وزير الخارجية السعودي يؤكد على ضرورة الوقوف في وجه تنامي الخطر الإخواني عن طريق الدعم الكامل للحكومة المصرية. م يقدم الخطاب الإخواني رسائل طمأنة إلى دول الخليج، بل بالعكس سعى إلى ضرب استقرارها وتوظيفها في مشروع التغول الذي شرع في رسم الخطط له. وعلى خطى الإمارات التي نجحت في كشف خيوط مؤامرتهم الخسيسة وتعريتها، أبان سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي عن توجه واضح للوقوف ضد تنامي الخطر الإخواني من خلال دعم الحكومة المصرية التي جاءت بعد الإطاحة بالرئيس محمد مرسي بكل الوسائل، والعمل على إنجاح المرحلة الانتقالية وإخراج مصر من أزمتها الخانقة التي كان سببها فكر إخواني متشدد سعى إلى إحكام قبضته على دواليب الدولة ومؤسساتها. عد خطاب سعود الفيصل الذي تحدث فيه عن الأزمة المصرية والمواقف الدولية منها والتداعيات التي خلقتها في الساحة الداخلية والخارجية، في نظر المحللين توجها فعليا للمملكة العربية السعودية للعب دور مهم كدولة قوية لها تأثيرها في محيطها الإقليمي والدولي.الخطاب تضمن العديد من الحقائق وأشار بوضوح الى المشاكل التي يمكن أن تواجهها مصر لو تركت لوحدها تصارع مشاريع الإخوان ودسائسهم. وعبر عن رغبة قوية من قبل السعودية للوقوف أمام كل المحاولات الساعية الى تكبيل الحكومة المصرية الجديدة من خلال بعض القرارات التي لم تستند الى معطيات موضوعية حقيقية بل بنت تلك القرارات على مواقف انطباعية حاول الإعلام المساند للإخوان تأكيدها على سبيل المغالطة للواقع وللحقائق. وانتقد بشدة رؤى بعض الدول ومواقفها مما يحصل في مصر والتي سعت إلى إخراج الإخوان من أزمتهم من خلال التلميح بالحديث عن الشرعية وعن العقوبات لمصر من خلال وقف المساعدات. دعم لا مشروط للدولة المصرية وزير الخارجية السعودي من خلال حديثه أبان عن تشبث بدعم الدولة المصرية في أزمتها الحالية ووجه رسالة قوية للغرب ممثلا في الولاياتالمتحدة الاميركية الاتحاد الاوروبي مفادها أن الدول العربية وعلى رأسها المملكة مستعدة لتعويض أي مساعدات غربية إذا قررت الأخيرة قطعها. ذاك التشبث له العديد من المبررات حسب ما يرى المراقبون فقد أظهر الإخوان المسلمون خلال فترة حكمهم الوجيزة أنهم طلاب سلطة خاصة بعد أن قام الجيش وقوات الأمن بفض اعتصاماتهم فبرهنوا للعالم أن تشبثهم بالسلطة يتطلب الكثير من العنف حتى ولو أدخلت مصر في أتون الحرب الأهلية ودمرت الدولة ومؤسساتها. ويعلم الوزير السعودي سعود الفيصل أن خطر الإخوان إذا كتب لهم التمكين في مصر لن يتوقف عند حدودها بل سيحاول الامتداد الى الخارج والى دول الخليج التي لا تريد أن تكتوي بما اكتوى به الجانب المصري.الإخوان بفكرهم المتشدد الذي أظهره خطاب قياداتهم لن تكون السعودية المكان الملائم له، لذلك كان خطاب الفيصل فيصلا في القطع مع النموذج الاخواني في الحكم ومحاولات بعض الدول تجميله وتسويقة. وقد أكد الفيصل وقوف السعودية بجوار مصر في الأحداث الأخيرة التي تشهدها البلاد، مما اعتبره البعض قطعا للطريق على كل من يسعى للمؤامرة على مصر في ظل عنف جماعة الإخوان المسلمين وأنصارها.عنف تولد عن حقد دفين يخفيه الجماعة ولكن هوسهم بالسلطة كشف ذلك وعرى زيفهم وزيف شعاراتهم. وقد رأى الفيصل في خطابه أن ما تشهده مصر اليوم يعبر عن إرادة ثلاثين مليون مصري خرجوا في ثلاثين يونيو معربين عن رغبتهم في إجراء انتخابات رئاسية مبكرة كنتيجة حتمية لتدهور الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. وهي إرادة شعبية على العالم أن يحترمها لأن الشعب المصري هو من يتعامل مع الإخوان ومع مخططاتهم ومع سياستهم التي أذاقتهم الويلات في سنة فماذا لو جثموا على الصدور لسنوات عديدة، وهو من خرج للشارع لإزاحتهم من أجل حريته وثورته. و يرى الفيصل أن السعودية تنظر بأسف شديد إلى ما تشهده مصر من أحداث وتطورات بلغت حسب ما يبدو إلى حد حرب في الشوارع، وتدمير الممتلكات العامة والخاصة وترويع أمن المواطنين وإزهاق الأرواح البريئة، وحرق محافظات مصر بأكملها من قبل تيار يرفض الاستجابة للإرادة الشعبية المصرية، بل ورفض كافة مبادرات الصلح التي أطلقها شيخ الأزهر علاوة على النداءات العربية والدولية. فهناك العديد من المبادرات التي قدمت للإخوان لحلحلة الأزمة السياسية التي كانوا سببا فيه، لكنهم كانوا يماطلون ويشترطون، ظنا منهم أنهم يملكون الشارع لكنهم أفاقوا على حقيقة أخرى كانت