أنتاب العاملين القدامي في البنوك العامة حالة من السخط وعدم الرضا علي الإجراءات التعسفية التي تنفذ ضدهم من قبل الإدارات المتعاقبة التي تعمل علي تهميشهم وعدم الاستماع إلي نصائحهم المصرفية التي اكتسبوها علي مدار أكثر من ثلاثين عاماً من الخبرة والعمل المتواصل بهدف دفعهم إلي المطالبة بالمعاش المبكر وذلك تنفيذا لأوامر مصرفية عليا بضرورة التخلص من الخبراء المصرفيين وتعيين موظفين جدد لا يتمتعون بأي مستوي من الخبرة بدلاً منهم بدعوي أن الخبرات الطويلة في درب البنوك العامة لا تشفع لهم بالاستمرار مع استخدام التقنيات الحديثة والمطورة التي لم يجيدها القدامي ناهيك عن الفوارق الرهيبة والتفاوت الغريب في سقف المرتبات الحاصل مع المعينين الجدد بمؤهلات تخالف العمل في البنوك كطب الاسنان والصيدلة والزراعة وغيرها كما نجد أن سطوة النفوذ هي السمة الحاكمة في تفاوت المرتبات وأن المحسوبية هي المسيطرة علي تحديد نوعية المعيتين وذلك في تحد صارخ للأعراف المصرفية السائدة علي مدي عدة عقود مضت فقد أثبتت التجربة أن نصائح البنك الدولي لا تعدو كونها كوارث تدمير الاقتصاد لتحقيق الاخضاع بأسرع ما يمكن حتي يتمكن البنك من فرض شروط الاذعان والانصياع لمشورته التي تنخر في أصول الاقتصادي المصري. حيث ان مصر من أوائل الدول التي انضمت إلي البنك الدولي عام 1945، وتؤكد تجربة تمويل السد العالي سوء نية البنك الدولي، الذي ضغط علي مصرفيما بعد للاسراع ببرنامج الخصخصة وتخفيض سعر الصرف، وبدأ تنفيذ برنامج الخصخصة بصدور القانون 203 لسنة 1991 الذي سمي قانون قطاع الأعمال العام". وتقول د. سلوي حزين خبيرة مصرفية عن إهمال متعمد للجهاز المصرفي في أوائل التسعينيات، بسبب عدم وجود رؤية للمفاوض عندما التقي بممثلي البنك الدولي، إلي جانب عدم المساءلة عن كفاءة استخدام القروض والمنح التي تأتي من الخارج كما.أضافت أنه بعد حرب أكتوبر دخلت مصر حرب اقتصادية، لسلب الفرحة من الشعب، ومنها معارك مع البنك الدولي للحصول علي قروض، دون ان يكون لمصر منهجية أو استراتيجية مستقبلية في علاج المشاكل، وهو ما جعل المشاكل التي يعاني منها الاقتصاد المصرفي في تزايد وفشل برنامج التثبيت وقالت: هناك إعدام وظيفي لمن تتجاوز أعمارهم ال45 سنة، سواء بالخروج معاشا مبكرا أو بمحاصرته نفسيا وعصبيا وتهميشه، وتقوم القيادات الجديدة باختيار مجموعة حسب المصلحة، ويتم ضرب مرتبه في عشرة أضعاف علي حساب الخبرة والكفاءة، والأرباح لا تتوزع طبقا للكفاءة، وإنما لأهل الثقة، لا يعلم أحد أين ذهبت أموال صندوق تحديث البنوك العامة؟ ولماذا لا يتم الإعلان عن الاحتياجات الي قيادات مصرفية طوال الخمس سنوات الماضية؟ مؤكدة أنه لا يمكن اختزال الجهاز المصرفي في علاج التعثر. ومن جانبه قال الخبير الاقتصادي د. سلامة الخولي ان الجهاز المصرفي يتم هيكلته وفقا للمفهوم والثقافة الأمريكية والأوروبية، حتي يظل داخل المدار الأمريكي الأوروبي وذلك من خلال أجندة البنك الدولي، وبذلك تستفيد أمريكا من خلال تشغيل مكاتبها الخاصة لتطوير البنوك، وهذه الأجندة تتطلب تفريغ الجهاز المصرفي من الكفاءات والخبرات سواء بالمعاش المبكر أو بالتهميش، وبذلك لا يقوم البنك بمهمة التنمية الاقتصادية، وأشار إلي انه دخل البنوك في سابقة لم تحدث خريجو صيدلة وطب وزراعة وخدمة اجتماعية وهندسة مؤكدا ان ما يتم هو تدمير للخبرات المصرفية لصالح جيل جديد لا يعرف شيئا عن مشاكل الجهاز المصرفيوقالت بسنت فهمي مستشار التسويق المصرفي بالتمويل المصري