أقل من شهر.. جدول امتحانات الشهادة الإعدادية 2024 بمحافظتي القاهرة والجيزة    حملة مقاطعة الأسماك: وصلنا ل25 محافظة.. والتاجر تعود على المكسب الكبير مش عايز ينزل عنه    رئيس برنامج دمج أبناء سيناء يكشف جهود الدولة لتحقيق التنمية المستدامة    الأسهم الأوروبية تنخفض عند الإغلاق مع استيعاب المستثمرين للأرباح الجديدة    حماس تكشف عن عرض قدمته لإسرائيل لوقف إطلاق النار: مجندة أمام 50 أسيرا وأسيرة    علي فرج يواصل رحلة الدفاع عن لقبه ويتأهل لنهائي بطولة الجونة للإسكواش    صدمة قاتلة لبرشلونة بشأن الصفقة الذهبية    موقف ثلاثي بايرن ميونخ من مواجهة ريال مدريد في دوري أبطال أوروبا    الأرصاد: تسجيل مزيد من الانخفاض في درجات الحرارة غدا الجمعة    تامر عاشور وأحمد سعد يجتمعان بحفل غنائي بالإمارات في يونيو المقبل    التغيرات المناخية ودور الذكاء الاصطناعي.. لقاء ثقافي في ملتقى أهل مصر بمطروح    هالة صدقي: «صلاح السعدني أنقى قلب تعاملت معه في الوسط الفني»    تخصيص غرف بالمستشفيات ل«الإجهاد الحراري» في سوهاج تزامنًا مع ارتفاع درجات الحرارة    عضو بالشيوخ: ذكرى تحرير سيناء تمثل ملحمة الفداء والإصرار لاستعادة الأرض    بفستان أبيض في أسود.. منى زكي بإطلالة جذابة في أحدث ظهور لها    بالفيديو.. ما الحكم الشرعي حول الأحلام؟.. خالد الجندي يجيب    لماذا حذرت المديريات التعليمية والمدارس من حيازة المحمول أثناء الامتحانات؟    فيديو.. مسئول بالزراعة: نعمل حاليا على نطاق بحثي لزراعة البن    الجيش الأردني ينفذ 6 إنزالات لمساعدات على شمال غزة    الكرملين حول الإمداد السري للصواريخ الأمريكية لكييف: تأكيد على تورط واشنطن في الصراع    أنطونوف يصف الاتهامات الأمريكية لروسيا حول الأسلحة النووية بالاستفزازية    وزارة التموين تمنح علاوة 300 جنيها لمزارعى البنجر عن شهرى مارس وأبريل    المغرب يستنكر بشدة ويشجب اقتحام متطرفين باحات المسجد الأقصى    الأهلى يخسر أمام بترو الأنجولي فى نصف نهائى الكؤوس الأفريقية لسيدات اليد    عامل يتهم 3 أطفال باستدراج نجله والاعتداء عليه جنسيا في الدقهلية    تشكيل الزمالك المتوقع أمام دريمز الغاني بعد عودة زيزو وفتوح    يمنحهم الطاقة والنشاط.. 3 أبراج تعشق فصل الصيف    في اليوم العالمي للملاريا.. أعراض تؤكد إصابتك بالمرض (تحرك فورًا)    6 نصائح لوقاية طفلك من حمو النيل.. أبرزها ارتداء ملابس قطنية فضفاضة    سبب غياب حارس الزمالك عن موقعة دريمز الغاني بالكونفيدرالية    استجابة لشكاوى المواطنين.. حملة مكبرة لمنع الإشغالات وتحرير5 محاضر و18حالة إزالة بالبساتين    دعاء يوم الجمعة.. ساعة استجابة تنال فيها رضا الله    تشيلي تستضيف الألعاب العالمية الصيفية 2027 السابعة عشر للأولمبياد الخاص بمشاركة 170 دولة من بينهم مصر    بيان مشترك.. أمريكا و17 دولة تدعو حماس للإفراج عن جميع الرهائن مقابل وقف الحرب    دعاء الاستخارة بدون صلاة .. يجوز للمرأة الحائض في هذه الحالات    مدرب صن دوانز: الفشل في دوري الأبطال؟!.. جوارديولا فاز مرة في 12 عاما!    