أنا عندي مشكلة مسببة لي أزمة نفسية؛ على الرغم من إني مهندسة وصغيرة في السن، في أوائل العشرينات، ومن عائلة مستواها فوق المتوسط وسُمعتهم طيبة. ملامح وشي مقبولة، وفيه ناس بتقول عليّ جميلة؛ إلا إني بيني وبين نفسي مقتنعة إني ما ليش علاقة بالجمال، وإن أنا بس بارعة في إخفاء عيوبي اللي بتخلي الناس ما تشوفهاش.
الجمال مش جمال الوجه بس.. أنا مش بحب شكل جسمي نهائي.. شكله غير متناسق مع إن وزني مظبوط؛ بس باعاني من السمنة الموضعية، وباحسّ بغيرة لما باشوف البنات في الإعلانات والكليبّات.. كان نفسي أبقى كده، وعلشان كده بارفض عرسان عارفة إنهم كويسين.
ظهر لي واحد زميل، حبني حب ما حصلش.. أنا في الأول فضلت أقول له: أنا مش حلوة، يقول: لي إنتِ اللي مش عارفة قيمتك إنتِ حلوة وتجنني، وأنا متأكد إنك لما هتبقي حلالي هيبقى معايا أحلى بنت.. بس أنا من جوايا مؤمنة إنه لو اتجوزني فعلاً هتتحطم الصورة اللي في خياله.
هو متخيل إن الموضوع كله عدم ثقة بنفسي؛ بس الموضوع مش كده؛ الموضوع إن أنا لازم أبقى حلوة الأول علشان أثق في نفسي.
أنا مش عايزة أتجوزه وأخدعه؛ رغم إن أنا حبيته؛ بس هو عرف بنات كتير حلوين، ولما يشوفني على حقيقتي ممكن يكرهني وينسى حبه.
أنا باروح جيم؛ بس مش لاقية تغيير، ونفسيتي مش كويسة، وبقيت مش عايزة أتجوز خالص؛ مع إني البنت الوحيدة لماما وبابا ونفسهم يفرحوا بيّ.. بس بجد أنا خايفة.
r.e
عزيزتي.. اسمحي لي أن أسألكِ: من منا لديه القدرة على الحكم على نفسه؟ من منا يستطيع أن يحدد إذا كان جميلاً أم لا؟ كل منا عندما ينظر في المرآة لا يرى سوى عيوب وجهه أو جسمه التي غالباً ما تكون غير ملحوظة للآخرين؛ فأنتِ عندما تنظرين إلى شخص آخر؛ فإنكِ ترينه ككل، وتحكمين على شكله الخارجي العام؛ لذا فأغلب الظن أنكِ جميلة حقاً ولستِ كما تقولين "ما لكيش علاقة بالجمال".
أما بالنسبة لفكرة إخفاء العيوب؛ فكل منا يحاول جاهداً إخفاء عيوبه -سواء الخِلقية أو الخُلُقية- عن الآخرين، وهناك من ينجح في ذلك وهناك من يفشل؛ لذلك فإن براعتكِ في إخفاء عيوبِك ما هي إلا موهبة من عند الله تستحق الحمد، كما أنها تُعدّ أيضاً ذكاءً منكِ.
أما السمنة الموضعية فأمرها يسير، وهناك الكثير من المراكز الرياضية بها برامج متخصصة في تخسيس مناطق معينة في الجسم دون غيرها، ومدربون متخصصون سيساعدونكِ على أداء التمارين التي ستؤدي إلى التناسق النسبي المنشود؛ لكن لا تتوقعي أن يصبح جسمك مثالياً؛ فهذا يُعدّ ضرباً من ضروب الخيال، ولا يتمّ ذلك إلا عن طريق عمليات الشفط والإضافة التي لن أشجّعُكِ على اللجوء لها.
لذا أرجو منكِ أن تتأكدي أن الجيم الذي تذهبين إليه هو أحد هذه المراكز المتخصصة وليس مجرد مكان به بعض المدربين غير المتخصصين؛ فإن كان؛ فلا تستعجلي النتيجة؛ حيث إن هذه الأشياء تأخذ وقتاً.