القاضية والصادمة في نفس الوقت. تأكيد على مكانة السعودية ودورها سعود الفيصل بخطابه القوي أعاد إلى الأذهان مواقف الدولة السعودية التي كانت دائما تقف ضد المؤامرات التي تحاك لمصر وللأمة، وهذا الموقف الذي انحاز إلى مصر يذكر بموقف المملكة من الغرب في حرب أكتوبر 1973 عندما قطعت البترول عن أميركا والدول المؤيدة لإسرائيل ؛ ذلك أن السعودية تؤمن إيمانا راسخا بالدور الإقليمي والدولي لمصر وأنها دولة لا يجب إضعافها ولا تفتيتها ولا تركها في يد الإخوان الذين أوصلوها إلى مشارف الهاوية لولا الهبة الشعبية التي قصمت ظهورهم ؛ لذلك تنصب الجهود الدبلوماسية لسعود الفيصل على إفشال كل السياسات الساعية الى تخريب مصر وإدخالها في فوضى لا يمكنها الخروج منها إلا وهي منهارة على جميع المستويات. وكان وزير الخارجية السعودي طالب المجتمع الدولي بعدم اتخاذ أية إجراءات أو سياسات من شأنها عرقلة وتعطيل جهود الحكومة المصرية. وهو موقف يعبر عن الدور السعودي الذي لايزال يساهم في إعادة التوازن لمواقف بعض الدول الساعية الى إحداث هزات قوية في العلاقات الدولية. وتعد الزيارة التي قام بها سعود الفيصل إلى فرنسا تندرج في ذاك الإطار، حيث بحث مع الرئيس فرانسوا هولاند الأوضاع الراهنة في مصر، بغية توحيد الرؤى على ما يجري فيها من أحداث، بناء على حقائق وليس على فرضيات. المصريون يقدرون الدور الذي تقوم به السعودية من أجل دعمهم والمحافظة على الدولة المصرية قوية أمام كل العواصف التي تمر بها. وخطاب سعود الفيصل لم يخيب آمال المصريين وتقديراتهم وكان موقفا مسؤولا على قدر قيمة المرحلة التاريخية الراهنة التي تمر بها مصر والأمة العربية والإسلامية بصفة عامة . وهو خطاب مسؤول لأن بعض الدول حاولت استغلال الفرصة لضرب مصر وضرب وحدتها والسعي الى صوملتها من خلال دلائل على وجود تآمر غربي لتدمير مصر عن طريق السعي دائما إلى مساندة نظام الإخوان المسلمين. ويذهب مراقبون أن سعود الفيصل بذلك الخطاب التاريخي قطع محاولات المؤامرة التي تقوم بها أميركا وخلفها تصطف حكومات الدول الغربية، لأن السعودية تعتبر من أكبر البلدان العربية اقتصاديا في المنطقة ولها نفوذ عالمي كبير تستطيع أن تغير أوراق اللعبة كلها لصالح مصر ؛ لذلك كان الخطاب واضحا بلا أقنعة وبلا رسائل مشفرة مؤكدا على أن التآمر الدولي على مصر لن يمر وأن ما جرى في مصر هو مواجهة لإرهاب إخواني حاول تقسيم المجتمع المصري وضرب أمنه واستقراره. وأن ما قام به الشعب المصري في انتفاضة الثلاثين مليون لا يمكن وصفها بالانقلاب العسكري إذ أن الانقلابات العسكرية تجري تحت جنح الظلام، كما أن من تولى سدة الحكم في مصر رئاسة مدنية وبما يتوافق مع الدستور المصري. وانتقد الفيصل بعض المواقف الدولية التي تكيل بمكيالين إذ مواقفها تجاه الأحداث الجارية في مصر يتعارض مع مواقفها تجاه الأحداث في سوريا.فقد دمرت سوريا بأكملها دون أن نسمع همسة واحدة من المجتمع الدولي الذي يتشدق بحقوق الإنسان. واستغرب سعود الفيصل من أن مواقف دولية أخذت مساراً غريباً في تجاهل هذه الحقائق الدامغة وركزت على مبادئ عامة وكأنها تريد التغطية على ما يقوم به هؤلاء المناوئون من جرائم وحرق لمصر وقتل لشعبها الآمن. وقال الفيصل صراحة «ولتعلم كل الدول التي تتخذ هذه المواقف السلبية تجاه مصر بأن السعير والخراب لن يقتصر على مصر وحدها بل سينعكس على كل من ساهم أو وقف مع ما ينالها من مشاكل واضطرابات تجري على أرضها اليوم» . وبين سعود الفيصل أن المملكة تستغرب المواقف الدولية التي تم التعبير عنها بشيء من الاستحياء حول الوضع في مصر والذي يظهر ميلاً إلى جانب من يحاولون استخدام الشعب المصري كأداة من أدوات العمل السياسي . إن خطاب سعود الفيصل أظهر للعالم أن السعودية قادرة بما تملكه من قدرات على خلط الاوراق في أية لحظة والوقوف الى جانب مصالحها حتي ولو كانت تتعارض مع المصالح الغربية. وإن كانت قطر قد ارتمت في أحضان ما يسمى بثورات الربيع العربي دون إدراك منها لخطورة الدعم والضوء الاخضر الذي قدمته للإخوان، فإن السعودية كانت تملك من المعطيات ومن الحنكة السياسية التي ترى أن الاخوان والاسلام السياسي بصفة عامة لايمكن أن ينجح في الحكم مهما توفرت له من الشروط النجاح لأن الفكر الإخواني فكر لايملك أي منوال للتنمية والنهوض. فهل تقدر السعودية من خلال دبلوماسيتها الفاعلة و المؤثرة على لجم الإخوان وإسقاط كل مخططاتهم؟