لقد تعرّفت على هذا الموقع الجميل بالصدفة البحتة، وأشكر الله أنه أوقع في طريقي هذا الموقع، وأنا جدّ سعيد لأني بصيت وطليت.
أبلغ من العمر 26 عاما وأخطب إحدى الفتيات، وخطبتي بدأت منذ ثلاثة شهور، وباقي شهر على الزواج. لكن هناك أشياء كثيرة أودّ أن أفضفض فيها عن نفسي، قبل أن أخطو هذه الخطوة المهمة في حياتي.
قبل أن أتقدّم لهذه الفتاة والتي رشّحتها لي والدتي كان مطلبي أن أجلس معها أولا؛ ليرى كل منا الآخر.. فعلا جلسنا وتحدثنا وارتحنا لبعضنا، لكن بعد أن خطبتها بدأت تظهر لي أشياء كانت غائبة عني، اتضح لي أنها عصبية المزاج ومغرورة بعض الشيء، وكانت تتحدث معي بكلام ينمّ عن أنها شخصية قوية، ودائما ما كانت توصل لي هذا الكلام بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
وبعد شهر من الخطبة بدأت تقولي لي "بحبك" وكلام من هذه النوعية، وأخذت تقول إنها لم تحب أحدا من قبل بهذا الشكل وبهذه السرعة، وأني أنا الحب الوحيد في حياتها.. بدأت أبادلها الكلمات، وفي مرة من المرات وفي زيارة لها كعادتي كل أسبوع بدأت تضع يدها على كتفي، ولكني كلما فعلت أبتعد، فتقترب أكثر، فبدأت تشعر بنظرات الشك في عيني، وتقول لي أنت تعتقد أني فعلت هذا من قبل أليس كذلك؟ فأقول لها لا.. فغضبت مني، وقالت لماذا تشكّ فيّ بهذا الشكل؛ ألأنني أحبك، فصالحتها، وقلت لها أتمنى أن ننسى ما حدث، لكنها كررت هذه الأمور مرة أخرى.
بدأت أبادلها أنا الآخر نفس الأفعال ولا أعرف لماذا، وكيف، لكني حقا فعلت وبمرور الأيام بدأت تظهر لي أنها شخصية عنيدة ومصرّة على رأيها، ومع الأيام بدأت تتطور بيننا الأمور إلى أن تبادلنا القبلات والأحضان، وتطور الأمر إلى لمس أجزاء كثيرة من جسدها، وكانت تدمع عينها أمامي، وتقول لي أشعر بالخزي والعار؛ لأنني أفعل هذه الأشياء معك، وأخجل من نفسي كثيرا، كلما آخذ قرارا بألا تلمسني ثانية، إلا أنني أنسى كل شيء بمجرد أن أراك، ولا أستطيع التغلّب على هذا الشعور، وبدأنا نتشاجر كثيرا ليس على هذا الأمر ولكن لأشياء أخرى، وكأن الله يعاقبنا ونحن حقا نستحقّ هذا العقاب، ثم بدأت أعاندها أنا الآخر، ولم أتحمل تصرفاتها وكلامها، إلى أن لاحظت هي هذا التغير في تعاملي معها، فشعرت أني لا أحبها، فأخذت ترضيني، وتقول لي أنا أحبك وأخشى أن تتركني، فقلت لها أتمنى أن تتغيري في تصرفاتك معي، فقالت لي نعم، وفعلا تغيرت تماما وبدأت تعاملني بلطف كبير؛ لدرجة أني شعرت معها أنها شخصية غير التي عرفتها، لكني لم أنسَ ما كانت تقوله لي من كلمات تجرحني، ومن تصرفات لا أحبها..
فكرت كثيرا في فسخ الخطبة لكني فكرت في أمور أخرى كثيرة، خاصة ونحن أقارب ومن عائلة واحدة، وتربطنا بأسرتها قرابة قوية وهم أناس يحبونني جدا وفخورون لكوني زوج ابنتهم المستقبلي.
كيف ستكون العلاقة بيننا إن فسخت الخطبة؟ وأيضا كيف أتركها بعد كل ما فعلته معها من قبلات وأحضان، فأكون أنا الخائن والظالم؟ وكيف أتركها وهي تحبني؟ حيث إن ما أشعر به أنها تحبني لكني حقا خائن؛ لأن أسرتها تثق فيّ، لكني خنت ثقتهم، وأشعر أني لا أستحق هذه الأسرة الطيبة.
أنا من النوع الذي يحمل للمشاعر وزنا كبيرا، ولا يتخذ قرارا يجرح الآخرين، وأنا الآن لا أستطيع أن أتخذ قرارا؛ فبداخلي ناران؛ نار تقول لا تتركها، وأخرى تقول اتركها.. لكني أخذت فكرة عن طبعها أنها فتاة عنيدة، لكنها الآن تحاول أن تنسيني فكرة أنها عنيدة، لكني لا أستطيع نسيان ما كان يحدث من شجارات بيننا، ومن كلمات جارحة كانت تقولها لي.
أخاف أن أستمر معها فأندم، وأخاف أن أتركها فيؤنبني ضميري؛ خاصة أنها تحاول أن ترضيني بكل الوسائل، فكيف أتركها؟ ولكني أشعر بخوف كبير داخلي لكن ربما يتغير كل هذا بعد الزواج فعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم. لقد قلّ وزني بشكل كبير، وفقدت وسامتي بعد الشيء، فأرجو المساعدة.. أنا أعتذر بشدة عن طول رسالتي، جعل الله مساعدتكم لي في ميزان حسناتكم.
