يبحث الكاتب والمحامي اللبناني بطرس محفوظ حبيقة في مجموعته القصصية الموسومة ب”جميلة” في ذاكرته ويعيد تدوينها، ليتداخل الواقع والفانتازي ضمن النص المكتوب، فالمجموعة تتطرق إلى الصراعات الاجتماعية المختلفة، كما تتناول العلاقة بين السياسة والدين، ووضعية المرأة في المجتمع، كما يحاول الكاتب أن يرصد الاختلافات الاجتماعية والطائفية، إلى جانب الحكاية الشعبية وحساسيتها، وطبيعة تأثيرها في حياة البسطاء، البعيدين عن تعقيدات المدينة، وروح القلق التي تحكم سكّانها وعلاقاتهم، لنرصد مستويات العلاقة مع الغيب ومدى مصداقيتها أو استغلالها للمصالح الشخصيّة. تحمل المجموعة الصادرة عن دار “سائر المشرق”، عنوان جميلة، وهي القصة السادسة في المجموعة، وفيها يتحدث الكاتب عن مدينة متخيّلة تتحول إلى امرأة، فالمرأة/المدينة أشبه بإرم، هي بغي يتكاثر عليها الخاطئون، يعبرون جسدها المؤجّر الذي يتبادلونه بينهم ويفرغون فيه شهواتهم، فجميلة مدينة وجسد يحترق كعود ثقاب مرة واحدة قبل أن ينطفئ، وفي القصة نراها تنتحر لثقل ما تمرّ به. ولكن لا تلبث الأسطورة أن تسحب الكاتب بعيدا، لتغدو جميلة كطائر فينيق، يحترق ثم ينبعث من رماده، فخطاياها تُغسل بلهب حريقها، لكن المثير للتساؤل أننا لا نمتلك مرجعية واضحة عن جميلة، ولا من هي سواء كمدينة أو كأنثى سوى الإحالات إلى إرم، علما أنه يصفها بأسطورة ضاربة في حياتنا ومألوفة بالنسبة إلينا، لا غارقة في العدمية كغيرها من الأساطير، لكننا حقيقة لا ندرك ماهيتها، بل نتلمس أنه يكتب فيها ما يشبه الغزل والمديح بوصفها التي انتحرت، ثم عادت إلى الحياة، وأشعلت الأمل من جديد، بالرغم من الدنس الذي هي فيه كامرأة ومدينة. تتلمّس المجموعة القصصية ملامح الفساد الديني وتوظيفه السياسي في سبيل نيل الزعامة والهيبة، أو في سبيل جمع الأموال، فالصراعات التي يرسمها حبيقة في المجموعة ترتبط بطبيعة المنطقة وتقسيمها الطائفي، وكيف تختفي الأحقاد والمنافع الشخصية وراء المجاملات التي يدّعيها رجال الدين، وسعيهم إلى السلطة السياسية التي تستخدمهم لمصالحها، كما نراه يعكس الموقف الشعبي من هذا الاستغلال والسذاجة في التعامل معه، واللجوء إلى الإيمان الغيبي في سبيل تبرير ما يحدث والتسليم بالقدر، ما يجعل القصص تبدو أحيانا بعيدة عن التماسك، بل وكأنها لا تنتمي إلى الآن/ هنا، متجاهلة ما تمرّ به المنطقة الآن، وكأن النوستالجيا التي يعيشها الكاتب والرومانسيّة المرتبطة بذاك الماضي وتغيراته، تأسرانه ولا يستطيع الانعتاق منهما. تحمل المجموعة الكثير من العيوب، وبعيدا عن عدم إتقان بناء الحكاية وعدم وضوح ملامحها، نقرأ لغة عربية ركيكة، مليئة بالتكرار والإعادة في الفقرة الواحدة للكلمة الواحدة، بصورة غير مبررة أبدا، بل وحتى منفّرة، إلى جانب ركاكة الصياغة اللغوية وسبك الجملة، لتبدو المجموعة وكأنها مترجمة بصورة سيئة، إلى جانب الأخطاء النحوية وغرابة البعض من التراكيب والجمل التي لا تحمل صيغة شعريّة، بل هي أقرب إلى محاولة بدائية للتفرد باللغة التي قتلها التكرار والسطحية في المعاني، لنقرأ مثلا هذه الجملة “برجيس الذي لا يريد أن يكون مصلوبا، لأنه يريد أن يكون صالبا، فسقط منه شخص المصلوب، وبقي فيه الشخص الصالب القاسي” والتي تعتبر مثالا بسيطا عمّا تحويه المجموعة من عيوب لغوية، إلى جانب الاستخدام المجاني لعلامات الترقيم دون أيّ فائدة، وكأنها توضع