إعادة تعيين قائد شرطة جامعة كاليفورنيا بعد هجوم على طلاب مناصرين للفلسطينيين    من حضر مراسم تأبين الرئيس الإيراني في طهران من الوفود الدبلوماسية العربية والدولية؟    رحيل نجم الزمالك عن الفريق: يتقاضى 900 ألف دولار سنويا    اللعب للزمالك.. تريزيجيه يحسم الجدل: لن ألعب في مصر إلا للأهلي (فيديو)    نشرة «المصري اليوم» الصباحية..قلق في الأهلي بسبب إصابة نجم الفريق قبل مواجهة الترجي.. سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم قبل ساعات من اجتماع البنك المركزي.. الأرصاد تحذر من طقس اليوم الخميس 23 مايو 2024    شاب يطعن شقيقته بخنجر خلال بث مباشر على "الانستجرام"    ناقد رياضي: الأهلي قادر على تجاوز الترجي لهذا السبب    أول دولة أوروبية تعلن استعدادها لاعتقال نتنياهو.. ما هي؟    موعد مباراة الزمالك وفيوتشر اليوم في الدوري المصري والقنوات الناقلة    سيارة الشعب.. انخفاض أسعار بي واي دي F3 حتى 80 ألف جنيها    برقم الجلوس والاسم، نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 محافظة بورسعيد    والد إحدى ضحايا «معدية أبو غالب»: «روان كانت أحن قلب وعمرها ما قالت لي لأ» (فيديو)    سر اللعنة في المقبرة.. أبرز أحداث الحلقة الأخيرة من مسلسل "البيت بيتي 2"    وأذن في الناس بالحج، رفع كسوة الكعبة المشرفة استعدادا للركن الأعظم (صور)    أسعار الفراخ والبيض في الشرقية اليوم الخميس 23 مايو 2024    إحدى الناجيات من حادث «معدية أبو غالب» تروي تفاصيل جديدة عن المتسبب في الكارثة (فيديو)    ارتفاع عدد الشهداء في جنين إلى 11 بعد استشهاد طفل فلسطيني    رئيس الزمالك: شيكابالا قائد وأسطورة ونحضر لما بعد اعتزاله    هل يجوز للرجل أداء الحج عن أخته المريضة؟.. «الإفتاء» تجيب    الإعلان الأوروبى الثلاثى.. ضربة جديدة للأوهام الصهيونية    محافظ بورسعيد يعتمد نتيجة الشهادة الإعدادية بنسبة نجاح 85.1%    ضبط دقيق بلدي مدعم "بماكينة طحين" قبل تدويرها في كفر الشيخ    والدة سائق سيارة حادث غرق معدية أبو غالب: ابني دافع عن شرف البنات    بالأسم فقط.. نتيجة الصف الخامس الابتدائي الترم الثاني 2024 (الرابط والموعد والخطوات)    قبل ساعات من اجتماع «المركزي».. سعر الذهب والسبائك اليوم بالصاغة بعد الارتفاع الأخير    المطرب اللبناني ريان يعلن إصابته بالسرطان (فيديو)    الزمالك يُعلن بشرى سارة لجماهيره بشأن مصير جوميز (فيديو)    4 أعمال تعادل ثواب الحج والعمرة.. بينها بر الوالدين وجلسة الضحى    أمين الفتوى: هذا ما يجب فعله يوم عيد الأضحى    تسجيل ثاني حالة إصابة بأنفلونزا الطيور بين البشر في الولايات المتحدة    البابا تواضروس يستقبل مسؤول دائرة بالڤاتيكان    سي إن إن: تغيير مصر شروط وقف إطلاق النار في غزة فاجأ المفاوضين    بالأرقام.. ننشر أسماء الفائزين بعضوية اتحاد الغرف السياحية | صور    مواقيت الصلاة اليوم الخميس 23 مايو في محافظات مصر    ماهي مناسك الحج في يوم النحر؟    