أردت إعادة إنتاج ما أمامي وما بمخيلتي، بدءا مما أراه خلف النافذة، إنطلاقا من أربعة جدران أحاطت بطاولة زجاجية أمام مدفئة وستائر ولوحة زيتية وساعة جدارية تومض كلما وصل الوقت بساعة قبل إنقضاء النهار، وكذا تومض كلما وصل الوقت بساعة قبل إنقضاء الليل. ما أمام النافذة سماء ماطرة، كأن شمسها شربت بحرا بكامله وهي ترسل بانتظام ومنذ الصباح الباكر ما بجوفها وفق تنظيم زمني لا يتوقف على أقل تقدير إلا بانقضاء ساعاته الأربع والعشرون. ومن الطبيعي أن لا تكون لدي القدرة على إعادة إنتاج ما يرسله الرّب لمخلوقاته، لذا بدأت بإعادة إنتاجه على ورقة دفتر رسم (رسما وكتابة). وحين تطلعت من النافذة التي أمامي وجدت السماء قد جالت جولاتها الأصعب وزادت من زخاتها، ترى ماذا أضع فوق الأرض التي رسمتها على الورقة، ليس بالضرورة يتطلب إعادة الإنتاج وضع قنوات للصرف الصحي، أو ولكي لا تدخل سيول الأمطار داخل بيتي أن أضع أكياسا من الرمل أو التراب. ثم مافائدة المظلة المطرية والحذاء المطري بل وحتى وقود المدفأة، وهل يساعد ذلك على إعادة إنتاج مشهدٍ عينيٍّ أو لحظة أتت بتوقيت مغلوط؟ كل شيء أمامي له تعريفه ودلالته، الشارع المرقم ب ز41 والأعمدة الكهربائية التي لا تعمل، وأسلاك المولدة الأهلية المتشابكة، والمسجد الذي أحيانا لا يؤذن، والمسافة التي بيني وبين الطريق العام، والمساحات الفارغة والدكاكين الكثيرة التي خرجت من البيوت، وكذا المنعطف الذي يؤدي الى فرن الخبز الحار والمقابل لمحال (باسم الفيتر وشقيقه عباس)، ومحل حلاقة الأنيق لصاحبه عامر، ومحل كُل وأشبع، وتسجيلات الهوى هوايا، ومحل الإنشائية والكهربائية. ترى هل يعاد الإنتاج بتغطية هموم الناس أم بتزويق كآبتهم فرحاً وهم يدخلون متاهات المجهول، وهل الهذيان كافياً أمام المدفأة، كي تسترخي الهموم مؤقتا، وهل تشاطرك المنضدة الزجاجية جراحات اللوحة الزيتية وهي تراك عازما على إعادة إنتاجها من جديد؟ هطل المطرُ بكثافة، ومن اللوحة خرجت امرأة تبحث عن أقراص الضغط، ودخل رجل الى مثواه في اللوحة يبكي الدب الأحمر الذي اشتراه لامرأة سافرت قبل عيد الحب. ولم يسع المخيلة أن تبوح بموجوداتها حين طرقت على نحاس السنين، ولم يسمع منها غير صدى تلك اللحظات التي بقيت ضمن عبارات ألقيت على شارع أبي نؤاس، وعبارات عند جسر الصرافية وعبارات على مقعدٍ في إحدى القاعات في الجامعة المستنصرية، حينها ولجت الذاكرة أسرارها بمفردات من الرغبة والإبتهاج وراحت تغتسل بذكرياتها تلك الأيام التي تعود حية كلما قرأت أرقام الباصات وأماكن المتنزهات، وكلما رأت أكفا تصافح بعضها البعض. لذا بدأتُ بتجريد الأحلام عن مسبباتها إن كانت رسائل من الآلهة أو رسوما متحركة نخترعها نحن، وكذا تفحصت الأوهام وقرأت رموزها، وكانت الأقدار كافيه كي يصرخ بوجهها الكثيرون، ولم يبق لي غير أن أقول لمن حضر ومن غاب، ما فائدة إعادة إنتاج غرفتي وهي الآن أضيق من غرفة مخيلتي؟ ما الفائدة، ولازالت المرأة تبحث عن أقراص الضغط والدبُ الأحمرُ ينتظر من يحمله بين ذراعيه. وما الفائدة، ولا عبارة بقيت على أشجار أبي نوأس؟ أردت إعادة إنتاج ما أمامي وما بمخيلتي، بدءا مما أراه خلف النافذة، إنطلاقا من أربعة جدران أحاطت بطاولة زجاجية أمام مدفئة وستائر ولوحة زيتية وساعة جدارية تومض كلما وصل الوقت بساعة قبل إنقضاء النهار، وكذا تومض كلما وصل الوقت بساعة قبل إنقضاء الليل. ما أمام النافذة سماء ماطرة، كأن شمسها شربت بحرا بكامله وهي ترسل بانتظام ومنذ الصباح الباكر ما بجوفها وفق تنظيم زمني لا يتوقف على أقل تقدير إلا بانقضاء ساعاته الأربع والعشرون. ومن الطبيعي أن لا تكون لدي القدرة على إعادة إنتاج ما يرسله الرّب لمخلوقاته، لذا بدأت بإعادة إنتاجه على ورقة دفتر رسم (رسما وكتابة). وحين تطلعت من النافذة التي أمامي وجدت السماء قد جالت جولاتها الأصعب وزادت من زخاتها، ترى ماذا أضع فوق الأرض التي رسمتها على الورقة، ليس بالضرورة يتطلب إعادة الإنتاج وضع قنوات للصرف الصحي، أو ولكي لا تدخل سيول الأمطار داخل بيتي أن أضع أكياسا من الرمل أو التراب. ثم مافائدة المظلة المطرية والحذاء المطري بل وحتى وقود المدفأة، وهل يساعد ذلك على إعادة إنتاج مشهدٍ عينيٍّ أو لحظة أتت بتوقيت مغلوط؟ كل شيء أمامي له تعريفه ودلالته، الشارع المرقم ب ز41 والأعمدة الكهربائية التي لا تعمل، وأسلاك المولدة الأهلية المتشابكة، والمسجد الذي أحيانا لا يؤذن، والمسافة التي بيني وبين الطريق العام، والمساحات الفارغة والدكاكين الكثيرة التي خرجت من البيوت، وكذا المنعطف الذي يؤدي الى فرن الخبز الحار والمقابل لمحال (باسم الفيتر وشقيقه عباس)، ومحل حلاقة الأنيق لصاحبه عامر، ومحل كُل وأشبع، وتسجيلات الهوى هوايا، ومحل الإنشائية والكهربائية. ترى هل يعاد الإنتاج بتغطية هموم الناس أم بتزويق كآبتهم فرحاً وهم يدخلون متاهات المجهول، وهل الهذيان كافياً أمام المدفأة، كي تسترخي الهموم مؤقتا، وهل تشاطرك المنضدة الزجاجية جراحات اللوحة الزيتية وهي تراك عازما على إعادة إنتاجها من جديد؟ هطل المطرُ بكثافة، ومن اللوحة خرجت امرأة تبحث عن أقراص الضغط، ودخل رجل الى مثواه في اللوحة يبكي الدب الأحمر الذي اشتراه لامرأة سافرت قبل عيد الحب. ولم يسع المخيلة أن تبوح بموجوداتها حين طرقت على نحاس السنين، ولم يسمع منها غير صدى تلك اللحظات التي بقيت ضمن عبارات ألقيت على شارع أبي نؤاس، وعبارات عند جسر الصرافية وعبارات على مقعدٍ في إحدى القاعات في الجامعة المستنصرية، حينها ولجت الذاكرة أسرارها بمفردات من الرغبة والإبتهاج وراحت تغتسل بذكرياتها تلك الأيام التي تعود حية كلما قرأت أرقام الباصات وأماكن المتنزهات، وكلما رأت أكفا تصافح بعضها البعض. لذا بدأتُ بتجريد الأحلام عن مسبباتها إن كانت رسائل من الآلهة أو رسوما متحركة نخترعها نحن، وكذا تفحصت الأوهام وقرأت رموزها، وكانت الأقدار كافيه كي يصرخ بوجهها الكثيرون، ولم يبق لي غير أن أقول لمن حضر ومن غاب، ما فائدة إعادة إنتاج غرفتي وهي الآن أضيق من غرفة مخيلتي؟ ما الفائدة، ولازالت المرأة تبحث عن أقراص الضغط والدبُ الأحمرُ ينتظر من يحمله بين ذراعيه. وما الفائدة، ولا عبارة بقيت على أشجار أبي نوأس؟