نظيفة يشربونها كان أشهرها قرية البرادعة الشهيرة بمحافظة القليوبية التي تعد نموذجا صارخا ودليلا دامغا علي ما وصلت إليه حال مياه الشرب في مصر. التقرير الآخر الصادر عن المنظمة المصرية لحقوق الإنسان تحت عنوان "تلوث المياه قنبلة موقوتة تهدد المصريين" أكد أن نحو 74 % من السكان يشربون مياه الصرف الصحي وحوالي 67 % من مياه الريف مخلوطة بالصرف!! ورصد التقرير نحو 41 حالة إنتهاك للحق في المياه في الفترة من أكتوبر 2008 وحتي الشهر ذاته من 2009 توزعت بين مشاكل الري بواقع 8 حالات ونقص مياه الشرب بواقع 33 حالة وأشار إلي أن نسبة التلوث في مصر تزيد علي ثلاثة أمثال المعدلات العالمية، إذا وصل إلي مرحلة معقدة يصعب مواجهتها. وقال التقرير إن الملوثات الصناعية غير المعالجة أو المعالجة جزئياً التي يقذف بها في عرض المياه تقدر بنحو 5.4 مليون طن سنوياً. وعن إرتفاع نسب حالات التسمم الناتج عن التلوث في محافظات مصر فكان نصيب القاهرة 35 % منها و21 % بالجيزة و50 % بالقليوبية. ولفت التقرير إلي أن مصر قد تواجه مشكلة عوز حقيقي للمياه بحلول عام 2015 في ظل إزدياد الإحتياجات وثبات كمية المياه المتاحة بما يتطلب ترشيد الإستخدام علي نطاق واسع. وأشار إلي إنعدام العدالة في توزيع مياه الشرب بين المدينة والقرية ويفيد العديد من التقارير والدراسات المتخصصة فأن هناك 100 ألف يصابون بالفشل الكلوي سنوياً في مصر بسبب تلوث المياه. وأوصي التقرير بزيادة نسبة الأموال المخصصة للسياسات والموارد المائية وآليات إصلاحها، خاصة بعد قيام الحكومة بتخفيض موازنة قطاع مياه الشرب والصرف الصحي في إعتمادات العام الحالي 2009 – 2010 وكان تقرير حكومي قد كشف العام الماضي إصابة 7 ملايين مصري بالسرطان خلال العشرين عاماً الأخيرة بسبب المبيدات الزراعية مؤكداً أن مصر من أكثر دول العالم إستهلاكاً للمبيدات مقارنة بالمساحة المزروعة إضافة إلي أن تلوث المواد المائية المصرية يتسبب في خسائر صحية وزراعية تقدر بحوالي 55.3 بليون جنيه مصري أي ما يعادل 8.1% من الدخل القومي مؤكداً أن هذه النسبة تزيد علي نسبة تدهور الموارد البيئية في مصر والتي تبلغ 1% فقط من إجمالي الدخل القومي نتيجة لتدهور الإنتاجية الزراعية والسمكية في مصر نتيجة للتدهور البيئي للموارد المائية والتربة الزراعية. وشدد التقرير علي ضرورة مواجهة من يفكرون في تهديد حياة المصريين بالتلاعب ونقض المعاهدات الدولية مشيراً إلي أن تقرير البنك الدولي يحذر من إستمرار تدهور الموارد المائية المصرية لأنه من الممكن أن يرفع خسائر الإقتصاد المصري إلي 5.9 بليون جنيه مصري أو 2.3% من الدخل القومي المصري. من جهتها أصدرت الأممالمتحدة تقريرها السنوي والذي جاء فيه أن مشكلة المياه في الدول النامية ومن بينها مصر تتفاقم خاصة فيما يمس مياه الشرب المتاحة حيث يتعدي مستوي التلوث فيها المعدلات المسموح بها ففي مصر تراجعت إلي حد كبير معايير الحفاظ علي البيئة وتزايدت بدورها معدلات الإصابة بالفشل الكلوي وأمراض الكبد حتي وصلت إلي نسبة مخيفة بسبب تلوث مياه النيل التي تعد المصدر الرئيسي للمياه. وحدد التقرير الذي إعتمد علي دراسات موثقة في هذا الشأن أن حجم المخلفات الصناعية في مصر والتي تلقي بنهر النيل قدرت ب 500 مليون متر مكعب في العام بواقع 722 مليون متر مكعب مخلفات سائلة من الصناعات الغذائية القائمة تليها المخلفات الكيمياوية بمقدار 89 مليوناً والنسيج 88 مليوناً ثم الصناعات المعدنية 60 مليوناً أما الباقي فصناعات كثيرة أخري وكلها مخلفات تلقي في النيل دون معالجة. وتؤكد الدراسات البيئية أن 75% من المخلفات السائلة تجد طريقها إلي النيل والترع هذا بالإضافة إلي المصدر الآخر الذي يتمثل في التلوث الزراعي حيث بلغت كمية المياه الملقاة في النيل من مياه الصرف الزراعي المحملة بالمبيدات 5.2 مليار متر مكعب سنوياً حيث يوجد 73 مصباً للصرف الزراعي تؤدي إلي تلوث كيميائي وبيولوجي وزراعي وحراري خاصة أن هناك بعض المبيدات المحظورة دولياً مثل t• d• d لاتزال تستخدم في مصر إلي الآن وتجد طريقها إلي نهر النيل ضمن هذه الملوثات.