عقب إعلان لجنة تحكيم الجائزة العالمية للرواية العربية "البوكر" لسنة 2011 القائمة القصيرة للأسماء المرشحة لنيل الجائزة، تباينت ردود الفعل داخل الوسط الثقافي؛ خاصة أن الموضوعات التي تدور في فلكها تلك الأعمال تفاوتت ما بين التطرف الديني، والنزاعات السياسية، والاجتماعية، وكان من اللافت للنظر في البوكر وصول سبع كاتبات إلي لائحة ال16، وهو الرقم الأعلي في تاريخ الجائزة، إضافة إلي ما تضمنته اللائحة من أسماء أربعة كتاب ممن وصلوا إلي النهائيات في دورة العام 2009، وهم: فواز حداد، وعلي المقري، ورينيه الحايك، وبنسالم حميش. ورغم أن هذا العام يعد الأقل سخونة في الانتقادات التي وجهت للجائزة، إذ لم تحدث أي اعتراضات سوي من الشاعر والناقد اللبناني عبده وازن والذي كتب مقالًا أبدي فيه دهشته لعدم دخول روايتي "حليب التين" لسامية عيسي، و"لها مرايا" لسمر يزبك، إلا أن ما أثار الجدل تعليق الروائي العراقي فاضل العزاوي رئيس لجنة التحكيم علي اللائحة بقوله: "إن روايات هذه السنة متنوعة بموضوعاتها، وتتناول مواضيع التطرف الديني، والنزاعات السياسية والاجتماعية، وكفاحات النساء في سبيل تحرير أنفسهن من العقبات التي تقف في وجه نموهن الشخصي وتمتعهن بالسلطة"، وكذا تعليق جوناثان تايلور رئيس مجلس أمناء الجائزة، علي اللائحة بقوله: إن اللائحة جاءت قوية ومتنوعة وغنية بالمواهب كعادتها في كل سنة، لكنها تشهد هذا العام نسبة عالية من النساء".. الأمر الذي جعل من الانتقادات تتخذ منحي جديدًا تمثل في اختيار أعمال تصنف موضوعاتها علي أنها من التابوهات المحظور الولوج إليها؛ كما اتهمها الروائيان جمال الغيطاني وإبراهيم عبد المجيد، وغيرهما بأن الشللية هي التي تحكمها، وأنها مثلها في ذلك حال النقد في العالم العربي بأكمله.. وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلي أن علوية صبح كانت قد اتهمت في العام السابق رئيس لجنة "البوكر" بأنه روائي من الدرجة الرايعة. ومن جهته، أثني الروائي محمد جبريل علي الجائزة إذ لا يشترط مانحها توجها محددا، علي عكس الجوائز الأخري.. وأضاف: إن الاختيارات السيئة للأعمال تتعلق في المقام الأول برقبة لجان التحكيم؛ لذا فهي لا تسيء للجائزة نفسها. بينما رأي الروائي حمدي أبو جليل أن ما يؤخذ علي الجائزة لهذا العام أنها لا تغامر في اختياراتها؛ فأي محاولة تجريبية أو عمل متمرد علي قواعد معينة أو كسر لأي تابوهات لا يفوز بالجائزة، وأضاف: حتي رواية "عزازيل" لم تكسر تابوهاً؛ لأن الخطورة دائما في العالم العربي تكون مع الكتابة عن المسلمين بصفة أخص.. وألمح إلي أن الجانب المادي من الجائزة يعظم من أهميتها إذ تمثل دعمًا للمشاركين، كما تعمل علي رواج العمل الأدبي. وألمح الناقد خيري دومة إلي وجود سقطات للجائزة؛ وأوضح: إن السقطة الحقيقية للجائزة كانت مع ظهور الدورة الثالثة حين فاز السعودي عبده خال عن روايته "ترمي بشرر" علي الرغم من محتواها "الساقط"، ناهيك عن أن القائمين علي الجائزة دائمًا ما يحاولون إيهام الجمهور بنزاهة الاختيارات؛ بتضمين أسماء لروائيين كبار ممن يحظون باحترام الوسط الثقافي علي قوائم الترشيح؛ وليس أدل علي ذلك من اسم الروائي خيري شلبي صاحب "إسطاسيا".. وألمح إلي أن القائمة لهذا العام كانت كباقي الجوائز العربية، إذ أصبح فيها الكثير مما يشوبها، ويدور حولها العديد من التساؤلات؛ سواء علي مستوي الاختيار أو التوزيع علي الأقطار العربية وصولًا إلي إلقاء مزيد من الضوء علي الأدباء. أما د. طلعت الشايب مساعد مدير المركز القومي للترجمة للتخطيط والمتابعة، فقال: "إن "البوكر" مبادرة في صالح الأدب العربي، ورغم ما أثير حولها مؤخرًا من جذب، إلا أنها حركت ركود الجوائز العربية؛ إذ إنها تلبي طبيعة الإبداع أكثر من أي جائزة أخري؛ فجوهر الإبداع يكمن في الاختلاف. ومن الجدير بالإشارة أنه علي الرغم من الانقسامات الحادة حول جائزة "البوكر" العربية للرواية، إلا إنها تظل أحد أهم الجوائز التي ينتظر نتائجها جمهور الأدب وكتابه علي حد سواء.