصيف (فيديو)    جواز ذبح الأضحية للمصريين المقيمين بالخارج: التفاصيل والأولويات    د. على جمعة عضو هيئة كبار العلماء يجيب عن أشهر أسئلة الحج: التخلف من العمرة للحج مخالفة لا تتفق معها العبادة.. ويحقق أذى المسلمين فى الحج    ضبط 9 ملايين جنيه في قضايا اتجار بالعملات الأجنبية خلال 24 ساعة    عكس الاتجاه.. هل يصلح متحف الهولوكوست ما أفسدته دولة الاحتلال؟!    الشرقية تحتفل بذكرى دخول العائلة المقدسة ومباركتها لأرض مصر في منطقة آثار تل بسطا    الاتحاد السكندري يخشى مفاجآت كأس مصر أمام أبو قير للأسمدة    وسائل إعلام لبنانية: شهيدان مدنيان في غارة إسرائيلية على بلدة حولا    ل برج الجوزاء والعقرب والسرطان.. من أكثرهم تعاسة في الزواج 2024؟    تداول 15 ألف طن و736 شاحنة بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    دعاء دخول مكة المكرمة.. اللهم أَمِّني من عذابك يوم تبعث عبادك    الزمالك: لم نطالب بتعليق صورة شيكابالا في منازلكم.. ولماذا السكوت عن الهارب؟    استقرار سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأحد 2 يونيو 2024    «خبرة كبيرة جدًا».. عمرو السولية: الأهلي يحتاج التعاقد مع هذا اللاعب    قصواء الخلالى ترد على تصريحات وزير التموين: "محدش بقى عنده بط ووز يأكله عيش"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أفلام الحافظة الزرقاء.. البرتقالة الميكانيكية
نشر في بص وطل يوم 12 - 07 - 2012

لست ناقدا سينمائيا؛ لكني أعرف جيّدا تلك الأفلام التي هزّتني أو أبكتني أو أضحكتني أو جعلتني أفكّر طويلا.. أعرفها وأحتفظ بها جميعا في الحافظة الزرقاء العتيقة التي تمزّقت أطرافها، وسوف أدعوك لتشاهدها معي لكنها أثمن من أن أقرضها! معظم هذه الأفلام قديم مجهول أو لا يُعرض الآن، لكنها تجارب ساحرة يكره المرء ألا يعرفها مَن يحب.
منذ بدأت تحرير هذا الباب وأنا أنهي كل مقال بأن أنصح القارئ بمشاهدة الفيلم بلا تردد، غير أن الأمر يختلف هذه المرة.. سأقوم بعرض الفيلم لأهميته ولأنه من إخراج سيد السينما كوبريك، لكن لا أنصح أحدًا بمشاهدته على الإطلاق. الفيلم يحتوي كمية هائلة من الجنس والعنف، وفي الوقت نفسه يطرح قضية أخلاقية مهمة ومراوغة، وفيه الكثير من الفن الخالص، لهذا يصعب أن نتجاهل الكلام عنه.. على كل حال كل المشاهد هنا من يوتيوب وهو موقع متحفظ ومراقب جيدًا.
كل فيلم جديد للعبقري ستانلي كوبريك كان حدثًا ثقافيًا مهمًا، وبالطبع ليس الاسم جديدًا عليك.. إنه صاحب أفلام "2001 أوديسا الفضاء" و"سبارتاكوس" و"إشراق" و"لوليتا" و"د. سترانجلاف" و"عينان مغلقتان باتساع" و"خزانة مليئة بالطلقات" و...... "البرتقالة الميكانيكية"..
هذا العنوان الغريب "البرتقالة الميكانيكية" يعني الإنسان عندما يتم إخضاعه للنظم الصارمة.. يصير برتقالة بقلب ساعة.. تعمل بدقة لكن لا قيمة لها على الإطلاق ولا يشتهيها أحد.
في العام 1962 كتب أنطوني بيرجس روايته الشهيرة "البرتقالة الميكانيكية" أو "برتقالة بقلب ساعة" التي تحوّلت فيما بعد إلى هذا الفيلم، وقد ظل ممنوعًا من العرض أعوامًا طويلة في عدة بلدان غربية "حتى الحرية هناك لها سقف مهما زعم الزاعمون".. الفكرة أن عرض الفيلم تزامن مع جرائم تشبه ما يحدث فيه، وهذا عزّز الاعتقاد بأنه يفسد الشباب فعلاً.. هذا أول فيلم يمنع عرضه 27 عامًا، والحقيقة أن كوبريك نفسه هو الذي سحبه من السوق.
تتحدث القصة عن مستقبل كابوسي آت حتمًا تحكم البلاد فيه سلطة شمولية لا تهتم كثيرًا بأمن الشوارع قدر ما تهتم بالأمن السياسي، من ثم تصير الشوارع مملكة عصابات الشباب التي تجوبها بحرية كاملة تضرب المسنين وتغتصب النساء وتسرق المتاجر، بينما يغلق الكبار أبوابهم على أنفسهم خائفين ويتظاهرون بأن كل شيء على ما يرام.

