توالت ردود أفعال خبراء سياسيين وعسكريين حول التصريحات المثيرة التي وردت على لسان رئيس حزب الوسط "أبو العلا ماضي"، والتي قال فيها بأن الرئيس "محمد مرسي" أبلغه أن "المخابرات العامة أنشأت في عهد الرئيس السابق "حسني مبارك" تنظيمًا مكونًا من 300 ألف عنصر ممن يعرفون بالبلطجية، بينهم 80 ألفًا في القاهرة وحدها، وأن ذلك التنظيم شارك في أحداث قصر الاتحادية، وأنه تم تسليم هذا التنظيم من المخابرات إلى المباحث الجنائية، ومن بعدها إلى جهاز مباحث أمن الدولة". وقال مراقبون: إن الرئيس وجماعته الإخوانية يريدون تحريض الشعب ضد المخابرات العامة، بعد سلسلة من الشد والجذب المتواصل مع القوات المسلحة، فضلًا عن إنهاك ضباط وأفراد الشرطة والزج بهم في مواجهات مع الشعب، وأوضح الخبراء أن الرئيس "مرسي" عليه أن يكون حذرًا في تعاملاته مع الأجهزة السيادية في الدولة؛ لأنها درع الوطن الباقي بعد حالة الانقسام والتشتت الداخلي التي أصابت المجتمع، ولم يتبقَ سوى هذه الأجهزة والمؤسسات المتماسكة وتحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل غرق سفينة الوطن، بسبب هذه التصريحات غير المسؤولة من الرئيس أو مؤيديه. اللواء حسين كمال وكيل جهاز المخابرات العامة السابق قال: إن الرئيس "محمد مرسي" وقادة جماعة الإخوان المسلمين عندما يرغبون في إقالة أحد وزراء الجهات السيادية دائمًا يحرضون ميليشياتهم الإلكترونية أو مؤيديهم لإطلاق سيل من التصريحات الكاذبة لجس نبض الشارع والمواطنين، وبعدها يتم دراسة الأمر من قبل مؤسسة الرئاسة سواء بإقالة المسئول أو التراجع والاعتذار عن التصريحات، وهو ما حدث مع الفريق أول "عبد الفتاح السيسي" وزير الدفاع عندما أراد الرئيس إقصاءه من منصبه، لافتًا إلى أن الهدف من نشر تلك الشائعات هو تلطيخ سمعة جهاز المخابرات العامة ضمن سلسلة من تلطيخ سمعة الأجهزة المصرية والتي بدأت بالمؤسسة العسكرية، من قبل المحسوبين على تيار الإسلام السياسي ومن هم تحت جناح الرئيس أو من يتشدقون بحمايته، مستنكرًا خروج هذه التصريحات ضد هذا الجهاز السيادي العملاق بتاريخه الرائع والمشرف والذي يعمل لصالح مصر أولًا وأخيرًا، ولا يعمل أو ينحاز لأي فصيل معين ضد الآخر. تفكيك الجهاز ومن جانبه أوضح الخبير الإستراتيجي اللواء سامح سيف اليزل ، أن المعلومات التي أدلى بها أحد الشخصيات الموالية للرئيس "مرسي" حول إنشاء المخابرات لجهاز يضم 300 ألف بلطجي، الهدف منها هو تفكيك جهاز المخابرات وإعادة هيكلته وتغيير قياداته، لافتًا إلى أن الإخوان المسلمين ورئيسها الحاكم متخوفون بشدة من المؤسسات العسكرية والسيادية وعلى رأسها "القوات المسلحة، والمخابرات، والداخلية"، ويرون أن صعودهم لحكم البلاد يعطيهم سندًا قانونيًا وشعبيًا لتطهير هذه المؤسسات من وجهة نظرهم، مؤكدًا أن هذه الأجهزة تعمل فقط لخدمة الوطن وتطهر نفسها داخليًا دون أي تدخلات من الرئيس، وعلى مؤسسة الرئاسة أن توضح للمصريين حقيقة هذه التصريحات وتنفي أو تؤكد هذه المعلومات؛ لأن الرئيس "مرسي" هو الرئيس المباشر لجهاز المخابرات، ومثل هذه الأقاويل تحدث ارتباكًا في مؤسسات الدولة وتستفز العاملين في هذه الأجهزة السيادية. وفي رأي اللواء على صادق، وكيل جهاز المخابرات العامة السابق، إن ما قيل عن وجود بلطجية يرعاها جهاز المخابرات أمر غير مقبول من مؤسسة الرئاسة، ولا توجد مخابرات تتعامل مع البلطجية على الإطلاق؛ لأنها تدين بالولاء لرئيس الجمهورية وتخضع لسلطته بشكل مباشر، ولذلك على رئيس الجمهورية عدم الصمت ويخرج