متحدث البترول: قطع الكهرباء ل 3 ساعات لن يتكرر مرة أخرى    ماكرون: باريس وواشنطن مصممتان على ممارسة الضغوط الضرورية على إيران    تفوق عربي.. 4 منتخبات تحقق العلامة الكاملة بتصفيات إفريقيا المؤهلة لكأس العالم    «أديب» عن واقعة عمرو دياب: الخطأ مشترك.. والشاب حاول يتصور معاه 4 مرات والأمن نزله    تفاصيل جولة وزير الصحة للمستشفيات بالمناطق الساحلية ونقاط الإسعاف    هيئة البث الإسرائيلية: احتمال استئناف مفاوضات الرهائن قريبا «ضئيل»    المشدد 7 سنوات ل عامل ضرب نجلة زوجته حتى الموت في القليوبية    آسر ياسين يروج لفيلمه الجديد ولاد رزق 3    أول تعليق ل مقدمة البلاغ ضد زاهي حواس بشأن استغلال مكتبة الإسكندرية    الأحد أم الاثنين؟.. الإفتاء تحسم الجدل رسميا بشأن موعد عيد الأضحى 2024 في مصر    مواعيد سفر قطارات عيد الأضحى 2024 بعد انتهاء أيام الحجز    علي فرج يتأهل لنهائي بطولة بريطانيا المفتوحة للإسكواش    جهود مكثفة لفك لغز العثور على جثة طفل بترعة الحبيل شمال الاقصر    قصواء الخلالي: رأينا ممارسات تحريضية ومخالفات إعلامية مهنية عن الوضع فى غزة    "زهقني وحسيت بملل معاه".. ننشر اعترافات "أم شهد" شريكة سفاح التجمع    بشرى سارة من التربية والتعليم لطلاب الثانوية العامة بشأن المراجعات النهائية    طارق الشناوى: نراعى الجانب الإبداعى وحقوق الإنسان فى تقييمنا للأعمال الدرامية    النحاس يرتفع مجددا بنسبة 22% فى السوق المحلية خلال أقل من شهر    منتخب مصر يتوج ب14 ميدالية في بطولة العالم لليزر رن بالصين    هيئة الدواء تكشف حصيلة حملاتها الرقابية في المحافظات خلال شهر مايو    ورش ولقاءات توعوية للأطفال في احتفالات اليوم العالمي للبيئة بأسيوط    وكالة TRT تتضامن مع قصواء الخلالي ضد زعيم اللوبي الصهيوني: صاحبة صوت حر    أفضل الأدعية في العشر الأوائل من ذي الحجة    «زراعة القاهرة» تحصل على شهادة الأيزو الخاصة بجودة المؤسسات التعليمية    لمرضى السكر.. 8 فواكة صيفية يجب تضمينها في نظامك الغذائي    معيط: نستهدف بناء اقتصاد أقوى يعتمد على الإنتاج المحلي والتصدير    معلومات حول أضخم مشروع للتنمية الزراعية بشمال ووسط سيناء.. تعرف عليها    هالاند يقود هجوم منتخب النرويج فى مواجهة الدنمارك وديا    تقارير: حارس درجة ثانية ينضم لمران منتخب ألمانيا    تقارير: نيوكاسل يضع حارس بيرنلي ضمن اهتماماته    القبض على سائق متهم بالتحرش ب "معلمة" في أثناء توصيلها أكتوبر    وزير العمل يشدد على التدخل العاجل لحماية حقوق العمال ضحايا الإحتلال في فلسطين    محافظ الشرقية يشارك في اجتماع المعهد التكنولوجي بالعاشر    مصر تواصل جهودها في تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة "صور"    سناء منصور تحتفي بنجيب الريحاني في ذكرى وفاته: «كوميديان نمبر وان»    "اهدى علينا".. رسالة من تركي آل الشيخ إلى رضا عبد العال    المصري يطرح استمارات اختبارات قطاع الناشئين غداً    أسماء أوائل الشهادة الابتدائية الأزهرية بشمال سيناء    وزير التعليم يتسلم نتيجة مسابقة شغل 11 ألفا و114 وظيفة معلم مساعد فصل    «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية بقرية دمشاو هاشم لمدة يومين    لماذا يحتاج الجسم لبكتريا البروبيوتيك؟