كل فيلم جديد للعبقري ستانلي كوبريك كان حدثًا ثقافيًا مهمًا
للشباب لغة خاصة ذات جذور عدة من الكوكني ولغة الغجر واللغة الروسية، وتسمى باسم "النادسات". النت مليئة بقواميس النادسات ويمكنك البحث عن مفرداتها على غرار:
دفوتشكا = فتاة
فيدي = انظر
هورورشو = ممتاز
دروج = شلة

لماذا نجد هذه اللمسات السوفيتية؟ هل يريد المؤلف أن يلمح أن السوفييت هم الذين ربحوا وسيطروا على العالم؟
شاهد المشهد الافتتاحي هنا، حيث يجلس أليكس مع أصدقائه بالثياب المميزة في بار اللبن، حيث يشربون اللبن الممزوج بالفودكا ثم يخرجون وقد اشتعل الدم في عروقهم، وصاروا راغبين في بعض العنف الزائد Ultra Violence..

إضغط لمشاهدة الفيديو:
أليكس بطل القصة -الذي يقوم مالكولم ماكدويل بدوره في أداء مذهل- شاب لندني من هذه العصابات مهمته في كل ليلة أن يجوب الشوارع مع عصابته ينشر الرعب، ويضرب المتسولين بلا رحمة.

إضغط لمشاهدة الفيديو:
ويقوم بسباقات ليلية بالسيارة، ويغتصب أية فتاة يقابلها "من أجل بعض المرح".. نعرف أن أليكس يعيش مع أبويه اللذين لا يعرفان عنه الكثير، وهو يعيش في عالم غريب من خيالات السادية الجنسية وموسيقى بيتهوفن أو "لودفيج فان العجوز" كما يطلق عليه.. الحقيقة أن بيتهوفن بطل أصيل من أبطال الفيلم.
يتورّط أليكس في عملية هجوم على بيت مؤلف، ويقوم مع رفاقه بالتناوب على اغتصاب زوجة الرجل أمام عينيه "من أجل بعض المرح".. وهنا يغني أليكس "أنا أغني تحت المطر" وهي أغنية جين كيلي رائعة الجمال، لكنه يشوهها باستعمالها مع كل هذا العنف..
هذا المشهد هنا مع حذف ما يلزم
إضغط لمشاهدة الفيديو:
فيما بعد سوف يقوم شباب بريطاني في عالم الواقع بجريمة اغتصاب وهم يغنّون "أنا أغني تحت المطر"، مما سيقنع المحكمة ورجال الشرطة بأن الفيلم مدمر.. وهذا سوف يجعل كوبريك يسحب الفيلم بنفسه برغم عدم اقتناعه بأنه السبب.
أليكس في حرب مستمرة للسيطرة على رفاقه وفرض الزعامة، وهذا يدفعه إلى الضرب أحيانًا وهذا يولد أحقادًا دائمة عندهم.. يتورط أليكس بعد هذا في جريمة قتل لامرأة تعيش وحدها.. ويقع في يد رجال الشرطة بينما يفر أصحابه ليورطوه وحده.