وزير الرياضة: نتمنى بطولة السوبر الأفريقي بين قطبي الكرة المصرية    الداخلية السعودية تمنع دخول مكة المكرمة لمن يحمل تأشيرة زيارة بأنواعها    محمد الغباري: مصر فرضت إرادتها على إسرائيل في حرب أكتوبر    محلل سياسي فلسطيني: إسرائيل لن تفلح في إضعاف الدور المصري بحملاتها    محمد الغباري ل"الشاهد": اليهود زاحموا العرب في أرضهم    بسبب التجاعيد.. هيفاء وهبي تتصدر التريند بعد صورها في "كان" (صور)    ماذا حدث؟.. شوبير يشن هجومًا حادًا على اتحاد الكرة لهذا السبب    22 فنانًا من 11 دولة يلتقون على ضفاف النيل بالأقصر.. فيديو وصور    مراسم تتويج أتالانتا بلقب الدوري الأوروبي لأول مرة فى تاريخه.. فيديو    بقانون يخصخص مستشفيات ويتجاهل الكادر .. مراقبون: الانقلاب يتجه لتصفية القطاع الصحي الحكومي    حظك اليوم وتوقعات برجك 23 مايو 2024.. تحذيرات ل «الثور والجدي»    احذر التعرض للحرارة الشديدة ليلا.. تهدد صحة قلبك    «الصحة» تكشف عن 7 خطوات تساعدك في الوقاية من الإمساك.. اتبعها    أستاذ طب نفسي: لو عندك اضطراب في النوم لا تشرب حاجة بني    هيئة الدواء: نراعي البعد الاجتماعي والاقتصادي للمواطنين عند رفع أسعار الأدوية    عمرو سليمان: الأسرة كان لها تأثير عميق في تكويني الشخصي    "وطنية للبيع".. خبير اقتصادي: الشركة تمتلك 275 محطة وقيمتها ضخمة    إبراهيم عيسى يعلق على صورة زوجة محمد صلاح: "عامل نفق في عقل التيار الإسلامي"    البطريرك مار إغناطيوس يوسف الثالث يونان يلتقي الكهنة والراهبات من الكنيسة السريانية    حظك اليوم| برج الحوت الخميس 23 مايو.. «كن جدياً في علاقاتك»    محمد الغباري: العقيدة الإسرائيلية مبنية على إقامة دولة من العريش إلى الفرات    سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن فى مستهل التعاملات الصباحية الاربعاء 23 مايو 2024    أدعية الحر.. رددها حتى نهاية الموجة الحارة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مخططات وحفريات مازالت مستمرة لتهويد القدس
نشر في صوت البلد يوم 21 - 06 - 2017

تعيد الانتهاكات الإسرائيلية الجارية بحق مدينة القدس، وتدنيس المقدسات الإسلامية وفي مقدمتها المسجد الأقصى، ما جرى عامي 1948 و1967، حينما بدأت السيّطرة الإسرائيلية على معظم الأراضي الفلسطينية، وسط أجواء من التخريب والدمار، حيث سيّطرت على المشهد حالة من التهويد والتشرّد والنزوح لمئات الآلاف من الفلسطينيين، واستقدام المزيد من المستوطنين من الداخل والخارج للإقامة في القدس، فضلاً عن مصادرة الأراضي وبناء مستوطنات فوقها.
يعمل الإسرائيليون منذ أن بسطوا سيّطرتهم على كامل فلسطين على تحويل الهوية الإسلامية لمدينة القدس إلى هوية يهودية، من خلال إنشاء مدينة يهودية مقدسة في القدس، وهو ما يُعرف بمشروع "القدس أولاً"، وتمتدّ هذه المدينة أسفل المسجد الأقصى وفي أجزاء من الحي الإسلامي والبلدة القديمة، وترتبط بمجموعة من الحدائق والمتنزهات والمتاحف والمواقع الأثرية المقامة فوق الأرض في محيط البلدة القديمة.