مصادرة 569 كيلو لحوم ودواجن وأسماك مدخنة مجهولة المصدر بالغربية    إصابة سيدة وأبنائها في حادث انقلاب سيارة ملاكي بالدقهلية    جامعة حلوان توقع مذكرتي تفاهم مع جامعة الجلفة الجزائرية    رد فعل غير متوقع من منة تيسير إذا تبدل ابنها مع أسرة آخرى.. فيديو    تحرير 498 مخالفة مرورية لردع قائدي السيارات والمركبات بالغربية    طريقة عمل مافن الشوكولاتة بمكونات بسيطة.. «حلوى سريعة لأطفالك»    ضبط عامل بتهمة إطلاق أعيرة نارية لترويع المواطنين في الخصوص    محافظ كفر الشيخ يتابع أعمال تطوير منظومة الإنارة العامة في الرياض وبلطيم    مشايخ سيناء في عيد تحريرها: نقف خلف القيادة السياسية لحفظ أمن مصر    أمين الفتوى لزوجة: اطلقى لو زوجك لم يبطل مخدرات    الرئيس السيسي: نرفض تهجير الفلسطينيين حفاظا على القضية وحماية لأمن مصر    مستقبل وطن: تحرير سيناء يوم مشهود في تاريخ الوطنية المصرية    أبطال سيناء.. «صابحة الرفاعي» فدائية خدعت إسرائيل بقطعة قماش على صدر ابنها    محافظ قنا: 88 مليون جنيه لتمويل المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر خلال العام الحالي    فن التهنئة: استقبال شم النسيم 2024 بعبارات تمزج بين الفرح والتواصل    هيئة الرعاية بالأقصر تعلن رفع درجة الاستعداد تزامنا مع خطة تأمين ذكرى تحرير سيناء    معلق بالسقف.. دفن جثة عامل عثر عليه مشنوقا داخل شقته بأوسيم    حدث ليلا.. تزايد احتجاجات الجامعات الأمريكية دعما لفلسطين    الفندق عاوز يقولكم حاجة.. أبرز لقطات الحلقة الثانية من مسلسل البيت بيتي الجزء الثاني    الاحتفال بأعياد تحرير سيناء.. نهضة في قطاع التعليم بجنوب سيناء    أحمد موسى: مطار العريش أصبح قبلة للعالم وجاهز لاستقبال جميع الوفود    الزكاة على أموال وثائق التأمين.. الإفتاء توضح أحكامها ومتى تجب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الهدهد": نظرية صدام الحضارات تدفع المتسلح للهيمنة وإقصاء الآخر
نشر في صوت البلد يوم 27 - 10 - 2016

أكد الدكتور ابراهيم الهدهد رئيس جامعة الأزهر في بحث علمي عن الإسلام والتعايش السلمي أن الإسلام يؤمن بتعدد الحضارات، ويقرها، ويرسخ الإيمان بذلك في قلوب أتباعه،مشيرا إلى أن سيرة الرسول العطرة جسدت ذلك ، وتعاطت معها، واقعا عمليا فالتقاء الحضارات معلم من معالم التاريخ الحضاري للإنسانية، وهو قدر لا سبيل إلى مغالبته أو تجنبه، وقد تم دائما وأبدا وفق هذا القانون الحاكم التمييز بين ما هو مشترك إنساني عام وبين ماهو خصوصية حضارية"
وأكد الهدهد في بحثه الذي ألقي في المؤتمر التاسع عشر لحوار الثقافات والأديان لفريق حزب الشعب الأوربي مع الكنائس والمؤسسات الدينية بفينيسيا، أن الخيار البديل لصدام الحضارات هو أن تتفاعل الحضارات الإنسانية بما يعود على الإنسان والبشرية بالخير والفائدة، والاتجاه نحو البناء والاستجابة الحضارية لتحديات الراهن، عكس نظرية (صدام الحضارات) التي تدفع الطرف المتسلح بإمكاناته العملية والمادية لممارسة الهيمنة ونفي الآخر والسيطرة على مقدراته وثرواته تحت دعوى أن نزاعات العالم القادمة سيتحكم فيها العامل الحضاري.
