سيطر التشاؤم على الأسواق الأوروبية منذ بداية التعاملات الصباحية و باءت كل المحاولات لتحسين مستويات الثقة بالفشل و كانت النصرة لتحذيرات مؤسسة ستاندرد اند بورز باحتمالية تخفيض التصنيف الائتماني للديون السيادية في منطقة اليورو، و جاءت بيانات النمو لتؤكد على الحقيقة المؤلمة بأن منطقة اليورو لم تعد تمتلك العزم الكافي للنمو خلال الفترة المقبلة وسط تفاقم أزمة الديون. يبقى التشاؤم سيد الموقف في أوروبا بعد ان حذرت مؤسسة ستاندرد اند بورز دول منطقة اليورو من احتمالية تخفيض التصنيف الائتماني لديونها الائتماني في حال فشل قادة الاتحاد الأوروبي في التوصل إلى حل للأزمة خلال القمة المترقبة في التاسع من الشهر الجاري. وضعت ستاندرد التصنيف الائتماني لخمسة عشر دولة في منطقة اليورو تحت المراقبة مع توقعات مستقبلية سالبة متضمنة فرنسا و ألمانيا، و أكدت بأن التوترات المنتظمة ضيقت من الشروط الائتمانية للتصنيف الائتماني للمنطقة، و لا بد من الإشارة بأن الاستثناء في هذا التحذير لكلا من قبرص و اليونان، فقبرص قد تلقت تحذير لتوقعات مستقبلية سالبة و اليونان عند مستويات تصنيف عالية المخاطرة. هذه القرار من ستاندرد آند بورز سبب الهلع لدى المستثمرين، و لم تنفع تصريحات ميركل و ساركوزي في تهدئة الأسواق، فقد صرح كلا من الرئيس الفرنسي نيكولاس ساركوزي و المستشارة الألمانية بضرورة تكثيف الجهود لوضع قواعد جديدة للتنسيق الاقتصادي في منطقة اليورو لتفادي خسارة التصنيف الائتماني الممتاز وسط تفاقم أزمة الديون السيادية التي أضرت بمستويات النمو في المنطقة. بقيت القراءة التمهيدية للناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الثالث عند مستويات النمو المتواضعة السابقة 0.2% مطابقة للتوقعات و القراءة السابقة، هذا وسط تفاقم أزمة الديون السيادية في المنطقة و مما يدعم التوقعات بتخفيض سعر الفائدة المرجعي خلال الاجتماع القادم للبنك المركزي الأوروبي الخميس المقبل. أظهرت القراءة التمهيدية للناتج المحلي الإجمالي في منطقة اليورو خلال الربع الثالث نمواً بنسبة 0.2% و هي نفس القراءة السابقة و كما كان متوقعاً، و على الصعيد السنوي أيضاً، فقد أظهرت قراءة النمو ما نسبته 1.4% و هي مطابقة للقراءة السابقة و التوقعات. تحسنت قراءة الإنفاق الشخصي كما كان متوقعاً عند 0.3% مقارنة بالقراءة السابقة -0.2%، في حين أن الاستثمارات الرأسمالية تراجعت إلى 0.1% مقارنة بالقراءة السابقة 0.2% و التي كانت من المتوقع أن تصل إلى 0.6%، و تحسن الإنفاق الحكومي و لكن ليس كما كان متوقعاً ليصل إلى 0.0% من التراجع الذي أظهرته القراءة السابقة عند -0.2% و التي كانت من المتوقع أن تظهر ما نسبته 0.1%. يغلب السوء على المشهد الأوروبي، فقد انكمش القطاع الخدمي و الصناعي خلال الأشهر الماضية بشكل ملحوظ، و شهدت الصادرات انخفاضا ملحوظا نتيجة لتراجع وتيرة الطلب العالمي على المنتجات وسط التراجع الحاد الذي تشهده الاقتصاديات العالمية، و ناهيك عن التراجع الذي تشهده الاقتصاديات الأوروبية خلال الربعين الماضيين و الانخفاض الحاد في مستويات الثقة. استطاعت ألمانيا أن تنمو خلال الربع الثالث بنسبة 0.5% من السابق 0.3%، في حين عادت فرنسا إلى دائرة النمو الاقتصادي، و لكن الأداء الضعيف جدا لكلا من البرتغال و اليونان منع مستويات النمو في منطقة اليورو من التحسن، خاصة مع الانكماش الذي تواجه أسبانيا. فجميع هذه المعطيات تعطينا إشارة واضحة جدا بان منطقة اليورو أمام منعطف حاد سيوقع بالاقتصاديات السبعة عشر في انكماش اقتصادي، و هذا ما أشار إليه محافظ البنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي خلال الشهر الماضي عندما صرح قائلا أن منطقة اليورو سوف تقع في ركود اقتصادي طفيف. انخفض اليورو مقابل الدولار الأمريكي اليوم عند مستويات 1.3319 التي تعد ادنى مستويات منذ ثلاثة جلسات، و يتداول حاليا حول مستويات 1.3379 و سجل الأعلى عند 1.3405 مقارنة بسعر الافتتاح عند 1.3400. من المتوقع عزيزي القارى، ان يبقى التذبذب و حالة عدم اليقين سيدة الموقف مع ترقبنا لقمة الاتحاد الأوروبي و قرار الفائدة الأوروبي اللذان سوف يرسمان مستقبل المنطقة خلال الفترة المقبلة.