، اعرف التفاصيل    أنباء عن هجوم بمسيرة أوكرانية في عمق جمهورية روسية    المشدد 5 سنوات لمتهم في قضية حرق «كنيسة كفر حكيم»    أول ظهور لكريم عبد العزيز بعد وفاة والدته    وزير الأوقاف: لا خوف على الدين ومصر حارسة له بعلمائها وأزهرها    في خدمتك | تعرف على الطريقة الصحيحة لتوزيع الأضحية حسب الشريعة    وليد الركراكي يُعلق على غضب حكيم زياش ويوسف النصيري أمام زامبيا    وزيرة التخطيط تبحث سبل التعاون مع وزير التنمية الاقتصادية الروسي    إثيوبيا تسعى لبيع كهرباء للدول المجاورة.. توضيح مهم من خبير مائي بشأن سد النهضة    رئيس الوزراء يتابع جهود منظومة الشكاوى الحكومية الموحدة خلال مايو 2024    محافظ المنيا: توريد 373 ألف طن قمح حتى الآن    كاتب صحفي: حجم التبادل التجاري بين مصر وأذربيجان بلغ 26 مليار دولار    التشكيل الحكومي الجديد| وزراء مؤكد خروجهم.. والتعديل يشمل أكثر من 18 وزيرًا.. ودمج وزارات    رئيس جامعة المنوفية: فتح باب التقديم في الدورة الثالثة من مبادرة المشروعات الخضراء    إصابة 6 أشخاص فى انقلاب ميكروباص على زراعى البحيرة    «الإفتاء» توضح فضل صيام عرفة    جولة مفاجئة.. إحالة 7 أطباء في أسيوط للتحقيق- صور    تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري يتصدر المباحثات المصرية الأذربيجية بالقاهرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أزمة الصحافة القومية المصرية مؤجلة
نشر في صوت البلد يوم 12 - 09 - 2017

الصحافة المصرية مشهدها ملتبس. فمن قومية يحاول بعضهم إبقاءها على قيد الصحافة، إلى خاصة بات بعضها أقرب ما يكون إلى القومية في زمن عنفوانها، إلى صحافة كانت تعرف ب «الحزبية» وفي أقوال أخرى «المعارضة» تعيش على الهامش بعد ما تبخرت الأحزاب وتقلصت المعارضة. وبين هذه وتلك، عشرات البدائل العنكبوتية، تخبر الملايين عما يدور أو لا يدور وفق ضمير كل منها الصحافي وتوجهاته وانتماءاته وأجنداته وقدراته.
قدرات الصحف المصرية على مواجهة المشهد السياسي والاقتصادي والإعلامي شديد الالتباس موضوعة تحت الاختبار هذه الآونة. أوان الطمأنة عبر تأكيد عظمة الماضي وروعة التراث فات وانتهى، وعلى رغم ذلك، فإن القليل منه لا يضر. رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الصحافة والإعلام الكاتب الصحافي المخضرم السيد مكرم محمد أحمد يقول إن الصحافة المصرية تستحق مستقبلاً ووضعاً أفضل مما هي عليه لا سيما وأن لها تاريخاً مشرفاً. مهمة المجلس التي يعلم الجميع أن الجانب الأكبر منها هو إنقاذ الصحافة والإعلام تضعه وتضع الصحافة والإعلام والقراء في خانة اليك.
خانات عديدة وجدت فيها الصحافة المصرية نفسها على مر السنوات الست الماضية. فبين انقلاب على دور الصحافة القومية عقب هبوب رياح الربيع في أوائل عام 2011، حيث اعتبرها كثيرون عاملاً مساعداً لنظام الرئيس الأسبق مبارك، ثم هدوء نسبي بعد تشرذم قوى الثورة وانقلاب حلم التغيير إلى كابوس فوضى وصراع سياسي مرير، وأخيراً نظرة متعاطفة يلقيها عليها الشعب وكأنها «عزيز قوم ذل»، تنتظر الصحف القومية من يحنو عليها ويجد لها دوراً يخلصها من ضبابية المشهد وظلامية المستقبل.
