ضخ كميات لحوم مجمدة بالمجمعات الاستهلاكية بأحياء الإسماعيلية    مدير تعليم سمالوط بالمنيا: التعليم الفني أداة رئيسية لتحقيق برامج التنمية الشاملة    جانتس: يجب حرق لبنان إذا لم تتوقف هجمات حزب الله    ناجي حكمًا لمباراة الأهلي وفاركو    رياضة المنيا: تجهيز 67 ساحة بمراكز الشباب والأندية لأداء صلاة عيد الأضحى    عاجل من "الزراعة" بشأن حقيقة قطع الأشجار بحديقة الحيوان    بعد تصريحات عبدالوهاب.. حكاية صراع ألماني برتغالي على إيمانويل أمونيكي نجم الزمالك    تحرك برلماني عاجل لمحاسبة الشركات الوهمية المسؤولة عن سفر الحجاج المصريين    كريم فهمي يساند شقيقه أحمد في "عصابة المكس" وحضور محمد زيدان والصقر (صور)    حزب الحركة الوطنية يفتتح ثلاثة مقرات في الشرقية ويعقد مؤتمر جماهيري (صور)    «فلوسك في أمان».. البنك الأهلي يكشف تفاصيل خدمة الحساب الوسيط    محمد حفظي يهنئ المخرج طارق العريان على عرض فيلم "ولاد رزق 3: القاضية"    أعمال يوم التروية للحجاج.. الإفتاء توضح شعائر أولى محطات مناسك الحج    افتتاح معمل تحاليل بمستشفى القلب والصدر الجامعي في المنيا    طريقة عمل المكرونة بالصلصة، أسرع أكلة وعلى أد الإيد    أوبك: لا نتوقع بلوغ الطلب على النفط ذروته على المدى الطويل    محافظ شمال سيناء يعتمد الخطة التنفيذية للسكان والتنمية    بزيارة لمتحف المركبات الملكية.. أتوبيس الفن الجميل يواصل جولاته وأنشطته التثقيفية    رئيس هيئة الدواء: دستور الأدوية الأمريكي يحدد معايير الرقابة ويضمن سلامة المرضى    سفاح التجمع يشعل مواجهة بين صناع الأعمال الدرامية    قبل اجتماع مجلس البلطيق.. ألمانيا تتوعد بالرد على استفزازات روسيا    رسميًا.. «إيتو» أول صفقات بايرن ميونخ الصيفية    بعد لقائهما بيوم واحد.. وزير الخارجية السعودي يتلقى اتصالا من نظيره الإيراني    شواطئ ودور سينما، أبرز الأماكن فى الإسكندرية لقضاء إجازة عيد الأضحى    عيد الأضحى 2024 | أحكام الأضحية في 10 أسئلة    "تموين الدقهلية": ضبط 124 مخالفة في حملات على المخابز والأسواق    محافظ أسيوط يضع حجر أساس مدرسة المحبة بمدينة المعلمين    يورو 2024.. نزلة برد تجتاح معسكر منتخب فرنسا    تخرج الدورة الأولى للمعينين بالهيئات القضائية من الأكاديمية العسكرية المصرية    الكويت: حبس مواطن ومقيمين احتياطا لاتهامهم بالقتل الخطأ فى حريق المنقف    حظك اليوم وتوقعات الأبراج الجمعة 14-6-2024، السرطان والأسد والعذراء    "المحطات النووية": تركيب مصيدة قلب المفاعل للوحدة الرابعة بالضبعة 19 نوفمبر    وكيل الصحة بمطروح يتابع سير العمل بمستشفى مارينا وغرفة إدارة الأزمات والطوارئ    محاولة اختطاف خطيبة مطرب المهرجانات مسلم.. والفنان يعلق " عملت إلى فيه المصيب ومشيته عشان راجل كبير "    رئيس صندوق التنمية الحضرية يتابع الموقف التنفيذي لمشروع "حدائق تلال الفسطاط"    نقيب الأشراف مهنئًا بالعيد: مناسبة لاستلهام معاني الوحدة والمحبة والسلام    النيابة أمام محكمة «الطفلة ريتاج»: «الأم انتُزّعت من قلبها الرحمة»    انتشال جثة شاب لقى مصرعه غرقا بعد إنقاذه 3 أطفال من الموت فى ترعة بالشرقية    في وقفة عرفات.. 