رحل عن عالمنا في صمت كما عاش دائما بعيدا عن الأضواء الأستاذ حمدي مصطفى؛ صاحب ومدير المؤسسة العربية الحديثة، والمشرف العام على كل أعداد وسلاسل روايات مصرية للجيب التي بدأ إصدارها عام 1984 وانتشرت في ربوع الوطن العربي. جيل كامل من الشباب العربي تربى على قراءة إصدارات المؤسسة العربية الحديثة، تأثرت شخصيته وتشكل وجدانه خلال ما يربو على ثلاثين عاما بكتابات أديب الجاسوسية والروايات البوليسية د. نبيل فاروق؛ صاحب سلاسل: "رجل المستحيل"، و"ملف المستقبل"، و"كوكتيل 2000"، و"أرزاق"، و"فارس الأندلس"، ورائد أدب الرعب في العالم العربي د. أحمد خالد توفيق؛ صاحب سلاسل: "ما وراء الطبيعة"، و"فانتازيا"، و"سافاري"، وإسهامات لا تنسى في "روايات عالمية للجيب"، ومن منّا لم يحب شخصيات المواطن المطحون، وعباس، ولماضة، وميدو، وعلام، والبحار الغبي، وتوتو عضلات.. إلخ... في سلاسل المبدع خالد الصفتي: "فلاش" و"سماش". أيضا كان للعلم والدراسة نصيب وافر من إصدارات المؤسسة العريقة، وهل ننسى "سلاح التلميذ" و"المعلم" تلك السلاسل التعليمية التي طالما تحمل في طياتها أياما طويلة من المذاكرة والسهر والامتحانات بحلوها ومرها، وشقائها وسعادتها، ونجاحها وفرحتها. الراحل عندما قرر بدء مشروعه روايات مصرية للجيب كان هدفه أن يكرّس تلك الروايات لأفكار وقيم مثل الوطنية والتدين المعتدل، وأن يظهر ذلك في أسلوب الأبطال؛ بحيث يكون الأبطال الذين تقدّمهم المؤسسة عبر سلاسلها المختلفة مُثُلا جيدة وقدوة للشباب، ولا يترك الشباب يقتدي بالنماذج الغربية بما تحمله من أفكار لا تتلاءم مع مجتمعنا الشرقي. المؤسسة العربية الحديثة أسسها الأستاذ حمدي مصطفى عام 1960 لكنه فضّل أن يبقى في الظل، ويدفع بتلك المواهب الشابة الناشئة –آنذاك- ولم يتردد في الاهتمام بها ورعايتها؛ لتحتل تلك المكانة في قلوب جمهور عريض من الشباب العربي. وهكذا كان له فضل كبير بعد الله عز وجل في توجيه وإطلاق بعض أهم مؤلفي الجيل بدءا من د. نبيل فاروق وحتى الكتاب د. تامر إبراهيم ود. محمد سليمان عبد المالك حديثا؛ فرعاهم كأبنائه، وقام بتوجيههم في الاتجاه الصحيح حتى وصلوا إلى ما هم عليه اليوم. رحم الله الأستاذ الكبير الذي ساهم في إثراء حياة الملايين من شباب العالم العربي.