H.S
صديقي العزيز.. أعرف حيرتك جداً، وأشعر بها، وإن كنت أظنّ أن ما ذكرتِه هو أقلّ مما يدور حقاً بذهنك، أولاً مع بداية قراءتي لرسالتك وعندما قلتِ إن خطوبتك لم يمضِ عليها سوى 3 شهور، وإنك ستتزوج بعد شهر، شعرت أنني أريد أن أقول لك: وما وجه الاستعجال؟! عادة الخطوبة تأخذ وقتاً أطول لمزيد من التعارف.
وبرغم أن الفتاة قريبتك ورشّحتها والدتك، وإن كنت في خضمّ حيرتك ونفورك من تصرفاتها، تشعر أنك لا تحبها، وأنها فُرضت عليك؛ فإن ما حدث بينكما من لقاء جسدي وتلامس وتجاوبك معها يدلّ بشكل ما على إحساس بالألفة والارتياح، الذي قد يختفى في ظلّ المشاكسات والخناقات؛ ولكن هذه الخلافات لا تخلو منها أية علاقة.
ذكرت في عيوبها أنها عصبية المزاج ومغرورة وشخصيتها قوية وعنيدة، وذكرت أنها في الفترة الأخيرة حاولت التغيير من طبعها لأجلك، وهذا جميل؛ ولكنك لم تذكر شيئاً عن مزاياها التي جعلت والدتك ترشحها لك، وجعلتك ترتاح لها في البداية؛ فالواجب على شريك الحياة إذا رأى من شريكه ما يكرهه أن يتذكر جوانب الخير فيه، وكما قال الله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً} [النساء: 19].
إن ظهرت لك عيوبها حاول التفكير في مزاياها أيضاً؛ لكي لا تظلمها، كما أن بعض العيوب قابلة للتغيير لو كان لدى صاحبها الاستعداد للتغيير، وأنت قد لمست هذا الاستعداد فيها لإرضائك في الفترة الأخيرة.
دعني أحدّثك بما شعرت به في باطن رسالتك وربما أكون مخطئة.. بداخلك تشعر أنها قد أوقعتك بفخّ الغواية، وجعلتك تخطئ معها، وكنت قادراً يا صديقي أن توقف هذا الأمر من البداية؛ ولكنك لم تفعل وتماديت، وبعد أن كان خطأها وحدها صار خطأ مشتركاً وتطور الأمر، عندما سمحتما له سوياً أن يتطور.
ولكنك لا تزال تشعر أنها تتحمل الجزء الأكبر من الخطأ؛ لأنها من بدأت وربما لأنها بنت، وربما لأنك تشعر أحياناً أنها تدّعي البراءة؛ فأنت تقول "كانت تدمع عينها أمامي"، أحسستني إنها تدّعي ذلك، وأنه غير حقيقي.
وبرغم محاولاتها لإصلاح الأمر؛ إلا أنك لا تستطيع نسيان ما كانت تقوله لك من كلمات تجرحك ومن تصرفات لا تحبها.
وما يبقيك الآن هو علاقتك بأهلها والتي تخشي أن تفسدها بانفصالك عنها.
وهنا يحضرني حديث صحيح للرسول (صلى الله عليه وسلم ) يقول: "استوصوا بالنساء؛ فإن المرأة خلقت من ضلع أعوج، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه؛ فإن ذهبتَ تُقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج؛ فاستوصوا بالنساء". رواه أبو هريرة.
صديقي خطيبتك تحبك وإن لم تكن تحبك وتشعر بالأمان معك لم تكن تسلم لك نفسها وتستسلم لرغباتها معك، إنها تثق بك كما يثق بك أهلها، وإن كنت أخطأت بخروجك عن تقاليد الخطبة؛ فأنت -دون إن تشعر- طوّرت العلاقة لتصبح أكبر من مجرد خطبة؛ حيث إن الرجوع فيها الآن سيكون أقرب للطلاق النفسي منه إلى فسخ الخطبة، وهذا سيكسرها كثيراً.. لقد جعلتها -دون أن تقصد- تعلو بحبها لك لدرجة أعلى، قد لا تدركها أنت لأنك رجل؛ ولكني كأمرأة أعرف ما معنى أن تسلم امرأة جسدها لرجل.
إن خطيبتك تحبك وتريد الاحتفاظ بك، وستتغير من أجلك إذا أردتها أن تتغير، وهي تجتهد لتقوم بهذا؛ فلا تخذلها وتخذل أهلها بعد أن وصلْت معها لهذه الدرجة من الثقة والأمان، وأعطيتها عهوداً غير شفوية؛ ولكنها كانت ضمنية بتجاوبك معها.
انس فكرة الذنب والخيانة الآن، واطرد وساوس الشيطان، ولا تستجب لفكرة تركها؛ طالما تراها تتغير من أجلك.. اطرد خوفك وشكّك فيها، وغضّ الطرف عن بعض ما تكره لأجل ما تحب وترضى، ما دام كان الأمر محتملاً؛ فالتغاضي عن الهفوات، وستر العورات أهم من تلك الشكوك والمخاوف، التي -كما قلت بنفسك- ستتغير إن شاء الله بعد الزواج، واستوصِ بها خيراً؛ برغم عوجها، كما أمرك رسولنا الكريم، وصدّقني ستجد فيها ومعها إن شاء الله خيراً كثيراً.