حازم عمر: رفضت الانضمام لأي حزب قبل 25 يناير    تسليم «أطراف صناعية» لضحايا مخلّفات الحروب    «رئيس الأركان» يشهد المرحلة الرئيسية ل«مشروع مراكز القيادة»    سعر الذهب اليوم في المملكة العربية السعودية وعيار 21 الآن الخميس 13 يونيو 2024    أحمد لبيب رئيسًا لقطاع التسويق ب«عز العرب»    أخبار × 24 ساعة.. الزراعة: مصر من أكبر مصدرى الفول السودانى للاتحاد الأوروبى    «هيئة القناة» تبحث التعاون مع أستراليا فى «سياحة اليخوت»    حماس تكشف موقفها من مقترحات وقف إطلاق النار فى غزة    فلسطين تعرب عن تعازيها ومواساتها لدولة الكويت الشقيقة في ضحايا حريق المنقف    اعتقال شخصين في السويد على خلفية إطلاق نار قرب السفارة الإسرائيلية    شهداء وجرحى جراء قصف إسرائيلي وسط قطاع غزة    يورو 2024.. هولندا تستدعى جوشوا زيركزي بديلا للاعب أتالانتا    سفير روسيا بالقاهرة: سعداء بانضمام مصر للبريكس.. ونتطلع لنظام دولي أكثر توازنا    الحوثيون في اليمن يعلنون تنفيذ عمليات عسكرية مشتركة ضد مواقع إسرائيلية    تقرير مغربي: فيفا يصدم الاتحاد المصري بعدم قانونية إيقاف الشيبي    «إنتوا عايزين إيه».. نجم الأهلي السابق ينفجر غضبًا بسبب حسام حسن    "لا تذاكر للدرجة الثانية" الأهلي يكشف تفاصيل الحضور الجماهيري لمباراة القمة    ناقد رياضي ينتقد اتحاد الكرة بعد قرار تجميد عقوبة الشيبي    الأهلي: لم يصلنا أي خطابات رسمية بشأن المستحقات المالية لكأس العالم للأندية 2025    اتحاد الكرة يعلن حكام مباراتي بيراميدز وسموحة ومودرن فيوتشر ضد الجونة    محمد كوفي: الجماهير المصرية أصابت بوركينا فاسو بالفزع وهذا تفاصيل حديثى مع صلاح    مهيب عبد الهادي: أزمة إيقاف رمضان صبحي «هتعدي على خير» واللاعب جدد عقده    زيادة تدريجية.. الأرصاد تكشف موعد ذروة الموجة الحارة    مصرع 4 أشخاص وإصابة 2 آخرين في حادث تصادم بالمنيا    مصر في 24 ساعة| حقيقة إلغاء تخفيف الأحمال في عيد الأضحى.. ومفاجأة بقضية سفاح التجمع    الداخلية تكشف حقيقة تعدي جزار على شخص في الهرم وإصابته    «الإدارية العليا» ترفض مجازاة مدير اختصامه جهة عمله.. وتؤكد: «اجتهد ولم يرتكب مخالفات»    المشدد 10 سنوات وغرامة 3 ملايين جنيه ل«مسؤول سابق بالجمارك»    تحذير شديد بشأن حالة الطقس اليوم : جحيم تحت الشمس ودرجة الحرارة «استثنائية»    أبناء نيللي كريم السبب في انفصالها عن هشام عاشور ؟ الفنان يوضح    بعد تصدرها التريند.. تعرف على كلمات أغنية «الطعامة» ل عمرو دياب (تفاصيل)    عصام صاصا التريند الأول على اليوتيوب    مدحت صالح يمتع حضور حفل صوت السينما بمجموعة من أغانى الأفلام الكلاسيكية    محمد الباز: هناك خلل في متابعة ما يتعلق بالتغيير الحكومي بالذهنية العامة وليس الإعلام فقط    فرحة وترانيم في الليلة الختامية ل«مولد العذراء»    أطفال من ذوى الهمم يتقمصون دور المرشد السياحي لتوعية زوار المتحف اليونانى الرومانى    هيئة الدواء: توفير جميع الخدمات الدوائية خلال العيد.. وخط ساخن للاستفسارات    «الصحة» توضح أعراض وطرق علاج المشكلات النفسية (فيديو)    احذري تخطي هذه المدة.. أفضل طرق تخزين لحم الأضحية    خزين العيد.. أطعمة يجب شرائها قبل يوم الوقفة    وكيل صحة سوهاج يعقد اجتماع لمناقشة خطة التأمين الطبي أثناء العيد    بوتين يثني على "الدور المتنامي" لمجموعة دول البريكس في الشؤون الدولية    المزاد على لوحة سيارة " أ م ى- 1" المميزة يتخطى 3 ملايين جنيه    تعرف على أسعار سيارات لينك آند كو فئة SUV 2024    الاتصالات: الحوسبة السحابية واحدة من التكنولوجيات الجديدة التي تؤهل للمستقبل    مسئول سعودى : خطة متكاملة لسلامة الغذاء والدواء للحجاج    صاحبة فيديو جرعة العلاج الكيماوي تكشف تفاصيل الواقعة    حكم ذبح الأضحية ليلا في أيام التشريق.. «الإفتاء» توضح    بدائل الثانوية.. مدرسة مياه الشرب بمسطرد - موعد التقديم والأوراق والشروط    هل يجوز للأرملة الخروج من بيتها أثناء عدتها؟ أمين الفتوى يُجيب    «عمداء السويس» يكرم دكتور سعيد عبادي لتأسيس طب الجامعة    الأطفال يطوفون حول الكعبة في محاكاة لمناسك الحج بالبيت المحمدي - صور    ما حكم الاشتراك في أضحية الضأن أو الماعز.. وهل ثوابها يصل لجميع الأهل؟.. الأزهر للفتوى يوضح    انطلقت من أول مؤتمرات الشباب لتتحول إلى منصة وطنية للحوار وبناء القيادات    محافظ الغربية يستقبل الأنبا أغناطيوس أسقف المحلة للتهنئة بعيد الأضحى    المفوضية الأوروبية تهدد بفرض رسوم على السيارات الكهربائية الصينية    القوات المسلحة تنظم مراسم تسليم الأطراف التعويضية لعدد من ضحايا الألغام ومخلفات الحروب السابقة    «الأوقاف» تحدد ضوابط صلاة عيد الأضحى وتشكل غرفة عمليات ولجنة بكل مديرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فعلاً بلد ألقاب صحيح
نشر في بص وطل يوم 12 - 10 - 2010

لاعب يشير لرئيس ناديه السابق بإشارات بذيئة، ونطلق عليه لقب "كابتن"، وآخر يتهجّم على مجلس إدارة ناديه بالكامل ونسمّيه "القيصر"، وثالث ضلّ طريقه إلى إحدى القنوات الفضائية في غفلة من الزمن ينعت نفسه ب"الإعلامي الكبير"، ومطرب لم يتعدَّ عمره الفني السنوات التسع، وتطلق عليه الصحافة "وحيد القرن" أقصد "مطرب القرن"! فمن الذي أعطى هؤلاء الحقّ في صكّ تلك الألقاب، وخاصة في ظل وجود قرار بإلغاء الألقاب الذي تمخّضت عنه ثورة يوليو 1952؟!
لقد ظلّت الثورة لفترة تبحث عن ألقاب بديلة مثل السيد والسيدة، إلا أنها ألقاب لم تصمد -لعدة أسباب- ليظهر لنا باشوات وبكوات جدد، فأصبح لقب "باشا" و"بك" هو اللقب الرسمي في تعاملات ضباط الشرطة سواء بينهم وبين المواطنين أو حتى بينهم وبين أنفسهم، سواء بطريقة مباشرة أو من خلال النداءات الصادرة عن أجهزة اللاسلكي الخاصة بهم، رغم أن ضباط الشرطة تحديدا لم يكونوا من المميّزين اجتماعيا قبل الثورة، فكان من الضروري أن تكون "ابن ناس" حتى تُقبل في المدرسة الحربية، بينما ظلّت كلية الشرطة متاحة أمام صغار الموظفين، لكن يبدو أن ضباط الشرطة قرّروا ضمن سلسلة تحقيق المكاسب أن يحصلوا على الألقاب كغنيمة حرب، وإذا كان الخديوي إسماعيل دفع نحو 32 ألف جنيه قبل ما يزيد على 140 سنة ليحصل على لقب "خديوي" من السلطان العثماني؛ لشعوره بأن لقب "والي" لا يناسب موقعه وأهميته، أي أن الألقاب كانت في الزمن الماضي رمزاً للوجاهة الاجتماعية أو المنصب الحكومي، وكانت تُباع وتُشترى، وكانت الرتب والألقاب يتسابق إليها الناس، ومع أنها لم تكن إلا مجرد ألفاظ تُضاف إلى الأسماء إلا أنها كانت تكلّف طلابها الشيء الكثير، أما اليوم وفي ظل فوضى الألقاب أصبح يُطلَق على السبّاكين والسائقين لقب "الباشمهندس"، وعلى الحلاقين لقب "الدكتور"!
وكثيرا ما كانت هذه الرتب والألقاب تثير أزمات سياسية واجتماعية، حدث هذا عندما تولّى سعد زغلول رئاسة الوزراء في سنة 1924، وعلم أن الملك فؤاد يعدّ كشفا بالألقاب التي ستُمنح بمناسبة العيد، فأصرّ سعد زغلول على أن هذا العمل طبقا لدستور 1923 من اختصاص مجلس الوزراء، وأن دور صاحب الجلالة هو إصدار المراسيم فقط، وكان له ما أراد.