أما بالنسبة لفتيات الإعلانات والكليبات فما هن إلا صورة خارجية لا تعكس ما بداخلهن على الإطلاق كما أنهن نتاج عمليات التجميل والشفط والإضافة؛ لذا فلا داعيَ على الإطلاق من الغيرة منهن؛ فهن لَسْن حقيقيات.
أما رفضكِ للعرسان؛ فليس في محله؛ لأن العريس لم يطلب منكِ الزواج لأجل شكلك ومظهرِك الخارجي فقط؛ بل لأجل خُلقِك وطباعِك؛ فإن الرجل عندما يريد الزواج يبحث عن فتاة ذات خُلق تحمل اسمه وتحافظ عليه وتصونه، وليس عن فتاة إعلانات رائعة الجمال لن تصونه ولن تحافظ على بيته.
أما زميلِك؛ فهو محقّ في كل ما يقول؛ فإذا كان يراكِ "حلوة وتجنني" فأنتِ حقاً "حلوة وتجنني"، وتذكّري دائماً أنه لا يحكم عليكِ من حيث المظهر والشكل الخارجي فقط؛ إنما أيضاً من حيث طِباعُك وأخلاقُك.. تذكّري أن الجمال جمال الروح، وليس الشكل؛ فإن الشكل يتغير مع الوقت؛ لكن الروح والطباع هي الباقية.. وهذا ما يدركه زميلكِ ولم تدركيه بعد؛ فهو بحكم زمالته لكِ لن يحكم عليكِ عن طريق المظهر فقط بل عن جوهرِك وشخصِك؛ لذا فهو عندما يراكِ "أحلى بنت" فهذا يدلّ على أن جوهرِك من أحسن ما يكون.
ألم تسألي نفسك يوماً: إذا كان كما تقولين "عِرف بنات كتير حلوين"؛ فلماذا اختارِك دونهن ليتزوجَك؟ لماذا لم يتزوج أياً منهن؟
الإجابة واضحة وضوح الشمس؛ فأنتِ في عينيه أجمل نساء العالم، وهذا يدلّ على حبه الصادق الحقيقي لكِ، وإذا كان يُحِبك بهذا القدر؛ فلن يكرهكِ أبداً، ولن يتحول حبه لكِ سوى بتغيير الصفات الجميلة التي جعلته يُحِبك.
ألا تعلمين أن الزوج يعتاد على شكل زوجته كما تعتاد هي على شكله، وهما بمرور الوقت لا يرى أحدهما في الآخر سوى العِشرة الطيبة وحُسن المعاملة والخُلُق.
لا داعي لعدم الثقة في نفسِك؛ فأنتِ بالتأكيد إنسانة رائعة.. ولا تظني بعض الظن أنكِ بقبولِك الزواجِ منه تخدعينه؛ فهو ليس طفلاً ساذجاً؛ إنما هو إنسان ناضج مُدرِك تمام الإدراك ما هو مُقدِم عليه.
أما جملة "مش عايزة أتجوز خالص"؛ فأرجو منكِ عدم قولها مرة أخرى؛ عسى أن تتحقق، ومع مرور الوقت ستندمين أشد الندم على خوفِك وثقتِك القليلة بنفسِك اللتين أَفقدتاكِ القدرة على تأسيس منزل والحصول على أسرة جديدة صغيرة خاصة بكِ، تراعين أفرادها ويراعونكِ.
ألا تعتقدين أن الحصول على كل هذه الأشياء الجميلة يستحق المحاولة؟ لا تُضيّعي هذه الفرصة لتحقيق حلم كل فتاة ولا ترفضي هذا الشاب الناضج المتّزن حتى لا تندمي عليه ما تبقى من عمرِك، وحينها لن تندمي عليه فقط؛ إنما ستندمين على حلم لم تسعيْ لتحقيقه من أجل أسباب واهية لا أساس لها من الصحة.
وتذكّري أنكِ الابنة الوحيدة لوالديكِ اللذين ينتظران يوم زفافِك بفارغ الصبر؛ فلا تطيلي عليهما الانتظار ما كان ذلك في استطاعتِك.