اتحاد كرة اليد يعلن برنامج مباريات الفراعنة الودية استعدادا لأولمبياد باريس    المشدد 5 سنوات لعامل هدد فتاة وابتزها بنشر صور مخلة لها في شبرا الخيمة    مراسل القاهرة الإخبارية: قوات الاحتلال تواصل قصف مدينة رفح ومخيم النصيرات    معيط: نستهدف بناء اقتصاد أقوى يعتمد على الإنتاج المحلي والتصدير    تعاطف دولى مع فلسطين رغم فداحة الثمن    هالاند يقود هجوم منتخب النرويج فى مواجهة الدنمارك وديا    «المصريين»: العلاقات بين مصر وأذربيجان شهدت طفرة بعهد الرئيس السيسي    تقارير: باريس سان جيرمان يتفاوض لضم أوسيمين    تقارير: حارس درجة ثانية ينضم لمران منتخب ألمانيا    على فرج يتأهل إلى نهائى بريطانيا المفتوحة للاسكواش    معلومات حول أضخم مشروع للتنمية الزراعية بشمال ووسط سيناء.. تعرف عليها    حُكم لصالح الدولة ب12 مليون جنيه من شركة دمرت الشعاب المرجانية بالغردقة    رئيس الشؤون الدينية بالحرمين: نستهدف توزيع مليون مصحف مترجم خلال موسم الحج    كلية الزراعة بجامعة القاهرة تحصل على شهادة الأيزو    اعتزال شيرين رضا .. حملة إعلانية    انطلاق فعاليات حفل توقيع ومناقشة «أنا وعمي والإيموبيليا» للروائي ناصر عراق    وزيرة الثقافة تُشارك في حلقة نقاشية بالمجلس القومي لحقوق الإنسان حول    دعاء النبي في العشر الأوائل من ذي الحجة.. أدعية مستجابة لمحو جميع الذنوب (الكوامل الجوامع)    الصحة: استحداث خدمات طبية جديدة بمستشفى العلمين النموذجي خلال 2024    دروس من سيرة ملك القلوب    10 أسماء.. قائمة الراحلين عن الأهلي بنهاية الموسم    كيف تحصل على تعويض من التأمينات حال إنهاء الخدمة قبل سداد الاشتراك؟    يوسف أيوب يكتب: الحكومة الجديدة أمام مهمة صعبة    وزير العمل يشدد على التدخل العاجل لحماية حقوق العمال ضحايا الإحتلال في فلسطين    مصر تدين بأشد العبارات الاعتداءات الإسرائيلية على مخيم النصيرات وسط قطاع غزة    #الامارات_تقتل_السودانيين يتصدر "لتواصل" بعد مجزرة "ود النورة"    المعاهد النموذجية تحصد المراكز الأولى في الابتدائية الأزهرية بالإسماعيلية    أسماء أوائل الشهادة الابتدائية الأزهرية بشمال سيناء    آخر تحديث لإيرادات فيلم السرب بالسينمات المصرية    سناء منصور تحتفي بنجيب الريحاني في ذكرى وفاته: «كوميديان نمبر وان»    قائمة أفلام عيد الأضحى 2024.. 4 أعمال تنافس في شباك التذاكر    محافظ الشرقية يشارك في اجتماع المعهد التكنولوجي بالعاشر    «الإفتاء» توضح حكم صيام عرفة للحاج    ما حكم طواف الإفاضة قبل رمي جمرة العقبة؟.. «الإفتاء» تجيب    وزير التعليم يتسلم نتيجة مسابقة شغل 11 ألفا و114 وظيفة معلم مساعد فصل    "اهدى علينا".. رسالة من تركي آل الشيخ إلى رضا عبد العال    «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية بقرية دمشاو هاشم لمدة يومين    لماذا يحتاج الجسم لبكتريا البروبيوتيك؟