السعودي ان الجهاز المصرفي به كوادر كثيرة، ولكن هناك اعتماد كامل علي أهل الثقة وليس الخبرة، وهذا ما أدي إلي تدني الكفاءة المطلوبة منتقدة إعطاء شخص واحد الكثير من السلطات والمهام، فكيف يمكن لشخص واحد ان يكون رئيسا لبنكين أو رئيسا لبنك وعضوا في مجلس إدارة بنك آخر أو رئيسا لبنك وعضوا في مجلس إدارة أكثر من شركة كما انتقدت فروق المرتبات بين العاملين مؤكدة ان هذا يؤدي إلي عدم الشعور بالرضا، ويؤثر علي أداء البنك. البنوك في خطر "فضلت الخروج معاشا مبكرا احتراما لتاريخي الذي يتجاوز 35 سنة في العمل المصرفي" بهذه العبارة بدأ د. عزت عبدالله خرج معاشا مبكرا من أحد البنوك كلامه مشيرا الي ان الخبرة المصرفية تأتي من خلال التراكم والاكتساب، وبالتسلسل الوظيفي في الهرم الوظيفي داخل البنك لا ان يتم القفز الي مدير عام لمجرد انه عمل ثلاث سنوات في الخارج.وأوضح ان هناك من يدعي ان الخبرات المصرفية القديمة لا تتمتع بالوسائل الحديثة مثل الحاسب الآلي واللغة وهذا غير صحيح، فلديهم هذه المهارات الي جانب حصولهم علي الدكتوراه والدبلومات المتخصصة في المصارف، ويكفي سنوات الخبرة وما عاصروه من مشاكل مرت علي الجهاز المصرفي منتقدا انتقال مصرفي من بنك إلي آخر بحثا عن الراتب الأعلي، في الوقت الذي يحمل معه أسرار البنك الذي كان يعمل فيه مؤكدا ان ما يحدث يهدد الجهاز المصرفي. من جانبه أكد د. مجدي عبدالفتاح "خرج معاشا مبكرا " ان البنوك معمل لتدريب الخبرات فكيف لموظف لم يعمل في البنوك يصبح مديرا عاما، فهؤلاء لن يسطيعوا التعامل مع المشاكل، مشيرا الي ان المصرفي الذي قضي ما يزيد علي 30 سنة من عمره في البنك عندما يجد نفسه تابعا لشباب بدون خبرة، ويتقاضي في الشهر ما حصل عليه من البنك خلال سنوات عمره، فلابد ان يفكر في ترك البنك.ويؤكد الخبير المصرفي أحمد آدم خرج معاشا مبكرا، ولم يتجاوز عمره 47 عاما ان هناك موجة جاءت في عام 2002 لتولي قيادات البنوك علي حساب الخبرات المحلية وفشلوا ثم جاءت موجهة جديدة من المدارس الأمريكية، لتولي القيادة ولم تقدم شيئا بل هناك مشاكل كثيرة، ومخاطر نتيجة لتآكل ودائع العملاء واتباع سياسة نقدية غير سليمة لم تراع ظروف المصريين الذين يعتمدون علي عوائد الودائع، مشيرا الي ان الاعتماد علي فكر المدرسة المصرفية الأمريكية يعرض الجهاز المصرفي للخطر.وطالب الدكتور جمال زهران عضو مجلس الشعب بضرورة حماية المال العام في البنوك العامة، ومواجهة تعيين المعارف والأقارب علي حساب الخبرات، والحد من الفروق الشاسعة بين العاملين في البنوك العامة والتي ستؤدي إلي تدمير البنوك العامة في ظل عدم الرضا بين العاملين في البنك المركزي والبنوك العامة. كما أحمد قورة رئيس البنك الوطني المصرفي بما يحدث في الجهاز المصرفي ، حيث يتم التعيين في البنوك وفقا للواسطة والأقارب وأبناء المسئولين وهو ما يجعل الجميع صامتا علي ما يحدث في هذه البنوك، رغم ضعف أدائها وتعاملها مع ملفات التعثر بشكل سياسي دون مراعاة لأموال المودعين.و أكد محمود عبدالعزيز رئيس اتحاد بنوك مصر السابق ورئيس البنك الأهلي السابق ضرورة إعادة النظر فيما يحدث في الجهاز المصرفي، وخاصة المرتبات الضخمة التي تحصل عليها القيادات الشابة، مقارنة بمرتبات قدامي العاملين في البنك.فليس هناك داع لهذه المرتبات فالأجدر بها القدامي الذين أفنوا أعمارهم في خدمة بنوكهم الوطنية وبدلاً من مكافأتهم علي أعمالهم ينوون تسريحهم والتخلص منهم لتعيين الوجهاء أبناء الخطوة وأصحاب النفوذ وأرباب المحسوبية.