5 نصائح ضرورية للصائمين الذاهبين للعمل في الطقس الحار    مجانًا.. فحص 1716 شخصًا خلال قافلة طبية بقرية حلوة بالمنيا    ضبط أحد الأشخاص بسوهاج لزعمه قدرته على تسريب امتحانات الشهادة الثانوية    ضبط نجار مسلح أطلق النار على زوجته بسبب الخلافات فى الدقهلية    قبول دفعة جديدة من المجندين بالقوات المسلحة مرحلة أكتوبر 2024    آداب عين شمس تعلن نتائج الفصل الدراسي الثاني    لبيك اللهم لبيك.. الصور الأولى لمخيمات عرفات استعدادا لاستقبال الجاج    رئيس جامعة حلوان: المعمل المركزي يوفر بيئة محفزة للبحث العلمي    الصور الأولى لمخيمات عرفات استعدادا لاستقبال حجاجنا    الإسماعيلى يستأنف تدريباته اليوم استعدادا لمواجهة إنبى فى الدورى    ضياء السيد: طلب كولر بشأن تمديد عقد موديست منطقي    «الإسكان»: تنفيذ إزالات فورية لمخالفات بناء وغلق أنشطة مخالفة بمدينة العبور    الحماية المدنية تنقذ طفلا عالقا خارج سور مدرسة في الوادي الجديد    صعود جماعي لمؤشرات البورصة في مستهل تعاملات الخميس    أجواء مضطربة في فرنسا.. و«ماكرون» يدعو لانتخابات برلمانية وتشريعية    قيادي ب«مستقبل وطن»: جهود مصرية لا تتوقف لسرعة وقف الحرب بقطاع غزة    حريق هائل في مصفاة نفط ببلدة الكوير جنوب غرب أربيل بالعراق | فيديو    مدرب بروكسيي: اتحاد الكرة تجاهل طلباتنا لأننا لسنا الأهلي أو الزمالك    ناقد رياضي ينتقد اتحاد الكرة بعد قرار تجميد عقوبة الشيبي    هشام عاشور: "درست الفن في منهاتن.. والمخرج طارق العريان أشاد بتمثيلي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العراق.. الضلع المفقود في المثلث العربي!
نشر في بص وطل يوم 30 - 08 - 2010

"الأوطان المؤسِّسة للنظام العربي ثلاثة بالتحديد؛ هي: مصر، وسوريا، والعراق، ومعنى احتلال أمريكا للعراق أن المثلث المؤسِّس للنظام العربي فَقَد أحد أضلاعه الرئيسية، وانفكّ تماسكه. مع اعتبار أن الأوطان أهم من النظم الحاكمة؛ فالأوطان على نحو ما أشبه ما تكون بحاملات الطائرات العملاقة، وأما النظم فمجرد حمولات يتصادف وجودها على السطح لحظة عابرة، وليس مهمًا أن تصاب إحدى الطائرات بالعطب، وإنما الكارثة أن تغرق الحاملة!".
(محمد حسنين هيكل - كتاب: الإمبراطورية الأمريكية والإغارة على العراق).
عراق اليوم قد يكون مصر الغد
ثمة بديهيات دعونا نعترف بها في بداية حديثنا: أولها أن دوام الحال من المحال، وثانيها أن من أهم ركائز عالم السياسة إدراك ممارسيها أهمية التغير والتلون وقت اللزوم، وثالثها أن المصالح -والمصالح فقط- هي ما تحكم العلاقات الدولية في عالم اليوم، ورابعها أن الأصل في العلاقات الدولية هو الصراع والتنافس، مما يجعل سياسات الوفاق مجرد جمل اعتراضية، قد تطول أو تقصر، لكنها لا تمثّل الأصل ولا القاعدة!.
بناء على كل ما سبق، فإننا حين نسمع أصواتًا تقول إن ما جرى أمس للعراق قد يحدث غدًا لمصر، فإن علينا أن نضع ذلك القول في الاعتبار، وأن لا نغترّ بصداقتنا لأمريكا ولا فتور علاقاتنا مع خصومها الحاليين مثل سوريا وإيران؛ فالعراق الذي لم تكد القوات القتالية الأمريكية تغادر أراضيه، كان منذ عقود يتلقى دعمه العسكري من واشنطن خلال حربه مع إيران!.
هذا يعني أن العراق يمثل لأمننا القومي المصري أهمية أكبر من كونه بوابة العالم العربي مع العالم غير العربي (إيران وتركيا)، فهو بمثابة مرآة لما قد يكون مصيرنا يومًا -لا قدّر الله!- وعلينا إن أردنا تفادي مصيره أن نتعامل بجدية مع المتغيرات على ساحته!، ربما يسأل البعض "كيف يكون تفاعلنا؟ وماذا نستطيع أن نفعل؟"، أقول: إن مجرد مراقبة ما يجري هناك واتخاذه عبرة والسعي الجدّي لخلق عوامل إنقاذ مصر من ذات المصير يومًا ما، هو أمر كبير يحتاج إلى مجهود وطني ضخم!.
