بالصور- افتتاح 4 مساجد جديدة في كفر الشيخ    تضامن الدقهلية: ندوة تثقيفية ومسرح تفاعلي ضمن فعاليات اليوم الوطني لمناهضة الختان    توت ونبق وجميز.. زراعة 275 ألف شجرة في بني سويف- صور    تداول بضائع وحاويات 41 سفينة من ميناء دمياط    ارتفاع ضحايا شهداء غزة إلى 37266 منذ بدء العدوان في السابع من أكتوبر الماضي    إعلام فلسطيني: مدفعية الاحتلال تقصف مناطق متفرقة في حي الزيتون بغزة    الأمين العام لحلف الناتو: توصلنا لخطة كاملة لدعم أوكرانيا تمهيدا لقرارات أخرى سيتم اتخاذها في قمة واشنطن    "الشؤون الإسلامية" تستقبل ألف حاج من ذوي الجرحى والمصابين من قطاع غزة    رئيس الحكومة اللبنانية: الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة على الجنوب "عدوان تدميري"    كوريا الجنوبية والولايات المتحدة واليابان تجري أول مناورات ثلاثية في أواخر يونيو    يورو 2024 – مدرب اسكتلندا: جاهزون لمواجهة ألمانيا.. وتنتظرنا مهمة صعبة    رسميا.. كريستال بالاس يضم المغربي شادي رياض    "ليس الأهلي".. حفيظ دراجي يكشف مفاجأة في مصير زين الدين بلعيد    شك في سلوكها.. شاب ينهي حياة شقيقته خنقا في الغربية    قبل ليلة العيد .. الداخلية تنفذ 84 ألف حكم قضائي وتلاحق تجار السلاح    بجمال وسحر شواطئها.. مطروح تستعد لاستقبال ضيوفها في عيد الأضحى    جولة للفيلم الوثائقي اللبناني "متل قصص الحب" لميريام الحاج في 5 مهرجانات سينمائية    إيرادات الخميس.. "ولاد رزق 3" الأول و"اللعب مع العيال" بالمركز الثاني    القاهرة الإخبارية: مستشفيات غزة تعانى نقصًا حادًا فى وحدات الدم    طرق مختلفة للاستمتاع بعيد الأضحى.. «أفكار مميزة للاحتفال مع أطفالك»    عالم بالأوقاف يوضح أهمية يوم التروية وما يجيب على المسلم فيه    "الأوقاف": إمام مسجد السيدة زينب خطيبا لعيد الأضحى    قبل ذبح الأضحية.. 4 أحكام شرعية مهمة يوضحها المفتي    الصحة: تقديم خدمة نقل الدم لمرضى الهيموفيليا والثلاسيميا في 14 وحدة علاجية بالمحافظات    أكلة العيد.. طريقة تحضير فتة لحمة الموزة بالخل والثوم    «التعاون الدولي» تصدر تقريرًا حول استراتيجية دعم التعاون الإنمائي بين بلدان الجنوب    «الإسكان»: إجراء التجارب النهائية لتشغيل محطة الرميلة 4 شرق مطروح لتحلية المياه    الفرق يتجاوز 30 دقيقة.. تعرف على موعد صلاة عيد الأضحى في محافظات مصر    "قومي المرأة": 42 وحدة مناهضة للعنف ضد المرأة بالجامعات و15 بالمستشفيات الجامعية    ختام فعاليات دورة التعقيم المركزي بمستشفيات الدقهلية    ذكرى ميلاد صاحبة أجمل عيون.. زبيدة ثروت «شمس لا تغيب»    وزير الري يوجه برفع درجة الاستعداد وتفعيل غرف الطوارئ بالمحافظات خلال العيد    ترتيب هدافي الدوري المصري قبل مباريات اليوم الجمعة 14- 6- 2024    65% من الشواطئ جاهزة.. الإسكندرية تضع اللمسات النهائية لاستقبال عيد الأضحى المبارك    مقام سيدنا إبراهيم والحجر الأسود في الفيلم الوثائقي «أيام الله الحج»    محافظ بني سويف يناقش تقرير الحملات