، اعرف التفاصيل    أنباء عن هجوم بمسيرة أوكرانية في عمق جمهورية روسية    العثور على 5 جثث في منطقة جبلية بأسوان    في خدمتك | تعرف على الطريقة الصحيحة لتوزيع الأضحية حسب الشريعة    فتاة بدلا من التورتة.. تفاصيل احتفال سفاح التجمع بعيد ميلاده الأخير    المشدد 5 سنوات لمتهم في قضية حرق «كنيسة كفر حكيم»    انطلاق مهرجان نجوم الجامعات    وزير الأوقاف: لا خوف على الدين ومصر حارسة له بعلمائها وأزهرها    وليد الركراكي يُعلق على غضب حكيم زياش ويوسف النصيري أمام زامبيا    هيئة الدواء في شهر: ضبط 21 مؤسسة غير مرخصة ومضبوطات بأكثر من 30 مليون جنيه    وزيرة التخطيط تبحث سبل التعاون مع وزير التنمية الاقتصادية الروسي    أخبار الأهلي : مفاجأة ..ميسي قد يرافق الأهلي في كأس العالم للأندية 2025    رئيس الوزراء يتابع جهود منظومة الشكاوى الحكومية الموحدة خلال مايو 2024    محافظ المنيا: توريد 373 ألف طن قمح حتى الآن    راديو جيش الاحتلال: تنفيذ غارات شمال رفح الفلسطينية مع التركيز على محور فيلادلفيا    كاتب صحفي: حجم التبادل التجاري بين مصر وأذربيجان بلغ 26 مليار دولار    إصابة 6 أشخاص فى انقلاب ميكروباص على زراعى البحيرة    رئيس جامعة المنوفية: فتح باب التقديم في المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية    النائب علي مهران: ثورة 30 يونيو بمثابة فجر جديد    جولة مفاجئة.. إحالة 7 أطباء في أسيوط للتحقيق- صور    تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري يتصدر المباحثات المصرية الأذربيجية بالقاهرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخطيفة
نشر في بص وطل يوم 28 - 04 - 2014


يستكمل " بص وطل " نشر رواية الخطيفة :
الفصل الحادي عشر
……………………
كان الحزن والنحيب يخيم على جنبات بيت الأكرمي… دخل الشباب يزفران أنفاس الغضب والقلق… ليجدا أمهما تجلس ناحبة وزهوة بعينيها الدامعتين تحاول تهدئتها.. بينما الأب منكفئاً على عصاه مكفهر الوجه… عاجلهما بالسؤال رغم أن الإجابة مرسومة بين أخاديد ملامحمها العابسة:
شو يا ولاد.. لقيتوا لإختكن؟؟..
أطرق نضال رأسه ورد شهاب:
لا يا بي… وكأن الأرض انشقت وبلعتا…
ارتفع صوت نحيب الأم فصرخ الأب:
اسكتي يا جميلة.. إنت سبب البلوى هاي.. لو ما طاوعتيا ما كان صار اللي صار…
من بين شهقاتها ردت:
قالت لي إنا راجعة لخالتا…
ضرب بعصاه الأرض صارخاً:
بنتك ما خرجت برات الضيعة… من وقت ما خرجت ونحنا عم ندورا, ورجالنا في كل مكان على الطريق ما حدا شافا…
لطمت جميلة خديها:
يا ويلي عليكي يا بنتي.. انخطفتي بسببي, وما عدنا نعرف وين رحتي.. أنا شو يلي عملتو فيكِ..