الغريب أن «مستقبل الصحافة القومية» ظل يعرف طريقه عنواناً لمئات الموضوعات الصحافية والمؤتمرات الأكاديمية والفقرات التلفزيونية على مدار العقدين الأخيرين، واشتدت الوتيرة في السنوات الست الماضية، وذلك من دون أن تخرج رؤية واحدة واضحة المعالم محددة الملامح لهذا المستقبل. لكن المؤشرات الحالية تشير إلى أن المستقبل القريب للصحافة القومية هو مد طوق النجاة لها عبر أذرع الدولة المختلفة، متمثلة في الهيئة الوطنية للإعلام ومعها عشرات الشخصيات العامة التي باتت تعتبر الصحافة المملوكة للدولة لاعباً رئيسياً لدعم كيان الدولة ووجودها والحفاظ عليها من السقوط.
ومنذ قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي جملته التي باتت أشهر من نار على علم «ندعو الإعلام لخلق فوبيا ضد فكرة سقوط الدولة»، والجميع يعتبر الصحافة القومية الأداة المستخدمة لهذه الغاية. لكن الأداة تعاني مشكلات لا حصر لها.
رئيس تحرير جريدة «الأخبار» المصرية القومية وسكرتير عام اتحاد الصحافيين العرب ووكيل نقابة الصحافيين السيد خالد ميري قال في اجتماع للهيئة الوطنية للصحافة مع رؤساء مجالس إدارة ورؤساء تحرير المؤسسات القومية قبل أيام إن دور الصحافة القومية محدد وهو خدمة قضايا الدولة. ودعا الميري المسؤولين والحكومة إلى قراءة الدستور في شكل جيد ومعرفة دور الصحافة القومية، مع حتمية وجود رؤية واضحة لدى القائمين على أمر الصحافة القومية والدولة لهذا الدور». وتساءل: «الصحافة القومية لا تعرف أن تقوم بدورها المنوطة به، فكيف تساند غيرها في القيام بأدوار الآخرين ومساندة الحكومة داخل وخارج مصر؟».
سؤال الميري الشرعي والمنطقي لا يجد إجابات واضحة، لكنه يلقى إيماءات رؤوس تعكس موافقة عارمة وتنهدات صدور تعني ضبابية قاتمة. ففي نيسان (أبريل) الماضي وقف رئيس المجلس الأعلى للصحافة والإعلام السيد مكرم يحلف يمين المنصب أمام البرلمان. وتعهد بذل الجهد لإنقاذ الصحافة والإعلام، مشيراً إلى صعوبة المسؤولية، ومؤكداً ثقته في تكاتف الجميع لإنجاز «المهمة الثقيلة» «التي تتطلب ألا تحكمنا الشللية وأن تكون الوجهة الوحيدة هي الإصلاح». وأعلن مكرم في حينها أن المجلس جاد في التوصل إلى توافق مع المؤسسات الصحافية ونقابة الصحافيين والدولة على خطة إصلاح «تعالج كافة القضايا بشجاعة وجرأة». وأضاف أن «المجلس سيعمل كذلك على وجود بنية تشريعية تعزز مصداقية الصحافة وإعلاء قيمة الرأي والرأي الآخر»، مؤكداً أن «مهمة المجلس ليست تكميم الأفواه كما ردد البعض، بل لتكون الكلمة حرة ومسؤولة».
مسؤولية الصحف القومية عن حماية الدولة من السقوط هي المسؤولية الوحيدة الواضحة حتى اللحظة. وبغض النظر عن الطريقة التي يراها القائمون على أمر هذه الصحف في حماية الدولة من السقوط وتنبيه المواطنين من مغبة إفشال الدولة، فإن الأدوار الأخرى للصحافة القومية المصرية في العقد الثاني من الألفية الثالثة تظل غائبة أو غير معروفة أو كليهما.
