احتار عشاق كرة القدم، وباقي سكان العالم أمام ظاهرة الأخطبوط الإنجليزي "بول لبلوب" الذي بهر الجميع بصدق توقّعاته الكروية في كأس العالم 2010، سواء خسارة ألمانيا أمام صربيا، ثم فوزها على الأرجنتين، مروراً بخسارتها من إسبانيا، وصولاً لحسم براعته الفائقة في التنبؤ، باختياره لدولة إسبانيا بطلاً لكأس العالم في مباراتها النهائية أمام هولندا. الأمر الذي دفع أحد رجال الأعمال الإسبان للتقدم بطلب لشرائه نظير مبلغ 30 ألف يورو! وبغضّ النظر عن المقولة التاريخية القائلة: "كذب المنجمّون ولو صدقوا"، وأحيانا "لو صدفوا"، وبعيداً عن رأي الدين -أي دين- في هذا الأمر، دعونا نسأل سؤالاً واحداً يفرض نفسه على أذهان المصريين في هذا الوقت: متى يختار الأخطبوط مصر؟! أعتقد أن الأخطبوط سيختار مصر في الحالات الآتية: - وارد جداً أن يختار الأخطبوط مصر في التأهل لنهائيات كأس العالم 2014، فقط إذا ما ابتلعت الصحراء محاربي الصحراء، وغرقت طائرة أسود الأطلسي في المحيط، وهاجمت الأفيال قافلة منتخب ساحل العاج وسحقتها سحقاً، لتبقى المشكلة الأخيرة أن الأخطبوط سيختار في الوقت نفسه إيقاف البطولة في هذا العام، مثلما حدث وتم إيقاف كأس العالم للأندية في السنة الوحيدة التي تأهل فيها الزمالك! - سيختار الأخطبوط مصر لتصل إحدى جامعاتها -أخيراً- ضمن قائمة أفضل 500 جامعة عالمية، حيث سيختارنا في الترتيب الخمسمائة، عند ذيل القائمة، ورغم ذلك سنرضى بالقليل ونرقص فرحاً، لكن هذا لن يحدث إلا إذا صدقت نبؤة فيلم "2012" وابتلعت الزلازل والفيضانات أمريكا وأوروبا والصين وهضبة التبت والهند، ولم يبقَ في العالم سوى 5 جامعات فقط، تحتلهم إسرائيل كلهم بلا منازع! - من المنطقي أن يختار الأخطبوط مصر كدولة تشهد انتخابات نزيهة في مجلسي الشعب والشورى، وانتخابات الرئاسة، بلا تزوير أو تدخلات من البلطجية في لجان الانتخابات -لا سمح الله- فقط إذا ما قام أحدهم برشوة هذا الأخطبوط ب"لقمة" زيادة، أو قام بتزوير اختياره! - سيختار الأخطبوط أن تتخلص مصر من جحيم الاختناق المروري الذي يقضي فيه المصريون أكثر من نصف عمرهم، فقط إذا ما نضب البنزين وكل وسائل الطاقة التي تشغّل السيارات في العالم، لكنه سيختارنا في الوقت نفسه كدولة تعاني من قلة التبن والبرسيم الذي نطعم به الحمير والخيول التي أصبحت وسيلة المواصلات الوحيدة في العالم، لنقف طوابير أخرى أمام التبن ال"80"، ونطالب مصر بعدم تصدير البرسيم لإسرائيل كسلعة استراتيجية! - سيختار الأخطبوط مصر كدولة هادئة خالية من الاعتصامات والإضرابات العمالية، ويتمتع المواطنون فيها بأبسط حقوق الإنسان، دون أن يعاني شبابها من أزمات البطالة والإسكان والواسطة والمحسوبية، ويرتفع دخل الفرد فيها ليتوازى مع احتياجاته، دون أن نحتل إحدى الدول لننهب خيراتها، أو تهددنا إحدى الدول بنهب خيراتنا، فقط إذا ما تم تغيير اسم دولة "سويسرا" إلى "مصر"، أو أقنعوا الأخطبوط أن العلم السويسري هو العلم المصري بعد النيولوك! - حالة واحدة هي التي سيختار فيها الأخطبوط مصر كدولة تتحقق فيها أحلام شعبها البسيط، دون أن يرشو أحدهم هذا الأخطبوط ليغير نبؤته، أو يتلاعب في اختياره.. أن تخلو البلد من كل أخطبوط آخر بعد أن تتحالف قوى الشعب ضدهم، حتى لا تمهلهم أدنى فرصة للتلون والاختفاء تمهيداً للهرب خارج البلاد، وألا ننتظرهم حتى يطلقوا حبراً مضللاً لمن يطاردهم، سواء حبر أخطبوط أو حتى حبر فوسفوري!