السلام عليكم.. باشكر كل القائمين على هذا الموقع الرائع وأخص بالشكر القائمين على باب "فضفض لنا"؛ لما يقدمونه من مد يد العون بالردود السديدة لكثير من الناس. أنا مشكلتي إني باحاول أكون مثقفة، ومش عارفة دايما فكري مشتت ومش باعرف أركز في حاجة واحدة، وبازعل جدا لما أكون مع زملاء لي ويتكلموا في موضوع أو حدث من اللي حصل أو بيحصل وأنا مش عارفة أشارك معاهم؛ عشان معلوماتي بتبقى قليلة. أنا حاولت كتير إني أقرأ وأثقف نفسي بس مش باعرف استمر وبازهق بسرعة؛ خاصة إني عارفة أن الموضوع محتاج صبر، وأنا عيبي إني متسرعة عايزة كل حاجة بسرعة. أرجوكم قولوا لي أعمل إيه، وأبدأ منين، وأنظم وقتي إزاي، وأتخلص إزاي من مشكلة التشتت والتفكير في أكتر من حاجة في نفس الوقت؟؟ تقديري واحترامي للجميع.. h صديقتنا العزيزة.. نشكرك على رأيك فينا وسعداء بالتواصل معك واستقبال رسائلك. يعتبر أساس مشكلتك هو عدم القدرة على التنظيم وتحديد الأولويات؛ فيضيع أغلب وقتك دون أن تشعري، وتشعرين على الرغم من محاولاتك لتكوني أفضل بأنك لم تنجزي إلا القليل، فيملؤك الإحباط ويفتر حماسك الناتج عن عدم الشعور بالإنجاز، فتقومي بأي فعل لبعض الوقت، ولكنك لا تضعين ذلك في اهتمامك بشكل كافٍ؛ حتى تواصلي فعله وبالتالي تستسلمين سريعا. والأشخاص الناجحون القادرون على تنظيم الوقت لم تخلق فيهم هذه الصفة جينيا أو وراثيا، وإنما اكتسبوها عن طريق التدرّب على ذلك، وهم يقومون بتنميتها باستمرار، فعوّدوا أنفسهم على ذلك وبُرمجت عقولهم على الانتباه لهذه الأمور والالتزام بها، وتحكموا في أنفسهم مع الوقت بشكل أفضل؛ لذا فإن أهم صفة في الأشخاص الناجحين أو مَن يريدون الوصول إلى هدف ما وهو الالتزام والمثابرة والتركيز وعدم اليأس أبدا، فإن متابعة الشيء بشكل مستمر هو ما يحقق الوصول؛ حتى إن ديننا يخبرنا بذلك عندما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قلّ". وأنتِ عندما تركتِ نفسك عُرضة لليأس ودربتِ عقلك على الاسترخاء وتأجيل أعمالك وربما إهمالها، ولم يصبح الأمر بالنسبة إليك بشكل إلزامي، إضافة إلى عدم رغبتك في القيام بهذه الأعمال جعلك تؤخرينها إلى أن تواجهي موقفا ما، وتشعرين بأنكِ بحاجة إليها، فتعاودين الكرّة لكن لا تلبثين وأن تتركيها؛ خاصة أنك تنتظرين نتيجة سريعة لذلك، إضافة إلى أنك ربما قيامك بمهام أخرى جعلك أكثر تشتيتا، وهذا يتضح أكثر في طبيعة المرأة التي تستطيع القيام بأكثر من عمل في وقت واحد أكثر من الرجل. ها قد حللنا المشكلة، ما رأيك في أن نقوم بتحديد عدة أمور تساعدك على بلوغ هدفك: - أولا لا تُشعري نفسك بالإحباط؛ حتى لا تمتلئي بالمشاعر السلبية التي ستعرقلك فعلا، فالعقل الباطن لا يميز وسيستقبل ما تخبرينه به، ويعطيك كما تعتقدين بالضبط؛ لذا فإن أقنعته أنك قادرة على التركيز واستيعاب قدر كاف من المعلومات فسيخدمك كما تعتقدين تماما، وقد أخبرنا العلماء