يرصد الكاتب محمد عبد الجواد، في كتابه "حياة مجاور في الجامع الأحمدي"، بعضا من تاريخ التعليم في مصر، عبر سيرته الذاتية ليكمل ما ابتدأته طبعة كتاب "الأيام" للأديب الراحل طه حسين. ويتناول الكتاب، الذي صدرت طبعته الجديدة هذا العام 2010 عن سلسلة "ذاكرة الكتابة" بالهيئة العامة لقصور الثقافة، جانبا من المعاناة التي شاهدها محمد عبد الجواد في نظام التعليم الديني في الجامع الأحمدي، واصفًا إياها منذ نهايات القرن التاسع عشر إلي منتصف العقد الثاني من القرن العشرين، ليرسم صورة واضحة للطبقة الفقيرة التي ينتمي إليها. ويضيف الكاتب: رغم سخطي علي حياتي التعليمية في تلك الفترة، إلا أنني لم أجعل ذلك مبرراً للإجحاف وعدم الإنصاف، فمع قسوة ما عانيته، فلا تخلو تلك الدراسة من المتعة واللذة، وفيها شيء من الفائدة والدراسة النفسية". والمتتبع للكتاب، يتراءي له أنه مجرد إطار عام فقط، إذ يهتم بالتواريخ والرسوم التوضيحية والصور الفوتوغرافية، والأرقام والجداول وقوائم الأسماء وإضافة إلي بعض المراجع، ليصير "صفحة من تاريخ التعليم" تصور حالة التعليم الديني المضطربة في تلك الفترة. أما عن الجامع الأحمدي عبر سطور الكتاب، فيمكن القول بأن الكتاب يعد ثريًا بالمعلومات القيمة عن الكثير مما يتعلق به، من نشأته ومكانه وصفته وبعض مراحل تطوره وملحقاته من المساجد الأخري والزوايا وأسماء أشهر العلماء الذين تولوا مشيخته.. كما ترجم الكتاب بإيجاز بعض الشخصيات؛ أمثال: الشيخ إبراهيم الظواهري، والشيخ أحمد الشرقاوي الذي يصفه المؤلف بأنه قائد النهضة التعليمية المدنية الحديثة بقري الشرقية، والسيد البدوي الذي تأسس الجامع نسبة إليه، كما تحدث - باستفاضة - عن خطط الدراسة بالمسجد ومناهجها وأوقاتها وموادها وطرقها وأغراضها وأساليب امتحاناتها. وعن الكتاب، ويقول د. إبراهيم عوض، أستاذ النقد الأدبي بكلية الآداب - جامعة عين شمس: يعد الكتاب لوحة حية مرسومة بدقة لحياة الطلاب ومساكنهم وغذائهم، هذا فضلا عن وصف مدينة طنطا في أوائل القرن العشرين ومقارنتها بطنطا منتصف الأربعينيات، والمنطقة المحيطة بالمسجد الأحمدي، وما فيها من الأسبلة والسقائين والموالد ومواسمها؛ وفي مقدمتها مولد السيد البدوي والنذور ووصف صندوق النذور ومواعيده وكيفية جرده وتوزيعه.