تنحنح نضال:
يا بي… لو تسمعني…
شو يا ابني؟.. عندك أخبار شي؟…
لا يا بي.. بس شي لاحظته… فراس منو مبين من بكرة الصبح… الضيعة مقلوبة فوقاني تحتاني وهو وأهله لا حس ولا خبر… ولا حتى فيه تجهيزات العرس وكأنهم عارفين إن ما في عرس…
شو قصدك يا بني؟
تطلع نضال لوجوههم المتلهفة لسماعه:
فراس هو اللي خطفا لإختي…
شهقت زهوة صارخة:
لا.. نضال ما تحكي هيك… فراس ما بيعملا… أختك مرته وراح تدخل بيته في المسا قدام كل العالم… ليش بيخطفا؟…
رد نضال بصوت غاضب:
ووينه أخوك هلا؟… تقدري تجاوبيني… ليش ما عم بيدور معنا؟… ليه منو مبين؟…
صرحت جميلة بأمل:
آه.. يا ليتها كانت معه…
انتفض حامد صارخاً بغضب:
إنتِ انجنيت يا مرى!!… يا ليتها تنقبر قبل ما تجيب إلنا العار…
وقفت جميلة تتوسله:
ليش يا أبو نضال؟… مهما كان هادا جوزها, ولما تكون معه…
ضرب بعصاه الأرض مرة أخرى:
لا… ما تخربطي بهادا الحكي… بلاقي بنتي ببطن سبع ولا إنها تركبنا العار… ولا إنتِ ما انك عارفة, إنا حتى لو كانت مرتو لازم تطلع من بيت بيا لبيت جوزا بزفة تتسمع فيا الضيعة كِلاتها لتضل رافعة راسا طول عمرا وما تنكسر قدام أهل جوزا بحياتا… وطول عمرا يعايروا إنا خطيفة فراس القاسمي…
انتفض كلا من شهاب ونضال وصاح الأخير:
والله لأشرب من دمه هاداك الواطي لو كان عِملا…
تطلعت كلاً من جميلة وزهوة لبعضهما بخوف ورعب مما هو قادم….
تطلعت سوريانا برعب للقادم وهو يتقدم نحوها تغيب معظم ملامحه داخل ظلام الليل الذي يسود المكان.. تقدم أكثر حتى وقع شعاع القمر الخافت على ملامحه, ولكنها صرخت فزعة عندما هدأها بصوته:
هاد أنا سوريانا.. فراس…
كتمت صرخاتها لاهثة:
إنت شو بك؟… ليش ما بتقول شي؟… حسبتك…
ظهر التهكم في صوته وهو يجلس جوارها يتسلى برعبها:
شو؟!… حرامي!!… ما تخافي… هون ما في شي بيخوف غيري!!..
انتفضت من جواره مبتعدة للفراش الذي أعدته سلفاً بتذمر:
شو خفة الدم هاي؟
صاح بصوت مرتفع عندما رفعت الغطاء على رأسها:
شو.. ما راح تطعمينا يا خانوم؟
التزمت الصمت حتى ظنته سيذهب حال سبيله عندما شعرت بشيء يتحرك جوارها… رفعت الغطاء عن رأسها لتجده قد خلع حذائه وبدأ بخلع قميصه.. فشهقت وهو يندس جوارها…
أجفلت مبتعده بصراخ:
إنت شو بتعمل؟… وشو مفكر حالك؟…
تجاهلها وهو يندس تحت الغطاء الذي تركته:
متل ما أنت شايفة… رايح أنام… تصبحي على خير…
وأنا فين راح أنام؟
ربت على المكان المجاور له قائلاً بصوت ناعس:
هون.. فين يعني؟؟…
بعصبية أخذت تضرب بقدميها في الأرض:
فراس ما تجنني.. قوم روح نام برة…
فتح عينيه على اتساعهما:
مستحيل طبعاً.. الجو برد كتير.. وكمان هادي فرشتي, ليش أتركا؟.. ما في سبب مقنع…
ضربت بقدميها في الأرض مرة أخرى بغيظ:
يا لا بلا غلاظة.. أنا ما فيني أنام معك في فرشة واحدة…
رد بجدية وهو يحدق فيها بعينيه الساحرتين:
لأ.. فيك.. أنا جوزك وإنتِ مرتي… والطبيعي…
قاطعته بصراخ:
الطبيعي!!!.. الطبيعي إن مكانك يكون في مشفى المجانين مع اللي متلك مفكرين حالهم من فرسان العصور الوسطى.. يخطفوا البنت ويجبروا على….
