لبيك اللهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك.. إن الحمد والنعمة لك والملك.. لا شريك لك نداء عذب حنون تهفو له القلوب وتدمع له العيون، تطرب له الآذان ويستعذب نطقه اللسان.. هتاف يريح النفس والضمير وشهادة توحيد لله العلي الكبير..
لبيك اللهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك.. إن الحمد والنعمة لك والملك.. لا شريك لك نداء يردده قوم شعث من أثر الترحال.. يطوفون ويسعون وينتقلون من منسك إلى منسك، لا يشتكون التعب والسهر، وطول القيام، وبعد الديار وفرقة الأهل والأحباب.. في جوار ربهم آمنون تحت صفحة السماء، وفي بطون الأودية والجبال، لا يتردد على ألسنتهم غير هتاف واحد يملأ الأرض والسماء، ويهز الرحب والفضاء.. زيهم واحد ومقصدهم واحد وهتافهم واحد..
لبيك اللهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك.. إن الحمد والنعمة لك والملك.. لا شريك لك هؤلاء هم حجيج بيت الله الحرام، في مثل هذا الوقت من كل عام.. ينعم الله على الملايين من عباده ويكرمهم بزيارة بيته والطواف والسعي والوقوف، وأداء الشعائر والمشاعر.. يمن عليهم بقبول التوبة وتطهيرهم من الذنوب فيغسلهم بعفوه ويشملهم برحمته ويُشهد ملائكته أنه قد غفر لهم.. ويبقى في الديار من يهفو قلبه وتطير روحه وتشتاق نفسه.. ويردد مع المرددين: يحن إلى أرض الحجاز فؤادي ... ويحدو اشتياقي نحو مكة حادي
يبقى من يشاهد ويتمنى لو كان معهم، ويدعو الله ويجدّ في الدعاء أن يكتب له الله زيارة بيته الحرام.. فيا أيها المقيم.. يا من لم تحجّ أبشرك اليوم ببشرى عظيمة تعال نتأملها سويا..
هل فهمت اللمحة؟ هل رأيت الرباط الوثيق بين المناسك والذكر؟؟ هل رأيت كيف يصطحب التنقل من بقعة مباركة لأخرى ذكر الله واستغفاره.. إذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام... ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله... فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله.. فيا أخي غير الحاج لك في ذكر الله بقية الأجر والثواب من الله..
يا من لم تحجّ أكثر من ذكر الله.. واصطحب بروحك الحجاج في ذكرهم لله واستغفارهم إياه.. تستطيع وأنت في مكانك أن تنال أجرا عظيما إذا أدركت الحكمة والمغزى من الحج.. وللقلب أيضا حَجّته..