للشعب ويثبت مدى صحة ما قيل ويقدم الأدلة على هذه الاتهامات، حتى لا يتم تشويه عمل الجهاز الوطني، لافتًا إلى أن كثرة الشائعات والأقاويل على الأجهزة السيادية أمر خطير على الأمن القومي للبلاد، ولا يصح أن يكون الحوار عن جهاز المخابرات بهذا الشكل المستفز، ولكن في ظل الظروف السياسية والانفلات المجتمعي من القوى السياسية أصبح الجميع متهمين في نظر تيار الإسلام السياسي، ومن الوارد أن نسمع ما هو أكثر من ذلك. مخابرات موازية ويرى محمد أنور السادات، رئيس حزب الإصلاح والتنمية، أن هذه التصريحات إهانة صريحة وإساءة لسمعة وتاريخ جهاز وطني مخلص شهد له التاريخ بأن رجاله على قدر المسئولية والدفاع عن مصر بأرواحهم وممتلكاتهم، لافتًا إلى أنه لو صح هذا الكلام والرئيس يعلم هذه المعلومات الخطيرة فلابد أن يحاسب على صمته وعلى دماء المصريين التي سالت؛ لأن المصريين ببساطة سيعرفون من هو الطرف الثالث الذي يقتل المصريين منذ قيام ثورة الخامس والعشرين من يناير ويختفي فجأة دون أن نعرفه وتحفظ التحقيقات والقضايا وتضيع دماء الثوار هدرًا، مطالبًا الرئيس "مرسي" بصفته رئيس جهاز المخابرات أن يطلب ملفات البلطجية وجميع التنظيمات السرية من جهاز المخابرات العامة ويعلنها على جموع الشعب إذا أراد أن يثبت صحة هذه الواقعة، ولكن من المتوقع عدم سعي الرئيس لهذا الأمر؛ لأنه يدرك أنه سيكون مع جماعته الإخوانية ضحية اللعب مع الأجهزة السيادية. وبدوره دعا محمد أبو حامد، رئيس حزب حياة المصريين تحت التأسيس، الرئيس "محمد مرسي" إلى اختيار صحبته ومجالسه؛ لأنهم يورطوه في أمور وتصريحات شائكة، وعليه أن يبتعد عن حاشيته من المفلسين سياسيًا ويستمع لصوت الكفاءة والعقل بدلًا من صوت الثقة والسمع والطاعة؛ لأنهم أصحاب انتهازية سياسية وعشاق الطموح السياسي، وقد يتسببون بأقوالهم وأفعالهم في شق الصف الرئاسي وإقامة حاجز جليدي بين الرئيس ومؤسسات الدولة وتحديدًا "القوات المسلحة والمخابرات"، رغم أنه أحوج إليهم في الوقت الحالي لإمداده بالمعلومات والتقارير كي تحافظ على أمن وسلامة وتماسك الوطن، مؤكدًا أن الرئيس وجماعة الإخوان المسلمين يريدون بهذه الشائعات تفكيك الجهاز والغوص في كيفية "أخونته"، وإنشاء "حرس ثوري" أو جهاز مخابرات موازٍ، لتخوفهم من انقلاب محتمل من جانب القوات المسلحة والمخابرات على الرئيس، ولذلك يسعون بكافة الطرق لتنفيذ تجارب الآخرين المشابهة مثل "إيران" وقيام دولة المرشد في البلدين. مساءلة سياسية وفي السياق ذاته أكد أبو العز الحريري، وكيل مؤسسي حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، أن هذه التصريحات تعكس ما يضمره الرئيس وقادة جماعة الإخوان المسلمين في عقولهم ونفوسهم تجاه بعض الأجهزة السيادية، وبالتالي أظهرت للقوى السياسية والشعبية ما يدور في خيال هذه الجماعة، وتوضح إصرارهم الدائم على وجود مؤامرة تحاك ضد الرئيس للإطاحة به من الحكم، لافتًا إلى أن هذه التصريحات خطيرة وتستوجب المساءلة السياسية للرئيس ولمن أطلقها سواء كانت صحيحة أو خاطئة، لكن الحقيقة الثابتة من هذه التصريحات أنها عكست للشعب ما يدور في خيال وعقل الجماعة الباطن، وأظهرت لهذه المؤسسات ضمائر ونوايا مكتب الإرشاد تجاههم، متسائلًا: كيف يمكن لرئيس دولة أن يدلي بمعلومات عن جهاز سيادي لرئيس حزب؟ ولماذا لم يجلس مع رئيس جهاز المخابرات ويتحدث معه لكشف الحقيقة؟ وما حدث يؤكد أن "مرسي" يتحدث مع مؤيديه وكأنهم في "مكلمة حورية" عن مؤسسات الدولة السيادية، ويتصرف وكأنه رئيس حزب وليس رئيس دولة.