حريق يلتهم 4 أفدنة قمح في قرية بأسيوط    متحدث الصحة عن تسبب لقاح أسترازينيكا بتجلط الدم: الفائدة تفوق بكثير جدًا الأعراض    بمشاركة 28 شركة.. أول ملتقى توظيفي لخريجي جامعات جنوب الصعيد - صور    برلماني: مطالبة وزير خارجية سريلانكا بدعم مصر لاستقدام الأئمة لبلاده نجاح كبير    التحول الرقمي ب «النقابات المهنية».. خطوات جادة نحو مستقبل أفضل    ضياء رشوان: وكالة بلومبرج أقرّت بوجود خطأ بشأن تقرير عن مصر    سعر الذهب اليوم بالمملكة العربية السعودية وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الأربعاء 1 مايو 2024    600 جنيه تراجعًا في سعر طن حديد عز والاستثماري.. سعر المعدن الثقيل والأسمنت اليوم    تراجع أسعار الدواجن 25% والبيض 20%.. اتحاد المنتجين يكشف التفاصيل (فيديو)    خريطة المشروعات والاستثمارات بين مصر وبيلاروسيا (فيديو)    بعد افتتاح الرئيس.. كيف سيحقق مركز البيانات والحوسبة طفرة في مجال التكنولوجيا؟    أسعار النفط تتراجع عند التسوية بعد بيانات التضخم والتصنيع المخيبة للآمال    رئيس خطة النواب: نصف حصيلة الإيرادات السنوية من برنامج الطروحات سيتم توجيهها لخفض الدين    اتصال هام.. الخارجية الأمريكية تكشف هدف زيارة بليكن للمنطقة    عمرو خليل: فلسطين في كل مكان وإسرائيل في قفص الاتهام بالعدل الدولية    لاتفيا تخطط لتزويد أوكرانيا بمدافع مضادة للطائرات والمسيّرات    خبير استراتيجي: نتنياهو مستعد لخسارة أمريكا بشرط ألا تقام دولة فلسطينية    نميرة نجم: أي أمر سيخرج من المحكمة الجنائية الدولية سيشوه صورة إسرائيل    جونسون: الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين داخل الجامعات الأمريكية نتاج للفراغ    قوات الاحتلال تعتقل شابًا فلسطينيًا من مخيم الفارعة جنوب طوباس    استطلاع للرأي: 58% من الإسرائيليين يرغبون في استقالة نتنياهو فورًا.. وتقديم موعد الانتخابات    ريال مدريد وبايرن ميونخ.. صراع مثير ينتهي بالتعادل في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    معاقبة أتليتيكو مدريد بعد هتافات عنصرية ضد وليامز    موعد مباراة الأهلي والإسماعيلي اليوم في الدوري والقنوات الناقلة    عمرو أنور: الأهلي محظوظ بوجود الشناوي وشوبير.. ومبارياته المقبلة «صعبة»    موعد مباريات اليوم الأربعاء 1 مايو 2024| إنفوجراف    ملف رياضة مصراوي.. قائمة الأهلي.. نقل مباراة الزمالك.. تفاصيل إصابة الشناوي    كولر ينشر 7 صور له في ملعب الأهلي ويعلق: "التتش الاسطوري"    نقطة واحدة على الصعود.. إيبسويتش تاون يتغلب على كوفنتري سيتي في «تشامبيونشيب»    «ليس فقط شم النسيم».. 13 يوم إجازة رسمية مدفوعة الأجر للموظفين في شهر مايو (تفاصيل)    بيان مهم بشأن الطقس اليوم والأرصاد تُحذر : انخفاض درجات الحرارة ليلا    وصول عدد الباعة على تطبيق التيك توك إلى 15 مليون    إزالة 45 حالة إشغال طريق ب«شبين الكوم» في حملة ليلية مكبرة    كانوا جاهزين للحصاد.. حريق يلتهم 4 أفدنة من القمح أسيوط    دينا الشربيني تكشف عن ارتباطها بشخص خارج الوسط الفني    استعد لإجازة شم النسيم 2024: اكتشف أطباقنا المميزة واستمتع بأجواء الاحتفال    لماذا لا يوجد ذكر لأي نبي في مقابر ومعابد الفراعنة؟ زاهي حواس يكشف السر (فيديو)    «قطعت النفس خالص».. نجوى فؤاد تكشف تفاصيل أزمتها الصحية الأخيرة (فيديو)    الجزائر والعراق يحصدان جوائز المسابقة العربية بالإسكندرية للفيلم القصير    حدث بالفن| انفصال ندى الكامل عن زوجها ورانيا فريد شوقي تحيي ذكرى وفاة والدتها وعزاء عصام الشماع    مترو بومين يعرب عن سعادته بالتواجد في مصر: "لا أصدق أن هذا يحدث الآن"    حظك اليوم برج القوس الأربعاء 1-5-2024 مهنيا وعاطفيا.. تخلص من الملل    هل حرّم النبي لعب الطاولة؟ أزهري يفسر حديث «النرد» الشهير (فيديو)    هل المشي على قشر الثوم يجلب الفقر؟ أمين الفتوى: «هذا الأمر يجب الابتعاد عنه» (فيديو)    ما حكم الكسب من بيع وسائل التدخين؟.. أستاذ أزهرى يجيب    هل يوجد نص قرآني يحرم التدخين؟.. أستاذ بجامعة الأزهر يجيب    «الأعلى للطرق الصوفية»: نحتفظ بحقنا في الرد على كل من أساء إلى السيد البدوي بالقانون    إصابات بالعمى والشلل.. استشاري مناعة يطالب بوقف لقاح أسترازينيكا المضاد ل«كورونا» (فيديو)    طرق للتخلص من الوزن الزائد بدون ممارسة الرياضة.. ابعد عن التوتر    البنك المركزي: تحسن العجز في الأصول الأجنبية بمعدل 17.8 مليار دولار    نصائح للاستمتاع بتناول الفسيخ والملوحة في شم النسيم    "تحيا مصر" يكشف تفاصيل إطلاق القافلة الإغاثية الخامسة لدعم قطاع غزة    القوات المسلحة تحتفل بتخريج الدفعة 165 من كلية الضباط الاحتياط.. صور    أفضل أماكن للخروج فى شم النسيم 2024 في الجيزة    اجتماعات مكثفة لوفد شركات السياحة بالسعودية استعدادًا لموسم الحج (تفاصيل)    مصدر أمني ينفي ما تداوله الإخوان حول انتهاكات بسجن القناطر    رئيس تجارية الإسماعيلية يستعرض خدمات التأمين الصحي الشامل لاستفادة التجار    الأمين العام المساعد ب"المهندسين": مزاولة المهنة بنقابات "الإسكندرية" و"البحيرة" و"مطروح" لها دور فعّال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زهور كرام: أين التراكم في علاقة الرواية بالفضاء الإلكتروني؟
نشر في صوت البلد يوم 11 - 05 - 2016

أثنت الكاتبة والناقدة المغربية د. زهور كرام على مؤسسة بحر الثقافة وملتقاها الثقافي بمعرض أبوظبي الدولي للكتاب في دورته ال 26 في ندوتها التي شهدها الملتقي "الرواية والفضاء الإلكتروني" على التفكير بطرح موضوع الأدب عامة والقصة والرواية خاصة في الفضاء الالكتروني، حيث اعتبرت التفكير في حد ذاته استراتيجية ذهنية وفكرية، واعتبرت أن موضوع علاقة الروايات بالفضاء الالكتروني ذي طبيعة خاصة وله خصوصية عن باقي القضايا المعرفية والفكرية والأدبية الأخرى التي يتم تناولها بالنقاش.
وقالت "هذه الخصوصية ليس تمييزا معرفيا لعلاقة الأدب بالتكنولوجيا بقدر أن هذا التمييز تمييزا منهجيا ليس إلا، بمعنى أننا عندما نتحدث عن علاقة الأدب بالفضاء التكنولوجي قد نبدأ بالحديث عن هذه العلاقة التي قد تبدو عادية جدا لكن بالنهاية نجد أنفسنا نفكر في موقعنا نحن ذوات عربية ومجتمعات عربية وأفراد في الزمن التكنولوجي، ومن ثم الحديث عن هذه العلاقة يرمي بنا إلى التفكير في موقعنا من الانخراط في الزمن التكنولوجي، وهل هو انخراط وظيفي من شأنه أن ينتج لنا حالة ثقافية تعبر عن طبيعة انخراطنا في زمن التحولات التكنولوجية بشكل عام".