التجربة العراقية و"أخر خدمة الغز"
بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، قامت أمريكا بتقسيم قواتها العاملة خارج حدودها إلى قيادات إقليمية، أهمها القيادة المركزية المتواجدة بالشرق الأوسط. لماذا هي الأهم؟ ببساطة لأن الشرق الأوسط بثرواته الطبيعية -بالذات البترول- وبموقعه المسيطر على أربعة ممرات بحرية هامة (قناة السويس، ومضائق: هرمز، وجبل طارق، وباب المندب) يمثّل لأمريكا دُرة تاج إمبراطوريتها.
كان نظام العراق خادمًا مطيعًا في الحرب ضد النظام الإيراني الخميني المغضوب عليه أمريكيًا، كان النظام العراقي يدفع بخيرة شبابه لنار الحرب العراقية الإيرانية، مسلحًا بالسلاح الأمريكي، أي أنه ببساطة كان يخوض حربًا أمريكية حرص الأمريكيون فيها على حقن الدم الأمريكي، ما دام هناك متبرع عربي قَبِل أن يضحي بدمه هو (وقد كان الغرض من ذلك التشجيع الأمريكي هو دفع العراق لمغامرة حربية يهدر فيها تسليحه وقوته بحيث لا يعود يمثّل خطرًا على إسرائيل.. والمثير أن تلك الأخيرة كانت لها يد قوية في تسليح إيران بشكل غير مباشر!).
ولسوء حظ نظام صدّام وصل لإدارة الحكم الأمريكي من يرون أن مصلحة الولايات المتحدة في تلك المنطقة تقتضي تغيير اللاعبين على الساحة العراقية، وتمهيد العراق للوجود الأمريكي المباشر، بعدما أصبح أداء النظام العراقي غير مُرْضٍ، فأصبح من الضروري استبداله بنظام جديد يجيد تنفيذ الأوامر.. وهكذا جاء حصار العراق وتجويعه ثم توجيه الضربة القاضية له بعد أن أصبح أضعف من جناح بعوضة، وبعد أن قام العم سام بتنظيم "ضيعته" الخاصة، بدأنا نسمع الوعود بسحب القوات الأمريكية من العراق. وهكذا انطبق على العراق ذلك المثل الشعبي المصري "آخر خدمة الغُزّ..علقة!"، فما الذي يمنع أن يكون هذا مصيرنا يومًا؟

سقوط العراق كان بمثابة مسمار يُدَق في نعش الدور المصري الإقليمي
الثور الأسود
معظمنا يعرف قصة الثيران الثلاثة، ولكن دعوني أقصها عليكم.. كان هناك ثلاثة ثيران إخوة، الأبيض والأحمر والأسود، وكان الأبيض كبيرهم، وأراد الذئب افتراسهم، ولكنهم كانوا قوة لا يُستهان بها، فبدأ يقترب من الثور الأسود وأقنعه أن يعينه على التهام الثور الأبيض ليصبح هو الزعيم بدلا منه، فأعانه الأسود عليه ونجح الذئب في التهامه، ثم أقنع الذئب الثور الأسود أن يعينه على أخيه الأحمر ليخلو له الجو، وتكررت نفس القصة، وعندما أصبح الثور الأسود وحيدًا انقضّ عليه الذئب، وكانت آخر كلمات الثور الأسود هي: لقد أُكِلتُ يوم أُكِلَ الثور الأبيض..
القصة تعبّر بشكل شبه كامل عما جرى، فمثلث القوة العربي: العراق وسوريا ومصر، تم كسر أحد أضلاعه بغزو العراق، والآن يجري التحرّش بسوريا واستفزازها وإبعاد مصر عنها، والحقيقة أن مصر منذ فترة طويلة معزولة عن ساحتها القديمة .. مما يعني أن المثلث المذكور قد أصبح كأعجاز النخل الخاوية التي تنتظر أول نفخة رياح لتحيلها هشيمًا!.
ويمكنني القول بأن سقوط العراق كان بمثابة مسمار يُدَق في نعش الدور المصري الإقليمي وثقلها السياسي في المنطقة، فمصر قد فقدت مصداقيتها أمام العالم العربي بسماحها للمدمّرات الأمريكية بالمرور من قناة السويس لضرب العراق؛ لأنها عندما شاركت بقواتها في حرب تحرير الكويت كانت تعلن أنها تفعل ذلك التزامًا منها بواجب الدفاع العربي المشترك عن أية دولة تتعرض لعدوان خارجي، في حين أنها لم تتخذ نفس الموقف مع غزو العراق!.
