أغلقت مراكز الاقتراع أبوابها، ليسدل الستار علي الدورة الأولي من الانتخابات البرلمانية التي سيجري خلالها انتخاب 508 أعضاء، بعد يوم انتخابي عاصف سجل العديد من الانتهاكات علي مستوي الدوائر الانتخابية، واندلاع أعمال عنف وتسويد لبطاقات الاقتراع في العديد من الدوائر، وسط إقبال جماهيري ترجح تقديرات غير رسمية أنه يتراوح ما بين 5% و15 % من أصوات الناخبين الذين يحق لهم الإدلاء بأصواتهم والذين يتجاوزن ال40 مليون ناخب مصري. وعقب انتهاء عملية الاقتراع تم إغلاق الصناديق التي تحتوي أصوات الناخبين وختمها بخاتم رئيس لجنة الاقتراع الفرعية ونقلها إلي مقار اللجان العامة، تحت إشراف رؤساء اللجان الفرعية وحراسة القوة الأمنية المنوط بها ذلك، حيث يتم تسليم الصندوقين (المقاعد العادية ومقاعد المرأة) إلي رئيس لجنة الفرز. ويقوم رئيس كل لجنة انتخابية عامة ومعه اثنان من رؤساء اللجان الفرعية بتولي عملية الفرز علي أن يكون ذلك بحضور رئيس كل لجنة فرعية، ويقوم رئيس لجنة الفرز بإعلان نتيجة الانتخابات وعدد ما حصل عليه كل مرشح من أصوات. لتقوم اللجنة العليا للانتخابات برئاسة المستشار السيد عبدالعزيز عمر رئيس اللجنة بإعلان النتيجة النهائية للانتخابات. وكان المستشار سامح الكاشف المتحدث الرسمي باسم اللجنة العليا للانتخابات قد أكد خلال مؤتمر صحفي، أن اللجنة وفرت المناخ الهادئ وأعدت جميع التجهيزات التي من شأنها أن تيسر وصول الناخب في سهولة لممارسة حقه في الإدلاء بصوته. وقال إن العملية الانتخابية تمت في مجملها بصورة طبيعة ومنتظمة باستثناء بعض الأحداث التي اتخذت الجهات المختصة قرارات علي الفور في التعامل معها. لكن تقارير منظمات المجتمع المدني سجلت عمليات تزوير واسعة النطاق لصالح مرشحي الحزب "الوطني"، وانتهاكات وتجاوزات لسير العملية الانتخابية تمثلت معظمها في استخدام العنف والقوة منذ الساعات الأولي لبدء العملية الانتخابية، ومنع مندوبي المرشحين من دخول اللجان، ووجود أسماء متوفين ضمن كشوف الناخبين وتأخر فتح باب اللجان، والنقل الجماعي للناخبين. ورصدت المنظمات المراقبة أخطاء في الكشوف الانتخابية، وتسويد البطاقات، ومنع مراقبي المجتمع المدني من القيام بأعمال المراقبة، بالإضافة إلي منع وكلاء المرشحين من دخول اللجان والسماح فقط لمرشحي الحزب "الوطني" والاعتداء عليهم، ومنع الناخبين من الإدلاء بأصواتهم. ووقعت أعمال عنف ومصادمات بين أنصار الحزب "الوطني" وأنصار المرشحين المستقلين، علاوة علي اشتباكات بين أنصار مرشحي الحزب بعضهم البعض فيما تسمي بالدوائر المفتوحة التي دفع فيها الحزب بأكثر من مرشح للتنافس علي مقعد واحد. ففي دائرة كفر الدوار بمحافظة البحيرة، اندلعت مصادمات عنيفة بين مرشح "الوطني فئات جمال عبد العاطي، وزميليه الآخرين عيد بلبع، ورضا أبو المضاوي، عندما اكتشف انصار الآخرين قيام الاول بالتزوير ضدهم في لجنة معمل القزار، فاقتحموا اللجان وكسروا الصناديق وأحرقوها، قبل أن تأمر اللجنة العليا للانتخابات باستبدال الصناديق واستئناف العملية الانتخابية. كما شهد المارثون الانتخابي سقوط ست حالات وفاة في مناطق عين شمس بالقاهرة، وقرية كمشيش بالمنوفية، وسيدي جابر بالإسكندرية، ووادي النطرون بالبحيرة. غير أن اللجنة العليا للانتخابات ومصادر الأمن نفت سقوط حالات وفاة علي علاقة بالعملية الانتخابية، كما سقط عشرات