"الثقافة المصرية تعيش الآن أزمة غياب السياسات الثقافية الواضحة" هذا ما أكده الناقد والروائي "منير عتيبة", المشرف على مختبر السرديات بمكتبة الإسكندرية ، خلال حوارنا معه عن الأحوال الثقافية في الوقت الراهن، وعن دور وزارة الثقافة، أوضح أنها تمتلك القدرات المؤثرة بقوة في وجدان الشعب المصري .. مؤكدا وجود الكثير من علامات التخبط والعشوائية بهذه الوزارة الحساسة, وذلك نتيجة لنظرة الأنظمة الحاكمة لهذا الإبداع . وأكد "عتيبة " على ضرورة وجود حلول جذرية لمشاكل المثقفين والكتاب .. ملمحًا إلى أهمية التكنولوجيا التي دخلت مجتمعنا , معتبرًا الثقافة الرقمية لها دور حيوي في الفلسفة والفكر والأدب, وذلك من أجل تجسير الفجوة الثقافية محليًا وعربيًا, وذلك من خلال تنظيم العديد من الندوات والمؤتمرات والمسابقات التي تؤدي في النهاية إلى التلاقي الإبداعي والنقدي بين الكتاب والروائيين والنقاد من مختلف أنحاء العالم . - ما رأيك في الحالة التي تعيشها الثقافة المصرية حاليًا ؟ الحاله الثقافية الراهنة هي ميراث عقود من تهميش الثقافة, باعتبارها مكملا اجتماعيًا يمكن الاستغناء عنه , إضافة إلى أهمية دور المثقف في إثراء الحياة الفكرية والأدبية . من المهم توضيح أن هناك أزمة غياب سياسات ثقافية واضحة في المجتمع المصري , إضافة إلى الأزمة الكبيرة وهي أزمة وفرة الإبداع المطبوع, حيث أن الكثير منه ليس بالمستوى المطلوب, بالإضافة إلى وجود أزمة النقد غير المنهجي ولايقصد هنا وجه الإبداع فقط, فالأزمات كثيرة, لكنها لاتعدو إلى التشاؤم بل تتطلب روحا إيجابية وعقلانية؛ للتعامل معها بكفاءة ونزاهة معًا, فما تحتاجه الحياة الثقافية الآن هو ما تحتاجه كل مصر . - وما رأيك في احتجاج المثقفين على ممارسات وزارة الثقافة في الفترة الماضية؟ وزارة الثقافة من أهم الوزارات في مصر وتمتلك مايجعلها قادرة على التاثير بعمق في الشعب ا؛ لكنها أيضا من أكثر الوزارات تخبطًا وعشوائية وفسادًا ؛ نتيجة لنظرة الأنظمة الحاكمة للثقافة , وقد طالت الحالة الثورية للمثقفين الذين ضحوا على مدى عقود, ويريدون الآن حلولا جذرية لمشاكلهم ومشاكل مجتمعهم, فلم يعد المصريون الآن -وفي القلب منهم المثقفون- يرضون بأنصاف الحلول أو الحلول التقليدية . المشكلة ليست في الثقافة ولكنها مشكلة الأنظمة السياسية التي لم تكن تفهم الدور المهم للثقافة والمثقف في المجتمع , تلك تلك الأنظمة كانت تفهم وتخشى قيام ثقافة ومثقفين بدورهم الحقيقي, لذلك حاربتهم بالتهميش أو التدجين , ولكن الوضع اختلف الآن , أو كان لابد أن يختلف جذريًا بعد ثورتي 25 يناير و 30 يونيو . - لكن يقال أن معظم الشعب المصري يعاني حالة من التدهور الثقافي فمارأيك ؟ لايمكن أن يصدق هذا على شعب علم العالم أكثر من درس في عمر الوعي والقدرة على الفعل خلال أقل من ثلاثة أعوام .. وهي الفترة الثورية التي عاشتها مصر.. لكننا لانستطيع أن نتجاهل تفشي الأمية في المجتمع المصري, وسوء المنظومة التعليمية التي تنتج عقولا يسهل قيادتها والسيطرة عليها ؛ لذا لابد من ايجاد حلول ابتكارية وغير تقليدية لحل مشاكل التعليم في مصر . - بصفتك ناقد وروائي , كيف ترى العلاقه بين الناقد والمبدع ؟ هي علاقة جدلية, حيث أن التحاور بين الناقد والمبدع هو مايكشف عمق الحالة الإبداعية, لكي ينظرلها ويفتح سبلا جديدة لتجاوزها , هذا في المطلق أما في الواقع العلمي فلا أحد ينكر وجود الكثير من المشاكل في هذه العلاقة الملتبسة ؛ حيث تصبح العلاقه أحيانا مجرد علاقة مصالح ومجاملات وليست علاقة أدبية وفكرية خالصة . - هل تعتقد أن المشهد الثقافي الإلكتروني يعوض عن المشهد المطبوع ؟ لدي اهتمام خاص بالثقافة الرقمية, حيث كنت أحد مؤسسي مجلة "أمواج إسكندرية" على الإنترنت عام 1999 , كما شاركت في تأسيس اتحاد كتاب الإنترنت العرب وتنظيم مؤتمري الإسكندرية الأول والثاني للثقافة الرقمية عامي 2009 , 2011 ومع ذلك فلست مع الفكرة القائلة بأن الرقمي سيقضي على المطبوع ؛ لأنني من أنصار التجاور الخلاق وليس الإقصاء؛ فلكل منهما قدراته وإمكاناته وجمهوره وكل منهما قادر على تطوير نفسه وإفادة الآخر . مختبر السرديات - بما أنك المشرف على مختبر السرديات بمكتبة الإسكندرية , كيف كان دور مختبر السرديات في التواصل النقدي والإبداعي العربي ؟ يحرص المختبر على تجسير الفجوة الثقافية محليًا وعربيًا, من خلال تنظيم ندوات ومؤتمرات ومسابقات تؤدي غرض التلاقي الإبداعي والنقدي , فكما يستضيف المختبر نقادًا ومبدعين من مصر ومن الأجيال الأدبية المختلفة, فإنه يفعل ذلك أيضا على المستوى العربي , حيث استضاف مختبر السرديات بمكتبة الإسكندرية العديد من النقاد والمبدعين العرب من الأجيال والاتجاهات المختلفة كالأديب الجزائري (واسيني الأعرج , والتونسي صلاح الدين بوجاه ,واللبنانية لنا عبد الرحمن ؛ والكويتي طالب الرفاعي,والعماني محمد الرحبي, واليمني محمد العزبي عمران ,الأردني صبحي فحماوي, والناقدان العراقيان د . ثائر الغدراي ,وعذاب الركابي وغيرهم . - هل تعقد أن مكتبة الإسكندرية تقوم بدور ثقافي يوزاي تاريخها العظيم ؟ مكتبة الإسكندرية تقوم بدور ثقافي وعلمي مهم على المستوى المحلي والدولي, لكنني أعتقد أنها مؤهلة لأن تقوم بدور أكبر بما لديها من إمكانات وقدرات بشرية لتؤثر تاثيرًا حقيقيًا في المجتمع المصري بعد ثوره 30 يونيو ,وتقدم صورة هذا الشعب العظيم إلى العالم بالمشهد الذي يليق بها