وأشار الهدهد إلى أن الأزهر يؤمن أن الانعزال والتقوقع والانغلاق على الذات في عالم اليوم الذي تحول إلى قرية صغيرة بحكم التطور التقني الهائل في تكنولوجيا الاتصال أمر مستحيل، كما أن الانسياق وراء الدعوة إلى حضارة عالمية واحدة هو بحد ذاته عملية تكريس لهيمنة الحضارة الكاسحة وهو طريق التبعية الحضارية الذي يفقد كل أمة خصوصيتها الحضارية ويحولها إلى مجرد هامش للحضارة الكاسحة"
وأوضح الهدهد أن الإسلام أكد لأتباعه أن التعدد والتنوع من سنن الله في كونه، وأن جوهر رسالته عدم إكراه الناس على دين واحد فالتعدد سنة من سنن الله تعالى: في الكون، قال تعالى: {لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم فيما آتاكم فاستبقوا الخيرات} (المائدة/48 ). وقال أيضا )ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم( (هود / 119،118). وقال أيضا (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي. . .) (البقرة/256)
وقد نص القرآن الكريم على أن الإيمان بالرسل والكتب السماوية شرط كمال إيمان المسلم، في قوله تعالى: (آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لانفرق بين أحد من رسله) (البقرة/285) "بيد أنه لا يجوز أن يفهم هذا التسامح الإنساني الذي جعله الإسلام أساسا راسخا لعلاقة المسلم مع غير المسلم على أنه انفلات أو استعداد للذوبان في أي كيان من الكيانات التي لا تتفق مع جوهر هذا الدين. فهذا التسامح لا يلغي الفارق والاختلاف ولكنه يؤسس للعلاقات الإنسانية التي يريد الإسلام أن تسود حياة الناس، فالتأكيد على الخصوصيات العقائدية والحضارية والثقافية، لا سبيل إلى إلغائه، ولكن الإسلام لا يريد لهذه الخصوصيات أن تمنع التفاعل الحضاري بين الأمم والشعوب والتعاون فيما بينها".
وبين الهدهد الإسلام جاء رسالة رحمة إلى الناس كافة، قال الله تعالى: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) (الأنبياء/107 ) و دعوته مرتكزة على تنوع الشعوب والتعدد المجتمعي، ولا سبيل إلى الالتقاء إلا بالتعارف والتعاون وقد جاء ذلك في قوله : تعالى: ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا)(الحجرات/13) وأن دعوته ترتكز على التسامح، والحوار لا الصدام، والتعايش لا التناحروقد جاءت نصوص القرآن والسنة المطهرة معلنة عن ذلك بكل وضوح فقد أمر الله نبيه بالعفو والصفح عن غير المؤمنين به قال الله تعالى :" وقيله يارب إن هؤلاء قوم لايؤمنون فاصفح عنهم وقل سلام فسوف يعلمون "(الزخرف89،88) كما أمر الإسلام أتباعه بالجدال الحسن مع أهل الكتاب قال : تعالى: ( ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون) (العنكبوت/ 46 ) كما أمره بالصفح الجميل ( فاصفح الصفح الجميل ) " الحجر : 85" ويقول : ( خذ العفو وأمر بالمعروف وأعرض على الجاهلين )" الأعراف :199" وقوله تعالى: ( قل للذين آمنوا يغفروا للذين لايرجون أيام الله ليجزى قوما بما كانوا يكسبون ) " الجاثية:14".
كما أمر القرآن أتباعه بالبر بأهل الكتاب، ( لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ . إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) " الممتحنة:89" .وقد جاء في صحيح البخاري أن جنازة مرت فقام النبي صلى الله عليه وسلم: وقمنا فقلنا: يا رسول الله إنها جنازة يهودي فقال: أوليست نفسا؟ إذا رأيتم جنازة فقوموا" إن الأصل في الإسلام السلم والحرب استثناء، وهو صريح قوله تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين) (البقرة/ 208) وقوله : (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله) (الأنفال/61) وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم: عن تمني القتال، ودعا الصحابة إلى ذلك حين قال: ( لا تتمنوا لقاء العدو وسلوا الله العافية، فإذا لقيتموه فاثبتوا واذكروا الله كثيرا) ومن ثم فهو يعتبر الحرب خرقا للسلام وجريمة ما لم تدع إليها حالات معينة تبيحها وتكون فيها عادلة ومشروعة.
وقال الهدهد بأن من نتائج ثقافة التعايش التي أكد الإسلام عليها بقاء الآثار والكنائس والمعابد حتى ما يخص أتباع الديانات غير السماوية، وذلك في البلاد التي فتحها المسلمون على مر التاريخ، في كل البلاد، ومن يفعل غير ذلك من داعش وغيرها يبرأ منه الإسلام، وهو ناتج عن فهم مغلوط مشوه عن الإسلام.
