اعرف أسعار الذهب اليوم 25 أبريل وتوقعات السعر الأيام المقبلة    أخبار مصر: زيادة أسعار سجائر وينستون وكامل وجولدن كوست، محافظة جديدة تنظم لمقاطعة الأسماك، وقف خدمات الكاش بشركات المحمول    نمو إيرادات فورد وتراجع أرباحها خلال الربع الأول    شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي على رفح الفلسطينية    وصول 162 شاحنة مساعدات لقطاع غزة عبر معبري رفح وكرم أبو سالم البري    موعد مباراة أهلي جدة والرياض اليوم في دوري روشن السعودي والقناة الناقلة    اليوم.. طقس شديد الحرارة نهارًا ورياح مثيرة للرمال وأتربة عالقة    شكرًا على حبك وتشجيعك.. ريهام عبدالغفور ترثي والدها الفنان الراحل بكلمات مؤثرة    ضرب نار في أسعار الفراخ والبيض اليوم 25 أبريل.. شوف بكام    الشرطة الأمريكية تعتقل عددًا من الطلاب المؤيدين لفلسطين بجامعة كاليفورنيا.. فيديو    حزب الله يعرض مشاهد من رمايات صاروخية ضد أهداف إسرائيلية مختلفة    ارتفاع سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الخميس 25 إبريل 2024    هل ترك جنش مودرن فيوتشر غضبًا من قرار استبعاده؟.. هيثم عرابي يوضح    «عمال البناء والأخشاب» تهنئ الرئيس السيسي والقوات المسلحة بذكرى تحرير سيناء    اضبط ساعتك.. موعد بدء التوقيت الصيفي في مصر 2024| وطريقة تغيير الوقت    أحمد جمال سعيد حديث السوشيال ميديا بعد انفصاله عن سارة قمر    الأكثر مشاهدة على WATCH IT    "شياطين الغبار".. فيديو متداول يُثير الفزع في المدينة المنورة    بسبب روسيا والصين.. الأمم المتحدة تفشل في منع سباق التسلح النووي    ب86 ألف جنيه.. أرخص 3 سيارات في مصر بعد انخفاض الأسعار    محافظ المنيا: 5 سيارات إطفاء سيطرت على حريق "مخزن ملوي" ولا يوجد ضحايا (صور)    تطور مثير في جريمة الطفلة جانيت بمدينة نصر والطب الشرعي كلمة السر    ميدو يطالب بالتصدي لتزوير أعمار لاعبي قطاع الناشئين    حزب المصريين: البطولة العربية للفروسية تكشف حجم تطور المنظومة الرياضية العسكرية في عهد السيسي    «الاستثمار» تبحث مع 20 شركة صينية إنشاء «مدينة نسيجية»    عن تشابه «العتاولة» و«بدون سابق إنذار».. منة تيسير: التناول والأحداث تختلف (فيديو)    الفندق عاوز يقولكم حاجة.. أبرز لقطات الحلقة الثانية من مسلسل البيت بيتي الجزء الثاني    إصابة 9 أشخاص في حريق منزل بأسيوط    الاحتفال بأعياد تحرير سيناء.. نهضة في قطاع التعليم بجنوب سيناء    أبو رجيلة: فوجئت بتكريم الأهلي.. ومتفائل بقدرة الزمالك على تخطي عقبة دريمز    لتفانيه في العمل.. تكريم مأمور مركز سمالوط بالمنيا    أول تعليق من رئيس نادي المنصورة بعد الصعود لدوري المحترفين    الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني يعلن الترشح لفترة رئاسية ثانية    تدريب 27 ممرضة على الاحتياطات القياسية لمكافحة العدوى بصحة بني سويف    هل يجوز قضاء صلاة الفجر مع الظهر؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    أحمد موسى: مطار العريش أصبح قبلة للعالم وجاهز لاستقبال جميع الوفود    حصول 5 وحدات طب أسرة جديدة على اعتماد «GAHAR» (تفاصيل)    رئيس قسم الطب النفسي بجامعة الأزهر: تخصصنا يحافظ على الشخص في وضعه الطبيعي    رئيس «الطب النفسي» بجامعة الإسكندرية: المريض يضع شروطا قبل بدء العلاج    بعد نوى البلح.. توجهات أمريكية لإنتاج القهوة من بذور الجوافة    محافظ شمال سيناء: منظومة الطرق في الشيخ زويد تشهد طفرة حقيقية    مش بيصرف عليه ورفض يعالجه.. محامي طليقة مطرب مهرجانات شهير يكشف مفاجأة    تيك توك تتعهد بالطعن في قانون أمريكي يُهدد بحظرها    كيف أعرف من يحسدني؟.. الحاسد له 3 علامات وعليه 5 عقوبات دنيوية    دعاء في جوف الليل: اللهم أخرجنا من الظلمات إلى النور واهدنا سواء السبيل    بعد اختناق أطفال بحمام السباحة.. التحفظ على 4 مسؤولين بنادي الترسانة    الهلال الأحمر: لم يتم رصد أي مخالفات داخل شاحنات المساعدات في رفح    توجيهات الرئيس.. محافظ شمال سيناء: أولوية الإقامة في رفح الجديدة لأهالي المدينة    محافظ شمال سيناء: الانتهاء من صرف التعويضات لأهالي الشيخ زويد بنسبة 85%    اسكواش - ثلاثي مصري جديد إلى نصف نهائي الجونة الدولية    «زى النهارده».. عيد تحرير سيناء 25 إبريل 1982    الزكاة على أموال وثائق التأمين.. الإفتاء توضح أحكامها ومتى تجب    غادة البدوي: تحرير سيناء يمثل نموذجًا حقيقيًا للشجاعة والتضحية والتفاني في سبيل الوطن    فريد زهران: نسعى لوضع الكتاب المصري في مكانة أفضل بكثير |فيديو    حظك اليوم برج الميزان الخميس 25-4-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    من أرض الفيروز.. رسالة وزير العمل بمناسبة ذكرى تحرير سيناء    ميدو: لاعبو الزمالك تسببوا في أزمة لمجلس الإدارة.. والجماهير لن ترحمهم    بالفيديو.. أمين الفتوى: موجات الحر من تنفيس نار جهنم على الدنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حفيدات جريتا جاربو يُصيبهن الجنون
نشر في صوت البلد يوم 30 - 06 - 2016

جذبني عنوان الرواية وغلافها، الممثلة الأمريكية الفاتنة جريتا جاربو ترتدي قبعة رمادية ورداء يميل للسواد يتخلله طُرقه رمادية وجسدان بهيئة أشباح وفي الخلفية مأذنة قديمة لمسجد ورماد أصفر ربما لماضٍ في مدينة مجهولة، قررت أن أسحب الرواية من الرف لأتلصص على الحفيدات، وعالم عائشة البصري مؤلفة الرواية.
تخيلوا مثلاً أنكم في زيارة ميدانية لإحدى مستشفيات الأمراض العقلية، ستضطرب ضربات قلبكم وتتباطئ خطواتكم وتدعو الله سرًا أن تنجو سالمين من هذا المكان، هذا ما تجنبته عائشة فأخذتنا برفق نتجول معها في غُرف "مشفى الله" حيث تحكي المريضات عن أنفسهن للطبيب المعالج. كل فصل من فصول الرواية يحمل رقم غرفة، كل غرفة تختبئ داخل جدرانها امرأة يملؤها الغضب أكثر مما يملؤها الجنون. هل فكرتم –مثلي- من قبل أننا مع الجنون نستبيح ونتقبل أي شيء وكل شيء؟ وأقصد بالجنون تحديدًا هذا المرض الذي يغيب فيه العقل تمامًا.. هذا ما حدث في الرواية بصورة أو بأُخرى حيث فرض عليّ جنون المريضات في ما يحكوه عن حيواتهن أن أتقبله وألا أُشكك فيه وأُجاريهن في مشاعرهن، أتألم لهن وأحزن لما ممرن به وأُصدق في بعض الأحيان خرافات كثيرة حكينها في لحظات الإعتراف للطبيب، وهذا ما بدا لي بالفعل كإعترافات يسردونها لكنهن لا يطلبن المغفرة، إعترافات تستحق وتستوجب أن نعتذر لهن بعد سماعها لأننا رُغمًا عنا تورطنا في الإستماع إليهن وإستسلمنا لإلقاءهن في المشفى للتخلص من نثر حكاياتهن.
تعمدت عائشة البصري في سردها على الغموض الذي لاحقنا في نهايات كل فصل لوثائق مكتوبة بالفرنسية بإمضاء شخصية لا نعرفها، كما تعمدت الغموض أيضًا في الكثير من التفاصيل المروية على لسان المريضات والتي تُلمح بطريقة أو بأُخرى لشيء لا نفهمه عن هذا الطبيب المرتبك قليل الكلام. السرد في الفصول كان في صورة حوارية بين الطبيب وكل مريضة على حدى، لكن عائشة فردت البُساط للمريضات في السرد الطويل لقصصهن والحكايات التي تكشف لنا عن طبيعة المريضات وهن شخصيات مختلفة وكلهن تمردن على واقع قاسٍ ومريض مارس سلطته وقوته عليهن فقط لأنهن نساء مغلوبات على أمرهن في مجتمع عربي شرقي يحكمه التشدد الديني والعادات والتقاليد العمياء فسلبهن أرواحهن قبل أن يسلبهن عقولهن، فنستمع إلى حكاياهن والتي يروونها بثبات شديد ونبرة تخلو تمامًا من الضعف أو الندم، نبرة غاضبة جدًا وعاقلة جدًا، وإن شابها مسٌ من الجنون فهو سيغتفر على كل حال.
