أ ش أ رفض المجلس الأعلى للقوات المسلحة اليوم (الثلاثاء) اتخاذ أي إجراء قانوني ضد النائب زياد العليمي الذي تطاول على القوات المسلحة وقادتها، تقديرًا لمجلس الشعب.
وأكد المجلس -في رسالة بعث بها إلى رئيس مجلس الشعب الدكتور محمد سعد الكتاتني تلاها في جلسة اليوم- تقديره لمجلس الشعب ونوابه المنتخبين على جهودهم المستمرة في توطيد دعائم الديمقراطية، والعمل على تحقيق الاستقرار والمساهمة في دفع عجلة الاقتصاد، مثمنا مبادرة المجلس العظيمة للتصدي للنائب العليمي.
وفيما يلي نص رسالة المجلس الأعلى للقوات المسلحة إلى مجلس الشعب: يطيب لنا أن ننقل لسيادتكم وإلى السادة نواب الشعب الموقّرين تحيات قواتكم المسلحة بهذا الأداء المتميز لنواب الشعب المنتخبين لأول برلمانات الثورة، وجهودهم المستمرة في توطيد دعائم الديمقراطية، وإرساء أسس دولة القانون والعمل على تحقيق الاستقرار والمساهمة في دفع عجلة الاقتصاد. كما يثمّن جيشكم العظيم تلك المبادرة الكريمة من مجلسكم الموقر في التصدي لأحد النواب الذي تطاول على القوات المسلحة وقادتها، رغم ما تبذله القوات المسلحة من جهد لرعاية شئون الوطن وحقوق مواطنيه، وحرصها على إنهاء الفترة الانتقالية في التوقيتات المحددة، واستكمال نقل السلطة إلى مؤسسات دستورية منتخبة انتخابا ديمقراطيًا نزيهًا؛ لتعبر تعبيرًا صادقًا عن الإرادة الشعبية الحرة، وتهيئة الظروف الملائمة لوضع دستور للبلاد يحقق أهداف ثورة الخامس والعشرين من يناير، وهو ما دعا لإرسال هذا الكتاب توضيحًا للحقائق التي يحاول البعض إنكارها أو طمسها أو الافتئات عليها. السيد الدكتور رئيس المجلس، إن الدور الوطني المشرّف الذي تقوم به قواتنا المسلحة الباسلة جنودًا وضباطًا وقادة في تعضيد ثورة شعبنا وحمايتها والمساهمة في إنجاحها واكتمالها هو دور معلوم للكافة، ولا ينكره سوى جاحد أو مغرض أو صاحب هوى. لقد حسمت القوات المسلحة أمرها منذ اللحظة الأولى، وانحازت دون تردد إلى مطالب أبناء شعبنا، الذي خرجت مجموعة في الخامس والعشرين من يناير 2011 ترنو إلى الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية، فلا ينبغي أن ينسى أحد البيان الذي أصدرته القوات المسلحة في الأول من فبراير 2011 والذي تضمن نصا: "إن قواتكم المسلحة إدراكًا منها بمشروعية مطالب الشعب فإنها تؤكد على حرية التعبير بالطرق السلمية مكفولة، وأنها على وعي ودراية بالمطالب المشروعة، وأنها موجودة في الشارع من أجلكم وحرصًا على أمنكم، إننا لم ولن نلجأ لاستخدام القوة ضد هذا الشعب العظيم". كما ينبغي أن نتذكر جميعا البيان رقم (1) للمجلس الأعلى للقوات المسلحة في العاشر من فبراير 2011 والذي كان قولا فصلا وحسم به الأمر، كما ينبغي ألا نغفل أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة لم يستبدّ برأي عند رسم معالم الفترة الانتقالية، بل أوكل الأمر للشعب في استفتاء حددت نتائجه مسار نقل السلطة لمؤسسات منتخبة انتخابًا ديمقراطيًا نزيهًا. لم يكن هذا الموقف من قواتكم المسلحة الباسلة مستغربا، فجيش مصر الوطني كان دومًا وبغير استثناء واحدا منذ نشأته في مطلع القرن التاسع عشر، هو جيش الشعب، انحاز لآماله، وواكب تطلعاته، ودافع عن حياته، وخاض معارك أمته، فما انكسر، ولا ركع، وظلت رايات الوطن في أيدي أبطاله خفاقة عالية. ولم تنتظر قواتكم المسلحة يومًا شكرًا أو تقديرًا، فمكانتها محفورة في قلب كل مصري، وشكرها وتقديرها تلهج به أفعال المواطنين قبل ألسنتهم، ودأب قواتكم المسلحة الإيثار، وإنكار الذات، والوفاء بحقّ الوطن عليها في صمت بعمل دؤوب متواصل. بيد أنه في الآن ذاته لاحظ الجميع محاولات قلة، النيل من جيش مصر العظيم والعمل على شق الصف بين قادته من أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة وضباطه وجنوده؛ تقويضًا لبنيانه أملا منهم في زعزعة الدعامة الرئيسية للدولة المصرية، وهدمًا لركن ركين من أركانها ليدفعوا مصر لفوضى لا تبقي ولا تذر، ولكن هيهات أن يُفلحوا في غيّهم، فتضافر شعبنا الواعي الذي شرّفكم بتمثيله وقواتنا المسلحة الباسلة سيرد كيد الكائدين، ويبطل سعي المتخرصين. وإذا كانت قواتنا المسلحة قد تحلّت بأقصى درجات ضبط النفس -ليس عن ضعف ولكن تقديرًا للمصلحة العليا للوطن- في مواجهة كل محاولات التطاول عليها واستفزازها ممن حاولوا هباء جرها إلى مواجهات لا يعلم نتائجها إلا الله، فإن ما أثار غضب رجال القوات المسلحة واستياءهم هي تلك الألفاظ التي يعفّ اللسان عن ذكرها التي صدرت من أحد أعضاء المجلس الموقر في حق القوات المسلحة وقادتها، محاولة منه الوقيعة بين أبناء الشعب المصري وجيشه الوطني، وإثارة للفتن بين طوائف الشعب، وهي أقوال أقلّ ما يقال عنها أنها تشكل جرائم مكتملة الأركان المؤثّمة بالمواد 102 مكررًا و 179 و 184 عقوبات. كما أنها تعدّ تدخلا في عمل سلطات التحقيق القضائية والتأثير عليها، وهو أمر محظور قانونا بل وتضرب عرضًا بتقرير تقصي الحقائق الصادر عن مجلسكم الموقر في أحداث بورسعيد، وغنيّ عن البيان أن تلك الألفاظ الخارجة عن حدود الأدب واللياقة لا يمكن أن تبرر بعدم جواز مؤاخذة نائب الشعب على ما يبديه من آراء، فهذه حصانة مشروطة بشرط أولي، هو صدور الأقوال والآراء في ساحات مجلسكم الموقر. السيد الدكتور رئيس مجلس الشعب: مرة أخرى فإننا نعاود إبداء التقدير للدور الوطني الذي يقوم به مجلس الشعب الموقر، كما نعاود تثمين الإجراءات التي بادر المجلس باتخاذها قبل العضو المعني، وهو ما حذا بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة أن يمسك عن اتخاذ أي إجراء قانوني قبله، تقديرًا لمبادرة مجلسكم الموقر، وانتظارًا لما ستسفر عنه الإجراءات التي اتخذها المجلس قبله.