وتساءلت "هل هذه العلاقة سمحت لنا بإنتاج تمثلات تشبهنا في علاقتنا بالتطورات التكنولوجية؟ لأن الأدب في النهاية ينتج وعيا بزمن التحولات؟ هل الأدب الذي ننتجه عبر الوسيط الالكتروني تمكن من إنتاج وعي بزمن التحولات التي تعيشها المجتمعات العربية شريطة أن هذه التحولات ذات علاقة بموقع الفرد العربي والمجتمعات العربية والدول العربية في زمن التكنولوجيا؟ وبالتالي يصبح الأدب الآن هو واجهة تشخيصية عن مجمل هذه التمثلات".
وقالت "إن الموضوع مهم جدا لأنه لا يعني التفكير فقط في العلاقة بين الأدب والتكنولوجيا ولكن تساؤل هل بالفعل نحن كعرب وصلنا الآن إلى مستوى أن ننتج أدبا رمزيا يشبه موقعنا في زمن التحولات حتى نستطيع أن نتمثل وضعنا فيه، هل بالفعل نحن منتجين وأن هذه العلاقة علاقة وظيفية أم هي علاقة استهلاكية واستخدامية ليس إلا؟ لذلك فالموضوع مهم جدا استراتيجيا وحضاريا ويمس وضعيات متعددة تبدأ من الأدب في علاقته بالتكنولوجيا لتذهب بنا بعيدا حيث موقعنا في الزمن التكنولوجي".
واستطرت متسائلة "ماذا نعني بعلاقة الأدب بالفضاء التكنولوجي؟ وكيف يتجلى لنا هذا الأدب؟ وهل بالفعل نحن ننتج أدبا له علاقة بالوسيط التكنولوجي؟ ثم كيف هو هذا الأدب هل هو أدب لديه القدرة أن ينتج الحالة الثقافية الراهنة العربية؟".
ورأت زهور كرام أن أدب الفضاء الإلكتروني أصبح الآن مصطلحا علميا كون الواقع يفرضه، "نحن نقول في إطار البحث العلمي كلما كانت هناك قضايا فكرية أصبح التداول حولها يثير كثيرا من اللغز، علينا أن نعيد هذا التداول إلى التدقيق المفهومي حتى نتبين طبيعته، واللغز ليس في تسمية هذا الأدب الذي يتم إنتاجه عبر الوسيط التكنولوجي ولكن اللغز عبر مجموعة من المفردات التي قد تعين هذه العلاقة لأننا نلتقي بما يسمى بالتفاعلي والترابطي والرقمي إلى غير ذلك".
وأضافت هل نحن في الثقافة العربية ننتج هذه العلاقة؟ هل لدينا منتوج؟ هل لدينا إنتاجات حتى نتبين طبيعة هذه العلاقة؟ وأشارت إلى مجموعة من هذه المظاهر أولا الرواية التكنولوجية: وهي ليست الرواية الرقمية أو الرواية الترابطية، ولكنها باختصار شديد هي الرواية الواقعية والتي يتم تحقيقها عبر صيغة الوسيط التكنولوجي لكي يتم تحميلها من جديد، وربما أن القارئ يعيد طباعتها إذا لم يتم التوصل إليها عن طريق المكتبات القريبة منه، هذا النوع هو المنجز العربي اليوم، هو الذي يحقق إمكانية مهمة أمام القراء لكي يتعرفوا على جديد الروايات في كل المنطقة، مثلا كل الروايات المغربية يمكن الآن تحميلها من خلال مواقع الكترونية دون الذهاب إلى المعارض أو شرائها، وهذا النوع حل لنا مشكلة توزيع الروايات في العالم العربي، نحن نعلم أن أكبر مشكلة في الثقافة العربية هي تسويق الكتاب وتوزيعه ولذلك الصيغة الالكترونية أو التكنولوجية ساهمت في فك الحصار عن الكتاب العربي والرواية العربية، وباستطاعة القراء أن يقوموا بتحميل ما يريدون من روايات انطلاقا من المواقع الاجتماعية. وأكيد هذه الصيغة سوف تعمل على تغيير الرواية المحققة ورقيا لكن سوف تغير القارئ الذي سوف يغير حركية القراءة من الأفقية عملية التصفح إلى العمودية.