بطلات الرواية كلهن نسوة، كلهن عانين من الرجل، المجتمع، الوحدة، الفشل، الخزي، حتى الحياة.. نماذج متعددة جسدتهن عائشة في كاتبة روائية ومناضلة ثورية وأم محبة لأبنائها وسكرتيرة لوزير مهم والعانس التي فشلت في الزواج ونجحت في العمل وزوجه الفقيه التي انتهك الزواج طفولتها والمرأة التي تدعي أنها ليست شخص بل بطلة كاتب معروف خدعها بالحب والخنثى التي إحتارت جسدها مع روحها فلم تجد نفسها في النهاية في ثوب أخر غير المرأة.. تتنقل الفصول بينهن إلى نكتشف في النهاية الأمر الغامض الذي غرسته عائشة في وسط الأحداث وهو الأمر الذي ربما تُخبرنا به أن المتكلم ليس مجنون دائمًا وأن المستمع ليس عاقلاً أبدًا.
ربما أعيب على الكاتبة أنها عرضت كل الحكايات وطرحت كل القضايا التي أرادت طرحها بطريقة مباشرة جدًا ولم تدع للقارئ مجالاً ليلفظ بنفسه ما وراء الحكي من معاني.. هذا بالإضافة لأمر أخر يتعلق بعنوان الرواية والذي كان جاذبًا جدًا وهو بعيد عن أحداث الرواية، البطلات لسن حفيدات الممثلة الشهيرة جريتا جاربو كما سيظن الجميع، لكن لجريتا جاربو حكاية في الأحداث عليكم أن تقرأوها لتعرفوها بنفسكم، كما أن للشاعرة والأديبة الأمريكية سيلفيا بلاث علاقة صداقة وحديث طويل مع إحدى البطلات، وقد لخصت هذه البطلة فيما بعد سيناريو يراوغ العقل والجنون قليلاً، فتقول:
"الحياة رواية مؤلمة والعيش في هذا العالم مهمة صعبة بالنسبة للمرأة.. في الكثير من الأحيان أتساءل والسؤال حق مشروع: ماذا لو لم يكن هذا العالم موجودًا أصلاً، بل كان متخيلاً لعقل كبير. رواية يكتبها أحد ما في زمان ومكان آخرين أو في اللازمان واللامكان. وما نحن سوى شخصيات لا تُحصى.. رواية معقدة تكتب بتقنيات وتمويه عصي على الإدراك، لن يدركها إلا الجيل الأخير للخليقة، حين يقرر الراوي الكبير في الفصل الأخير أن يعلن للبشر عدم أحقيتهم، ويُنهي الرواية بفيضانات وزلازل تصيب الأرض، وهزات تفجر باقي المجرات. يختم الكتاب بجملة واحدة: نهاية العالم."
جذبني عنوان الرواية وغلافها، الممثلة الأمريكية الفاتنة جريتا جاربو ترتدي قبعة رمادية ورداء يميل للسواد يتخلله طُرقه رمادية وجسدان بهيئة أشباح وفي الخلفية مأذنة قديمة لمسجد ورماد أصفر ربما لماضٍ في مدينة مجهولة، قررت أن أسحب الرواية من الرف لأتلصص على الحفيدات، وعالم عائشة البصري مؤلفة الرواية.
تخيلوا مثلاً أنكم في زيارة ميدانية لإحدى مستشفيات الأمراض العقلية، ستضطرب ضربات قلبكم وتتباطئ خطواتكم وتدعو الله سرًا أن تنجو سالمين من هذا المكان، هذا ما تجنبته عائشة فأخذتنا برفق نتجول معها في غُرف "مشفى الله" حيث تحكي المريضات عن أنفسهن للطبيب المعالج. كل فصل من فصول الرواية يحمل رقم غرفة، كل غرفة تختبئ داخل جدرانها امرأة يملؤها الغضب أكثر مما يملؤها الجنون. هل فكرتم –مثلي- من قبل أننا مع الجنون نستبيح ونتقبل أي شيء وكل شيء؟ وأقصد بالجنون تحديدًا هذا المرض الذي يغيب فيه العقل تمامًا.. هذا ما حدث في الرواية بصورة أو بأُخرى حيث فرض عليّ جنون المريضات في ما يحكوه عن حيواتهن أن أتقبله وألا أُشكك فيه وأُجاريهن في مشاعرهن، أتألم لهن وأحزن لما ممرن به وأُصدق في بعض الأحيان خرافات كثيرة حكينها في لحظات الإعتراف للطبيب، وهذا ما بدا لي بالفعل كإعترافات يسردونها لكنهن لا يطلبن المغفرة، إعترافات تستحق وتستوجب أن نعتذر لهن بعد سماعها لأننا رُغمًا عنا تورطنا في الإستماع إليهن وإستسلمنا لإلقاءهن في المشفى للتخلص من نثر حكاياتهن.