وتنشط أعمال الحفريات والبحث عن الآثار خصوصاً عند المسجد الأقصى والبلدة القديمة في القدس، والتي كانت تهدف لإثبات الادعاءات اليهودية، ومحاولة إيجاد أدلة على روايات التوراة المحرفة والروايات التاريخية الإسرائيلية، إلا أن ما أظهرته تلك الحفريات هو آثار إسلامية وبيزنطية ورومانية. وبفعلها تشكّلت مدينة من الأنفاق تصل في بعض الأحيان إلى عمق أربعين متراً تحت الأرض، وهو ما يشكّل خطورة على أساسات المسجد الأقصى.
ويشير د. محسن صالح، رئيس مركز الزيتونة للدراسة، في كتابه "معاناة القدس والمقدسات تحت الاحتلال الإسرائيلي"، إلى اعترف الكاتب الإسرائيلي "داني رابينوفيتش"، أنه عمل سنة 1968 متطوعاً في حفريات حائط المبكى، وهو ما أسفر عن اكتشاف مبانٍ أموية، وأنه حين عاد إلى الموقع في بداية السبعينيات لم يجد لهذه المباني أي أثر، حيث أزالتها إسرائيل من المنطقة بكاملها.
وقد بدأ تنفيذ حفريات في البلدة القديمة في الفترة من 2001 إلى 2009، وتركزت معظمها في حي المسلمين وشارع الواد وباب الغوانمة في البلدة القديمة، وشملت الحفريات قرية سلوان التاريخية.
وفي مطلع عام 2008 كشفت مؤسسة الأقصى عن قيام السلطات الإسرائيلية بحفر نفق جديد ملاصق للجدار الغربي للأقصى، وتعميق الحفريات وتوجيهها نحو باب السلسلة، وهو ما يعني أن العديد من المشاريع الإسرائيلية لتهويد المقدسات قد تمّ تنفيذها منذ سنوات طويلة، ومؤخراً أيضاً بإشراف صناع القرار في إسرائيل، حتى وصلت اليوم إلى مستويات عالية عبر استخدام وسائل تقنية عالية، وفي ظل تكتيم إسرائيلي وإعلامي واسع النطاق.
وفي إطار مخططات الإسرائيليين لتهويد القدس تمّ الاستيلاء على الكثير من الأحياء المقدسية، منها الشطر الغربي للقدس، والذي احتلته العصابات الصهيونية عام 1948، وطردت 60 ألفاً من سكانه العرب، وحي الطالبية، وحي القطمون، والحي الثوري، وحي المصرارة الذي غيّر الإسرائيليون اسمه إلى "مورشاه"، كذلك تمّ إزالة حي الشيخ بدر، وإنشاء الجامعة العبرية والكنيست وبنك إسرائيل على أراضيه.
عملت إسرائيل منذ عام 1948 وما تبعها على تغيير التركيبة السكنية في القدس وتهجير أهلها وهدم بيوتهم، مما سبّب لمدينة القدس الشرقية عام 1967 تغيّراً جذرياً على السكان والمباني، دعمها سياسة الاستيطان اليهودي في القدس، ومن أهم أعمال قوات الاحتلال لتنفيذ هذا المخطط، هدم حي المغاربة والشرف وتهجير سكانه وبناء مبانٍ جديدة إسرائيلية وإسكان اليهود، بالإضافة إلى مصادرة أو شراء مبانٍ سكنية داخل الحي الإسلامي بطرق ملتوية.
كما سعت إسرائيل إلى تغيير معالم مدينة القدس من خلال التوسّع في إقامة المستوطنات، وضمّ قرى فلسطينية مثل بيت حنينا، صور باهر، العيسوية، كفر عقب، أيضاً بناء المستوطنات خارج القدس، مثل "معاليه أدوميم، أفير يعقوب"، وتمّ استبدال أسماء الشوارع والأزقة والمعالم التاريخية بأسماء عبرية.
