إذا كانت البيئة هي "الحالة" التي تحقّق السلامة والأمان والصحة النفسية، والراحة الذهنية والعصبية والبصرية والسمعية للكائنات الحية من إنسان وحيوان وطير ونبات، وكافة موجودات الخليقة دون ضرر أو مساس بهذه الحياة، فتصبح السينما التسجيلية منوطاً بها تقديم هذه الحقائق والأخبار والمعلومات، والإحاطة الشاملة للقضايا والمشكلات الملحة، ومجريات الأحداث بموضوعية وحيادية شديدة، ودون تحريف أو تزييف لهذه الحقائق كمهمة أساسية، ليبرزها الإعلام الحر بمعاييره وضوابطه، فيسهم بذلك في تنوير الرأي العام وتكوينه، وإعادة تشكيل الوعي الاتصالي للمتلقي الإيجابي، نحو سينما تتسم بالانتقائية والاختيار ومُتعة المشاهدة وتبني الأفكار المستحدثة، طالما أن شكل ومضمون الفيلم التسجيلي الذي يتعرّض للمشكلات والقضايا لم يخرج عن إطارها العام.. هذا ما يؤكده د. فاروق ابراهيم في كتابه "جماليات منظومة البيئة في السينما التسجيلية المصرية"، الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب - في البداية يذكر الكاتب أن كلمة "تسجيلي" لا وجود لها في اللغة العربية، ففي المنجد سجل بمعنى صب الماء، وسجل بمعنى المباراة، لذلك نجد أن كلمة "تسجيلي" هي من أدبيات النقد الأجنبي المكتوب باللغة الإنجليزية، التي وضع أساسها المخرج والناقد الإنجليزي "جون جريرسون"، ولخصها في النقاط التالية: مستوى أول: مستوى أعلى، وهو الذي يرى أنه يجب أن تقتصر عليه تسمية "الأفلام التسجيلية"، مستوى ثان: وهو الذي يضم كافة الأشكال التسجيلية. وعن السينما التسجيلية في مصر، يذكر المؤرخ السينمائي الفرنسي "جورج سادول" عن نشأة السينما المصرية: أن "مصوري لوميير"، ومن بينهم "بروميو ومسيجيش" قد صورا أفلاماً قصيرة في مصر وعرضاها منذ المشهد الأول عام 1896م. ويذكر جلال الشرقاوي في دراسته عن السينما المصرية: أن أول عرض تم في الإسكندرية عام 1896 بعنوان "شريط مضيء" في إحدى الصالات الداخلية من المقهى "زافاني" في الإسكندرية. ويذكر الكاتب: حظيت القاهرة على مر العصور، بأنها عاصمة الفن والفكر والإبداع الإنساني في فترة انكسارها وانتصارها، حتى أن مُعظم الأفلام التسجيلية والقصيرة أبرزت القاهرة في جانبها الجمالي، إلى أن أحالها "صلاح أبو سيف" في فيلمه التسجيلي عن القاهرة إلى سيمفونية غنائية، من خلال استعراضه في لقطات متتالية راقصة أصوات البائعين الجائلين في أناشيدهم ومواويلهم، للترويج عن بضائعهم في قاهرة المعز، ها هو الفن الشعبي، ولم يرَ صلاح أبو سيف في فيلمه إلا الأماكن الشعبية وتلقائية المصري الباحث عن لقمة العيش. ويشير الكاتب إلى أفلام تناولت البُعد الجمالي، فيعرض لنا فيلم "النيل أرزاق"، الذي يُعد رؤية نثرية بلغة السينما التسجيلية البحتة سواء في التكوين أو الإيقاع، أو اللغة البصرية المترابطة من حيث الشكل والمضمون، فنحن نرى هذا الإنسان البسيط على حافة النهر تحرّكه أمواجه الراقصة في هدوء، وهو يعمل في صمت ومهارة، رغم بدائية ما يقوم به من أعمال، وفي نهاية عملهم الشاق يلقون بثمار رصيدهم لتوضع في أطباق المترفين المتخمين