وختم الهدهد بحثه موضحا أن الأزهر الشريف أكبر وأقدم مؤسسة دينية إسلامية في العالم ، يمتلك من الدراسات والأفكار ما يمكنه من طرح الرؤية الإسلامية، وبيان علاقة المسلم بغيره من أتباع الديانات السماوية، وليس من هدف الأزهر ولا من رسالته تحويل غير المسلمين للإسلام، وإنما هدفه شرح حقيقة الإسلام، وإن دوره هو الحفاظ على نقاء شريعة الإسلام والدفاع عنها مؤكدا بأن الإسلام لايحمل عداء للعقائد الأخرى، وأن الأزهر الشريف يدين العنف والإرهاب،و قد أوجد الله الناس من نفس واحدة، والاختلاف في العقائد من طبيعة البشر، والعقائد لاتباع ولاتشترى،ولا إكراه على العقائد، وإن الاختلاف لايمنع التعاون ولا التعارف، إن جميع الأديان السماوية اتفقت على أمرين إخلاص العبادة لله وحده والتحلي بمكارم الأخلاق، ولم يختلف أحد على أهمية الكلمة الطيبة في حياتنا جميعا.
أكد الدكتور ابراهيم الهدهد رئيس جامعة الأزهر في بحث علمي عن الإسلام والتعايش السلمي أن الإسلام يؤمن بتعدد الحضارات، ويقرها، ويرسخ الإيمان بذلك في قلوب أتباعه،مشيرا إلى أن سيرة الرسول العطرة جسدت ذلك ، وتعاطت معها، واقعا عمليا فالتقاء الحضارات معلم من معالم التاريخ الحضاري للإنسانية، وهو قدر لا سبيل إلى مغالبته أو تجنبه، وقد تم دائما وأبدا وفق هذا القانون الحاكم التمييز بين ما هو مشترك إنساني عام وبين ماهو خصوصية حضارية"
وأكد الهدهد في بحثه الذي ألقي في المؤتمر التاسع عشر لحوار الثقافات والأديان لفريق حزب الشعب الأوربي مع الكنائس والمؤسسات الدينية بفينيسيا، أن الخيار البديل لصدام الحضارات هو أن تتفاعل الحضارات الإنسانية بما يعود على الإنسان والبشرية بالخير والفائدة، والاتجاه نحو البناء والاستجابة الحضارية لتحديات الراهن، عكس نظرية (صدام الحضارات) التي تدفع الطرف المتسلح بإمكاناته العملية والمادية لممارسة الهيمنة ونفي الآخر والسيطرة على مقدراته وثرواته تحت دعوى أن نزاعات العالم القادمة سيتحكم فيها العامل الحضاري.
وأشار الهدهد إلى أن الأزهر يؤمن أن الانعزال والتقوقع والانغلاق على الذات في عالم اليوم الذي تحول إلى قرية صغيرة بحكم التطور التقني الهائل في تكنولوجيا الاتصال أمر مستحيل، كما أن الانسياق وراء الدعوة إلى حضارة عالمية واحدة هو بحد ذاته عملية تكريس لهيمنة الحضارة الكاسحة وهو طريق التبعية الحضارية الذي يفقد كل أمة خصوصيتها الحضارية ويحولها إلى مجرد هامش للحضارة الكاسحة"
وأوضح الهدهد أن الإسلام أكد لأتباعه أن التعدد والتنوع من سنن الله في كونه، وأن جوهر رسالته عدم إكراه الناس على دين واحد فالتعدد سنة من سنن الله تعالى: في الكون، قال تعالى: {لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم فيما آتاكم فاستبقوا الخيرات} (المائدة/48 ). وقال أيضا )ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم( (هود / 119،118). وقال أيضا (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي. . .) (البقرة/256)
وقد نص القرآن الكريم على أن الإيمان بالرسل والكتب السماوية شرط كمال إيمان المسلم، في قوله تعالى: (آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لانفرق بين أحد من رسله) (البقرة/285) "بيد أنه لا يجوز أن يفهم هذا التسامح الإنساني الذي جعله الإسلام أساسا راسخا لعلاقة المسلم مع غير المسلم على أنه انفلات أو استعداد للذوبان في أي كيان من الكيانات التي لا تتفق مع جوهر هذا الدين. فهذا التسامح لا يلغي الفارق والاختلاف ولكنه يؤسس للعلاقات الإنسانية التي يريد الإسلام أن تسود حياة الناس، فالتأكيد على الخصوصيات العقائدية والحضارية والثقافية، لا سبيل إلى إلغائه، ولكن الإسلام لا يريد لهذه الخصوصيات أن تمنع التفاعل الحضاري بين الأمم والشعوب والتعاون فيما بينها".