فقط للزينة. الراوي غير الموضوعي تحمل البعض من القصص خللا في البنية التأليفية، إذ نرى الكاتب يبتعد عن مفهوم “الحكاية” ليغرق في التأملات والوعظ والحكم، لتبدو الحكايات مفككة أحيانا وبعيدة عن التماسك المنطقي، فصيغة الأمر التي نراها مستخدمة تقتل المتخيّل الذي يحاول الكاتب بناءه، إذ يغرق في تأملاته الذاتية وموقفه وأحكامه التي تبدو واضحة ولا تتخفّى وراء المفهوم الذي تحمله كل قصة أو الشخصيات، ليبدو الراوي وكأنه صمم الشخصيات وهيّأها لتتحدث بصوته ووجهة نظره؛ لا حرية اختيار لها، فهي تتحرك وفق أفكار الكاتب وموقفه الوعظي والأخلاقي، لتبدو مكبّلة ومشلولة، وتنطق بما يريد من مواعظ تبدو بائدة أو أقرب إلى الشعارات الخاوية، والمكتوبة بصيغة التضاد أو سبب/ نتيجة، لتبدو جوفاء، تحمل ملامح السجع والطباق التي لا تتناسب مع التقنيّة أو الحكاية التي من المفترض أن تطرحها كل قصة. يقحم الراوي ذاته في عدد من القصص، ليشطح بخياله مصرّحا بشطحاته هذه، فما يبدو واقعيا يتحول إلى فانتازي، حيث يتغير مجرى الأحداث وتفقد مرجعيتها الواقعيّة، مخالفة ما يؤسس له الكاتب في كل حكاية، وكأننا أمام شكل ثابت للقصص؛ واقع، فرأي الكاتب، ثم المتخيل، التقنية ذاتها تعاد دون أيّ جديد على صعيد الحبكة، لتطرح التساؤلات حول اختيار القصة القصيرة كنوع أدبي: لِمَ لَمْ يكتب مقالا، بل اختار القصة القصيرة التي جعل فيها النقلة بين الواقع والمتخيّل فجّة وبعيدة عن القيمة الأدبيّة؟ يُذكر أن الكاتب أستاذ في كلية القانون الكنسي- الحكمة، وقد صدر له عدد من الأعمال القانونيّة إلى جانب عدد من الأعمال الأدبيّة، ك”المشي على الورق” والمجموعة القصصيّة “تفليسة الجبل”. يبحث الكاتب والمحامي اللبناني بطرس محفوظ حبيقة في مجموعته القصصية الموسومة ب”جميلة” في ذاكرته ويعيد تدوينها، ليتداخل الواقع والفانتازي ضمن النص المكتوب، فالمجموعة تتطرق إلى الصراعات الاجتماعية المختلفة، كما تتناول العلاقة بين السياسة والدين، ووضعية المرأة في المجتمع، كما يحاول الكاتب أن يرصد الاختلافات الاجتماعية والطائفية، إلى جانب الحكاية الشعبية وحساسيتها، وطبيعة تأثيرها في حياة البسطاء، البعيدين عن تعقيدات المدينة، وروح القلق التي تحكم سكّانها وعلاقاتهم، لنرصد مستويات العلاقة مع الغيب ومدى مصداقيتها أو استغلالها للمصالح الشخصيّة. تحمل المجموعة الصادرة عن دار “سائر المشرق”، عنوان جميلة، وهي القصة السادسة في المجموعة، وفيها يتحدث الكاتب عن مدينة متخيّلة تتحول إلى امرأة، فالمرأة/المدينة أشبه بإرم، هي بغي يتكاثر عليها الخاطئون، يعبرون جسدها المؤجّر الذي يتبادلونه بينهم ويفرغون فيه شهواتهم، فجميلة مدينة وجسد يحترق كعود ثقاب مرة واحدة قبل أن ينطفئ، وفي القصة نراها تنتحر لثقل ما تمرّ به. ولكن لا تلبث الأسطورة أن تسحب الكاتب بعيدا، لتغدو جميلة كطائر فينيق، يحترق ثم ينبعث من رماده، فخطاياها تُغسل بلهب حريقها، لكن المثير للتساؤل أننا لا نمتلك مرجعية واضحة عن جميلة، ولا من هي سواء كمدينة أو كأنثى سوى الإحالات إلى إرم، علما أنه يصفها بأسطورة ضاربة في حياتنا ومألوفة بالنسبة إلينا، لا غارقة في العدمية كغيرها من الأساطير، لكننا حقيقة لا ندرك ماهيتها، بل نتلمس أنه يكتب فيها ما يشبه الغزل والمديح بوصفها التي انتحرت، ثم عادت إلى الحياة، وأشعلت الأمل من جديد، بالرغم من الدنس الذي هي فيه كامرأة