رفع يده ملوحاً:
هاي.. وقفي.. أنا ما خطفتك.. إنتِ هربتِ من عرسنا… وأنا لحد هلا ما جبرتك على شي… بس فيني أعملا لو بدك…
شهقت شاحبة:
سكووت… ما بدي أسمع صوتك بنوب…
تنهد بانزعاج:
اللهم طولك يا روح… من بكرة الصبح عندي شغل.. ما فيني أضل طول الليل أحكي بشغلات فاضية.. بدك تنامي, اتفضلي ومش راح ألمسك.. إلا لما تطلبي.. أنا ما فيني أجبرك على شي.. أما يكون برضاك أو… مافي داعي منه.. ولو ما عندك ثقة فيني .. اتحملي البرد.. أو خليكي صاحية, يمكن عنادك يدفيكِ… تصبحي على خير.
راقبته بغيظ متزايد وهو يرفع الغطاء على صدره الأسمر العريض.. وبعد ثواني يغط في نوم عميق… تلفتت حولها تبحث عن أغطية أخرى.. ولكن محاولتها باءت بالفشل… كتفت ذراعيها حول صدرها باحثة عن الدفء ولكنها كانت ترتجف بشدة… حانت منها التفاتة له فوجدته مستمتع بدفء الأغطية التي أعدتها بنفسها.. وأخذت تزوم بعصبية…. زرعت الغرفة سيراً لعل الحركة تجلب الحرارة.. ولكن برد الصحراء كان يخترق جسدها كالإبر… ازدردت لعابها بصعوبة وهي تتخذ أخطر قرار بعد ما يزيد عن الساعة من التعرض للبرد القارص…
حسناً.. ستشاركه الفراش.. ولكنها ستحرص أن تكون في الجانب البعيد عنه قدر المستطاع.. فاحتمال البرد قرار لا يمت للشجاعة بصلة بقدر ما هو مرتبط بالجبن… ربما سيصحو ليجدها مجلدة.. ولن يستفيد سواه من وهنها….
أوقفت تنفسها لتستمع لانتظام أنفاسه, ولتتأكد من أنه نائم بالفعل… بعد الإستماع لنغمات أنفاسه أخرجت الهواء من صدرها ببطء وهي تتحرك بحذر لتأخذ الجانب البعيد من الفراش… وببطء شديد رفعت طرف الغطاء وانسلت أسفله..
الفصل الثاني عشر
أغمضت عينيها بقوة تستمتع بالدفء يسري في جسدها الذي كانت على وشك عدم الشعور بأطرافه… ألقت نظرة حذرة على رأسه المتوسدة الوسادة ثم كتمت أنفاسها شاهقة.. فقد كان يبدو جميلاً برموشه الطويلة السوداء المسدلة على وجهه الأسمر وقد أضفت خشونة لحيته السوداء من قوة ملامحه وجاذبيته المدمرة.. عضت على شفتيها باستحياء من أفكارها الغير بريئة, خاصة عندما وصلت عيناها لشفتيه بلونهما الأكثر دكنة من بشرته.. ثم عنقه الثخين… أجفلت عندما لاحظت الحركة في عضلات العنق وكأنه يبتلع لعابه.. اطمأنت أنها مجرد حركة طبيعية عندما عاد تنفسه لانتظامه, فسمحت لعينيها بالتوغل حتى ما ظهر من صدره الأسمر الكث الشعر… ووجدت نفسها تغمض عينيها بقوه لتستلقي على ظهرها تتخيل نفسها تتوسد هذا الصدر وتلفها هاتين الذراعين العضليتين…
أخذت نفس عميق لتستمتع بحلمها الذي أخذ يتوغل في خيالها….