بأن طاقة العقل لا حدود لها، ولكننا نستخدمها بقدر 10% منها فقط! - ترتيب الأولويات من أهم الأمور في حياتك، وحتى في تفكيرك؛ فعندما تنظّمين أفكارك ستجدين كم أصبح الأمر هينا، وكم أصبحت قادرة على التحدث في أمور عديدة، والإلمام بمجالات شتى، اجعلي أفكارك مرتبة بشكل ما؛ كأنك ترينها بعينك، وكأنها صفحة لكتاب تقرأينه، وسيساعدك الأمر في الحصول على المعلومات بسهولة، وستكونين أكثر قدرة على الحفظ، يمكنك وضع جدول أسبوعي مثلا للأعمال الأكثر أهمية ثم الأقل أهمية... وهكذا، حتى يمكنك إنجاز ما هو مهم وعاجل وتأجيل غيره إلى وقت آخر. - ابحثي عن مجال معين تعشقينه لتخصصي فيه، واكتشفي قدراتك وإمكانياتك فيه، هذا سيجعلك تشعرين بمتعة الإنجاز والاختلاف عن غيرك، وبالتالي سيعزز ثقتك بنفسك، وسيمنحك الطاقة والحيوية للانطلاق إلى معرفة أخرى دون إحباط أو شعور بالنقص، فعندما تنجزين خطوة ستصبحين أكثر حماسا للخطوة التي بعدها، الأهم أن تبدئي بأول خطوة، ولأنها أصعب خطوة؛ فإن بدءك بشيء محبب إليك سيكون أفضل لك، وسيجعلك تمرين بسهولة عبر مقومات النجاح. - العلم هو أنت تعرفي كل شيء عن شيء، والثقافة هي أن تعرفي شيئا عن كل شيء، فاحرصي على أخذ نبذة تكون لديك خلفية معرفية تستخدمينها عند الضرورة، وخذي معلومات بسيطة في البداية عن الأمور الحياتية والأحداث المهمة، ولا داعي لإشعار نفسك خاصة في بداية الأمر بأن هناك أمورا عديدة عليك أن تنفذيها وتعرفيها؛ لأن ذلك قد يجعلك تتركين الأمر برمّته. - استخدمي ذكاءك عند المناقشة بحيث تكونين في مصدر قوة، بمعنى عندما تكونين قد قرأت موضوعا ما وتفاعلت به فابدئي أنت الحوار والمناقشة، وبادري أنت أولا بالفكرة مثلا واعرضيها ببساطة واسأليهم عن رأيهم، فيمكنك إبهارهم بأفكار جديدة، ثم دعي الآخرين يقولون ما عندهم واستمعي إليهم واستفيدي منهم، ليس من الضروري أن تعرفي كل شيء وتفاصيل كل الأمور حتى تستطيعي المناقشة، ولكنك بذكاء يمكنك التماس بعض النقاط التي تعرفينها بناء على تكوين خلفية معرفية كما أخبرتك وتحولين الأمر إلى صفك، كما أنك تستطيعين أن تديري دفّة الحوار إلى موضوعات أخرى قد تكون معرفتك فيها أفضل وأعلى. - حاولي قدر الإمكان توفير بعض الوقت الضائع، كأن تستيقظي مبكرا وتوفري بضع ساعات لإنجاز بعض الأعمال أو تثقيف نفسك، استغلي فترة صفاء الذهن التي تأتي بعد الاستيقاظ من النوم؛ فهذه الفترة يكون العقل فيها صافيا وفي أفضل حالاته لاستقبال المعلومات وتحليلها، أو القيام بالأعمال الصعبة، ثم عندما تشعرين بالتعب قومي بأعمالك الأخرى التي لا تحتاج إلى مجهود ذهني، واتركي مساحة للعقل حتى يستريح ويعاود نشاطه، وفي نفس الوقت تكونين قد أنجزت بعض المهام الأخرى، فتشعرين بأنك استغللت الوقت بشكل صحيح، وترضين عن نفسك وتفرحين بالإنجاز الذي سيحمس للاستمرار وفعل المزيد. - ألزمي نفسك وأجبريها على التنظيم وعلى إنجاز أمورك، ضعي