من علية القوم، مع صوت الموسيقى الذي لا يعبأ بهذه الشرائح الهامشية في المجتمع، ثم يأتي يوم آخر لصيد وهكذا. ويرى الكاتب، أن الواقع "المتخيل" في "النيل أرزاق"، يدعو في مضمونه إلى تأمل هؤلاء المهمشين، وبعثهم من مرقدهم الصامت إلى حيز الوجود الإنساني في تتبع بصري، وفي لوحات تشكيلية تتميز بالصدق والحميمية، ما بين هؤلاء الشخوص و"عين الكاميرا" في حوارها، ومُشاركتها الفعّالة معهم في كل لقطة من لقطات الفيلم، والفيلم حينما يُعرض في التجمعات البشرية، يثير العصف الذهني الأماكن حول أهمية عمل الإنسان وفقاً لأية ظروف، ومهما كانت قيمة العمل اليدوي لكسب لقمة العيش تفوق أية معانٍ أخرى غير الجهد البشري، من أجل الحياة وظروفها القاسية. ويطرح الكتاب في هذا الفصل لمجموعة من الدراسات المتصلة بموضوع الكتاب، فيذكر: دراسة مجدي عبد الرحمن، وهي دراسة منهجية عن السينما التسجيلية والتاريخ، وما يهمنا في هذه الدراسة أنها تحقيق موثق لمفهوم التأريخ والتاريخ بصفة خاصة، ومدى تبني السينما التسجيلية للأفلام ذات البعد الحضاري، سواء أكان زماناً أو مكاناً أو إنساناً، ثم رصده للعديد من التعريفات للفيلم التسجيلي، ورصده الموثق لكافة الأفلام التسجيلية التي حوتها ذاكرة السينما في مجال الحضارة المصرية القديمة. وعن الدراسات التي تناولت البُعد البيئي، يقول الباحث: تُعد دراسة "زينب زمزم"، البُعد البيئي في سينما الأطفال، أول دراسة علمية من نوعها تناولت البُعد البيئي في سينما الأطفال، من حيث النوازع والاتجاهات والأشكال وطرق تناولها وتوظيفها، مع تركيزها على سينما الرسوم المتحركة وعالمها الرحب، فيما يمكن توظيفه من خلالها لخدمة قضايا البيئة التي تتناسب مع طبيعة الطفل وثقافته. وتحت عنوان "السينما التسجيلية في مصر.. رواد.. وأجيال"، يشير الكاتب إلى سينما "سعد نديم" التسجيلية، ويقول: يُعد "سعد نديم" بلا منازع أحد أهم الروَّاد الأوائل للسينما التسجيلية في مصر، لاهتمامه بقضايا وهموم هذا النوع من الأفلام التي تتطلب جهداً منفرداً. و"سعد نديم" لم يكن مُخرجاً فقط أو مونتيراً للعديد من الأفلام، بل كان له إسهام واضح في الكتابة للسينما، وإلى "سعد نديم" يعود الفضل والمبادرة بإيجاد هوية لهذا النوع من السينما بطرحه مسمى "السينما التسجيلية"، بدلاً من الأفلام القصيرة، وقد حصل عام 1962م على أول جائزة للنقد السينمائي في مصر. ومن روَّاد السينما التسجيلية، يذكر الكاتب: "جريرسون جون"، الأب الروحي للفيلم التسجيلي، واعتبر "جريرسون" السينما التسجيلية بمثابة منبر، يمكن استخدامه كدعاية ووسيلة مُهمة كالأدب الكتابي، فقد كانت السينما عند "جريرسون" بمثابة قوة اجتماعية وليست إحساساً جمالياً فقط، ويضيف: لقد كانت لدينا الرغبة في أن تخلق دراما تعقد على الحياة العادية، بدلاً من الدراما السائدة، التي كانت تهتم بالأحداث الشاذة وحدها. ويتفق "روبرت فلاهيرتي" مع "جريرسون" بقوله إن القصة لابد أن تنبعث من المكان الذي تدور فيه، وأنه لابد من دراسة "البيئة والتعرف عليها". خدمة ( وكالة الصحافة العربية ) إذا كانت البيئة هي "الحالة" التي تحقّق السلامة والأمان والصحة النفسية، والراحة الذهنية والعصبية والبصرية والسمعية للكائنات الحية من إنسان وحيوان وطير ونبات، وكافة موجودات الخليقة دون ضرر أو مساس بهذه الحياة، فتصبح السينما التسجيلية منوطاً بها تقديم هذه الحقائق والأخبار والمعلومات، والإحاطة الشاملة للقضايا والمشكلات الملحة، ومجريات الأحداث بموضوعية وحيادية شديدة، ودون تحريف أو تزييف لهذه الحقائق كمهمة أساسية، ليبرزها الإعلام الحر بمعاييره وضوابطه، فيسهم بذلك في تنوير الرأي العام وتكوينه، وإعادة تشكيل الوعي الاتصالي للمتلقي الإيجابي، نحو سينما تتسم بالانتقائية والاختيار ومُتعة المشاهدة وتبني الأفكار المستحدثة، طالما أن شكل ومضمون الفيلم التسجيلي الذي يتعرّض للمشكلات والقضايا لم يخرج عن إطارها العام.. هذا ما يؤكده د. فاروق ابراهيم في كتابه "جماليات منظومة البيئة في السينما التسجيلية المصرية"، الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب - في البداية يذكر الكاتب أن كلمة "تسجيلي" لا وجود لها في اللغة العربية، ففي المنجد سجل بمعنى صب الماء، وسجل بمعنى المباراة، لذلك نجد أن كلمة "تسجيلي" هي من أدبيات النقد الأجنبي المكتوب باللغة الإنجليزية، التي وضع أساسها المخرج والناقد الإنجليزي "جون جريرسون"، ولخصها في النقاط التالية: مستوى أول: مستوى أعلى، وهو الذي يرى أنه يجب أن تقتصر عليه تسمية "الأفلام التسجيلية"، مستوى ثان: وهو الذي يضم كافة الأشكال التسجيلية. وعن السينما التسجيلية في مصر، يذكر المؤرخ السينمائي الفرنسي "جورج سادول" عن نشأة السينما المصرية: أن "مصوري لوميير"، ومن بينهم "بروميو ومسيجيش" قد صورا أفلاماً قصيرة في مصر وعرضاها منذ المشهد الأول عام 1896م. ويذكر جلال الشرقاوي في دراسته عن السينما المصرية: أن أول عرض تم في الإسكندرية عام 1896 بعنوان "شريط مضيء" في إحدى الصالات الداخلية من المقهى "زافاني" في الإسكندرية. ويذكر الكاتب: حظيت القاهرة على مر العصور، بأنها عاصمة الفن والفكر والإبداع الإنساني في فترة انكسارها وانتصارها، حتى أن مُعظم الأفلام التسجيلية والقصيرة أبرزت القاهرة في جانبها الجمالي، إلى أن أحالها "صلاح أبو سيف" في فيلمه التسجيلي عن القاهرة إلى سيمفونية غنائية، من خلال استعراضه في لقطات متتالية راقصة أصوات البائعين الجائلين في أناشيدهم ومواويلهم، للترويج عن بضائعهم في قاهرة المعز، ها هو الفن الشعبي، ولم يرَ صلاح أبو سيف في فيلمه إلا الأماكن الشعبية وتلقائية المصري الباحث عن لقمة العيش. ويشير الكاتب إلى أفلام تناولت البُعد الجمالي، فيعرض لنا فيلم "النيل أرزاق"، الذي يُعد رؤية نثرية بلغة السينما التسجيلية البحتة سواء في التكوين أو الإيقاع، أو اللغة البصرية المترابطة من حيث الشكل والمضمون، فنحن نرى هذا الإنسان البسيط على حافة النهر تحرّكه أمواجه الراقصة في هدوء، وهو يعمل في صمت ومهارة، رغم بدائية ما يقوم به من أعمال، وفي نهاية عملهم الشاق يلقون بثمار رصيدهم لتوضع في أطباق المترفين