يُعتبر استخدام الألوان والظلال في الأدب المصوّر عاملاً نفسياً هاماً في التأثير على القارئ، خاصة في عالم تعددت رواياته وأبطاله، وأصبح المُبدع مجبراً على ابتكار كل ما هو جديد في كل رواية. ولعل اللون الأخضر اكتسب أهمية خاصة في عالم الكوميكس الأمريكي؛ لأنه اللون الخاص بعالم أربعة أبطال في الكوميكس الأمريكي، ورغم محاولات أدباء الأدب المصور الأمريكي لجعلهم في مصاف الشخصيات الكبرى؛ مثل: سوبرمان وباتمان وسبايدر مان، إلا أن الفشل كان في صف تلك المحاولات، وظلت الشخصيات الخضراء الأربعة في المنطقة الوسطى بين النجاح والفشل.
هالك العجيب..
ولعل أشهر هذه الشخصيات في عالمنا العربي هو هالك "Hulk" أو الرجل الأخضر -كما تُرجم في الأعمال العربية؛ وهي شخصية ابتكرها جاك كيربي وستان لي مبتكر سبايدر مان، وتدور الأحداث حول روبرت بروس بانر الذي يتعرّض لتجربة حكومية لإنتاج رجل ضخم قادر على سحق جيوش عسكرية وحده.
و"هالك" من الشخصيات المحظوظة التي ولدت عبر صفحات مجلة تحمل اسمها، وذلك عبر مجلة هالك العجيب "The "Incredible Hulk في مايو 1962.
وعلى عكس الظهور العربي المشوّش في باتمان، هنالك صديق عربي للرجل الأخضر هو الفارس العربي "Arabian Knight" ظهر منذ مارس 1981 على يد الكاتب الأمريكي بيل مانتينو، وتم تعريف الفارس العربي على أنه سعودي الجنسية.
ورغم شهرة الرجل الأخضر في عالمنا العربي كتعبير ساخر في بعض الأحيان، إلا أن الشخصية لم تُحقق النجاح المدوي الذي حققته شخصيات أخرى ابتكرت في نفس المرحلة ولنفس الكتّاب الأمريكان؛ ربما لمحدودية الفكرة رغم أن شركة مارفيل كوميكس سعت مراراً إلى تطوير الفكرة، وذلك عبر إيجاد عدو في نفس قدرات هالك وأطلقت عليه هالك الأحمر "Red Hulk" في يناير 2008.
ثم قام العبقري ستان لي مع جون بوسشيما في فبراير 1980 بإصدار مجلة "Savage" "She-Hulk"، حيث تتحوّل جينفر والترز ابنة عم هالك إلى "شي هالك"، النموذج النسائي للرجل الأخضر.
ثم في عام 2008، تم ابتكار شخصية أخرى في دور شي هالك، إلا وهي لورا -ابنة هالك- كما ابتكر شخصية شريرة نسائية، سميت "ريد شي هالك"، ولكن كل هذا لم يُجدِ.
وفي سبتمبر 1993، ظهر هالك 2099، على اعتبار أنه الرجل الأخضر عام 2099 تحت اسم جون أيسانهارت، على يد جيرارد جونس وديواين تيونر، في محاولة لاستثمار النجاح المذهل لشخصية لسبايدر مان 2099.
وتم إدخال هالك في حروب مع العديد من الشخصيات الكوميكس، ومع ذلك ظلت شعبية الشخصية في مستوى متوسط، وفشل فيلم هالك عام 2003 في منافسة أفلام أخرى، ثم أتى فيلم هالك العجيب عام 2008 ليحظى ببعض الاهتمام؛ ربما لأن الممثل العبقري إدوارد نورتون قام بدور هالك، وهو ممثل يحظى باهتمام نقدي كبير في أمريكا باعتباره أسطورة سينمائية تلوح بالأفق.