النوع الثاني الرواية التفاعلية وهي ليست الرواية الترابطية أو الرقمية وإنما الرواية التي تكون بمبادرة من المؤلف، وقد ظهر من هذا النوع عدد قليل جدا من الروايات العربية وعلى رأسها رواية الكاتب المغربي عبدالواحد استيتو "على بعد ملمتر واحد فقط "، كيف كتب هذه الرواية؟ فتح صفحة على الفيسبوك وبدأ يكتب وبدأ القراء يتفاعلون، طريقة تفاعل القراء هي التي جعلت لهذه الرواية حياة، ربما هذه الرواية لم تكن لتتحقق نصا لولا وجود طبيعة هذا التفاعل، لذلك كما يقول صاحب الرواية إنه كان يكتب فصلا في يومين، هذا الإيقاع السريع، نحن نعلم في الزمن التكنولوجي أن للزمن قيمة كبرى، هذا الإيقاع في كتابة فصول الرواية بشكل يومي أو أسبوعي دليل على أن التفاعل قوي وإيجابي، وبالتالي وظيفي وهو ما جعل النص ينمو ويكبر ويأخذ صفة الرواية.
وسوف نلاحظ أن الروائي كلما كان يكتب فصلا يقول لقراء صفحته ما رأيكم في لغة هذا الفصل؟ ما رأيكم في الشخصيات؟ وكيف تجدون طبيعة هذه الشخصيات؟ والقراء يتفاعلون مع تساؤلاته وأحداث وشخصيات النص ويقترحون تعديلات أو إضافات ويمنحون النص مساره الطبيعي، ولو لم يكن التفاعل بهذا المستوى ربما كنا بصدد رواية أخرى بخلاف هذه الرواية "على بعد ملمتر واحد فقط"، بعدها نشرها المؤلف ورقيا. وهي الآن تباع في السوق ورقيا، وهكذا كنا ننطلق من الصيغة الأولى الورقية، والآن ننطلق من الصيغة التفاعلية التكنولوجية إلى الصيغة الورقية.
نعيش الآن هاتين التجربتين والملاحظ فيهما أننا لم نتوفر بعد من هذا النوع الثاني رواية أو روايتين في حين نجد نماذج كثيرة في التجربة الفرنسية حتى أنه يسمى بالتأليف الجماعي، وسوف نلاحظ بالنهاية أن المسألة ليست عبثية أو مجانية لكن تدخل في إطار المنطق العالمي للزمن التكنولوجي الذي نتحدث فيه عن مفهوم الشراكة، والشراكة لم تعد فقط في التدوير السياسي أو الاقتصادي ولكن الشراكة أصبحت في التمثلات الرمزية التي نعني بها الأدب.
النوع الثالث هو النوع الناضج والمتميز وهي الرواية الرقمية التي ظهرت في التجربة العربية قبل التجربة التكنولوجية والتجربة الفاعلية، ربما قبل الوعي بضرورة تحميل الروايات وقبل كتابة رواية متفاعلة مع القراء، وقد بدأ هذا النوع مع الروائي الأردني محمد سناجله، وهنا نتحدث عن نموذجين النموذج الترابطي الصرف الذي لم ينخرط بشكل كبير في الوسائط المالتميديا والرقمية ونجده في نموذج "محطات.. سيرة افتراضية لكائن من ذاك الزمان" للكاتب المغربي محمد أشويكه والذي اعتمد على تقنية الرابط، كل من يدخل على موقع الكاتب سوف يلاحظ بأن وضعه نصه بتقنية الرابط، وثم هناك نموذج محمد سناجله خاصة عمليه الرقميين الأولين "شات" و"صقيع"، حيث تمثل الميديا والفيديو والصوت والمشهد والحركة. ثم التجربة الأخيرة لسناجلة "ظلال العاشق - التاريخ السري لكموش" التي يطور فيها استعمل الوسيط الرقمي مع الفلاش ميكرو ميديا والفيديو والحركة والأصوات.