وبين الهدهد الإسلام جاء رسالة رحمة إلى الناس كافة، قال الله تعالى: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) (الأنبياء/107 ) و دعوته مرتكزة على تنوع الشعوب والتعدد المجتمعي، ولا سبيل إلى الالتقاء إلا بالتعارف والتعاون وقد جاء ذلك في قوله : تعالى: ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا)(الحجرات/13) وأن دعوته ترتكز على التسامح، والحوار لا الصدام، والتعايش لا التناحروقد جاءت نصوص القرآن والسنة المطهرة معلنة عن ذلك بكل وضوح فقد أمر الله نبيه بالعفو والصفح عن غير المؤمنين به قال الله تعالى :" وقيله يارب إن هؤلاء قوم لايؤمنون فاصفح عنهم وقل سلام فسوف يعلمون "(الزخرف89،88) كما أمر الإسلام أتباعه بالجدال الحسن مع أهل الكتاب قال : تعالى: ( ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون) (العنكبوت/ 46 ) كما أمره بالصفح الجميل ( فاصفح الصفح الجميل ) " الحجر : 85" ويقول : ( خذ العفو وأمر بالمعروف وأعرض على الجاهلين )" الأعراف :199" وقوله تعالى: ( قل للذين آمنوا يغفروا للذين لايرجون أيام الله ليجزى قوما بما كانوا يكسبون ) " الجاثية:14".
كما أمر القرآن أتباعه بالبر بأهل الكتاب، ( لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ . إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) " الممتحنة:89" .وقد جاء في صحيح البخاري أن جنازة مرت فقام النبي صلى الله عليه وسلم: وقمنا فقلنا: يا رسول الله إنها جنازة يهودي فقال: أوليست نفسا؟ إذا رأيتم جنازة فقوموا" إن الأصل في الإسلام السلم والحرب استثناء، وهو صريح قوله تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين) (البقرة/ 208) وقوله : (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله) (الأنفال/61) وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم: عن تمني القتال، ودعا الصحابة إلى ذلك حين قال: ( لا تتمنوا لقاء العدو وسلوا الله العافية، فإذا لقيتموه فاثبتوا واذكروا الله كثيرا) ومن ثم فهو يعتبر الحرب خرقا للسلام وجريمة ما لم تدع إليها حالات معينة تبيحها وتكون فيها عادلة ومشروعة.
وقال الهدهد بأن من نتائج ثقافة التعايش التي أكد الإسلام عليها بقاء الآثار والكنائس والمعابد حتى ما يخص أتباع الديانات غير السماوية، وذلك في البلاد التي فتحها المسلمون على مر التاريخ، في كل البلاد، ومن يفعل غير ذلك من داعش وغيرها يبرأ منه الإسلام، وهو ناتج عن فهم مغلوط مشوه عن الإسلام.
وختم الهدهد بحثه موضحا أن الأزهر الشريف أكبر وأقدم مؤسسة دينية إسلامية في العالم ، يمتلك من الدراسات والأفكار ما يمكنه من طرح الرؤية الإسلامية، وبيان علاقة المسلم بغيره من أتباع الديانات السماوية، وليس من هدف الأزهر ولا من رسالته تحويل غير المسلمين للإسلام، وإنما هدفه شرح حقيقة الإسلام، وإن دوره هو الحفاظ على نقاء شريعة الإسلام والدفاع عنها مؤكدا بأن الإسلام لايحمل عداء للعقائد الأخرى، وأن الأزهر الشريف يدين العنف والإرهاب،و قد أوجد الله الناس من نفس واحدة، والاختلاف في العقائد من طبيعة البشر، والعقائد لاتباع ولاتشترى،ولا إكراه على العقائد، وإن الاختلاف لايمنع التعاون ولا التعارف، إن جميع الأديان السماوية اتفقت على أمرين إخلاص العبادة لله وحده والتحلي بمكارم الأخلاق، ولم يختلف أحد على أهمية الكلمة الطيبة في حياتنا جميعا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.