رصد تقرير حقوقي عن مركز الأرض لحقوق الإنسان، اختراق قطاعي الزراعة والري المصريين بواسطة مراكز قوي دولية، تحت مزاعم "العولمة" وغيرها من قبل البنك الدولي.. كاشفًا الدور السلبي لمشروعات البنك الدولي وتأثيراتها الضارة في قطاع الزراعة وحقوق صغار المزارعين في آمان الزراعة، فضلًا عن تناقض أهداف البنك الدولي بتقليل الفقر وسياساته وممارساته التي تؤدي لتزايد عدد الفقراء ولا يجني ثمار مشروعاته إلا عدد قليل من رجال الأعمال المقربين من السلطة وأصحاب النفوذ. وأضاف التقرير: إن البنك الدولي ومؤسساته المالية بشرتنا بأن تحرير الأسواق سيحقق النمو في مصر، وهو ما يعمل علي تحسين أوضاع الفقراء علي المدي البعيد، لكن التجربة العملية أوضحت زيادة التدهور في توزيع الدخل وازدياد حدة الفقر وزيادة التفاوت في توزيع الدخول، وتفجر التضخم والبطالة وانهيار قيمة العملة الوطنية، إضافة إلي إغراق الأسواق بالسلع الترفيهية وعجز المصانع المصرية عن المنافسة، إلي جانب تعثر المشروعات، وهروب الاستثمار؛ حيث تتصدر مصر قائمة الدول الأكثر اقتراضاً في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. كما حذر التقرير من إصرار الحكومة المصرية علي المضي في مسلسل الاقتراض وتطبيق سياسات البنك الدولي رغم كل النتائج الكارثية التي أصابت الزراعة المصرية.. وألمح إلي أن البنك الدولي كشف حقيقة نفسه حين أعلن في بيان له في العام 2009 أنه خلال العامين الماضيين كشفت إدارة النزاهة التابعة للبنك عن 441 حالة احتيال وفساد في مشروعات يمولها البنك، لذلك فرض حظرا علي التعامل مع 58 شركة و54 فردا؛ باعتبارهم غير مؤهلين للمشاركة في أي من المشروعات التي يمولها البنك.. وأشار التقرير إلي أن البنك وصندوق النقد الدوليين هما سبب ما يعانيه المواطن المصري الآن من أزمات، وأرجع ذلك لما أسماه بالخطوط العريضة للتنمية الاقتصادية بمصر، والتي تتبع المنهج الرأسمالي الذي يتبناه البنك، ورغم أن الهدف الأساسي للبنك الدولي هو "محاربة الفقر"، فإن الواضح أنه يؤدي إلي زيادة الفقر؛ حيث لا توجد دولة واحدة نستطيع أن نعتبرها نموذجا لنجاح سياسات البنك الدولي في تخفيض نسبة الفقر بين مواطنيها منذ نشأة هذا البنك عام 1944م وحتي الآن، وأكد التقرير أن مصر قد نالت رضا البنك الدولي وخصص لها مبلغ 700 مليون دولار قروضا سنويا، لأنها نفذت الشرط المطلوب وأحدثت إصلاحا في القطاع المالي كما يريد البنك. وشكك التقرير في المزاعم التي يسوقها البنك الدولي من فوائد المشروعات التي مولها بقروض خلال الفترة من العام 1990 وحتي العام 2009 في مصر، من كونها حققت أهدافها الإنمائية بل وفي بعض الأحيان تجاوزت المستهدف في قطاعي الزراعة والري، وعادت بالنفع علي نحو أكثر من 790 ألفاً من صغار الفلاحين بزيادة دخولهم الزراعية السنوية بما يترواح بين 300 و600 جنيه للفدان الواحد، إضافة إلي تعزيز التخطيط المؤسسي والقدرات التنفيذية لوزارة الري والموارد المائية في قطاع الري، ورفع كفاءة التشغيل والصيانة في محطات الطلمبات، وادعاء البنك أيضا