التفتيشية على الوحدات الصحية بالقرى    لجنة الاستثمار بغرفة القاهرة تعقد أولي اجتماعاتها لمناقشة خطة العمل    27 ألف جنيه إيرادات فيلم فاصل من اللحظات اللذيذة في يوم واحد    «هيئة الدواء»: 4 خدمات إلكترونية للإبلاغ عن نواقص الأدوية والمخالفات الصيدلية    نصائح للحفاظ على وزنك في عيد الأضحى.. احرص عليها    القبض على 8 أشخاص فى أمريكا على علاقة بداعش يثير مخاوف تجدد الهجمات الإرهابية    نقل شعائر صلاة الجمعة من مسجد الكبير بالمحلة    وزيرة التضامن تعلن بدء تصعيد حجاج الجمعيات الأهلية إلى عرفات    عيار 18 الآن.. أسعار الذهب اليوم الجمعة 14-6-2024 في محافظة المنيا    إصابة شخص صدمته سيارة أثناء عبوره للطريق فى الهرم    ماس كهربائي كلمة السر في اشتعال حريق بغية حمام في أوسيم    الجيش الأمريكى يعلن تدمير قاربى دورية وزورق مسير تابعة للحوثيين    مصطفى فتحي يكشف حقيقة بكاءه في مباراة بيراميدز وسموحة    تشكيل الاهلي أمام فاركو في الدوري المصري    أفضل دعاء للميت في يوم التروية.. اللهم اغفر له وارحمه    حاتم صلاح: فكرة عصابة الماكس جذبتني منذ اللحظة الأولى    فرج عامر: واثقون في أحمد سامي.. وهذا سبب استبعاد أجايي أمام بيراميدز    الحركة الوطنية يفتتح ثلاث مقرات جديدة في الشرقية ويعقد مؤتمر جماهيري    محافظ شمال سيناء يعتمد درجات تنسيق القبول بالثانوي العام    يورو 2024| عواجيز بطولة الأمم الأوروبية.. «بيبي» 41 عامًا ينفرد بالصدارة    إنبي: العروض الخارجية تحدد موقفنا من انتقال محمد حمدي للأهلي أو الزمالك    حظك اليوم وتوقعات برجك 14 يونيو 2024.. «تحذير للأسد ونصائح مهمّة للحمل»    كتل هوائية ساخنة تضرب البلاد.. بيان مهم من الأرصاد بشأن حالة الطقس اليوم الجمعة (تفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مي خالد تتعاطف مع بطلات «جيمنازيوم»
نشر في صوت البلد يوم 20 - 12 - 2015

«كل أنثى يرقد في داخلها شيطان نائم، لا تزعجها فتوقظه». تضع الكاتبة المصرية مي خالد هذه العبارة على غلاف روايتها «جيمنازيوم» (دار العربي، القاهرة)؛ بحيث يمكن التوقف عند غلاف الرواية الذي يشغل تمثال فينوس مساحة منها، وفي الجزء السفلي من الغلاف نجد كلمة «لوكاندة» مع رسم صغير لمبنى ذي سقف هرمي، إلى جانب امرأة غامضة الملامح تجلس إلى طاولة صغيرة. هذه التفاصيل في غلاف الرواية تشكل أيضاً نواة الحبكة التي تنقسم بين شخصيتين مهمومتين بفعل الكتابة، وهما: بداية الألفي، وهي كاتبة تجاوزت الستين على جانب من الشهرة ولها العديد من الكتب الإبداعية المنشورة، وبداية مهران، كاتبة في الأربعين، لم تنشر أي عمل ابداعي، لكنها تحلم بالكتابة وتتمنى أن تحظى بما حظيت به الكاتبة الكبيرة، التي حملت اسمها لأنها تسكن في المبنى ذاته، ولأسباب عدة ترد على مدار النص مع تكرار تقاطعات بين الكاتبتين بحيث صار هناك نوع من التماهي بين الشخصيتين، فيبدو مع هذا التماهي حضور الكاتبة الكبيرة شبحياً لأنها لا تحضر على مستوى السرد إلا عبر ما ترويه بداية الألفي عنها.