الصحافة القومية والخاصة في المشهد المصري الحالي في خندق واحد. فمع تداخل المصالح الوطنية وتشابك الأطراف اللاعبة حيث الصحافيون هنا يكادون يكونون هم الصحافيين هناك، تبدو الصفحات أقرب ما تكون إلى التطابق مع تغير الرتوش. الخبثاء يلمحون إلى أن الزمرة الصحافية المقربة من الرئيس لا تقتصر على رموز الصحافة القومية بل تضم رموز الصحافة الخاصة. والأكثر خبثاً يشيرون إلى أن هذه التركيبة ربما تكون مقصودة. لكن – وفي ظل تعالي النبرات الوطنية القلقة من شبح فشل الدولة أو سقوطها- تبدو علامات السكوت الذي هو من علامات الرضا واضحة في المشهد. سكرتير عام نقابة الصحافيين السيد حاتم زكريا تحدث قبل أيام عن «الواجب الوطني الملقى على عاتق الصحف القومية والخاصة والحزبية لمساندة الدولة المصرية لمقاومة الإرهاب» وهو الواجب وثيق الصلة بواجب حماية الدولة.
مدونة السلوك الصادرة عن الاجتماع المشترك بين الهيئة الوطنية للصحافة والصحف القومية قبل أيام ركزت حول قواعد النشر في قضايا الإرهاب والتطرف، «بعدما أصبح الإعلام الوسيط الأساسي الذي تستخدمه الجماعات الإرهابية في الترويج لعقائدها الإجرامية» وفق ما ورد في البيان الرسمي. بنود المدونة تطرقت إلى عدم الإسراف في نشر صور الضحايا تفادياً لنشر الذعر، وتنمية الشعور بأن أمن المجتمع هو أمن المواطن، وتدين مرصداً وطنياً لمتابعة قضايا الإرهاب في وسائل الإعلام، والاعتماد على ما تقدمه الأجهزة الأمنية من معلومات وحقائق مع عدم اعتبار التنظيمات الإرهابية مصدراً للأخبار الخاصة، وغيرها. وقد أطلت مواقع التواصل الاجتماعي برأسها غير مرة من هذه البنود إطلالة تنم عن توجه نحو التقليص وميل إلى التحذير.
فقد أوصى البيان بعدم الاعتماد على منصات التواصل الاجتماعي – الفايسبوك نموذجاً- كمصادر للنشر «بعدما أصبحت فضاء خصباً تتسلل إليه التنظيمات والجماعات الإرهابية لعولمة أنشطتها الدامية والتسويق لأيديولوجياتها التي تستهدف نشر الرعب والخوف بين المواطنين».
مدونة السلوك ومعها جهود إنقاذ الصحافة القومية مضافاً إليهما انضمام الصحافة الخاصة للقومية في مهمة الحفاظ على الدولة أطاحت أزمة الصحافة القومية الأصلية من على رأس الأولويات. فحين يواجه الوطن إرهاباً، وتواجه الدولة محاولات إفشال وإسقاط، تصبح الأولوية للنجاة. هكذا يقول أولي أمر المشهد الصحافي.
المشهد الصحافي المصري يشير إلى اصطفاف الصحافتين القومية والخاصة ومعهما ما تبقى من صحافة حزبية على قلب صحيفة وطنية واحدة، وهو ما يعني تأجيل مواجهة أزمة الصحافة القومية الأصلية. الطريف أن أحداً لم يحدد ماهية الأزمة أو ملامحها أو معالمها، وهو ما يعتبره الضالعون في الصحافة القومية رحمة ونعمة!
الصحافة المصرية مشهدها ملتبس. فمن قومية يحاول بعضهم إبقاءها على قيد الصحافة، إلى خاصة بات بعضها أقرب ما يكون إلى القومية في زمن عنفوانها، إلى صحافة كانت تعرف ب «الحزبية» وفي أقوال أخرى «المعارضة» تعيش على الهامش بعد ما تبخرت الأحزاب وتقلصت المعارضة. وبين هذه وتلك، عشرات البدائل العنكبوتية، تخبر الملايين عما يدور أو لا يدور وفق ضمير كل منها الصحافي وتوجهاته وانتماءاته وأجنداته وقدراته.
قدرات الصحف المصرية على مواجهة المشهد السياسي والاقتصادي والإعلامي شديد الالتباس موضوعة تحت الاختبار هذه الآونة. أوان الطمأنة عبر تأكيد عظمة الماضي وروعة التراث فات وانتهى، وعلى رغم ذلك، فإن القليل منه لا يضر. رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الصحافة والإعلام الكاتب الصحافي المخضرم السيد مكرم محمد أحمد يقول إن الصحافة المصرية تستحق مستقبلاً ووضعاً أفضل مما هي عليه لا سيما وأن لها تاريخاً مشرفاً. مهمة المجلس التي يعلم الجميع أن الجانب الأكبر منها هو إنقاذ الصحافة والإعلام تضعه وتضع الصحافة والإعلام والقراء في خانة اليك.