تعمدت عائشة البصري في سردها على الغموض الذي لاحقنا في نهايات كل فصل لوثائق مكتوبة بالفرنسية بإمضاء شخصية لا نعرفها، كما تعمدت الغموض أيضًا في الكثير من التفاصيل المروية على لسان المريضات والتي تُلمح بطريقة أو بأُخرى لشيء لا نفهمه عن هذا الطبيب المرتبك قليل الكلام. السرد في الفصول كان في صورة حوارية بين الطبيب وكل مريضة على حدى، لكن عائشة فردت البُساط للمريضات في السرد الطويل لقصصهن والحكايات التي تكشف لنا عن طبيعة المريضات وهن شخصيات مختلفة وكلهن تمردن على واقع قاسٍ ومريض مارس سلطته وقوته عليهن فقط لأنهن نساء مغلوبات على أمرهن في مجتمع عربي شرقي يحكمه التشدد الديني والعادات والتقاليد العمياء فسلبهن أرواحهن قبل أن يسلبهن عقولهن، فنستمع إلى حكاياهن والتي يروونها بثبات شديد ونبرة تخلو تمامًا من الضعف أو الندم، نبرة غاضبة جدًا وعاقلة جدًا، وإن شابها مسٌ من الجنون فهو سيغتفر على كل حال.
بطلات الرواية كلهن نسوة، كلهن عانين من الرجل، المجتمع، الوحدة، الفشل، الخزي، حتى الحياة.. نماذج متعددة جسدتهن عائشة في كاتبة روائية ومناضلة ثورية وأم محبة لأبنائها وسكرتيرة لوزير مهم والعانس التي فشلت في الزواج ونجحت في العمل وزوجه الفقيه التي انتهك الزواج طفولتها والمرأة التي تدعي أنها ليست شخص بل بطلة كاتب معروف خدعها بالحب والخنثى التي إحتارت جسدها مع روحها فلم تجد نفسها في النهاية في ثوب أخر غير المرأة.. تتنقل الفصول بينهن إلى نكتشف في النهاية الأمر الغامض الذي غرسته عائشة في وسط الأحداث وهو الأمر الذي ربما تُخبرنا به أن المتكلم ليس مجنون دائمًا وأن المستمع ليس عاقلاً أبدًا.
ربما أعيب على الكاتبة أنها عرضت كل الحكايات وطرحت كل القضايا التي أرادت طرحها بطريقة مباشرة جدًا ولم تدع للقارئ مجالاً ليلفظ بنفسه ما وراء الحكي من معاني.. هذا بالإضافة لأمر أخر يتعلق بعنوان الرواية والذي كان جاذبًا جدًا وهو بعيد عن أحداث الرواية، البطلات لسن حفيدات الممثلة الشهيرة جريتا جاربو كما سيظن الجميع، لكن لجريتا جاربو حكاية في الأحداث عليكم أن تقرأوها لتعرفوها بنفسكم، كما أن للشاعرة والأديبة الأمريكية سيلفيا بلاث علاقة صداقة وحديث طويل مع إحدى البطلات، وقد لخصت هذه البطلة فيما بعد سيناريو يراوغ العقل والجنون قليلاً، فتقول:
"الحياة رواية مؤلمة والعيش في هذا العالم مهمة صعبة بالنسبة للمرأة.. في الكثير من الأحيان أتساءل والسؤال حق مشروع: ماذا لو لم يكن هذا العالم موجودًا أصلاً، بل كان متخيلاً لعقل كبير. رواية يكتبها أحد ما في زمان ومكان آخرين أو في اللازمان واللامكان. وما نحن سوى شخصيات لا تُحصى.. رواية معقدة تكتب بتقنيات وتمويه عصي على الإدراك، لن يدركها إلا الجيل الأخير للخليقة، حين يقرر الراوي الكبير في الفصل الأخير أن يعلن للبشر عدم أحقيتهم، ويُنهي الرواية بفيضانات وزلازل تصيب الأرض، وهزات تفجر باقي المجرات. يختم الكتاب بجملة واحدة: نهاية العالم."


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.