كلمة "يجب" وكلمة "الآن" في قاموسك، وكوني قاسية بعض الشيء إذا أحسست بالتسويف والتأجيل أو التراجع، ويمكنك استخدام مبدأ الثواب والعقاب؛ كأن تحددي عقابا لنفسك إذا شعرت بأنك ستقصرين والتزمي به، وعند قيامك بإنجاز أحد أعمالك كافئي نفسك، وهذا سيجعل لحياتك متعة ولذّة وسيذهب منها الملل والروتين. - استفيدي من البرمجة اللغوية العصبية؛ بمعنى أن تعرفي ما هي أكثر الوسائل التعليمية تأثيرا فيك، وهذا سيتأتى من معرفتك بأنك سمعية، أم بصرية، أم حسية، فمثلا قد تقرئين معلومة ولا تؤثر فيك أو تثبت في ذهنك كما تسمعينها، فتكون حاسة السمع هنا بالنسبة إليك أكثر تأثيرا من غيرها، وبالتالي فأنت تحتاجين إلى التركيز عليها أكثر في استقبالك للمعلومات، فيمكنك بها الاستماع إلى المعلومات أو الأخبار بدلا من مشاهدتها أو قراءتها، اعرفي أولا أنت من أي فئة ثم نمي جوانب التلقي الأخرى، استعيني بأكثر من مصدر لمعرفة المعلومات؛ حتى تتركز لديك أكثر ولا تشعري بالملل. - بسّطي الأمور التي تريدين إنجازها خلال اليوم، وضعي أهم هدف تريدين تركيز انتباهك عليه في هذا اليوم تحديدا؛ بحيث إذ أمكنك تنفيذه وإضافة إليه أعمال أخرى سيجعلك ذلك أفضل، أما إذا لم تستطعي فسوف يكون عندك هدف واحد تركزين عليه، وسيكون واضحا أمامك وسيقلل تشتتك. - استفيدي من الأوقات الميتة التي تضيع في لحظات الانتظار، أو الانتقال إلى مكان ما في أنك تنجزين فيها بعض الأعمال التي تصلح للإنجاز في تلك الأوقات الضائعة، أو قومي بقراءة كتاب، أو حتى الاستماع إلى أشرطة تزيد من رصيدك الديني أو المعرفي. - القراءة في الأساس عادة يجب عليك غرسها داخل نفسك؛ حتى تكون صفة فيك وتلتزمين بها، في البداية قد تشعرين ببعض الصعوبة؛ لأنها ستأخذ منك بالتأكيد مجهودا ذهنيا حتى تستجمعي تركيزك، ولذا فابدئي بالقراءة في المجالات التي تحبينها؛ حتى تجذبي نفسك شيئا فشيئا إلى عالم القراءة الممتع، وتصبح القراءة بالنسبة إليك بعد ذلك متعة في حد ذاتها، وبالتالي تكونين قد تدربت عليها، وتستطيعين التطور إلى كتب متنوعة، يمكنك كذلك البدء بقراءة الكتب التي تحتوي على مقالات خفيفة ومتنوعة التي تناقش الأمور السياسية والاجتماعية والثقافية وأحوال البلاد بشكل مبسط، ولا تعقدي نفسك في بداية الأمر بأن تقرئي الكتب المتعمقة. - ضعي لنفسك وقتا محددا لمشاهدة البرامج الحوارية، وانتقي منها الأحداث المهمة الجوهرية التي عليك معرفتها ومواكبتها، ولا ترهقي نفسك بضرورة متابعة تفاصيل قد تصيبك بالملل وبعدم الرغبة في الاستمرار، كذلك يمكنك متابعة الأخبار المهمة على صفحات المجلات الإلكترونية، وأيضا مشاهدة صحافة الفيديو. اجعلي الثقافة منهج حياة، وليس لمجرد الرغبة في البحث عن استحسان الآخرين، أو تقبّلهم الاجتماعي لك؛ لأنك مناقِشة جيدة، فإذا فعلت ذلك من داخلك وبرغبة حقيقية ستنجحين ولن تتراجعي. مع تمنياتي لك بالتوفيق والنجاح الدائم.