تُعتبر إعادة بناء وترميم الكنائس من أبرز المشاريع لتهويد مدينة القدس القديمة تدعيماً للمزاعم الإسرائيلية فيها، حيث قامت سلطات الاحتلال ببناء وترميم كنيس يهودي باسم "هحوربا"، والذي تمّ إقامته على أرض وقفية وعلى حساب جزء من المسجد العمري المحاذي للكنيس، ويهدف بناء هذا الكنيس العالي إلى محاولة استنبات أبنية يهودية في القدس لمنافسة كنيسة القيامة والمعلم الإسلامي البارز المتمثل بقبة الصخرة المشرفة، وهناك كنيس يهودي آخر أُقيم على وقف إسلامي يُدعى "حمام العين"، ولا يبعد هذا الكنيس سوى خمسين متراً عن المسجد الأقصى في قلب الحي الإسلامي، كل هذا يهدف إلى تغيير البناء العمراني والتراث الثقافي لمدينة القدس إلى اليهودية.
وقد جاء التوسّع في بناء وترميم الكنائس اليهودية بالتوازي مع إسقاط قدسية المقدسات الإسلامية من خلال تدنيس المسجد الأقصى، والذي بدأ بزيارة زعيم حزب الليكود الإسرائيلي "أرئيل شارون" إلى حرم المسجد الأقصى في 28/9/2000، الشرارة التي فجّرت انتفاضة الأقصى الثانية، حتى بدأت ساحات الأقصى في صراع دائم من حيث الاقتحام والمواجهة مع المستوطنين وقوات الاحتلال، وهذا الصراع كان بمثابة بدء الانتهاكات للمسجد الحرام، حيث تلته انتهاكات واقتحامات متواصلة للمستوطنين والقوات الإسرائيلية للمسجد الأقصى والمستمرة حتى وقتنا هذا.
ولم تكتف مساعي إسرائيل عند هذا الحد بل إنشاء الجدار العازل، والذي سعى لاستبعاد أكثر من 60 ألفاً من أبناء القدس عن مدينتهم، وتمزيق علاقاتهم الاجتماعية والاقتصادية، من أجل تقليص نسبة السكان الفلسطينيين المسلمين في المدينة المقدسة إلى 22 بالمئة، حيث تزيد نسبتهم الآن إلى 35 بالمئة، وهي نسبة قرّر صناع القرار الإسرائيلي الوصول إليها، هذا بجانب دوره في تحقيق أهداف برنامجه من حيث التهويد ومصادرة الأراضي وإحاطتها بالمستوطنات بهدف العزل التام عن كل شيء.
د. مختار الحفناوي، أستاذ الإسرائيليات بجامعة القاهرة، يقول: إن الإسرائيليين بدأوا مخططاتهم لتهويد القدس وتهجير سكانها وتغيير هويتها وثقافتها منذ بداية احتلالها في عام 1948، موضحاً أنه منذ قيام دولة إسرائيل وحكومات الاحتلال المتعاقبة تسير وفق مخطط ممنهج وشامل لتهويد مدينة القدس المحتلة. يرتكز هذا المخطط على الاستيطان بكافة أشكاله من بؤر وتجمعات استيطانية، ومصادرة الأراضي والمنازل العربية ومنحها للمستوطنين، وزيادة أعداد المستوطنين في المدينة المقدسة، وذلك كله على حساب الأرض العربية الفلسطينية وسكانها المقدسيين، ومن أجل تحقيق هدفها الأبرز بالسيّطرة الكاملة على مدينة القدس.
ويشير د. الحفناوي إلى أنه في الثمانينات بدأ الإسرائيليون بشكل سري بالتنقيب في منطقة المسجد الأقصى، وهي مستمرة حتى الآن على أمل العثور على آثار للمعبد، أي الهيكل الثاني المزعوم، بعد أن ادَّعوا أن المدرجات الأموية وكلا البابين الثنائي والثلاثي هما من بوابات "الهيكل المزعوم"، وهي مساعٍ تأتي في إطار محاولات تهويد القدس وتغيير هويتها وثقافتها ودينها.