في سنة 1944 كانت شهرة أم كلثوم قد بلغت عنان السماء، ففكّر الملك فاروق في الإفادة من شعبية المطربة الكبيرة، فقرر منحها وسام "الكمال" تقديراً لموهبتها وفنّها، وفي إحدى الحفلات التي غنّت فيها أم كلثوم منحها الملك فاروق وسام "الكمال"، لتصبح أول امرأة مصرية لا تنتمي للطبقة الأرستقراطية من الباشوات والأعيان تلقّب ب"صاحبة العصمة"، مما أدى إلى اندلاع شرارة الغضب في نفوس أميرات قصر عابدين ذوات الأصول التركية والألبانية، حيث اعتبرن أم كلثوم فلاحة مصرية لا يصحّ أن تُمنح الوسام الذي يُعطى للأميرات، وزوجات رؤساء الوزراء، وطالبت الأميرات باسترداد الوسام، ولكن الملك رفض بشدة.
وعندما جاءت ثورة 23 يوليو 1952 ألغت الرتب والألقاب في عهد وزارة "علي ماهر" باشا الذي عيّنته الثورة رئيساً للوزراء في أول أيام قيامها، وفي ثاني اجتماع لوزارة "علي ماهر" تقرّر إلغاء جميع الألقاب؛ بناء على مبادئ الثورة، وكان ذلك في أول أغسطس سنة 1952، والطريف أن مجلس الوزراء الذي ألغى الرتب والألقاب كان غالبية أعضائه من حملة الرتب والألقاب التي تمّ إلغاؤها في جلسة مسائية.
ولم تكن الألقاب المدنية هي الوحيدة التي لم تعجب الضباط الأحرار، فقرّروا إلغاءها، بل تدخّلوا أيضا في الرتب والألقاب الخاصة بضباط الجيش والشرطة، وهي رتب اليوزباشي والصاغ والقائم مقام والبكباشي والأميرالاي، وجعلوها في أسماء أخرى، فأصبحت "ملازم أول" و"نقيب" و"رائد" و"مقدّم" و"عقيد" و"عميد"، وهكذا، والسبب في ذلك أن الرتب السابقة كان تميّز الضباط الأحرار عندما قاموا بالثورة، كما أنها ظلّت ملاصقة لأسمائهم فترة ليست بالقصيرة، لذلك فقد يظنّ أي ضابط في الجيش يصل إلى رتبة البكباشي مثلا أنه يمكن أن يقود ثورة، ويصبح جمال عبد الناصر آخر!
ثم شهدت فترة منتصف السبعينيات –فترة الانفتاح- عودة الألقاب مرة أخرى، ولكن بطريقة عشوائية غير رسمية، خاصة لقبي الباشوية والبكوية، وأصبحت الألقاب التي كانت تُمنح لمن يؤدّي خدمات كبيرة للبلاد شائعة بلا صاحب، حتى أطلقت في هذه الفترة على فئة من أصحاب الأموال والأغنياء الجدد، الذين استفادوا من مرحلة الانفتاح، وكوّنوا ثروات كبيرة، ولقّب كل واحد منهم نفسه بالباشا لزوم الوجاهة والمظهر الاجتماعي، و"الفشخرة الكدابة"، خاصة أن معظمهم كان ينتمي لطبقات شعبية بسيطة لم تعرف لها الألقاب طريقا أبدا!
وفي بداية التسعينيات ظهر لقب جديد استحوذ على اهتمام الكثيرين، وهو لقب "رجل أعمال" أو "سيدة أعمال" الذي يعطي لصاحبه مكانة متميّزة في أي مكان يوجد فيه، خاصة أنه ارتبط بعملية الخصخصة وبيع شركات القطاع العام ونشأة المدن الصناعية الجديدة.
ولم يكن غريبا أن يزيد عدد الأشخاص الذين يلقّبون أنفسهم برجال الأعمال، فرأينا البقال وصاحب محلّ الأدوات الصحية وتاجر الخردوات، بل بعض النصابين، ومحترفي التهريب، كل واحد منهم يسمي نفسه "رجل أعمال" الذي أصبح وظيفة من ليس له عمل! إلا أن هذا اللقب تحوّل في بداية القرن الحالي إلى لقب سيئ السمعة، بعدما كثرت عمليات هروب عدد من رجال الأعمال إلى الخارج، بعد استيلائهم على قروض كبيرة من البنوك بضمانات وهمية، مما أثار خيال كتّاب الدراما، ويا للعجب فبعد التسابق على نيل اللقب والمفاخرة به أصبح هناك من يتبرّأ منه، ويستبدله بألقاب أخرى ك"رجل الصناعة"، أو "رجل التجارة"، لذا يجب تنظيم عملية إطلاق الألقاب بدلا من "السيد الأستاذ الدكتور المحافظ"، وإصدار قانون يعاقب كل من ينتحل صفة أو لقبا ليس من حقه، حتى لو أدى ذلك إلى عودة شراء الألقاب من جديد، بدلا من مشاهدة عرض طويل ومستمرّ ومملّ من تلك ال"شيزوفرينيا" المصرية الخالصة مليون المية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.