كتبت: د. وندي مانشستر ترجمة وتحرير: مروة سالم ولمياء يس
في نسخة عام 2010 من فيلم "أليس في بلاد العجائب"، تجد أليس نفسها أمام جميع شخصيات أحلامها وجها لوجه، بينما هي تكافح بصعوبة محاولة تحديد طريقها، وعندما سألتها الفراشة الزرقاء: "من أنت؟!" ارتبكت أليس وهي تقول لنفسها: "هذا ليس سؤالا مشجّعا على الحوار أبدا!"، ثم قالت للفراشة: "من الصعب معرفة هذا في الوقت الحاضر يا سيدتي، فآخر مرة عرفت من أنا كانت عندما استيقظت صباح اليوم! ولكن أظن أنني تغيّرت عدة مرات منذ ذلك الحين". والآن دعيني أسألك أنا: كيف ستجيبين أنتِ إن سئلت هذا السؤال؟! هل تشعرين بالثقة في إجابتك؟! وهل تعلمين بالفعل ما حقيقتك، ومن أنت؟! وربما تشعرين بمقدار الحيرة نفسه الذي شعرت به أليس تجاه هذا السؤال البسيط! سؤالٌ مثل "من أنت؟" يتطلب منك أن تنظري إلى أبعد مما فوق السطح، فأنا لا أسألك "ما اسمك؟" أو "كم عمرك؟" لأن إجابات هذه الأسئلة لا تعدّ أكثر من جزء واحد صغير من "مكوّناتك". لذلك أطلب منك أن تنظري جيدا داخل نفسك، لتبدئي في اكتشاف من أنتِ؟ وكيف تريدين أن تكوني في المستقبل، وما الذي يجب عليك فعله لتصلي إلى مبتغاكِ. تطبيق: سنحاول سويا الإجابة عن سؤال "من أنت".. بداية، سيكون أمرا رائعا أن تخصصي دفترا تسمينه "اكتشفي نفسك"، ليكون رفيقك في التدريبات الأسبوعية معنا. والآن:
* أحضري دفتر "اكتشفي نفسك"، وابحثي عن مكان هادئ لتدوّني فيه إجاباتك. * املئي الورقة بكل ما يأتي إلى ذهنك من أفكار أيا كانت، ولا تفكري كثيرا في ما تكتبينه. * اتركي الكلام ينساب منك تلقائيا على تلك الورقة، ولا تقلقي حيال ما تكتبينه إذا كان مناسبا أم لا.. * كوني صريحة مع نفسك وأنتِ تكتبين، فليس أحد منا ممتازا على طول الخط، ولا سيئا كذلك على طول الخط. عندما تنتظمين معنا في التطبيقات الأسبوعية التي سنقوم بها؛ ستبدئين في تكوين صورة واضحة المعالم عن ذاتك وكينونتك، والوعي بجوانب قوتك ونقاط ضعفك، وستعرفين كيف وفي أي اتجاه عليك أن تتحركي؛ لتعيشي أفضل حياة ممكنة تستحقين الحصول عليها.
سألت أليس عن أي الطرق تسلك اكتشفي أين تقفين وإلى أين أنتِ ذاهبة! في مشهد آخر من الفيلم، تحاول أليس أن تجد طريقها عندما ظهر لها القط، فسألته أليس عن أي الطرق تسلك، عندها رد عليها القط سائلا: "إلى أين تريدين الذهاب؟!" فأجابت أليس قائلة: "لا أعرف!!". فأجابها القط: "لا يهم إذن، فإن كنتِ لا تعلمين إلى أين أنتِ ذاهبة، فأي طريق تسلكينه سيوصلك إلى هناك"!! وما أودّ قوله هنا هو أن الكثير منا يعيش حياته دون اتجاه، فقط يظل في انتظار بلا هدف، ينتظر الأشياء أن تحدث له من تلقاء نفسها، ولكن الحياة لا تسير على هذا المنوال؛ فهي عملية نشطة مليئة بالفرص وخيبات الأمل، وحتى تستغلي فرصك بالكامل سيتطلب منكِ هذا الأمر أن تكوني أكثر رضا وأكثر فاعلية. ولكن السؤال الآن هو: كيف يمكننا اكتشاف إلى أين نحن ذاهبون؟َ! تطبيق: * على قطعة من الورق، أو في دفتر ملاحظات "اكتشفي نفسك"، أعدّي قائمة من الرقم 1 حتى 20. * بجانب كل رقم من تلك الأرقام اكتبي سريعا قائمة بالأشياء التي حلمتِ بفعلها من قبل في حياتك. لا يهم إن كان ما تكتبينه يمكنك القيام به حقا أم لا، قومي فقط بعمل القائمة، واعلمي أنه لا يوجد شيء مجنون أو غير مألوف، إذ يمكنك كتابة أشياء حول كل شيء.. العمل، والأسرة، والسفر، والدراسة، والإبداع.. ولكنكِ تعلمين إلى أين أنت ذاهبة، أليس كذلك؟! عندما تخبرك مُعلمتك بأن لديك امتحانا غدا، عندها ستريدين أن تذاكري جيدا حتى تستعدي لهذا الامتحان، وستسألين معلمتك عن المنهج والأسئلة المتوقّع مجيئها في الامتحان؛ حتى تحضّري نفسك جيدا، وتتمكني من مذاكرة هذا المنهج، وتستغلي وقتك أحسن استغلال. وستجدين نفسك تركّزين على الأشياء المهمة في المنهج، وستقومين بتكريس الكثير من الوقت لتستعدي للنجاح في الامتحان، ولن تقبلي بالفشل. ألن تكون الحياة لطيفة إذا تم تطبيق مفهوم الاستعداد للامتحان هذا عليها؟!، خاصة إذا كنا نعرف بالضبط ما يتعين علينا القيام به في الحياة، وإذا كنا نعلم بالضبط ما هو الشيء الذي يجب التركيز عليه؟ ولكن.. انتظري لحظة! فنحن نعرف بالفعل كلنا يعرف إلى أين هو متوجّه، فحياتنا عبارة عن اختبارات متتالية، وبما أننا مؤمنون بالله؛ فلدينا المعلومات الكثيرة لمساعدتنا في التحضير إلى أين نحن ذاهبون في آخر حياتنا؛ لأن الشيء الوحيد الذي نتيقن منه هو أننا سنموت، فهذا هو الاختبار النهائي الذي نستعد له. إن لديكِ الإرادة الحرة لاتخاذ القرارات في مواقف حياتك المختلفة، ولكن تلك القرارات ستكون موضوعا للمناقشة عندما تنتهي حياتك، وتُسألين يوم القيامة عن الأعمال التي قمت بها في الدنيا. ولعل اكتشاف نفسك هو أهم خطوة من الخطوات التي ستحضّرك جيدا للاختبارات النهائية، التي نعرف أنها تنتظرنا. انتظروني هنا في الأسبوع المقبل، حيث سننظر في بعض الأحاديث التي تخبرنا عن نوع التوجيه، الذي يمكننا استخدامه لنعيش حياتنا بشكل كامل، وتحقيق ما قد كُتب لنا، وتعزيز حاجاتنا الروحية.