ذكرت صحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية أمس أن مصر بدأت في بناء جدار فولاذي ضخم على حدودها مع قطاع غزة للقضاء على أنفاق التهريب، وهو ما ردّت عليه مصادر أمنية مصرية رفيعة المستوى ل"الشروق" بأن القاهرة "لم ولن تشرع في عمل من هذا النوع". وزعمت "هاآرتس" نقلا عما قالت إنها "مصادر مصرية" أن الجدار سيكون بطول تسعة إلى عشرة كيلومترات، وبعمق يتراوح بين 20 و30 مترا تحت الأرض، بحيث يصعب إحداث فتحات فيه حتى لو بالصهر، معتبرة أن هذه الخطة الجديدة تأتي في إطار جهود مصر لوقف التهريب إلى غزة، الذي لا يزال مزدهرا، على حد قولها. وأضافت الجريدة أن القوات المصرية تقوم أسبوعيا تقريبا بحملة لهدم الأنفاق أو تملؤها بالغاز، وهو غالبا ما يتزامن مع وجود أناس بداخلها.
البي بي سي من جهتها أكدت هي الأخرى أن مصر بدأت بناء سياج معدني هائل على طول حدودها مع قطاع غزة، في محاولة للقضاء على أنفاق التهريب التي تمتد داخل أراضيها.
سيمتد السياج عند انتهاء بنائه على مسافة 10 إلى 11 كيلومترا وبعمق 18 مترا داخل الأرض. وسيستغرق إكمال البناء 18 شهرا بيد أنه ليس هناك حتى الآن أي تأكيد من الحكومة المصرية لذلك.
ويقول مراسل بي بي سي كريستيان فريزر إن خطة البناء أحيطت بسرية شديدة، إذ لاحظ المزارعون المحليون في المنطقة وجود نشاط كبير على الحدود، وأن أشجارا تم قطعها، بيد أن قلة منهم انتبهوا إلى وجود حاجز يتم بناؤه؛ لأن بناء الحاجز كان يجري تحت الأرض.
ويضيف فريزر أن السياج يبنى من الفولاذ القوي، وأنه صنع في الولاياتالمتحدة وقد تم اختبار مقاومته للقنابل، كما أنه لا يمكن قطعه أو تذويبه أو اختراقه.
كما ينقل عن مصادر استخبارية في مصر قولها إن الحاجز الجديد الممتد على مسافة 10 كيلومترات هو مدفون بالقرب من الجدار الحالي الذي يحوط المنطقة. وأن أربعة كيلومترات من هذا الحاجز قد تم إنجازها شمالي معبر رفح. وأن العمل الآن بدأ في الجزء الجنوبي.
ويضيف فريزر أن الأرض في منطقة الحدود المصرية مع غزة تبدو مثل الجبنة السويسرية لامتلائها بالحفر والثقوب والأنفاق التي يستخدمها الفلسطينيون؛ لجلب مختلف المواد التي يحتاجونها في حياتهم اليومية والتي يصعب حصولهم عليها تحت الحصار.
بيد أن الإسرائيليين يقولون إن هذه الأنفاق تستخدم لتهريب الناس والأسلحة ومكونات الصواريخ التي يطلقونها على مدن جنوب إسرائيل.
ولا يتوقع من الجدار أن يوقف كل عمليات التهريب بيد أنه سيجبر الفلسطينييين على الحفر عميقا وسيقضي على مئات الأنفاق القريبة من السطح المستخدمة لتمرير الجزء الأكبر من البضائع.
وفي القاهرة نفت مصادر أمنية أن تكون القاهرة بصدد بناء هذا الجدار أو اتخذت قرارا في هذا الشأن، مشددة على أن مصر "تتعامل بجدية مع عمليات التهريب وقادرة على توقيفها دون اللجوء لمثل هذا الجدار".
وبدوره شكّك اللواء الدكتور محمد الزيات الخبير في شئون الأمن القومي فيما أوردته الصحيفة الإسرائيلية قائلا: "على العكس.. القاهرة تتطلع حاليا لمرحلة ما بعد رفع الحصار عن غزة، والتفاهم مع الجانب الفلسطيني لفتح معبر رفح بشكل دائم، وتدرس إقامة منطقة تجارية حرة مع الجانب الفلسطيني"، حسب قوله.
كذلك نفى اللواء سامح اليزل الخبير في شئون الأمن القومي ل"الشروق" صحة هذا التقرير؛ لأن "مصر تواصل المرحلة الثانية من عمليات تركيب أجهزة المراقبة الإلكترونية الدقيقة التي حصلت عليها من الجانبين الأوروبي والأمريكي، ضمن السور الحدودي الخاص بها، لتأمين حدودها".
وأوضح أنه بعد أن أقرّت إسرائيل قبل أيام إنشاء سور حدودي موازٍ داخل مناطقها الحدودية، وليس على خط الحدود مع مصر، سيصبح هناك سور مزدوج على الجانبين، للقضاء على عمليات تهريب السلاح والأفراد عبر الأنفاق أو تسلل الأسوار.
في الوقت نفسه، نفى عدد من سكان الشريط الحدودي، تحدثت إليهم "الشروق" وجود أي معالم للجدار الذي تتحدث عنه الأخبار الإسرائيلية، إلا أنهم رصدوا وجود آلات حفر عملاقة منذ عدة أشهر وحتى الآن. وقال بعضهم إن الحفارات تعمل في تركيب أجهزة المجسات الخاصة باكتشاف الأنفاق، والتي تشرف عليها مجموعات عمل من خبراء أمريكيين. عن مصادر متعددة