حفل الزمن بمختلف عصوره بتغيرات كبيرة اعادت تشكيل الملامح الأساسية للمجتمع المصري وفي العصر الحديث بدأ شبح التطرف الديني يطل برأسه متبنيا افكارًا غريبة ومستهجنة علي الواقع لتبدأ الجماعات الإرهابية التي تتخذ من الدين ستاراً لنشطات اخري غير معلنة في الطفو علي السطح، وكأي قضية واقعية من عمق المجتمع تناولها الفنان المصري كمادة في أفلامه موضحا مخاطرها في تهديد أمن المجتمع ومعالجا لها في صورة درامية محاولا استنباط الحلول والدفاع عن العقائد والقيم التي شوهتها تلك الفئات الضالة في المجتمع ولكن الي اي مدي استطاعت السينما المصرية أن ترصد تلك التغيرات وتصحح المفاهيم الخاطئة التي استقاها الاخر عن مجتمعنا وعقائدنا؟ ومن ابرز الافلام المصرية التي تناولت هذا الواقع " الأرهابي" "بحب السيما" "عصافير النيل" "واحد صفر" و"حسن ومرقص". وبالرغم من وجود العديد من الافلام التي تطرقت لهذا المحتوي إلا ان عادل إمام كان الأكثر شجاعة في تقديم قضية التطرف الديني بشكل عام بداية من فيلم الإرهابي ومرورا بفيلم طيور الظلام وأخيرا في فيلم حسن ومرقص الذي يتناول تطور ازمة التطرف الديني والتي باتت تنذر بقضية فتنة طائفية بين المسلمين والاقباط في ظاهرة مستجدة علي الساحة المصرية. ومن الصور التي عرضتها السينما لهذه الامثلة فيلم "بحب السيما" والذي يتناول قصة حياة أسرة مسيحية عائلها أب متزمت دينيًا في صورة من صور التطرف الفكري والبعد عن المجتمع، وبالرغم من أن الفيلم مسيحي إخراجًا وتأليفًا وإنتاجًا إلا انه واجه جدلا من بعض النقاد والمثقفين وانتقادات من جانب بعض القساوسة المصريين لتصوير الشخصية المسيحية في الفيلم علي أنها "متطرفة" و"متزمتة" وقد ظهر هذا الغضب في صورة تصريحات لعدد من قيادات الكنسية الأرثوذكسية المصرية يطالبون فيها "بالعدل والمساواة" في شرح عقيدة المسلمين والمسيحيين في الأفلام المصرية. واذا عدنا الي تسعينيات القرن الماضي حيث جسد عادل امام صورة المتطرف الديني في فيلمه الشهير "الإرهابي" من تأليف لنيين الرملي وإخراج نادر جلال والذي ناقش قضية الإرهاب في صورة هي الاعمق من خلال شخصية الشاب علي عبد الظاهر(عادل إمام) والذي دفعته ظروفه الاجتماعية من فقر وإحباط و كبت وجهل إلي الانضمام لإحدي الجماعات المتطرفة وتنفيذه لعدد من العمليات الإرهابية. ومن خلال فيلم "حسن و مرقص" والذي تعرض لقضية الازمة بين المسلمين والاقباط في مصر والتي يحركها شبح تطرف بعض الفئات من الجانبين لاحداث الشقاق بين صفوف الشعب المصري وفي لمحة جميلة يلتفت اليها المؤلف يوسف معاطي بأن جعل كلا البطلين في الفيلم يرتدي عباءة الاخر لينقل من خلاله إلي ان المسلمين والاقباط انما هما عقيدتان سماويتان سمحتان لانسان واحد هو المصري محاولا بذلك التعرض للازمة من كونها نتاج تطرف ديني ومؤكدا في الوقت ذاته علي وحدة الصف المصري فيما صوره في نهاية الفيلم بتكاتف الاسرتين ودفاع كل منهما عن صاحبه واسرته ليبقي شبح التطرف الديني الذي تناولته السينما من منظورها مجرد فكرة تحاول ان تخيم بظلالها بعض الوقت علي مجتمعنا الا انها لا تجد مرامها في الاستمرار في عقول الجمهور لانها ظاهرة غريبة علي مجتمعنا. يقول الناقد طارق الشناوي: عندما أطل الإرهاب والتطرف الديني لعبت السينما دوراً في هذا المجال وكم شاهدنا من أفلام تتكئ علي ظاهرة التطرف والعنف باسم الدين، وظهرت مجموعة من الشخصيات المتعارف عليها.. أمير جماعة ذو لحية طويلة ونظرات قاسية وأتباع يتكاثرون حوله وحديث عن اغتيالات وأسلحة وأموال توزع هنا وهناك، ولكن كانت هناك افلام تناقش القضية بوضوح؛ مثل: فيلم بحب السيما، وهو واحد من أهم الأعمال السينمائية الاستثنائية في تاريخ الأفلام المصرية. ويقول رامي إمام مخرج فيلم حسن ومرقص: حاولت خلال الفيلم تجسيد الوحدة الوطنية، وأننا شعب واحد يستطيع أن يحيا ويعيش في ألفة وتعاون طوال الوقت كما ان الفيلم تطرق لنقطة أكثر حساسية وهي زواج المسلم من مسيحية أو المسيحية من مسلم والتي تناولتها الافكار الاخري بشيء من التسلط والاستنكار بالرغم من انها قضايا واقعة وتحتاج لعلاج حقيقي لا للعنف لما لها من حساسية في كلا الدينين، ونحن لم نناقش هذه القواعد وإنما أردنا إظهار تغير النفوس واحتقانها بعدما يعرف كل طرف أن الطرف الآخر ينتمي لدين مختلف عن ديانته.