ويا له من حلم… فتحت عينيها بابتسامة واسعة لتتجهم فجأة عندما وجدت رأسها جوار رأسه يتطلع فيها بعينيه العميقة بلا قاع لهما.. وبسرعة أخذت تتساءل إن كانت لا تزال في حلمها أم أنها استيقظت.. لم تستطع أن تحدد تماماً.. فهي ما تزال تحت تأثير ذلك الشعور اللذيذ الدافئ, وكأن كل جسدها يسري فيه إحساس ممتع يشبه تناول الشيكولاتة الساخنة الذائبة… خاصة عندما اكتشفت وجود يدها على صدره كما كانت في الحلم تماماً ويداه تلفان خصرها بتملك… وها هو بدأ يقترب دون أن تبتعد عيناه عن شفتيها النديتين, وكأنه يتوق لارتشاف ندى الصباح منهما…
أغمضت عينيها استعداداً لقبلة من شفتيه الآخذة في الإقتراب شيئاً فشيئاً بتباطئ أزعجها, حتى بدأت أنفاسه الحارة تداعب بشرتها وتلفحها بسخونة حارة… أنين يشبه التوسل صدر منها عندما جذب شفتها السفلى بأسنانه ليستولي بعدها على كلتا شفتيها بتملك أجمل من أن يكون حلماً.. متمهلاً أخذ يتعمق بقبلته.. فتحت عينيها مرغمة لتتأكد بإحباط أنها لا تحلم…
شيئاً فشيئاً أخذت القبلة تتحول لعناق.. والذي بدوره بدأ يصبح مهتاجاً… صدى الكبرياء بدأ بدق طبوله في رأسها… عندها بدأت بالتململ ودفعه بكلتا يديها… ابتعد عنها لاهثاً حانقاً بعد تأكده من إصرارها…
وسألها بانزعاج:
شو بك؟… شو صار؟…
احمر وجهها بقوة من الإحراج وهي تتلعثم:
إنت… إنت قليل الأدب وما… وما عندك حيا…
وليش؟…
كل اللي عملته هاد وبتسأل!!…
أنا ما عملت شي غلط ولا حرام… أنا بس نفذت رغباتك…
شهقت صارخة:
أنا!!… أنا طلبت منك هيك شي؟
رد بتبجح:
إيه.. بس مو بلسانك… بعيونك.. وأنا نفذت!!..
أنت… أنت كذاب.. أنا مابدي إياك وما بطيقك بنوب..
كانت صدى قهقاته التي رافقتها حتى اختبأت منه خلف باب الحمام متوردة محرجة ومرتبكة…
أسرعت لمرآة المغسلة تتطلع فيها بعينين متسعتين:
إنتِ شو عملت بحالك يا سوريانا.. يا ويلي… كيف راح اتطلع بوشه بعد اللي صار…
فيجيبها انعكاس صورتها في المرآة:
وشو اللي صار يعني؟..
فترد على صورتها:
ولا شي.. هو أخدني غصب…
فتجيبها صورتها بسخرية:
ما تتضحكي على حالك متل ما كذبت عليه… لا إنتِ مصدقة ولا هو راح يصدق…
جاءتها طرقاته على الباب وصوته يصيح:
سوريانا… هتضلي يومك بالحمام؟… بدك مساعدة شي؟؟
غسلت وجهها بالماء البارد حتى اختفى كل أثر للاحمرار.. استدارت لتغادر فوجدته بانتظارها نصف عاري ينظر لها بتسلية وذراعاه العضليتان تتعاقدان على صدره..
فكرتك…
قاطعته بحدة كي لا يستمر بمزاحه:
لا ما تفكر مرة تانية.. إنت هيك منيح… ما أدري لو فكرت شو راح يصير بحالنا أسوأ من هيك!!…
وقامرت بلمسه لتدفعه من طريقها لتكسر تلك الابتسامة التي تذكرها بكل لحظة قضتها بين ذراعيه…
رفع ذراعيه لأعلى ضاحكاً وهي تتجاوزه:
شِوي.. شِوي.. علينا سوريانا خانوم… الصبر حلو… متل العسل…
التفتت لمواجهته بنظرة غاضبة فأسرع بإغلاق الباب قبل أن تصيبه ألسنة شرارات عصبيتها…
حدقت بالفراش وهزت رأسها:
لازم أمشي من هون.. ما راح أضل ولا ليلة واحدة تانية..