إضغط لمشاهدة الفيديو:
هذا يدفع به إلى السجن، وهناك يقضي الوقت في قراءة قصص المذابح والاغتصاب في التوراة، شاعرًا بأنها كانت أيامًا مجيدة.. كان عليه أن يوجد في تلك العصور!
الحكومة -لأغراض سياسية- تتبنى علاجًا خاصًا لحالات العنف لدى الشباب تطبق فيه نظام التغذية الرجعية السلبية. يهدف هذا العلاج إلى إحداث ارتباط شرطي بين العنف والقيء.. هكذا يختارون أليكس باعتباره نموذجًا فريدًا لفقدان التحكم في شهوتي الجنس والعنف.. يرغمونه لعدة أيام على مشاهدة أفلام عنف وأفلامًا جنسية بلا انقطاع وهو مقيّد في مقعده، مع تثبيت جفني عينيه حتى لا يغمضهما، مع حُقَن تسبب له الغثيان والدوار.. هذا هو ما يطلقون عليه علاج لودفيكو. في هذا الكليب الساخر يتصوّر صانعه أن أفلام العنف التي يراها أليكس هي لقطات من فيلم "المحوّلون".

إضغط لمشاهدة الفيديو:
النتيجة هي أن أليكس يتحوّل إلى كتكوت وديع لا يتحمّل أي نوع من العنف، ولدرجة لعق حذاء من يهينه أو يضربه.. يخرج للعالم الخارجي على أساس أن الحكومة نجحت في شفائه، لكنه يكتشف أنه لا مكان له في هذا العالم على الإطلاق.. زملاؤه البلطجية قامت الحكومة بتعيينهم رجال شرطة، وهم لم يتوقفوا عن نفس الدور القديم.

إضغط لمشاهدة الفيديو:
وحتى الكاتب الذي اغتصب أليكس زوجته وجده وجنّ جنونه وكاد يفتك به.

إضغط لمشاهدة الفيديو:
لقد وقع في الشرك بين حبائل لعبة سياسية قذرة وحكومة تتظاهر بأنها حلّت مشكلة الشباب، وبين ضحاياه السابقين الذين لا يصدّقون أنه تغيّر.. إنه برتقالة ميكانيكية تبدو طبيعية من الخارج لكنها مكبّلة بنظام تروس صارم من الداخل، ولا جدوى منها على الإطلاق..
هذه هي رسالة الرواية الخبيثة التي يمكن أن نلخّصها كما يلي: لا تحاول أن تهذّب الإنسان أكثر من اللازم فهذا يفقده آدميته.. ربما كان الإنسان في صورته الشريرة أفضل.. بالتالي قد يكون علم النفس السلوكي ليس سوى أداة تستعملها السلطات الشمولية للسيطرة.. لقد اعتبر الكثيرون سكينر العالم النفسي الشهير رجلاً خطيرًا ويمارس القمع.
برع كوبريك في اختيار مواقع التصوير وتصميم الثياب وانتقاء العدسات.. لاحظ هنا أننا لا نتكلم عن مستقبل بعيد فيه روبوتات وأطباق طائرة، بل عن مستقبل قريب جدًا من حاضرنا هذا.. مجرد اختلافات بسيطة في الثياب والديكورات.. وهذه مقنعة فعلاً في الفيلم.
إن الفيلم يرسل رسالة أخلاقية مشوشة وغريبة.. وهذا سبب عدم حماس نقاد كثيرين له.. لكن يظل الفيلم علامة مهمة جدًا في الثقافة الغربية.. ولا أنصح بأن تراه لكن أنصح بأن تعرف بأنه موجود !


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.