من خلال العنوان يمكن استنتاج وجود أكثر من حكاية في «جيمنازيوم»، وإن كانت الحلقة الأولى أو الحبكة الأساسية تبدأ مع بداية الألفي، إلا أنها تتفرع إلى حلقات مصغرة، كل منها يشكل عالماً مستقلاً، ينفصل عن الحلقات الأخرى في خصوصية كل امراة تنقل «بداية» حكايتها، ويتصل معها كونها هي الكاتبة للحدث، التي تجيد أيضاً من جانب آخر إقامة صلات وصل بين الأبطال، إلى جانب أن الوحدة المكانية في «الجيم» تشكل أساساً قوياً لبناء عالم من العلاقات المتداخلة.
يبدأ السرد مع بداية مهران التي تنقل الى القارئ انطباعاتها عن الحياة، علاقتها بمن حولها من أشخاص، والأهم الحالة الضبابية التي يلتبس فيها الوعي مع الحلم والخيالات المجنونة، الكوابيس مع التمنيات. البطلة الشابة «بداية» مهمومة بالكتابة، ومنذ الصفحات الأولى تكشف عن وجودها في قصر فخم في سويسرا، مع مجموعة من الكتاب في منحة للتفرغ الإبداعي مدة شهر كامل، وتكشف «بداية» أنها ستكتب عملاً روائياً ينتقل بين واقعها السويسري الحالي مع زملائها الكتّاب في القصر، وبين القاهرة ؛ لذا جاءت الفصول معنونة في تبادل سردي بين سويسرا ومصر، وقد منح هذا الانتقال المكاني في السرد، تنوعاً على مستوى الأحداث والشخوص والأماكن والمرجعيات والأفكار، بخاصة في الأجزاء التي تتناول فيها الحديث عن شخصيات مثل كاترينا ونيل، ومرجعية كل منهما الفكرية والدينية.
اختارت البطلة/ الكاتبة «بداية مهران» أن تقتحم عوالم أحد المراكز الرياضية الخاصة بالنساء، وتروج لإشاعة قدرتها على العلاج النفسي، ومن خلال هذه المعلومة تتمكن من التسلل إلى حياة مجموعة من السيدات تستمع إلى حكاياتهن، وشكواهن، ومعاناتهن النفسية، ثم تنقلها إلى صفحات روايتها، فالنماذج التي تقدمها تبدو مألوفة ومتكررة في المجتمع المصري، تمنحهن مساحة للسرد عن أنفسهن بضمير «الأنا» في بعض الفصول، أو تسترق النظر إلى واقعهن وتكتب عنه لنقرأ: «هذا الجزء من حكايات الجيمنازيوم يشعرني أننا في مرسم كبير وليس في صالة الألعاب..» أو تقول: «تمكن مني داء التلصص الذي بدأته في الجيمنازيوم».
تبدو مي خالد في رواياتها متعاطفة مع بطلاتها، إنها تقدم حياتهن ببساطة، تفردها أمام القارئ من دون إدانات، مهما كانت الأخطاء، بل بتعاطف إنساني نبيل مشوب بالتساؤل والحيرة في تقييم المواقف الحياتية، هناك الدكتورة نهلة، مدام أميرة، ابتهال، هدى، سناء، جمالات، حنان الأخشيد، وغيرهن، نهلة تعاني من شهوة الشهرة، وأميرة تخاف من عري جسدها، أما البطلة «بداية» فقد طاولتها لعنة الهوَس بتدمير كتابتها تلك الرغبة التي كانت تعتري الكاتب نابوكوف... تبدو اللغة التي قدمت فيها الكاتبة بطلاتها متشابهة في بعض الأحيان على مستوى السرد، إلا أن شخصية «هدى» البنت القزمة التي تعمل في سنتر التجميل من أكثر الشخصيات النسوية حضوراً في ذهن القارئ، استطاعت الكاتبة أن تميز شخصية هدى على مستوى الشكل والمضمون فهي تملك وجه امرأة وجسد طفلة عاشت معذبة بسبب نظرة المجتمع إليه، وظلت تتقلب بين بيوت الدعارة وشقق تحضير الجان، كما يتضح اعتناء الكاتبة باللغة واختيار المفردات في المقاطع الوصفية، أما الحوار فقد تنوع بين العامية والفصحى.