خرجت لتبعد عن ذكرياتها الحارة وقبل أن يخرج يرمقها بملامحه المتسلية المزعجة…
وقفت بالباب تتأمل الطبيعة القاسية حولهما… فرمال الصحراء والجبال تحيط بها بدون أي أثر لأي مخلوق… زفرت بتعاسة علها تلمح أي سيارة تكون مارة… ولكن يبدو أنه يستحق اسمه هذا الفراس… فالمكان لا يمر بطريقه أي سيارات أو آدميين….
شو؟!.. مشتاقة لرحلة سفاري؟…بوعدك …
التفتت تصيح بحدة:
ما توعدني بشي.. لنك ما راح تنفذ وعدك, لأني ما راح أضل معك لتنفذه… وأنا ما بحب السفاري… وما بحب وجودي هون.. وبدي أرجع لأهلي…
تطلع أمامه قائلاً:
ما أقدر أوعدك بشي… خصوصاً بعد الإخباريات اللي وصلتني من مرسالي بالضيعة… كنت بعته ليقول لأهلك إنك معي ميشان ما يدوروك.. بس لما وصل كانت الدنيا مقلوبة فوقاني تحتاني… ما فتح تمه وجا يحكي لإلي… من مصلحتك ما تظهري هلا…
بنظرة متلاعبة ونبرة مكسوة بزهوة الإنتصار:
تقصد من مصلحتك إنت…
سألها بحذر وعيناه تلتمعان ببريق مهيب:
شو بتقصدي؟
رفعت أكتافها:
ولا شي… بس منيح إنك متخبي هون حتى ما يلاقيك حدا من أخواني.. وبعدين يبتلي فيك….
هيك.. إنتِ مفكرة أني متخبي هون من رعبتي من إخوانك؟!…
ولشو متخبي لكان؟… ليش ما رجعتني الضيعة؟.. ولا أخدتني لبيتك هونيك؟… إلا إذا كنت خايف…
مد يده ليمسك بذقنها بين أصابعه فحاولت الإبتعاد ولكنه لم يعطها الفرصة وهو يقرب وجهه منها:
خويك وهلك عارفين إنك مرتي… بس هم بيدوروا عالمظاهر… ميشان ماحدا يقول عليكِ خطيفة… بس أنا ما بيهمني حكي العالم… أنا جيت هون لغرض براسي.. وما راح نمشي إلا لما يصير…
ابتلعت لعابها بصعوبة متسائلة:
وشو هاد الغرض اللي براس حضرتك؟
فرك ذقنها بأصابع قبل أن يتركها ضاحكاً:
الصبر حلو… أحلى من العسل… آه ذكرتيني.. أنا كتير جوعان وإنتِ؟.
همهمت بغيظ:
أنا ما بيشبعني إلا إني أشرب من دمك!!..
أوووف.. ما بعرف أن بنات المدن دمويين لها القد… لازم لما أنام آخذ حزري.. يمكن تفكري تتخلصي مني بشي من طرقك الدموية… أو….
تأرجحت عيناه للسماء بابتسامة لعوب ليذكرها بما حدث مرة أخرى..ولم يقف ليشاهد غيظها هذه المرة فدخل للمجلس وناداها بعد أن أعد الطعام
سوريانا… الفطور جاهز… المرات الجاية إنتِ اللي هتجهزي الأكل
إيه طبعاً, تكرم عينك فراس بك… الخدامة اللي خطفتا ورهنتا تحت إيديك.. طوع أوامرك…
جلست تتناول طعامها لتحافظ على قوتها فسياسة تجويع النفس سياسة قديمة ولن تجدي مع رجل مثله.. صياد بالسليقة.. ولن تكون فريسته أبداً…
وعندما حل المسا موعد النوم يقترب مرة أخرى… وكانا تنتظر حكم الإعدام.. رغم أنها عادت لتتخيل نفسها مرة أخرى معه… زجرت نفسها..