المتخمين من علية القوم، مع صوت الموسيقى الذي لا يعبأ بهذه الشرائح الهامشية في المجتمع، ثم يأتي يوم آخر لصيد وهكذا. ويرى الكاتب، أن الواقع "المتخيل" في "النيل أرزاق"، يدعو في مضمونه إلى تأمل هؤلاء المهمشين، وبعثهم من مرقدهم الصامت إلى حيز الوجود الإنساني في تتبع بصري، وفي لوحات تشكيلية تتميز بالصدق والحميمية، ما بين هؤلاء الشخوص و"عين الكاميرا" في حوارها، ومُشاركتها الفعّالة معهم في كل لقطة من لقطات الفيلم، والفيلم حينما يُعرض في التجمعات البشرية، يثير العصف الذهني الأماكن حول أهمية عمل الإنسان وفقاً لأية ظروف، ومهما كانت قيمة العمل اليدوي لكسب لقمة العيش تفوق أية معانٍ أخرى غير الجهد البشري، من أجل الحياة وظروفها القاسية. ويطرح الكتاب في هذا الفصل لمجموعة من الدراسات المتصلة بموضوع الكتاب، فيذكر: دراسة مجدي عبد الرحمن، وهي دراسة منهجية عن السينما التسجيلية والتاريخ، وما يهمنا في هذه الدراسة أنها تحقيق موثق لمفهوم التأريخ والتاريخ بصفة خاصة، ومدى تبني السينما التسجيلية للأفلام ذات البعد الحضاري، سواء أكان زماناً أو مكاناً أو إنساناً، ثم رصده للعديد من التعريفات للفيلم التسجيلي، ورصده الموثق لكافة الأفلام التسجيلية التي حوتها ذاكرة السينما في مجال الحضارة المصرية القديمة. وعن الدراسات التي تناولت البُعد البيئي، يقول الباحث: تُعد دراسة "زينب زمزم"، البُعد البيئي في سينما الأطفال، أول دراسة علمية من نوعها تناولت البُعد البيئي في سينما الأطفال، من حيث النوازع والاتجاهات والأشكال وطرق تناولها وتوظيفها، مع تركيزها على سينما الرسوم المتحركة وعالمها الرحب، فيما يمكن توظيفه من خلالها لخدمة قضايا البيئة التي تتناسب مع طبيعة الطفل وثقافته. وتحت عنوان "السينما التسجيلية في مصر.. رواد.. وأجيال"، يشير الكاتب إلى سينما "سعد نديم" التسجيلية، ويقول: يُعد "سعد نديم" بلا منازع أحد أهم الروَّاد الأوائل للسينما التسجيلية في مصر، لاهتمامه بقضايا وهموم هذا النوع من الأفلام التي تتطلب جهداً منفرداً. و"سعد نديم" لم يكن مُخرجاً فقط أو مونتيراً للعديد من الأفلام، بل كان له إسهام واضح في الكتابة للسينما، وإلى "سعد نديم" يعود الفضل والمبادرة بإيجاد هوية لهذا النوع من السينما بطرحه مسمى "السينما التسجيلية"، بدلاً من الأفلام القصيرة، وقد حصل عام 1962م على أول جائزة للنقد السينمائي في مصر. ومن روَّاد السينما التسجيلية، يذكر الكاتب: "جريرسون جون"، الأب الروحي للفيلم التسجيلي، واعتبر "جريرسون" السينما التسجيلية بمثابة منبر، يمكن استخدامه كدعاية ووسيلة مُهمة كالأدب الكتابي، فقد كانت السينما عند "جريرسون" بمثابة قوة اجتماعية وليست إحساساً جمالياً فقط، ويضيف: لقد كانت لدينا الرغبة في أن تخلق دراما تعقد على الحياة العادية، بدلاً من الدراما السائدة، التي كانت تهتم بالأحداث الشاذة وحدها. ويتفق "روبرت فلاهيرتي" مع "جريرسون" بقوله إن القصة لابد أن تنبعث من المكان الذي تدور فيه، وأنه لابد من دراسة "البيئة والتعرف عليها". خدمة ( وكالة الصحافة العربية )