عالم الحكايات
«أعود الى دفتر مراسلات القصر، وأعاود التلصص على خطابات إرنست همنغواي إلى هانز شميت». يظهر في الجزء الخاص بسويسرا نوع من الهوَس بالكتابة ومعرفة حياة الكُتّاب وعوالمهم، عبر طرح تساؤلات ومقارنات وإسقاطات واقعية على ما حدث معهم، نابوكوف، فلوبير، إدوارد سعيد، هنري ميلر، همنغواي، تقول: «ها أنا الآن أجلس بهدوء على الأريكة التي ارتاح عليها همنجواي، ثم انتقل إلى المقعد الذي احتوى ألبير كامو، وأرتشف القهوة في الفنجان نفسه الذي مرّ على شفاه نابوكوف. هل ستكون لي يوماً رواية مطبوعة مثل «العجوز والبحر» أو «الطاعون» أو «لوليتا».
البطلة «بداية» التي تحلم بالكتابة تؤمن أيضاً أن للكتّاب الأصليين حاسة سابعة وثامنة وقرون استشعار. لذا تمارس عملية تلصّص على حيوات الآخرين الذين تلتقي بهم، وهي تدرك هذا وتعترف به بل وتقوم به في استمتاع، لكنها تعتبره جزءاً من رحلتها نحو الكتابة، كما هناك كاتبات دخلن السجن ليستمعن إلى حكايا السجينات، أو تعرفن إلى ساقطات أو مهرّبات للعثور على حكاية، فلا ضير أن تختلس هي الحكايات من «الجيم» ومن «صالون التجميل»، في إطار الهوَس بإنتاج نص إبداعي. إن هذا الافتتان يشكل خيطاً متيناً يربط بين الأجزاء السردية المحكية في سويسرا والتي تتعلق بالأبطال في مصر، لأن «بداية الألفي» مفتونة بتحويل كل ما تقع عليه عيناها إلى حكاية. تكشف الكاتبة أيضاً في الفصول السويسرية عن نوع مختلف من العلاقات الإنسانية التي تتشكّل بين الكتّاب المقيمين في القصر، سواء مع كاترينا الكاتبة اليهودية التي تذكرها بمدام أميرة، أو مع الكاتب البريطاني «نيل» الذي يذكّرها اسمه بنهر النيل.
في «جيمنازيوم» تستكمل مي خالد عالمها الروائي المشغول في تقديم عالم الطبقة الوسطى (العليا) من المجتمع المصري، المندرجة منذ عقود مضت ضمن الطبقة البرجوازية التي تحلّلت مع التحوّلات السياسية والاجتماعية التي عصفت بمصر، وأدّت إلى ظهور شرائح اجتماعية أخرى، وأيضاً ذوبان طبقة حاولت التمسك بأهداب ماضٍ عريق عبر الحفاظ على مجموعة من الأسس الفكرية والثقافية، يتضح هذا في الحوار والمونولوج الداخلي، وفي تيار الوعي للبطلات اللواتي يتحدّثن عن الموسيقى والكتابة، وعن وجوه مختلفة للثقافة ظلّت مقتصرة على شريحة اجتماعية معينة. كتابة مي خالد عن هذه الشريحة الاجتماعية حضر أيضاً في أعمالها الروائية السابقة: «مقعد أخير في قاعة إيوارت»، «سحر التركواز» و«تانجو وموال».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.