"شو يا سوريانا؟!.. بدأتِ تليني؟!… كان عندو حق وما أخدت بإيده فركة.. بس فرك بإصابيعه, ليلة واحدة والتانية شايفة حالك!!.. خلاص بتحلمي فيه وإنتِ صاحية!!… لا.. لا مستحيل… أنا سوريانا الأكرمي ومش راح يصير اللي ببالك أبداً يا….
سوريانا!!… إنتِ مع مين بتحكي؟
جفلت وهي تتطلع للخلف عندما فاجأها تحدث نفسها:
مع نفسي… اتطلع حواليك.. شايف حدا غير الجدران!!…
قومي.. تعي…
انتفضت واقفة تصيح بأمل:
لوين؟… لضيعة بترجعني لأهلي؟…
رد باقتضاب:
لأ… بس تعي…
طاوعته بزفرة ضيق حتى خارج الكوخ فوجدته وقد أشعل ركوة نار وأعد القهوة والشاي وبجوارهما أرنب جبلي… يشوى على أسياخ…
نظرت له متفاجاة:
أنت سويت كل هاد؟!
إيه… قربي..
طاوعته بدون وعي ليمسك بيدها وهي لا تزال تتأمل المكان الذي أعده.. ثم جلس على الفرشة التي أعدها جوار النار ومعها المساند… جلست جواره مبهورة… ثم نظرت له بامتنان:
حلو كتير…
ذابت الخطوط المتجهمة التي كانت تحدد ملامحه في اليومين الماضيين.. رؤية الفرحة بعينيها كانت خير بلسم لجراحه من صدودها المستمر…
أشارت للأرنب:
إيمتى بيستوي؟…
شوي ويكون جاهز.. كنت خايف ما تحبي لحمه..
لا.. بحبه كتير, طعمه طيب… ما جربته مشوي قبل هيك.. بس من ريحته بظنه بيكون أطيب…
تنهد براحة وهو يضجع للخلف يتأملها على أضواء النيران المتراقصة:
إيه بيكون أطيب بس لأنك إنتِ بتاكليه…
التفتت له مشدوهة من صوته المتأجج بالعاطفة:
فراس… شوفه الله يخليك… ريحته بتشهي وخلت معدتي تكركع..
تكرم عينك…
جذب أحد الأسياخ من النار والتي تحمل جزء من الأرنب… ثم نزع سلخة بيده ليتذوقها.. أغمض عينيه بتلذذ وهو واثق من مراقبتها له.. ثم فتحهما:
أممم لذيذ… تجربي؟…
أومأت برأسها واقتربت منه كما خطط من البداية لتكون جواره وهو يحيط خصرها بذراعه وبيده الأخرى يقرب قطعة اللحم من فمها لتقضم باستمتاع ولم تدري أن حركاتها العفوية أثارت شهيته ولكن ليس للأرنب!!…
فبعد استمتاعها بطعمه اللذيذ وجدته أقرب إليها مما توقعت وعيناه متعلقتان بشفتيها:
حبيبتي… شفايفك.. في شي متعلق فيون…
التهت بما قد يكون قد علق بهما ولكنه أنقذها بأن أطبق بفمه عليهما يلتهمهما باندفاع.. ثم ابتعد قبل أن تدفعه كالمرة الماضية وهو يتأملهما متورمتين برضى:
خلاص… ما عاد بهم شي!!…
ازدردت لعابها بصعوبة وقد توقفت الكلمات في حلقها ولم تعرف بما تجيبه.. لم تستطع إنكار أن قبلته تركت تأثيرها المدمر على مقاومتها… ولم تستطع الإستمرار في الكذب.. لقد أصبحت تحب وجودها معه.. طريقته في إخضاعها… قبلاته الحسية والتي في كل مرة تترك مذاق مختلف في إحساسها.. وكأنها على وشك إدمانهم جميعاً.. حتى تلك القبلات التي لم تتذوقها بعد!!… والتي تشتاق لها من الآن!!…


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.