ومن جانبه، يؤكد د. أحمد عزم، أستاذ العلوم السياسية بجامعة بيرزيت، أن إسرائيل تحاول استغلال الاضطرابات التي تمر بها المنطقة وانشغال الدول العربية بشؤونها الداخلية، لتحقّق أهدافها في تهويد مدينة القدس وتغيير الوضع القائم بالعمل على التمهيد لهدم المسجد الأقصى، وإقامة ما يُسمى هيكل سليمان المزعوم مكانه وتهجير العرب، وهو ما تفعله إسرائيل حالياً، لافتاً إلى أنه لأول مرة منذ احتلال فلسطين يغلق المسجد الأقصى بواسطة السلطات الصهيونية وتمنع فيه الصلاة، ويُعدّ هذا تطوّراً نوعياً في سلوك دولة الاحتلال ينبئ عن وجود مخطط لتغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى اعتماداً على حالة الفوضى التي تضرب المنطقة.
ويضيف عزم: الاستمرار في الاستيطان وترويع الآمنين، وتدنيس المقدسات وفي مقدمتها المسجد الأقصى، والاقتحامات المتكررة له من قِبَل المتشدّدين اليهود والسياسيين المتطرّفين، أوجدت حالة من الغضب الشعبي من الممكن أن تنفجر في أية لحظة.
تعيد الانتهاكات الإسرائيلية الجارية بحق مدينة القدس، وتدنيس المقدسات الإسلامية وفي مقدمتها المسجد الأقصى، ما جرى عامي 1948 و1967، حينما بدأت السيّطرة الإسرائيلية على معظم الأراضي الفلسطينية، وسط أجواء من التخريب والدمار، حيث سيّطرت على المشهد حالة من التهويد والتشرّد والنزوح لمئات الآلاف من الفلسطينيين، واستقدام المزيد من المستوطنين من الداخل والخارج للإقامة في القدس، فضلاً عن مصادرة الأراضي وبناء مستوطنات فوقها.
يعمل الإسرائيليون منذ أن بسطوا سيّطرتهم على كامل فلسطين على تحويل الهوية الإسلامية لمدينة القدس إلى هوية يهودية، من خلال إنشاء مدينة يهودية مقدسة في القدس، وهو ما يُعرف بمشروع "القدس أولاً"، وتمتدّ هذه المدينة أسفل المسجد الأقصى وفي أجزاء من الحي الإسلامي والبلدة القديمة، وترتبط بمجموعة من الحدائق والمتنزهات والمتاحف والمواقع الأثرية المقامة فوق الأرض في محيط البلدة القديمة.
وتنشط أعمال الحفريات والبحث عن الآثار خصوصاً عند المسجد الأقصى والبلدة القديمة في القدس، والتي كانت تهدف لإثبات الادعاءات اليهودية، ومحاولة إيجاد أدلة على روايات التوراة المحرفة والروايات التاريخية الإسرائيلية، إلا أن ما أظهرته تلك الحفريات هو آثار إسلامية وبيزنطية ورومانية. وبفعلها تشكّلت مدينة من الأنفاق تصل في بعض الأحيان إلى عمق أربعين متراً تحت الأرض، وهو ما يشكّل خطورة على أساسات المسجد الأقصى.
ويشير د. محسن صالح، رئيس مركز الزيتونة للدراسة، في كتابه "معاناة القدس والمقدسات تحت الاحتلال الإسرائيلي"، إلى اعترف الكاتب الإسرائيلي "داني رابينوفيتش"، أنه عمل سنة 1968 متطوعاً في حفريات حائط المبكى، وهو ما أسفر عن اكتشاف مبانٍ أموية، وأنه حين عاد إلى الموقع في بداية السبعينيات لم يجد لهذه المباني أي أثر، حيث أزالتها إسرائيل من المنطقة بكاملها.
وقد بدأ تنفيذ حفريات في البلدة القديمة في الفترة من 2001 إلى 2009، وتركزت معظمها في حي المسلمين وشارع الواد وباب الغوانمة في البلدة القديمة، وشملت الحفريات قرية سلوان التاريخية.