المصباح الأخضر.. ولكن قبل ظهور هالك واعتباره الرجل الأخضر، تم إطلاق اسم الرجل الأخضر عربياً على شخصية أخرى هي المصباح الأخضر أو جرين لانترن ""Green Lantern، وهو شخص يُدعى آلان سكوت يحصل على قدرات خاصة بالتعرّض لضوء مصباح أخضر، وأطلق عليه عربياً فيما بعد الفانوس الأخضر، وظهر كثيراً في الطبعات العربية لسوبرمان وباتمان.
وظهر جرين لانترن على يد بيل فينجر ومارتن نوديل عام 1940 في مجلة خاص بهذا الاسم، ولكنها توقفت عام 1949 في إطار حملة لإيقاف المجلات التي انخفضت شعبيتها، وهي نفس الحملة التي توقفت بسببها مجلة فلاش في العام ذاته.
وحينما قامت شركة دي سي كوميكس بابتكار ما سمي برابطة العدل الأمريكية، احتاج مبتكرو السلسلة الجديدة عدداً من الشخصيات الخارقة، وهكذا تم نفض الغبار عن جرين لانترن وإظهاره مرة أخرى تماماً كما جرى مع فلاش، ولكن تم تنحية آلان سكوت وإبداله بشخص آخر هو هال جوردن؛ لكي يُصبح المصباح الأخضر الجديد.
وعبر مدار تاريخ الكوميكس الأمريكي لعب أبطال آخرون دور المصباح الأخضر لفترة قصيرة، ولكن في عام 2004 -وكما يجرى اليوم مع باتمان وفلاش- مرت شخصية المصباح الأخضر بمرحلة إعادة ابتكار، وهكذا صدرت دورية شهرية من ستة أعداد صدرت في الفترة ما بين ديسمبر 2004 ومايو 2005، بعنوان: "Green Lantern Rebirth" أو إعادة اختراع المصباح الأخضر، حيث تم تثبيت هال جوردن في دور المصباح الأخضر وترتيب العالم الخاص به، وشهدت تلك الدورية ظهور شخصيات أخرى لعبت المصباح الأخضر، كما ظهر باتمان والسهم الأخضر في أدوار مساعدة.
ولكن "هالك" و"شي هالك" و"المصباح الأخضر" لم يكونوا فقط الشخصيات الوحيدة في عالم الأخضر الكوميكس، فهنالك شخصية ظهرت بعد جرين لانترن بعام واحد فحسب، ألا وهي السهم الأخضر أو جرين آرو.
السهم الأخضر..
إذا كان فلاش أو المصباح الأخضر حظيا بمجلات خاصة بهم في الأربعينيات وقت ابتكارهم، فإن السهم الأخضر كان جزءاً من مجلة "More Fun Comics"، ولم يظهر إلا في العدد الثالث والسبعين في نوفمبر 1941 على يد مورت ويزينجر وجورجي باب.
رأى القائمون على السهم الأخضر أنه من الأفضل الاحتفاظ به كشخصية قادرة على الظهور في أكثر من عالم، بدلاً من أن يكون له مجلة خاصة به، رغم أنه تم ابتكار عالم خاص به بالفعل، وهكذا ظل أوليفر كوين منذ عام 1941 وحتى اليوم هو السهم الأخضر.
ثم انتقل إلى مجلة "Adventure Comics" لتنشيطها في الخمسينيات والستينيات، كما ظل يظهر باستمرار في المجلات والدوريات الخاصة بسوبرمان وباتمان وفلاش وجرين لانترن.
ولكن في ديسمبر 2007، شعر القائمون على شركة دي سي كوميكس أن السهم الأخضر ورقة هامة يمكن اللعب بها؛ لجني أرباح كبيرة، وهكذا صدرت دورية جرين آرووبلاك كناري، حيث يقوم السهم الأخضر ببطولة السلسلة مع فتاة هي بلاك كناري، وهي واحدة من حليفات فلاش منذ أغسطس 1947.