السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. حبيت أفضفض لكم، وخصوصاً إني حاسة إنكم ممكن تساعدوني، أنا بنت عندي 23 سنة في كلية الطب، ومن صغري أمي معوّداني على تحمّل المسئولية حتى إني أرهق نفسي وأظلمها بده.. باشتغل مع دراستي رغم إنه جهد غير عادي ومجال بعيد عن دراستي، بس مجال كويس أوي، المهم مشكلتي في شخصيتي، فلما دخلت الكلية من ست سنين وبدأت أشعر إن مجال الطفولة قد انتهى، ولما جيت أختار شريك لحياتي اخترته في خيالي, حبيت فارس خيالي، ورسمت له أركان شخصيته كمتدين وحنين ومحترم، وفضلت عايشة على هذا الخيال، وكنت أكتب له في أجندتي، ولما باحس الدنيا جت عليّ وما حدش حاسس بيّ من أهلي حواليا أبكي له وألوم بُعده عني، ومؤخراً لما بابقى ماشية باحس كأنه بيكلمني يشجعني أو يصبرني، وإنه قريّب وحاسس بيّ، أنا مش مجنونة والله، بس مش بحب أعمل حاجة غلط ولا إني أكون مراهقة، وأحب حب مراهقة زي اللي باشوفه، نفسي في اللي يحبني ويحترمني أوي ويحب شخصيتي قبل كوني بنت عادية, أنا أصحابي كلهم بيستشروني في كل أمور حياتهم وحتى إخواتي وده لأنهم بيقولوا إني عاقلة. مش بصاحب أولاد في كليتي ولو اتعاملت بيبقى في حدود الزمالة إن فرضت الدراسة التعامل معهم.. رغم إن والداتي ما بتمانعش ده وإخواتي واثقين فيّ تماماً، بس باحس إن الأولاد في الكلية تفكيرهم مش ناضج مش كلهم بس معظمهم فبتجنّبهم أحسن. أنا ساعات باكلم ناس عن طريق النت، بس ما بيتعداش النت ولا بيتعدّى حدود الصداقة وفي علم أهلي، وكمان ما بتبقاش دائماً؛ لأنه ممكن ألجأ للنت في حالة إني أكون مكتئبة وضعيفة ومش لاقية نفسي، وفكّرت أروح لدكتور بس خايفة، وأنا محتاجة اللي يرشدني ويفهمني أنا خيالي ده جنان ولّا لأ؟!! وخصوصاً إني باخلص لخيالي كأنه حقيقة.
painful life أهنّئك في البداية على عقلك الكبير وأيضاً على نزولك للعمل في سن صغيرة، فهذا بالطبع مفيد في تنمية شخصيتك وشعورك بالتميّز، وبالنسبة لقلقك من حالتك وتخيلاتك فأطمئنك أنه لا يوجد فتاة في الكون لا ترسم صورة في خيالها لفارس أحلامها الذي ترغب في الارتباط به واستكمال حياتها معه، قد يكون الأمر تطوّر معك بعض الشيء لدرجة أنك تشعرين بوجوده معكِ وتكلّميه، لكن هذا أيضاً ليس حالة استثنائية ولها فائدة عظيمة في حمايتك في الدخول في علاقات غير شرعية في فترة المراهقة وما تتسم به من لخبطة مشاعر وميل شديد للجنس الآخر، لكن يا صديقتي إن مرحلة التخيّلات أتت بنتائج إيجابية في فترة معينة وعليها أن تتوقّف عند هذه المرحلة حتى تستطيعي أن تعيشي الواقع، وتختاري شريك حياتك وفقاً لقواعده المنطقية. فاستمراركِ في هذه التخيّلات سيكون عائقاً حقيقياً أمام حكمك الموضوعي على أي شخص يسعى للارتباط الرسمي بك ويرغب فيكِ كشريكة لحياته؛ حيث ستعقدين دائماً المقارنات بينه وبين هذه الصورة الخيالية الرائعة التي تعيشين معها وبها، وستطالبيه دائماً بما لا يطيق ولا يستطيع القيام به مما يعتبر ظلماً بيّناً له ولكِ. حاولي جدياً ألا تلجئي لهذه الشخصية الخيالية بعد الآن، وحاولي أن تخرجي قليلاً من الإطار الجاد والصارم الذي وضعتي نفسك فيه، وأن تستمتعي بقليل من الترفيه بممارسة هواية تحبينها فعلاً، وتشعرك بالتوافق مع نفسك أثناء القيام بها ولا تشعري بأنها تضغط عليكِ، وإذا وجدتِ أن عملك الإضافي مع الدراسة فيه ظلم لنفسك وإرهاق لها فلا مانع من التوقّف عنه أثناء الدراسة وممارسته أثناء الإجازة، ورغم علمي أن مَن تعوّدت على العمل صعب أن تتخلّى عنه، فعلى الأقل ضعيه في إطاره الإيجابي بالتفكير الدائم فيما يُقدّمه لك من مزايا وتفوّق وخبرات إضافية، وبالطبع استفادة مادية حتى لا تشعري بالظلم أو بالإرهاق. وبنفس المنطق أطلب منكِ التعامل مع المسئوليات التي جعلتك والدتك تتحمّليها، فهو أسلوب جيّد في التربية يجعلكِ قوية ومعتمدة على نفسك، وتتحملين صدمات الحياة المختلفة التي نتعرّض لها جميعاً، ووفقاً لشخصياتنا وتربيتنا يكون تعاملنا معها؛ فالشخصيات القوية تتعامل معها بشكل جيّد وينجحون في التغلّب عليها، أما التي لم تتعوّد على تحمّل المسئولية نجد أي صدمة أو مشكلة أمامهم قد تدمرهم أو على الأقل تعرقل خطواتهم لفترة لا بأس بها يكونون خلالها قد خسروا الكثير. صديقتي إن ما ينقصك فقط هو القليل من الترفيه والتنفيث لكي تسترخي قليلاً حتى لا تحتاجي للجوء للخيال، كما أنصحكِ أن توسّعي من دائرة علاقاتك الاجتماعية المباشرة ولا تلجئي للنت أيضاً؛ لأن تأثيره السلبي لن يختلف عن تأثير هذه الشخصية، لكن اجعليها علاقات واقعية سواء مع صديقات لك أو بالتعامل مع زملائك في العمل أو الدراسة، والتحدّث معهم في أمور عامة وتبادل الآراء المختلفة فهذا سيجعلك إن شاء الله أكثر ارتباطاً بالواقع إلى أن يأتي نصيبك والذي أدعو الله لكِ ألا تختلف صورته كثيراً عن فارس أحلامك.