المصابين في مشاجرات انتخابية. وكانت هناك شكاوي من التدخلات الأمنية في العملية الانتخابية علي الرغم من الوعود بالحيدة، ووصل الأمر في المنصورة إلي احتجاز الأمن لرئيس اللجنة الفرعية رقم 74 ومقرها مدرسة الزهراء الابتدائية، بزعم مخالفة التعليمات الأمنية، وسماحه بدخول مندوبي المرشحين للجان الانتخابية. وفي لجان محافظة الغربية، تفاجأ الناخبون بأنه تم تسديد بطاقتهم الانتخابية والتوقيع امام أسمائهم في الساعات الأولي من الانتخابات، ورفض رؤساء اللجان السماح لهم بالتصويت وهددهم بالشرطة. وفي دائرة شبرا الخيمة بالقليوبية، فقد شهدت الدائرة وقائع عملية تزوير مكتملة الأركان في مدرسة عبد السلام عارف لصالح مرشحي الحزب "الوطني" مجاهد نصار ولواء أمن الدولة السابق عاطف مسعود. وأكد شهود عيان تورط بعض أنصارهم في تسديد آلاف بطاقات الاقتراع في غياب تام لأجهزة الأمن ومندوبي اللجنة العليا للانتخابات. وفي دائرة إيتاي البارود بالبحيرة، تم اخراج مندوبي المرشحين بالقوة واستبدال صناديق أرقام " 72، 73 ، 74 " بصناديق أخري أحضرتها سيارات ميكروباص تحمل لوحات (ب ف ج 631) ، (3597) ، (5898) أجرة البحيرة مسددة لصالح الحزب "الوطني"، وتكرر نفس الأمر في معظم دوائر المحافظة خاصة كفر الدوار، وأبو المطامير، وحوش عيسي والنوبارية. وبرزت ظاهرة شراء الأصوات الانتخابية أمام اللجان، واستخدام البطاقة الدوارة، وكانت تلك الظاهرة لافتة في القاهرةوالإسكندرية علي وجه الخصوص، وفي معظم دوائر الجمهورية، لصالح مرشحي "الوطني" من رجال الأعمال. كما لم تسلم لجان المحافظات الحدودية مثل مرسي مطروح، وشمال وجنوب سيناء من أحداث العنف بين مرشحي "الوطني" بعضهم البعض، وبين مرشحي وأنصار الحزب من جانب، والمستقلين من جانب آخر، وبرزت ظاهرة تسديد البطاقات الانتخابية بقوة في تلك الانتخابات، مع اعتماد معظم مرشحي "الوطني" علي الأصوات القبلية والعائلية. وفي السويس، اعتصم نحو 350 مرشح مستقل ومن "الإخوان المسلمين" أمام مديرية الامن في سابقة انتخابية احتجاجا علي رفض المستشار رئيس اللجنة الفرعية هنالك مقابلتهم لتسلم مذكرة منهم بشأن منع دخول مندوبيهم للجان، ووقوع علميات تزوير واسعة ضدهم، وقد اضطروا لصلاة العصر جماعة أمام المديرية حيث أمهم المرشح السيد رأفت العابد فئات إخوان. وفي الإسكندرية، كادت تقع جريمة كبري عندما حاول بعض اعضاء الحزب "الوطني" في قرية ابيس 2 "اغتيال" النائب صبحي صالح - مرشح "الإخوان" فئات بدائرة الرمل - خنقا، وأصيب المرشح الذي يخوض الانتخابات أمام اللواء محمد عبد السلام المحجوب مرشح الحزب "الوطني" بإصابات مختلفة، وتمكن انصاره من إنقاذه وإخراجه من الوحدة الصحية التي دخلها لتلقي الإسعافات. وشهدت دائرة مينا البصل بالأسلحة البيضاء بين مجموعة من البلطجية استاجرهم المرشح محمد رشاد عثمان وطني عمال والمرشح عبد الحليم علام فئات وطني بنفس الدائرة، بعد ان اختلف أنصار كل مرشح علي المبالغ التي اتفقوا عليها مع المقاول الذي استقدمهم لمؤازرة المرشحين، وبعدما أشيع عن تحالف محمد رشاد عثمان مع "الإخوان" لصالح حمدي حسن ضد عبد الحليم علام. وفي دائرة محرم بك بالإسكندرية، تم رصد عدد من أتوبيسات غرب الدلتا أرقام 2870 و2849 و2869 و4867 و2287 و3634 وأتوبيس خاص بجامعة الإسكندرية فرع دمنهور رقم 1376 يحملون المئات من المواطنين من خارج الإسكندرية