ظهر الإنسان الحديث بشكله الحالي منذ حوالي مائتي ألف سنة مضت، في ذلك الوقت كانت معظم الوحوش الضارية التي عاشت على هذا الكوكب قد انقرضت منذ وقت طويل. لعل العالم فيما مضى كان أشبه بعوالم أفلام الرعب؛ حيث الوحوش الضخمة ترتع في كل مكان، على الأرض، وفي البحار، وفي السماء، ناشرة الفزع أينما تذهب. في المساحة التالية سنستعرض معاً بعضاً من تلك الكائنات المرعبة التي سادت على الأرض، ولم نعرف عنها إلا من خلال الحفريات التي عثرنا عليها.. إنها وحوش من الماضي. تحدّثنا الأسبوع الماضي عن التيرانوصوراس ريكس، أو ملك السحالي الطاغية كما يعني اسمه، هذا الأسبوع نستكمل الحديث عن الملك.... الأسنان تي-ريكس له أكثر من 60 سناً حادة، وتُشبه كل سنة منها الموزة، كما أنها منحنية للداخل, وهذا الوضع الغريب للأسنان يجعل هروب الفريسة أكثر صعوبة عند الإمساك بها بالفم، ويزيد من الصعوبة القوة البالغة لعضلات فكيه، ويرى العالم ويليام أبلر -الذي قضى عمره في دراسة أسنان الديناصورات- أن عضة تي-ريكس كانت معدية، مثله في ذلك مثل الورل الصحراوي المعروف ب"تنين كومودو". جلد أم ريش؟ في 2004 نشرت مجلة Nature بحثا بخصوص حفرية ديناصور من نوع ديلونج بارادوكساس، تمّ اكتشافه في الصين، وقد وجد على هذه الحفرية ما يدلّ على أن جسد هذا الديناصور ربما كان مغطّى بالريش، وفتح هذا الكشف الباب أمام مجموعة من التكهنات بأن تي-ريكس ربما كان هو أيضا مغطّى بالريش أو بما يُشبه الريش، وإن كانت نظريات أخرى ترجّح أنه مغطّى بحراشف، لكن كما هو ملاحَظ من الحيوانات كبيرة الحجم الموجودة على الأرض -مثل الفيل وفرس النهر مثلا- أنه كلما زاد حجم الحيوان، افتقر جسده لوسائل التغطية؛ ذلك لأنه كلما زاد حجم الحيوان، زادت قدرته على الاحتفاظ بحرارته الداخلية، لصغر المساحة السطحية مقارنة بالحجم، على هذا فإن تغطية جسم تي-ريكس لن تكون ذات ميزة، بل قد تُؤدّي إلى زيادة درجة حرارة جسمه بشكل مزعج، ولهذا فقد يكون الرأي الأرجح هو أن تي-ريكس لم يكن مغطّى سواء بالريش أو الحراشف. يدور الكثير مِن الجدل حول ما إذا كان تي-ريكس صياداً مفترساً أم مجرّد آكل للرمم وماذا يأكل؟ يدور الكثير مِن الجدل حول ما إذا كان تي-ريكس صياداً مفترساً أم مجرّد آكل للرمم؛ ففي عام 1917 ظهرت نظرية ترجّح أن تي-ريكس حيوان آكل للجيف؛ بناء على قرابته من ديناصور آخر هو الجورجوسوراس، وقد تم التوصّل إلى هذا الاستنتاج؛ لأن أسنان هذا الديناصور وجدت سليمة بدون آثار للبري، لكن هذه النظرية لا ينظر لها اليوم بجدية؛ ذلك لأن تي-ريكس كان على الأرجح يغيّر أسنانه مثله مثل أبناء فصيلته. خبير الديناصورات جاك هورنر هو الذي يتبنّى اليوم فكرة أن تي-ريكس كان آكل جيف، ولم يكن صياداً على الإطلاق، وأدلته على ذلك هي أن أذرع تي-ريكس قصيرة جداً، ولا تُمكّنه من تثبيت الفريسة، وأن تركيب مخه يشي بأن له حاسة شم قوية جداً، تُمكّنه من التقاط رائحة الجيف عن بُعد، مثله في ذلك مثل طائر العقاب، وأن أسنانه القادرة على تحطيم العظام تُمكّنه من استخلاص نخاع العظم في الجيف، وبالتالي مزيداً من الاستفادة منها، والاعتقاد أن حركته بطيئة نسبيا. على الجانب الآخر يعتقد علماء آخرون أن تي-ريكس يجب أن يكون صياداً، ويُعزز هذا الرأي تركيب عينيه الذي يمنحه رؤية جيّدة؛ حيث تشير دلائل التطوّر إلى أن الطبيعة فضلت سلالات تي-ريكس ذات النظر الأفضل على مدى العصور، أيضاً هناك دلائل من الحفريات عن ديناصورات من أنواع أخرى يُعتقد أنها تعرّضت للهجوم من قِبل تي-ريكس، مما يرجّح كونه صياداً. هل كان تي-ريكس كانيباليّاً؟ بداية؛ فالكانيبالية Cannibalism هي أن يأكل الكائن كائنات أخرى من نفس جنسه، مثلما يحدث في الإنسان في حالة آكلي لحوم البشر. تشير أحدث الدراسات التي أُجريت في 2010 إلى أن تي-ريكس، ربما كان يُمارس الكانيبالية أحياناً؛ حيث وجدت عظام للتي-ريكس وعليها آثار عضات أسنان لتي-ريكس أيضا، وكانت آثار الأسنان تدلّ على أنها لا يمكن أن تحدث أثناء قتال، وإنما على أن هذه الجثة تم أكلها بواسطة تي-ريكس آخر. لعب تي-ريكس دوراً رئيسياً في الكثير جداً من الأفلام السينمائية تي-ريكس في الأفلام لعب تي-ريكس دوراً رئيسياً في الكثير جداً من الأفلام السينمائية، بدءاً من الفيلم الكلاسيكي "كينج كونج" (إنتاج 1933)؛ حيث يحتوي الفيلم على مشهد قتال بين كينج كونج وديناصور من نوع تي-ريكس، وهو الفيلم الذي تم تنفيذه مرتين بعد هذا، أهمهما الإعادة التي قدّمها المخرج الشهير بيتر جاكسون، والتي قدّم فيها الصراع بين كينج كونج والديناصور بشكل بالغ الإبهار. وقبل كينج كونج قدَّمت الأفلام القديمة تي-ريكس وهو يمشي في وضع منتصب تماماً، وهو وضع خاطئ تشريحياً، مثل فيلم The Lost World عام 1925 مثلاً، كما كان يُصوّر بثلاثة أصابع في كل يد، ونحن نعرف الآن أنهما أصبعان فقط. هناك أيضا شخصية ريكس -الديناصور اللعبة- في سلسلة أفلام Toy Story، وبالطبع يمثّل تي-ريكس بطلاً أساسياً في سلسلة أفلام Jurassic Park الشهيرة، وقد أدّى Jurassic Park إلى تحفيز أبحاث الديناصورات في العالم؛ حتى إنه كان سبباً في اكتشاف فصيلة جديدة بعد أن أخرج ملاك الحفريات العظام المخزَّنة لديهم لإعادة دراستها.