تعهد محمد الغنوشي -رئيس الوزراء التونسي- باعتزال العمل السياسي؛ وذلك بعد إجراء الانتخابات في نهاية الفترة الانتقالية، الذي يتزامن مع الوقت الذي تتواصل فيه المظاهرات المطالبة بإبعاد أركان النظام السابق من هذه الحكومة. وقال الغنوشي في لقاء مع التليفزيون التونسي أمس (الجمعة): "دوري هو الخروج بالبلاد من هذه المرحلة الانتقالية التي ستقود إلى انتخابات برلمانية ورئاسية"؛ مؤكداً أنه حتى لو رُشّح لخوض الانتخابات فسيرفض وسيترك الحياة السياسية. كما تعهّد الغنوشي بإجراء انتخابات "شفافة وديمقراطية"؛ لتكون الأولى منذ استقلال البلاد عن فرنسا عام 1956؛ مضيفاً أنه سيتمّ إلغاء جميع القوانين غير الديمقراطية خلال مرحلة الانتقال إلى الديمقراطية، ومن بينها قوانين الانتخابات ومكافحة الإرهاب والإعلام. وأقر رئيس الوزراء التونسي -في أول خطاب مباشر يوجهه للأمة- بأنه مثل جميع التونسيين، كان "خائفاً" في ظلّ حكم الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، مضيفاً أن الحكومة الجديدة نفّذت انعطافة 180 درجة، وأن لديها رجالاً على قدر كافٍ من الكفاءة والقدرة على إدارة البلاد. وكان الغنوشي قد تعهّد بإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية في غضون ستة أشهر؛ لكن لم تُحدد تواريخ لإجراء تلك الانتخابات؛ في حين ينصّ الدستور التونسي على أنها يجب أن تقام في أقل من شهرين. كما أعلن أن تونس ستدفع تعويضات لعائلات ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان خلال حكم بن علي، وسترسل مبعوثين إلى دول عربية أخرى لملاحقته. وتأتي تصريحات الغنوشي وسط استمرار المظاهرات لليوم الرابع على التوالي في أرجاء متفرقة من تونس؛ للمطالبة بإبعاد جميع أركان النظام السابق من الحكومة الانتقالية المؤقتة، التي قالوا إن مقرّبين من الرئيس المخلوع يهيمنون عليها. ولم يشفع للغنوشي استقالته قبل أيام مع فؤاد المبزع -الرئيس المؤقت- من حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الذي كان حاكماً، كما لم يشفع للحكومة إعلانها القطيعة مع النظام السابق، وإقرارها في أول اجتماع لها مساء أمس الأول (الخميس)، جملة من التدابير؛ بينها العفو التشريعي العام الذي يشمل كل المساجين السياسيين ومساجين الرأي. وطالب الاتحاد العام التونسي للشغل أمس بحلّ الحكومة الحالية، وتشكيل ما أسماها "حكومة إنقاذ وطني" ائتلافية في البلاد، ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصادر بقيادته أن الاتحاد قرر سحب وزرائه المرشحين من الحكومة المؤقتة، وعدم المشاركة فيها إلى حين تنفيذ مطالبه. وفي غضون ذلك أعلن أحمد فريعة -وزير الداخلية في الحكومة التونسية المؤقتة- أن 33 شخصاً من رموز النظام السابق محتجزون لدى الشرطة، ومن بينهم عماد الطرابلسي -ابن شقيق زوجة الرئيس المخلوع- وكذلك الرئيس السابق للأمن الرئاسي. وذكر في مؤتمر صحفي أنه قد صودرت مجوهرات وأموال مملوكة لكل من أقارب بن علي وزوجته، وعُثر على أسلحة في منازل بعضهم قائلاً: "لقد كانت مطمورة تحت الأرض". وناشد الوزير المواطنين بالصبر بضعة أشهر، إلى أن يتمكنوا من اختيار الحكومة التي يريدونها، وشدد على أن وجود الحكومة الحالي مؤقت لتجنيب البلاد الانزلاق في حالة فوضى.
الجدير ذكره أنه قد بدأت أمس، أول أيام الحداد العام الذي يستمرّ ثلاثة أيام؛ ترحّماً على أرواح ضحايا الانتفاضة الشعبية، الذين بلغوا -حسب ما أعلنته الحكومة- 78 قتيلاً؛ في حين قالت منظمات حقوقية إن عدد القتلى تجاوز المائة، وأقيمت بعد صلاة الجمعة صلاة الغائب في المساجد ترحّماً على أرواحهم.