خانات عديدة وجدت فيها الصحافة المصرية نفسها على مر السنوات الست الماضية. فبين انقلاب على دور الصحافة القومية عقب هبوب رياح الربيع في أوائل عام 2011، حيث اعتبرها كثيرون عاملاً مساعداً لنظام الرئيس الأسبق مبارك، ثم هدوء نسبي بعد تشرذم قوى الثورة وانقلاب حلم التغيير إلى كابوس فوضى وصراع سياسي مرير، وأخيراً نظرة متعاطفة يلقيها عليها الشعب وكأنها «عزيز قوم ذل»، تنتظر الصحف القومية من يحنو عليها ويجد لها دوراً يخلصها من ضبابية المشهد وظلامية المستقبل.
الغريب أن «مستقبل الصحافة القومية» ظل يعرف طريقه عنواناً لمئات الموضوعات الصحافية والمؤتمرات الأكاديمية والفقرات التلفزيونية على مدار العقدين الأخيرين، واشتدت الوتيرة في السنوات الست الماضية، وذلك من دون أن تخرج رؤية واحدة واضحة المعالم محددة الملامح لهذا المستقبل. لكن المؤشرات الحالية تشير إلى أن المستقبل القريب للصحافة القومية هو مد طوق النجاة لها عبر أذرع الدولة المختلفة، متمثلة في الهيئة الوطنية للإعلام ومعها عشرات الشخصيات العامة التي باتت تعتبر الصحافة المملوكة للدولة لاعباً رئيسياً لدعم كيان الدولة ووجودها والحفاظ عليها من السقوط.
ومنذ قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي جملته التي باتت أشهر من نار على علم «ندعو الإعلام لخلق فوبيا ضد فكرة سقوط الدولة»، والجميع يعتبر الصحافة القومية الأداة المستخدمة لهذه الغاية. لكن الأداة تعاني مشكلات لا حصر لها.
رئيس تحرير جريدة «الأخبار» المصرية القومية وسكرتير عام اتحاد الصحافيين العرب ووكيل نقابة الصحافيين السيد خالد ميري قال في اجتماع للهيئة الوطنية للصحافة مع رؤساء مجالس إدارة ورؤساء تحرير المؤسسات القومية قبل أيام إن دور الصحافة القومية محدد وهو خدمة قضايا الدولة. ودعا الميري المسؤولين والحكومة إلى قراءة الدستور في شكل جيد ومعرفة دور الصحافة القومية، مع حتمية وجود رؤية واضحة لدى القائمين على أمر الصحافة القومية والدولة لهذا الدور». وتساءل: «الصحافة القومية لا تعرف أن تقوم بدورها المنوطة به، فكيف تساند غيرها في القيام بأدوار الآخرين ومساندة الحكومة داخل وخارج مصر؟».
سؤال الميري الشرعي والمنطقي لا يجد إجابات واضحة، لكنه يلقى إيماءات رؤوس تعكس موافقة عارمة وتنهدات صدور تعني ضبابية قاتمة. ففي نيسان (أبريل) الماضي وقف رئيس المجلس الأعلى للصحافة والإعلام السيد مكرم يحلف يمين المنصب أمام البرلمان. وتعهد بذل الجهد لإنقاذ الصحافة والإعلام، مشيراً إلى صعوبة المسؤولية، ومؤكداً ثقته في تكاتف الجميع لإنجاز «المهمة الثقيلة» «التي تتطلب ألا تحكمنا الشللية وأن تكون الوجهة الوحيدة هي الإصلاح». وأعلن مكرم في حينها أن المجلس جاد في التوصل إلى توافق مع المؤسسات الصحافية ونقابة الصحافيين والدولة على خطة إصلاح «تعالج كافة القضايا بشجاعة وجرأة». وأضاف أن «المجلس سيعمل كذلك على وجود بنية تشريعية تعزز مصداقية الصحافة وإعلاء قيمة الرأي والرأي الآخر»، مؤكداً أن «مهمة المجلس ليست تكميم الأفواه كما ردد البعض، بل لتكون الكلمة حرة ومسؤولة».