وفي مطلع عام 2008 كشفت مؤسسة الأقصى عن قيام السلطات الإسرائيلية بحفر نفق جديد ملاصق للجدار الغربي للأقصى، وتعميق الحفريات وتوجيهها نحو باب السلسلة، وهو ما يعني أن العديد من المشاريع الإسرائيلية لتهويد المقدسات قد تمّ تنفيذها منذ سنوات طويلة، ومؤخراً أيضاً بإشراف صناع القرار في إسرائيل، حتى وصلت اليوم إلى مستويات عالية عبر استخدام وسائل تقنية عالية، وفي ظل تكتيم إسرائيلي وإعلامي واسع النطاق.
وفي إطار مخططات الإسرائيليين لتهويد القدس تمّ الاستيلاء على الكثير من الأحياء المقدسية، منها الشطر الغربي للقدس، والذي احتلته العصابات الصهيونية عام 1948، وطردت 60 ألفاً من سكانه العرب، وحي الطالبية، وحي القطمون، والحي الثوري، وحي المصرارة الذي غيّر الإسرائيليون اسمه إلى "مورشاه"، كذلك تمّ إزالة حي الشيخ بدر، وإنشاء الجامعة العبرية والكنيست وبنك إسرائيل على أراضيه.
عملت إسرائيل منذ عام 1948 وما تبعها على تغيير التركيبة السكنية في القدس وتهجير أهلها وهدم بيوتهم، مما سبّب لمدينة القدس الشرقية عام 1967 تغيّراً جذرياً على السكان والمباني، دعمها سياسة الاستيطان اليهودي في القدس، ومن أهم أعمال قوات الاحتلال لتنفيذ هذا المخطط، هدم حي المغاربة والشرف وتهجير سكانه وبناء مبانٍ جديدة إسرائيلية وإسكان اليهود، بالإضافة إلى مصادرة أو شراء مبانٍ سكنية داخل الحي الإسلامي بطرق ملتوية.
كما سعت إسرائيل إلى تغيير معالم مدينة القدس من خلال التوسّع في إقامة المستوطنات، وضمّ قرى فلسطينية مثل بيت حنينا، صور باهر، العيسوية، كفر عقب، أيضاً بناء المستوطنات خارج القدس، مثل "معاليه أدوميم، أفير يعقوب"، وتمّ استبدال أسماء الشوارع والأزقة والمعالم التاريخية بأسماء عبرية.
تُعتبر إعادة بناء وترميم الكنائس من أبرز المشاريع لتهويد مدينة القدس القديمة تدعيماً للمزاعم الإسرائيلية فيها، حيث قامت سلطات الاحتلال ببناء وترميم كنيس يهودي باسم "هحوربا"، والذي تمّ إقامته على أرض وقفية وعلى حساب جزء من المسجد العمري المحاذي للكنيس، ويهدف بناء هذا الكنيس العالي إلى محاولة استنبات أبنية يهودية في القدس لمنافسة كنيسة القيامة والمعلم الإسلامي البارز المتمثل بقبة الصخرة المشرفة، وهناك كنيس يهودي آخر أُقيم على وقف إسلامي يُدعى "حمام العين"، ولا يبعد هذا الكنيس سوى خمسين متراً عن المسجد الأقصى في قلب الحي الإسلامي، كل هذا يهدف إلى تغيير البناء العمراني والتراث الثقافي لمدينة القدس إلى اليهودية.
وقد جاء التوسّع في بناء وترميم الكنائس اليهودية بالتوازي مع إسقاط قدسية المقدسات الإسلامية من خلال تدنيس المسجد الأقصى، والذي بدأ بزيارة زعيم حزب الليكود الإسرائيلي "أرئيل شارون" إلى حرم المسجد الأقصى في 28/9/2000، الشرارة التي فجّرت انتفاضة الأقصى الثانية، حتى بدأت ساحات الأقصى في صراع دائم من حيث الاقتحام والمواجهة مع المستوطنين وقوات الاحتلال، وهذا الصراع كان بمثابة بدء الانتهاكات للمسجد الحرام، حيث تلته انتهاكات واقتحامات متواصلة للمستوطنين والقوات الإسرائيلية للمسجد الأقصى والمستمرة حتى وقتنا هذا.