ومدينة. تتلمّس المجموعة القصصية ملامح الفساد الديني وتوظيفه السياسي في سبيل نيل الزعامة والهيبة، أو في سبيل جمع الأموال، فالصراعات التي يرسمها حبيقة في المجموعة ترتبط بطبيعة المنطقة وتقسيمها الطائفي، وكيف تختفي الأحقاد والمنافع الشخصية وراء المجاملات التي يدّعيها رجال الدين، وسعيهم إلى السلطة السياسية التي تستخدمهم لمصالحها، كما نراه يعكس الموقف الشعبي من هذا الاستغلال والسذاجة في التعامل معه، واللجوء إلى الإيمان الغيبي في سبيل تبرير ما يحدث والتسليم بالقدر، ما يجعل القصص تبدو أحيانا بعيدة عن التماسك، بل وكأنها لا تنتمي إلى الآن/ هنا، متجاهلة ما تمرّ به المنطقة الآن، وكأن النوستالجيا التي يعيشها الكاتب والرومانسيّة المرتبطة بذاك الماضي وتغيراته، تأسرانه ولا يستطيع الانعتاق منهما. تحمل المجموعة الكثير من العيوب، وبعيدا عن عدم إتقان بناء الحكاية وعدم وضوح ملامحها، نقرأ لغة عربية ركيكة، مليئة بالتكرار والإعادة في الفقرة الواحدة للكلمة الواحدة، بصورة غير مبررة أبدا، بل وحتى منفّرة، إلى جانب ركاكة الصياغة اللغوية وسبك الجملة، لتبدو المجموعة وكأنها مترجمة بصورة سيئة، إلى جانب الأخطاء النحوية وغرابة البعض من التراكيب والجمل التي لا تحمل صيغة شعريّة، بل هي أقرب إلى محاولة بدائية للتفرد باللغة التي قتلها التكرار والسطحية في المعاني، لنقرأ مثلا هذه الجملة “برجيس الذي لا يريد أن يكون مصلوبا، لأنه يريد أن يكون صالبا، فسقط منه شخص المصلوب، وبقي فيه الشخص الصالب القاسي” والتي تعتبر مثالا بسيطا عمّا تحويه المجموعة من عيوب لغوية، إلى جانب الاستخدام المجاني لعلامات الترقيم دون أيّ فائدة، وكأنها توضع فقط للزينة. الراوي غير الموضوعي تحمل البعض من القصص خللا في البنية التأليفية، إذ نرى الكاتب يبتعد عن مفهوم “الحكاية” ليغرق في التأملات والوعظ والحكم، لتبدو الحكايات مفككة أحيانا وبعيدة عن التماسك المنطقي، فصيغة الأمر التي نراها مستخدمة تقتل المتخيّل الذي يحاول الكاتب بناءه، إذ يغرق في تأملاته الذاتية وموقفه وأحكامه التي تبدو واضحة ولا تتخفّى وراء المفهوم الذي تحمله كل قصة أو الشخصيات، ليبدو الراوي وكأنه صمم الشخصيات وهيّأها لتتحدث بصوته ووجهة نظره؛ لا حرية اختيار لها، فهي تتحرك وفق أفكار الكاتب وموقفه الوعظي والأخلاقي، لتبدو مكبّلة ومشلولة، وتنطق بما يريد من مواعظ تبدو بائدة أو أقرب إلى الشعارات الخاوية، والمكتوبة بصيغة التضاد أو سبب/ نتيجة، لتبدو جوفاء، تحمل ملامح السجع والطباق التي لا تتناسب مع التقنيّة أو الحكاية التي من المفترض أن تطرحها كل قصة. يقحم الراوي ذاته في عدد من القصص، ليشطح بخياله مصرّحا بشطحاته هذه، فما يبدو واقعيا يتحول إلى فانتازي، حيث يتغير مجرى الأحداث وتفقد مرجعيتها الواقعيّة، مخالفة ما يؤسس له الكاتب في كل حكاية، وكأننا أمام شكل ثابت للقصص؛ واقع، فرأي الكاتب، ثم المتخيل، التقنية ذاتها تعاد دون أيّ جديد على صعيد الحبكة، لتطرح التساؤلات حول اختيار القصة القصيرة كنوع أدبي: لِمَ لَمْ يكتب مقالا، بل اختار القصة القصيرة التي جعل فيها النقلة بين الواقع والمتخيّل فجّة وبعيدة عن القيمة الأدبيّة؟ يُذكر أن الكاتب أستاذ في كلية القانون الكنسي- الحكمة، وقد صدر له عدد من الأعمال القانونيّة إلى جانب عدد من الأعمال الأدبيّة، ك”المشي على الورق” والمجموعة القصصيّة “تفليسة الجبل”.