وأوضحت زهور كرام "الملاحظ في كل هذه التجليات في علاقة الأدب أو الرواية بالفضاء التكنولوجي، أن المشهد العربي لم يحقق تراكما مهما حتى نستطيع أن نرى هذه النماذج بطريقة معرفية ثقافية فكرية، فعندما يكون هناك نص واحد في هذه التجربة فنحن لا نرى النص بشكل جيد، ولكي نراه لا بد من وجود نصوص أخرى، لذلك عندما بث محمد سناجله نصه الجديد بداية عام 2016 لم يكن هناك تفاعل كبير أو قراءات ومتابعات كثيرة، ربما لأن النص معقد ويحتاج إلى ثقافة رقمية ومسافة من النص حتى يمكن الاقتراب منه بإمكانية جديدة.
إن القراءة تحتاج إلى تعددية في النص لأننا لا نرى النص إلا من خلال النص الآخر، لا يمكن أن نرى النص عندما لا يكون أمامنا إلا نص واحد، إذن نحن نحتاج إلى التراكم وإلى التعدد لكي نستطيع التقدم نحو هذا النص الذي هو جديد في تجربته حتى نراه، لذلك مشكلة هذه التجارب الذي تنتج في إطار الثقافة العربية ليس هناك تفاعل مهم حولها، وعندما أتحدث عن التفاعل لا أتحدث الانطباعي في المواقع والوسائط الالكترونية ولكن عن التفاعل المعرفي الذي من شأنه إنتاج خطاب معرفي كي ندرك طبيعة هذه العلاقة بين الأدب والتكنولوجيا.
أثنت الكاتبة والناقدة المغربية د. زهور كرام على مؤسسة بحر الثقافة وملتقاها الثقافي بمعرض أبوظبي الدولي للكتاب في دورته ال 26 في ندوتها التي شهدها الملتقي "الرواية والفضاء الإلكتروني" على التفكير بطرح موضوع الأدب عامة والقصة والرواية خاصة في الفضاء الالكتروني، حيث اعتبرت التفكير في حد ذاته استراتيجية ذهنية وفكرية، واعتبرت أن موضوع علاقة الروايات بالفضاء الالكتروني ذي طبيعة خاصة وله خصوصية عن باقي القضايا المعرفية والفكرية والأدبية الأخرى التي يتم تناولها بالنقاش.
وقالت "هذه الخصوصية ليس تمييزا معرفيا لعلاقة الأدب بالتكنولوجيا بقدر أن هذا التمييز تمييزا منهجيا ليس إلا، بمعنى أننا عندما نتحدث عن علاقة الأدب بالفضاء التكنولوجي قد نبدأ بالحديث عن هذه العلاقة التي قد تبدو عادية جدا لكن بالنهاية نجد أنفسنا نفكر في موقعنا نحن ذوات عربية ومجتمعات عربية وأفراد في الزمن التكنولوجي، ومن ثم الحديث عن هذه العلاقة يرمي بنا إلى التفكير في موقعنا من الانخراط في الزمن التكنولوجي، وهل هو انخراط وظيفي من شأنه أن ينتج لنا حالة ثقافية تعبر عن طبيعة انخراطنا في زمن التحولات التكنولوجية بشكل عام".
وتساءلت "هل هذه العلاقة سمحت لنا بإنتاج تمثلات تشبهنا في علاقتنا بالتطورات التكنولوجية؟ لأن الأدب في النهاية ينتج وعيا بزمن التحولات؟ هل الأدب الذي ننتجه عبر الوسيط الالكتروني تمكن من إنتاج وعي بزمن التحولات التي تعيشها المجتمعات العربية شريطة أن هذه التحولات ذات علاقة بموقع الفرد العربي والمجتمعات العربية والدول العربية في زمن التكنولوجيا؟ وبالتالي يصبح الأدب الآن هو واجهة تشخيصية عن مجمل هذه التمثلات".
وقالت "إن الموضوع مهم جدا لأنه لا يعني التفكير فقط في العلاقة بين الأدب والتكنولوجيا ولكن تساؤل هل بالفعل نحن كعرب وصلنا الآن إلى مستوى أن ننتج أدبا رمزيا يشبه موقعنا في زمن التحولات حتى نستطيع أن نتمثل وضعنا فيه، هل بالفعل نحن منتجين وأن هذه العلاقة علاقة وظيفية أم هي علاقة استهلاكية واستخدامية ليس إلا؟ لذلك فالموضوع مهم جدا استراتيجيا وحضاريا ويمس وضعيات متعددة تبدأ من الأدب في علاقته بالتكنولوجيا لتذهب بنا بعيدا حيث موقعنا في الزمن التكنولوجي".
