يؤكد مراقبون إنّ انخراط البحرينيين في إنجاح الانتخابات التشريعية والبلدية هو بمثابة ردّ فعل تلقائي على ثلاث سنوات من التجاذب السياسي الشديد الذي امتد إلى الشارع في شكل اضطرابات أضرّت بمصالح المواطن العادي وسببت قلقه على استقرار بلده ومستقبل أبنائه. دخلت مملكة البحرين أمس بشكل رسمي أجواء الاستحقاق الانتخابي بتوجّه البحرينيين بالخارج إلى صناديق الاقتراع في مقرات البعثات القنصلية والدبلوماسية ببلدان إقامتهم. وأعطى ما سجّل من إقبال هام لهؤلاء على التصويت مؤشّرا أوليا على نجاح الاستحقاق الذي أصبح رهانه الأوّل تحقيق نسبة عالية من المشاركة في ظل ما بذلته المعارضة ممثّلة أساسا في جمعية الوفاق الشيعية الموالية لإيران من جهود ومساع متنوّعة لتعطيل المناسبة، في مقابل ما أبدته السلطات من حرص على إحاطتها بمختلف أسباب النجاح إجرائيا وأمنيا، مستندة –حسب مراقبين- إلى مساندة شعبية تجسّدت إلى حدّ الآن في الإقبال على صناديق الاقتراع بالخارج، وقبلها، في الإقبال الكثيف على الترشح للانتخابات رغم دعوات المعارضة لمقاطعتها، إضافة إلى ما شهدته الحملات الانتخابية من مشاركة شعبية أضفت على المناسبة طابعا احتفاليا. وفي ظلّ اتّضاح الفرز في مملكة البحرين بين إرادة إنجاح الاستحقاق الانتخابي، من جهة، والتي تمثلها السلطات الشرعية للبلاد المدعومة من شرائح شعبية واسعة، وإرادة إفشاله ممثلة بالمعارضة الشيعية المدعومة من إيران، من جهة مقابلة، قال مراقبون إنّ الأهمية الاستثنائية لانتخابات السبت المقبل تتمثّل في أن نجاحها سيكون بمثابة اقتراع بالثقة على مواصلة مسيرة الإصلاح السياسي المتدرّج في البلاد الذي تؤطره المؤسسة الملكية، في مقابل إسقاط محاولات الزج بالبلاد في دوامة العنف على غرار ما هو جار ببلدان عربية أخرى يدفع مواطنوها الأثمان الباهظة للتدخلات الخارجية، والإيرانية تحديدا. وانطلقت بمقرّات سفارات مملكة البحرين بالخارج عملية الاقتراع في الانتخابات النيابية والبلدية لعام 2014 حيث كانت سفارةالمملكة بالعاصمة اليابانية طوكيو أول سفارة بحرينية –بحكم الموقع الجغرافي لليابان- تفتح أبوابها لعملية الاقتراع في الخارج، في حين كانت سفارة المملكة بالولايات المتحدة الأميركية آخر السفارات التي أغلقت باب الاقتراع بحكم الفارق في التوقيت بين الجزيرة العربية والقارّة الأميركية. وبلغ عدد الذين سجلوا للاقتراع في الخارج 1667 مقارنة ب1195 ناخبا عام 2010، فيما يبلغ إجمالي الكتلة الناخبة في البحرين بالداخل والخارج 349 ألفا و713 ناخبا. وجرت الانتخابات بالخارج في 29 بعثة دبلوماسية وقنصلية معتمدة كمراكز انتخابية في مختلف أنحاء العالم. ومن المقرر أن تعلن نتائج التصويت في الخارج مع نتيجة الانتخابات بالداخل وتحظى انتخابات البحرين بدعم شعبي، ومن قبل قادة رأي ومن شخصيات قيادية بتنظيمات سياسية (جمعيات) نقلت أمس وكالة الأنباء البحرينية الرسمية عن بعضهم مساندتهم لإنجاح الاستحقاق الانتخابي ودعوتهم المقترعين إلى المشاركة الكثيفة فيه لإسقاط المخطط الإيراني الذي يستهدف بلدهم. ووجّه عبداللطيف المحمود رئيس تجمّع الوحدة الوطنية رسالة إلى الشعب البحريني بضرورة النزول بكثافة يوم السبت القادم من أجل المشاركة في الانتخابات، مضيفا أن كل بحريني مخلص يريد أن يرى البحرين في وضع أفضل ومتقدمة يجب عليه أن يمارس حقه في الانتخابات ويتوجه بقوة إلى صناديق الاقتراع لاختيار من يراه مناسبا لتمثيله سواء في البرلمان أو في المجالس البلدية، مضيفا أن هذا سيمثل أكبر دليل على أن الشعب البحريني يرغب في دفع البلاد إلى الأمام عبر الطريق الصحيح. ودعا المحمود البحرينيين إلى ضرورة أن لا يلتزموا السلبية ويتنازلوا عن حقهم الانتخابي. وتوقّع رئيس تجمّع الوحدة الوطنية أن يكون الإقبال على التصويت يوم الانتخابات كثيفا، وأن يكون إقبال المرأة هو الأكثر كثافة يليه إقبال الشباب. ومن جانبه أكّد علي أحمد، أمين عام جمعية المنبر الإسلامي أنّ شعب البحرين شارك في المشروع الإصلاحي منذ بدايته لقناعته أن هذا هو الطريق الصحيح للإصلاح من خلال المشاركة الفاعلة، قائلا “إن الشعب البحريني شارك في الانتخابات السابقة وسيشارك في الانتخابات القادمة لأن هذا هو الطريق الصحيح للتغيير والإصلاح بأن نذهب إلى صناديق الاقتراع ونختار من نراه الأكفأ كي يمثلنا ويحاول أن يصحح المسار ويحقق طموحاتنا”. وتوقع علي أحمد أن تكون هناك مشاركة جيدة في الانتخابات، مستبعدا أن يكون هناك تأثير كبير لدعوات المقاطعة، ونافيا أن يكون المقاطعون فعلا هم من يتحكمون بالشارع البحريني. ولفت إلى أن مشاركة النساء غالبا تكون إيجابية وأنّ لهنّ دورا كبيرا في العملية الانتخابية وفي الشأن السياسي في البحرين. ومن جهته أشار أحمد جمعة رئيس جمعية ميثاق العمل الوطني إلى أنّ ما يجرى في البحرين هو عبارة عن “عرس انتخابي أوجد نوعا من الحراك الشعبي والسياسي وبالتالي يجب المساهمة في هذا الحراك بقوّة من أجل أن ينعكس ذلك إيجابيا على البلد”، مضيفا “أننا نريد الخروج من هذه الانتخابات بنوع من تغيير الوجوه وتغيير في البرامج والرؤى وهذا أمر طبيعي في ظل الحركة الديمقراطية في مجتمع متحرك ومتطور”. وأكّد جمعة أن المواطن البحريني يستطيع أن يتجاوز الترهيب الذي يتم في بعض المناطق لمنعه من المشاركة في العملية الانتخابية لأن مساهمته ستعمل على زيادة الاستقرار”، مشيرا بذلك إلى لجوء أطراف معارضة للعملية الانتخابية إلى العنف، بحرق ممتلكات بعض المرشحين وتمزيق معلقاتهم الانتخابية وتوجيه تهديدات عبر كتابات حائطية وعن طريق مواقع التواصل الاجتماعي للمرشحين والمقترعين.