استفادة نحو 3.7 مليون فدان من هذه المشروعات بتعزيز قدراتها الإنتاجية الزراعية. ونوه التقرير الي أن البنك الدولي لم يكن يوما "مؤسسة ديمقراطية" بسبب السرية التي تحيط بمعظم أنشطته وحرمان معظم دول وشعوب الجنوب من اتخاذ القرارات أو الرقابة علي مشروعاته، إذ يعمل مجلس إدارة البنك في جو من السرية المطلقة مما يهدد مبدأ الشفافية وإتاحة المعلومات المنصوص عليها بالاتفاقيات الدولية.. ومن الجدير بالإشارة، أن البنك الدولي كان قد اعترف مؤخراً بأضرار هذه السياسة السرية، الأمر الذي حدا به إلي أن يقوم بمراجعة سياساته سنويا، حيث يقوم خبراؤه حاليا بإعداد "ورقة مفاهيم" عن مراجعة سياسة الإفصاح. وفي هذا الصدد أكد التقرير أن البنك الدولي كيان مريض بالشيزوفرينيا؛ حيث تمثلت قوانينه وأهدافه منذ إنشائه، في محاربة الفقر وتقليص عدد الفقراء، وفي الوقت ذاته نجد سياساته التي يتبعها تزيد من معدلات الفقر والفقراء علي مستوي العالم.. وأبان التقرير من خلال استعراض تلك المشروعات أن مشروعات البنك ومؤسساته المالية تهدف الي خدمة رءوس الأموال الاجنيبة والمحلية، إضافة الي قيام خبراء البنك بالاستحواذ علي ما يقدر بربع قيمة هذه القروض بنسبة 28.6% من اجمالي قيمة هذه القروض ولم يشترط البنك مثلاً حسب أهدافه المعلنة ضرورة تقليل الفقر أو تحسين الأجور أو انخفاض نسب البطالة. ويكشف هذا المحور حجم الفساد في مصر الذي أدي الي إهدار هذه القروض خلال الثلاثين عام الماضية حيث احتلت مصر المركز 115 من 180 دولة علي مستوي العالم بالنسبة لمؤشرات الفساد. وفي محوره الثالث تعرض التقرير ل"البنك الدولي وانهيار الزراعة المصرية " السياسات الاقتصادية التي اتبعتها الحكومة مع مطلع الثمانينيات والمرتبطة بقطاع الزراعة والتي نتج عنها تحرير أسعار المحاصيل الزراعية، وإلغاء التوريد الاجباري ودعم مستلزمات الإنتاج الزراعي ودعم القروض الزراعية، وتحرير الأرض الزراعية بقانون العلاقة الايجارية مما أدي إلي طرد مئات الآلاف من المستأجرين وزيادة إيجارات الاراضي الزراعية والتعدي علي حوالي خمس مساحة وادي النيل بالبناء عليها، الأمر الذي أثر في التركيب المحصولي والتجارة الخارجية والاكتفاء الذاتي من الغذاء، كما تعرض للمشروعات الممولة من مجموعة البنك الدولي في قطاع الزراعة والري خلال الفترة من 1990 الي 2009 خاصة مشروعات غرب الدلتا ودعم شركة الاندو المصرية للأسمدة وتنمية المناطق الريفية بسوهاج وإعادة تأهيل محطات الصرف ومشروعات شرق الدلتا وتحسين طرق الري والمشروع القومي للصرف بما قيمته 600 مليون دولار. . مؤكدًا أن السياسيات الزراعية الراهنة أدت لإهدار حوالي 25% من الاراضي الزراعية في مصر البالغة 8.7 مليون فدان بسبب تزايد مشكلة الملوحة.. كما تعرض التقرير مشروع غرب الدلتا كنموذج حالة والذي يشارك فيه البنك الدولي الحكومة المصرية بهدف تطوير الري وتوضيح تأثيراته علي صغار المزارعين والموارد الطبيعية الأمر الذي سيؤدي لنقص حصص مياه صغار المزارعين في شمال الدلتا لان المشروع سوف يأخذ أنصبتهم ويحولها لمزارع.