للتصويت لصالح د. مفيد شهاب علي مقعد الفئات عن الحزب "الوطني". وفي دائرة البرلس والحامول وبلطيم بكفر الشيخ، أعلن حمدين صباحي مؤسس حزب "الكرامة"، انسحابه، احتجاجا علي ما أسماه بالتزوير المفضوح لمصلحة عصام عبد الغفار مرشح الحزب "الوطني". وكانت مصادمات دموية قد اندلعت بين وقوات الأمن المركزي في منطقة بلطيم، وفي منطقة الطريق الدولي الساحلي بالبرلس والحامول أسفرت عن إصابة العشرات بالرصاص المطاطي والاختناق بالغازات المسيلة للدموع. وفي دائرة فوه ومطوبس اعتدي أنصار "الوطني علي أنصار المرشح المستقل الزميل الصحفي محمد عبد العليم داود بعد ان تبين تقدم الأخير في الانتخابات، كما سددوا مئات الاصوات لصالح مرشح الحزب الحاكم. وفي بني سويف دائرة الواسطي، برزت أعمال عنف وصلت إلي حد حرق منزل خيري فرج مرشح "الإخوان" علي يد أنصار مرشح "الوطني" أحمد الريدي، كما اندلعت معارك بين أنصار مرشحي "الوطني" هشام الوكيل فئات وأنصار النائب محمد شاكر الديب مرشح الإخوان (فئات) بالأسلحة البيضاء والشوم وتم محاصرة قرية ميدوم بعشر سيارات للأمن المركزي وتوقف لجنة مدرسة الميمون الإعدادية المشتركة. واندلعت بدائرة الفشن مشاجرة بالأسلحة النارية بين أنصار علي عبد الفضيل مرشح "الوطني" فئات وعبد الله رجب مرشح "الإخوان" فئات بقرية الشكر وتم غلق جميع اللجان بالدائرة. وفي دائرة ببا نشبت مشاجرة في قرية الحطبة بين مرشحي الحزب "الوطني" عبدالله مبروك ووضاح أبو جبل فئات أصيب فيها العمدة منجد شقيق المرشح عبد الله مبروك، وأصيب 12 شخصا من أهالي قرية الميمون. وفي دائرة بركة السبع بالمنوفية، قام السيد صبحي الشهدي - الحزب "الوطني" في العزبة الغربية بشبين الكوم - بإطلاق أعيرة امام اللجان لإرهاب المواطنين، وفي لجنة مدرسة التجارة بجنزور أدلي الناخبون بأصواتهم أكثر من مرة بدون استعمال الحبر الفسفوري لصالح الحزب "الوطني"، وطرد مندوبو المرشحين من اللجان أرقام 215 216- 217- 218- منية دويب. وفي دائرة أشمون بالمنوفية، اعتدي أنصار المرشح "الوطني" عمال علي د. نصر عصمت وحُرر محضر بذلك، كما اعتدوا ايضا علي عبد الله سيد نخلة من انصار مرشح الإخوان. ولم يختلف الوضع في باقي محافظات الصعيد عن بني سويف والفيوم، ففي سوهاج أطلق النائب أحمد أبو حجي أعيرة نارية في الهواء فأصاب العديد من الناخبين، كما وقعت مشاجرات بين انصار المرشحين هناك أطلقت فيها الأعيرة النارية. ومن جانبهم، قام مرشحو "الإخوان" جمال قرني عن الحوامدية وعزة الجرف عن 6 أكتوبر ورزق حواش عن البدرشين برفع دعوي قضائية عاجلة لإيقاف الانتخابات بالدوائر الثلاث متهمين الحزب "الوطني" بتسديد بطاقات التصويت لصالح مرشحيه في بعض اللجان. ومن ناحيته، أكد المجلس القومي لحقوق الإنسان أن الانتهاكات التي استقبلتها غرفة المراقبة تنوعت بين منع الناخبين والمندوبين والمراقبين من دخول اللجان الانتخابية وعدم تمكن المرشحين من الحصول علي التوكيلات.. مشيرا إلي أن أبرز تلك الانتهاكات كانت في محافظات الإسماعيلية والشرقية والمنوفية والبحيرة والغربيةوالسويس وحلوان وسوهاج. وأشار إلي أنه تم التوجه بواسطة مندوب وزارة الداخلية المعين كضابط اتصال بغرفة العمليات بوحدة دعم الانتخابات بالمجلس القومي لحقوق الإنسان بإزالة أسباب الشكاوي المتعلقة بمنع الناخبين والمندوبين والمراقبين من دخول أماكن الاقتراع.