أنا شاب 33 سنة، متزوج منذ أربع سنوات من إنسانة طيبة، من عيلة ومحترمة؛ ولكن أنا لا أحبها، وهي تبذل كل جهدها لكي تُسعدني بكافة الطرق والوسائل؛ ولكنها عصبية إلى حد ما، وهذه النقطة تؤرقني جداً، ولا تستطيع أن تتحمل كلمة ثقيلة ولو بمزاح. كما أنني أحب إنسانة أخرى، كنت على علاقة بها قبل زواجي؛ ولكن لم يشأ الله أن أتزوجها لظروف عائلية، ولا أزال أفكر بها؛ على الرغم من أنها تزوّجت هي أيضاً، ولا تزال تحبني.
والآن أنا لستُ سعيداً في حياتي الزوجية؛ لأنني لم أستطع أن أحب زوجتي هذه، وأنا دائم التفكير في الإنسانة الأخرى التي كنت أحبها.. فماذا أفعل؟ بالله عليكم دلوني، وشكراً لسعة صدركم.
ahmed
صديقي العزيز.. وهل الإنسانة الأخرى التي تقول إنك تحبها هي الكاملة المكمّلة، التي لا يعيبها شيء؟ أظنك فهت مغزى السؤال، وهو أنه قد كُتب على ابن آدم النقص لا محالة، وكلنا فيه شيء ناقص؛ لأن الكمال لله وحده، وإذا كنت لا تصدقني؛ فلتنظر لنفسك قليلاً؛ هل أنت كامل ولا يوجد فيك عيب؟ بالتأكيد كلنا فينا عيوب؛ ولكن حين ننظر للصورة العامة ونقارن العيوب بالمميزات ونوازن؛ فإننا نخلص إلى شخصية تحقق القبول أو لا تحققه. ويبدو من حديثك أن زوجتك إنسانة من عائلة طيبة ومحترمة، وكونها تبذل كل الوسائل لإسعادك؛ فهذا يدلل على أنها تحبك، ولديها قدر من النضج والوعي؛ بحيث لا تضيق بما قد تُبديه نحوها من ملل أو عدم سعادة، وهي لا تحتمل منك هذا المقابل؛ لأنها تحبك وأنت اخترتها، ويجب عليك ألا تُشقيها معك بوهم في عقلك.. وسامحني على هذا الوصف؛ حيث إن ما تحكيه فعلاً هو الوهم.
أحببت فتاة فأضفيت عليها كل المحاسن، وظللت تنسج في خيالك صورة الملاك الكامل، دون أي عيوب؛ ولكنك تعرف أنه لا يوجد إنسان كامل دون عيوب. لكنك استخدمت نظارة مكبّرة لترى عيوب زوجتك واضحة جلية كبيرة الحجم؛ حتى تُقنع نفسك بحقك في خيانتها بقلبك، واستغللت كونها "عصبية إلى حد ما"؛ حتى لم يطاوعك قلبك أن تكذب فتقول إنها عصبية جداً أو مفرطة العصبية؛ بل تقول "عصبية إلى حد ما"، وتحاول أن تجعل ذلك عيباً يمنعكما من استكمال حياتكما على نحو صحيح، ويبرر لك لجوءك إلى حب مكروه لإنسانة أخرى متزوجة كزوجتك تماماً. وأريد أن أسألك: كيف لإنسانة بريئة تجد منك معاملة متجنبة، تتقرب منك فلا تجد إلا بعداً، تحاول إسعادك فلا تقابل ذلك إلا بفتور وملل، تمنحك الحب فلا تمنحها بالمقابل إلا التجاهل وسوء المعاملة؛ كيف تريدها بعد أربع سنوات من هذا التجاهل والفتور والبعد أن تكون هي بنفس هدوئها واتزانها ووداعتها؟ إنك من سبْبتَ لها هذه العصبية بتجاهلك لها، وإشعارك لها بأنها ليست رقم واحد في حياتك، فلم تعد أنت رقم واحد في حياتها.
أفِق يا عزيزي بالله عليك؛ فلزوجتك عليك حق؛ فهي زوجتك، ورفيقة طريقك، وأم أولادك، وتحبك وتسعى لإرضائك؛ فلا تستحق منك إلا الحب والحنان، لتعويضها عما سببته لها طوال العمر الماضي من حزن وألم وعذاب.
أما الأخرى فأريدك أن تتقي الله فيها وفي نفسك، وأن تبتعد عنها لأجل حياتك ولأجل حياتها، صفحة من الماضي وطُويت؛ فلا تفتح باباً للشيطان ولخراب بيتك؛ فإذا كنا لا نرضى أن يتدخل أحد في حياتنا؛ فلماذا نتدخل في حياة الناس.. واحترم لزوجها حياته، واحترم لزوجتك حقها في الإخلاص، وأنا متأكد أنك إذا فكرت بعقلك ستهتدي إلى الصواب.. وفّقك الله وهداك، وأتمّ عليك نعمة السعادة وراحة البال، وكفاك شرّ الشيطان وشرّ الظلم.. آمين.