واستطرت متسائلة "ماذا نعني بعلاقة الأدب بالفضاء التكنولوجي؟ وكيف يتجلى لنا هذا الأدب؟ وهل بالفعل نحن ننتج أدبا له علاقة بالوسيط التكنولوجي؟ ثم كيف هو هذا الأدب هل هو أدب لديه القدرة أن ينتج الحالة الثقافية الراهنة العربية؟".
ورأت زهور كرام أن أدب الفضاء الإلكتروني أصبح الآن مصطلحا علميا كون الواقع يفرضه، "نحن نقول في إطار البحث العلمي كلما كانت هناك قضايا فكرية أصبح التداول حولها يثير كثيرا من اللغز، علينا أن نعيد هذا التداول إلى التدقيق المفهومي حتى نتبين طبيعته، واللغز ليس في تسمية هذا الأدب الذي يتم إنتاجه عبر الوسيط التكنولوجي ولكن اللغز عبر مجموعة من المفردات التي قد تعين هذه العلاقة لأننا نلتقي بما يسمى بالتفاعلي والترابطي والرقمي إلى غير ذلك".
وأضافت هل نحن في الثقافة العربية ننتج هذه العلاقة؟ هل لدينا منتوج؟ هل لدينا إنتاجات حتى نتبين طبيعة هذه العلاقة؟ وأشارت إلى مجموعة من هذه المظاهر أولا الرواية التكنولوجية: وهي ليست الرواية الرقمية أو الرواية الترابطية، ولكنها باختصار شديد هي الرواية الواقعية والتي يتم تحقيقها عبر صيغة الوسيط التكنولوجي لكي يتم تحميلها من جديد، وربما أن القارئ يعيد طباعتها إذا لم يتم التوصل إليها عن طريق المكتبات القريبة منه، هذا النوع هو المنجز العربي اليوم، هو الذي يحقق إمكانية مهمة أمام القراء لكي يتعرفوا على جديد الروايات في كل المنطقة، مثلا كل الروايات المغربية يمكن الآن تحميلها من خلال مواقع الكترونية دون الذهاب إلى المعارض أو شرائها، وهذا النوع حل لنا مشكلة توزيع الروايات في العالم العربي، نحن نعلم أن أكبر مشكلة في الثقافة العربية هي تسويق الكتاب وتوزيعه ولذلك الصيغة الالكترونية أو التكنولوجية ساهمت في فك الحصار عن الكتاب العربي والرواية العربية، وباستطاعة القراء أن يقوموا بتحميل ما يريدون من روايات انطلاقا من المواقع الاجتماعية. وأكيد هذه الصيغة سوف تعمل على تغيير الرواية المحققة ورقيا لكن سوف تغير القارئ الذي سوف يغير حركية القراءة من الأفقية عملية التصفح إلى العمودية.
النوع الثاني الرواية التفاعلية وهي ليست الرواية الترابطية أو الرقمية وإنما الرواية التي تكون بمبادرة من المؤلف، وقد ظهر من هذا النوع عدد قليل جدا من الروايات العربية وعلى رأسها رواية الكاتب المغربي عبدالواحد استيتو "على بعد ملمتر واحد فقط "، كيف كتب هذه الرواية؟ فتح صفحة على الفيسبوك وبدأ يكتب وبدأ القراء يتفاعلون، طريقة تفاعل القراء هي التي جعلت لهذه الرواية حياة، ربما هذه الرواية لم تكن لتتحقق نصا لولا وجود طبيعة هذا التفاعل، لذلك كما يقول صاحب الرواية إنه كان يكتب فصلا في يومين، هذا الإيقاع السريع، نحن نعلم في الزمن التكنولوجي أن للزمن قيمة كبرى، هذا الإيقاع في كتابة فصول الرواية بشكل يومي أو أسبوعي دليل على أن التفاعل قوي وإيجابي، وبالتالي وظيفي وهو ما جعل النص ينمو ويكبر ويأخذ صفة الرواية.