ولم تكتف مساعي إسرائيل عند هذا الحد بل إنشاء الجدار العازل، والذي سعى لاستبعاد أكثر من 60 ألفاً من أبناء القدس عن مدينتهم، وتمزيق علاقاتهم الاجتماعية والاقتصادية، من أجل تقليص نسبة السكان الفلسطينيين المسلمين في المدينة المقدسة إلى 22 بالمئة، حيث تزيد نسبتهم الآن إلى 35 بالمئة، وهي نسبة قرّر صناع القرار الإسرائيلي الوصول إليها، هذا بجانب دوره في تحقيق أهداف برنامجه من حيث التهويد ومصادرة الأراضي وإحاطتها بالمستوطنات بهدف العزل التام عن كل شيء.
د. مختار الحفناوي، أستاذ الإسرائيليات بجامعة القاهرة، يقول: إن الإسرائيليين بدأوا مخططاتهم لتهويد القدس وتهجير سكانها وتغيير هويتها وثقافتها منذ بداية احتلالها في عام 1948، موضحاً أنه منذ قيام دولة إسرائيل وحكومات الاحتلال المتعاقبة تسير وفق مخطط ممنهج وشامل لتهويد مدينة القدس المحتلة. يرتكز هذا المخطط على الاستيطان بكافة أشكاله من بؤر وتجمعات استيطانية، ومصادرة الأراضي والمنازل العربية ومنحها للمستوطنين، وزيادة أعداد المستوطنين في المدينة المقدسة، وذلك كله على حساب الأرض العربية الفلسطينية وسكانها المقدسيين، ومن أجل تحقيق هدفها الأبرز بالسيّطرة الكاملة على مدينة القدس.
ويشير د. الحفناوي إلى أنه في الثمانينات بدأ الإسرائيليون بشكل سري بالتنقيب في منطقة المسجد الأقصى، وهي مستمرة حتى الآن على أمل العثور على آثار للمعبد، أي الهيكل الثاني المزعوم، بعد أن ادَّعوا أن المدرجات الأموية وكلا البابين الثنائي والثلاثي هما من بوابات "الهيكل المزعوم"، وهي مساعٍ تأتي في إطار محاولات تهويد القدس وتغيير هويتها وثقافتها ودينها.
ومن جانبه، يؤكد د. أحمد عزم، أستاذ العلوم السياسية بجامعة بيرزيت، أن إسرائيل تحاول استغلال الاضطرابات التي تمر بها المنطقة وانشغال الدول العربية بشؤونها الداخلية، لتحقّق أهدافها في تهويد مدينة القدس وتغيير الوضع القائم بالعمل على التمهيد لهدم المسجد الأقصى، وإقامة ما يُسمى هيكل سليمان المزعوم مكانه وتهجير العرب، وهو ما تفعله إسرائيل حالياً، لافتاً إلى أنه لأول مرة منذ احتلال فلسطين يغلق المسجد الأقصى بواسطة السلطات الصهيونية وتمنع فيه الصلاة، ويُعدّ هذا تطوّراً نوعياً في سلوك دولة الاحتلال ينبئ عن وجود مخطط لتغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى اعتماداً على حالة الفوضى التي تضرب المنطقة.
ويضيف عزم: الاستمرار في الاستيطان وترويع الآمنين، وتدنيس المقدسات وفي مقدمتها المسجد الأقصى، والاقتحامات المتكررة له من قِبَل المتشدّدين اليهود والسياسيين المتطرّفين، أوجدت حالة من الغضب الشعبي من الممكن أن تنفجر في أية لحظة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.