والمشكلة أنه بعزل مصر عن الساحة فإنها تخسر على مستويين:
مستوى معنوي يتمثل في أن الوطن يفقد روابطه بأشقائه ويفقد انتماءه إليهم، ومستوى عملي يتمثل في أن البيت الأبيض يفكّر بطريقة تجعله لا يتردد في إلحاق أي نظام بذلك العراقي السابق فور إدراك الإدارة الأمريكية أنه قد أصبح عبئًا عليها لا يحقق لها المكاسب المطلوبة، وأن هناك من يمكن أن يخدمها بشكل أفضل مما يفعل هو!.

الحكام العرب شرعوا في تعلم غسيل ملابسهم بأنفسهم مثل صدّام
ومن المعروف أن الدولة في عالمنا العربي ليست كيانًا منفصلاً عن النظام، بل بالعكس، ينطبق على لسان حال الحكام العرب قول "أنا الدولة والدولة أنا"، مما يعني أن سقوط هذا النظام أو ذاك نتيجة تدخل خارجي لن يكون مجرد إزاحة الملك من على رقعة الشطرنج، بل سيكون قلبًا للرقعة كلها وتدميرًا لها؛ لأن الملك قد تداخل كيانه مع كيان الرقعة وتمسمر فيها وضرب جذوره حتى أعمق الأعماق، حتى ليصعب انتزاعه دون خسائر فادحة تنذر بما جاء في عبارة الأستاذ هيكل في بداية المقال من "غرق حاملة الطائرات كلها".
لذلك فالمفروض أن تقرأ أي حكومة -بالذات في دولة بثقل مصر- ما بين السطور في المتغيرات، وأن تتعامل مع الواقع ببُعد نظر وافتراض لكل السيناريوهات.. فمتى يدرك الثور الأسود أنه ليس بعيدا عن اللحاق بمصير أخيه الأبيض لو لم يستدرك نفسه؟ (أتذكر هنا أنه منذ سنوات بعد أسْر صدام حسين بأيام قليلة عندما تم نشر صورة له وهو يغسل ملابسه بيديه، انتشرت نكتة تقول إن الزعماء العرب قد بدؤوا في تعلّم غسيل ملابسهم بأيديهم؛ تحسبًا لأية مستجدّات).
أجراس الخطر
بعكس ما يحسب البعض يوجد بين مجتمعنا ومجتمع العراق الكثير من العوامل المشتركة التي تنذر بمصير مشابه لو لم نتعلم من مأساته.. لدينا عوامل القمع والقهر والديكتاتورية والطغيان، ولدينا الغاضبون من مختلف فئات الشعب، ولدينا أصحاب الميول الانفصالية رغم قلّتهم، بالتزامن مع أصوات خارجية تنادي بتقسيم مصر لأربع دول: قبطية، ومسلمة، ونوبية، وسيناوية!، ونحن نعاني عزلة عربية تكاد تقترب من عزلة العراق عشية غزوه. والخلاصة أن خدمة الأمن القومي لا تقتصر على وجود "وقائع يمكن التدخل فيها" بل هي تشمل "وقائع ينبغي التعلم منها"، والاعتبار للمستقبل.
ولنترك الآن درس العراق.. لنتوجه ببصرنا نحو الجنوب.. تحديدًا نحو السودان..
(يُتبع)
مصادر المعلومات:
1- الإمبراطورية الأمريكية والإغارة على العراق: محمد حسنين هيكل.
2- مدافع آية الله: محمد حسنين هيكل.
3- أمريكا والعالم: د.رأفت الشيخ.
4- تاريخ العرب الحديث: د.رأفت الشيخ.
5- تاريخ تطور حدود مصر الشرقية: د.ألفت الخشاب.
6- نظرية الواحد في المائة: رون سسكند.
7- عولمة القهر: د.جلال أمين.
8- مصر والمصريين في عهد مبارك: د.جلال أمين.
9- الرئيس البديل: د.عبد الحليم قنديل.

واقرأ أيضاً
مسألة أمن قومي(1).. لماذا نحمّل أنفسنا الهَمّ؟
مسألة أمن قومي(2).. ذلك القادم من الشرق
مسألة أمن قومي (3) أشقاء الخليج وحصان طروادة!


إضغط لمشاهدة الفيديو:


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.