مسؤولية الصحف القومية عن حماية الدولة من السقوط هي المسؤولية الوحيدة الواضحة حتى اللحظة. وبغض النظر عن الطريقة التي يراها القائمون على أمر هذه الصحف في حماية الدولة من السقوط وتنبيه المواطنين من مغبة إفشال الدولة، فإن الأدوار الأخرى للصحافة القومية المصرية في العقد الثاني من الألفية الثالثة تظل غائبة أو غير معروفة أو كليهما.
الصحافة القومية والخاصة في المشهد المصري الحالي في خندق واحد. فمع تداخل المصالح الوطنية وتشابك الأطراف اللاعبة حيث الصحافيون هنا يكادون يكونون هم الصحافيين هناك، تبدو الصفحات أقرب ما تكون إلى التطابق مع تغير الرتوش. الخبثاء يلمحون إلى أن الزمرة الصحافية المقربة من الرئيس لا تقتصر على رموز الصحافة القومية بل تضم رموز الصحافة الخاصة. والأكثر خبثاً يشيرون إلى أن هذه التركيبة ربما تكون مقصودة. لكن – وفي ظل تعالي النبرات الوطنية القلقة من شبح فشل الدولة أو سقوطها- تبدو علامات السكوت الذي هو من علامات الرضا واضحة في المشهد. سكرتير عام نقابة الصحافيين السيد حاتم زكريا تحدث قبل أيام عن «الواجب الوطني الملقى على عاتق الصحف القومية والخاصة والحزبية لمساندة الدولة المصرية لمقاومة الإرهاب» وهو الواجب وثيق الصلة بواجب حماية الدولة.
مدونة السلوك الصادرة عن الاجتماع المشترك بين الهيئة الوطنية للصحافة والصحف القومية قبل أيام ركزت حول قواعد النشر في قضايا الإرهاب والتطرف، «بعدما أصبح الإعلام الوسيط الأساسي الذي تستخدمه الجماعات الإرهابية في الترويج لعقائدها الإجرامية» وفق ما ورد في البيان الرسمي. بنود المدونة تطرقت إلى عدم الإسراف في نشر صور الضحايا تفادياً لنشر الذعر، وتنمية الشعور بأن أمن المجتمع هو أمن المواطن، وتدين مرصداً وطنياً لمتابعة قضايا الإرهاب في وسائل الإعلام، والاعتماد على ما تقدمه الأجهزة الأمنية من معلومات وحقائق مع عدم اعتبار التنظيمات الإرهابية مصدراً للأخبار الخاصة، وغيرها. وقد أطلت مواقع التواصل الاجتماعي برأسها غير مرة من هذه البنود إطلالة تنم عن توجه نحو التقليص وميل إلى التحذير.
فقد أوصى البيان بعدم الاعتماد على منصات التواصل الاجتماعي – الفايسبوك نموذجاً- كمصادر للنشر «بعدما أصبحت فضاء خصباً تتسلل إليه التنظيمات والجماعات الإرهابية لعولمة أنشطتها الدامية والتسويق لأيديولوجياتها التي تستهدف نشر الرعب والخوف بين المواطنين».
مدونة السلوك ومعها جهود إنقاذ الصحافة القومية مضافاً إليهما انضمام الصحافة الخاصة للقومية في مهمة الحفاظ على الدولة أطاحت أزمة الصحافة القومية الأصلية من على رأس الأولويات. فحين يواجه الوطن إرهاباً، وتواجه الدولة محاولات إفشال وإسقاط، تصبح الأولوية للنجاة. هكذا يقول أولي أمر المشهد الصحافي.
المشهد الصحافي المصري يشير إلى اصطفاف الصحافتين القومية والخاصة ومعهما ما تبقى من صحافة حزبية على قلب صحيفة وطنية واحدة، وهو ما يعني تأجيل مواجهة أزمة الصحافة القومية الأصلية. الطريف أن أحداً لم يحدد ماهية الأزمة أو ملامحها أو معالمها، وهو ما يعتبره الضالعون في الصحافة القومية رحمة ونعمة!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.