وسوف نلاحظ أن الروائي كلما كان يكتب فصلا يقول لقراء صفحته ما رأيكم في لغة هذا الفصل؟ ما رأيكم في الشخصيات؟ وكيف تجدون طبيعة هذه الشخصيات؟ والقراء يتفاعلون مع تساؤلاته وأحداث وشخصيات النص ويقترحون تعديلات أو إضافات ويمنحون النص مساره الطبيعي، ولو لم يكن التفاعل بهذا المستوى ربما كنا بصدد رواية أخرى بخلاف هذه الرواية "على بعد ملمتر واحد فقط"، بعدها نشرها المؤلف ورقيا. وهي الآن تباع في السوق ورقيا، وهكذا كنا ننطلق من الصيغة الأولى الورقية، والآن ننطلق من الصيغة التفاعلية التكنولوجية إلى الصيغة الورقية.
نعيش الآن هاتين التجربتين والملاحظ فيهما أننا لم نتوفر بعد من هذا النوع الثاني رواية أو روايتين في حين نجد نماذج كثيرة في التجربة الفرنسية حتى أنه يسمى بالتأليف الجماعي، وسوف نلاحظ بالنهاية أن المسألة ليست عبثية أو مجانية لكن تدخل في إطار المنطق العالمي للزمن التكنولوجي الذي نتحدث فيه عن مفهوم الشراكة، والشراكة لم تعد فقط في التدوير السياسي أو الاقتصادي ولكن الشراكة أصبحت في التمثلات الرمزية التي نعني بها الأدب.
النوع الثالث هو النوع الناضج والمتميز وهي الرواية الرقمية التي ظهرت في التجربة العربية قبل التجربة التكنولوجية والتجربة الفاعلية، ربما قبل الوعي بضرورة تحميل الروايات وقبل كتابة رواية متفاعلة مع القراء، وقد بدأ هذا النوع مع الروائي الأردني محمد سناجله، وهنا نتحدث عن نموذجين النموذج الترابطي الصرف الذي لم ينخرط بشكل كبير في الوسائط المالتميديا والرقمية ونجده في نموذج "محطات.. سيرة افتراضية لكائن من ذاك الزمان" للكاتب المغربي محمد أشويكه والذي اعتمد على تقنية الرابط، كل من يدخل على موقع الكاتب سوف يلاحظ بأن وضعه نصه بتقنية الرابط، وثم هناك نموذج محمد سناجله خاصة عمليه الرقميين الأولين "شات" و"صقيع"، حيث تمثل الميديا والفيديو والصوت والمشهد والحركة. ثم التجربة الأخيرة لسناجلة "ظلال العاشق - التاريخ السري لكموش" التي يطور فيها استعمل الوسيط الرقمي مع الفلاش ميكرو ميديا والفيديو والحركة والأصوات.
وأوضحت زهور كرام "الملاحظ في كل هذه التجليات في علاقة الأدب أو الرواية بالفضاء التكنولوجي، أن المشهد العربي لم يحقق تراكما مهما حتى نستطيع أن نرى هذه النماذج بطريقة معرفية ثقافية فكرية، فعندما يكون هناك نص واحد في هذه التجربة فنحن لا نرى النص بشكل جيد، ولكي نراه لا بد من وجود نصوص أخرى، لذلك عندما بث محمد سناجله نصه الجديد بداية عام 2016 لم يكن هناك تفاعل كبير أو قراءات ومتابعات كثيرة، ربما لأن النص معقد ويحتاج إلى ثقافة رقمية ومسافة من النص حتى يمكن الاقتراب منه بإمكانية جديدة.
إن القراءة تحتاج إلى تعددية في النص لأننا لا نرى النص إلا من خلال النص الآخر، لا يمكن أن نرى النص عندما لا يكون أمامنا إلا نص واحد، إذن نحن نحتاج إلى التراكم وإلى التعدد لكي نستطيع التقدم نحو هذا النص الذي هو جديد في تجربته حتى نراه، لذلك مشكلة هذه التجارب الذي تنتج في إطار الثقافة العربية ليس هناك تفاعل مهم حولها، وعندما أتحدث عن التفاعل لا أتحدث الانطباعي في المواقع والوسائط الالكترونية ولكن عن التفاعل المعرفي الذي من شأنه إنتاج خطاب معرفي كي ندرك طبيعة هذه العلاقة بين الأدب والتكنولوجيا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.