توقعات متباينة لسعر الدولار بعد تسلم مصر الدفعة الثانية من استثمارات رأس الحكمة    وفد جنوب إفريقيا: إسرائيل تحدت تدابير محكمة العدل الدولية وهاجمت رفح الفلسطينية    وزير داخلية سلوفاكيا: الاشتباه في محاولة ذئب منفرد في اغتيال فيكو    قائمة منتخب ألمانيا في «يورو 2024»    حالة الطقس غدا.. اعتدال درجات الحرارة    رئيس مجلس السيادة السوداني يوجه دعوة رسمية لشيخ الأزهر لزيارة البلاد    17 صورة من جنازة هشام عرفات وزير النقل السابق - حضور رسمي والجثمان في المسجد    محمد المنفي: ليبيا لا تقبل التدخلات الخارجية.. وندعم حقوق الشعب الفلسطيني    جامعة الفيوم تنظم ندوة عن بث روح الانتماء في الطلاب    الثنائي متشابهان.. خالد المولهي يكشف طريقة اللعب الأقرب للأهلي والترجي في نهائي إفريقيا (خاص)    تفاصيل اجتماع وزيرا الرياضة و التخطيط لتقييم العروض المتُقدمة لإدارة مدينة مصر الدولية للألعاب الأولمبية    السفير المصري بليبيا: معرض طرابلس الدولي منصة هامة لتسويق المنتجات المصرية    محمد عبده ونجمة «أراب أيدول» ليسوا الأوائل.. نجوم أعلنوا إصابتهم بالسرطان    هالة الشلقاني.. قصة حب عادل إمام الأولي والأخيرة    رامز جلال ونسرين طافش في «أخي فوق الشجرة» لأول مرة الليلة    وكيل الصحة بالقليوبية يتابع سير العمل بمستشفى القناطر الخيرية العام    وكيل الصحة بالشرقية يتفقد المركز الدولي لتطعيم المسافرين    "لذيذ ومقرمش".. طريقة عمل بسكويت النشا بمكونات بسيطة    ننشر حركة تداول السفن والحاويات في ميناء دمياط    نتيجة الصف الرابع الابتدائي الترم الثاني 2024 .. رابط ظهورها بالخطوات    قطع مياه الشرب عن 6 قرى في سمسطا ببني سويف.. تفاصيل    القوات الروسية تسقط 3 مقاتلات "ميج-29" أوكرانية    الصحة تنظم احتفالية بمناسبة اليوم العالمي للامتناع عن التدخين بالمدينة الرياضية بالعاصمة الإدارية الجديدة    الجمعة .. انطلاق نصف نهائي بطولة العالم للإسكواش بمصر    فنانات إسبانيات يشاركن في الدورة الثانية من ملتقى «تمكين المرأة بالفن» في القاهرة    «زراعة النواب» تطالب بوقف إهدار المال العام في جهاز تحسين الأراضي وحسم ملف العمالة بوزارة الزراعة    محافظ المنيا: قوافل بيطرية مجانية بقرى بني مزار    عالم الزلازل الهولندي يثير الجدل بحديثه عن أهرامات الجيزة    أتلتيك بيلباو يحبط برشلونة بسبب ويليامز    ببرنامج "نُوَفّي".. مناقشات بين البنك الأوروبي ووزارة التعاون لدعم آفاق الاستثمار الخاص    تأكيدا ل"مصراوي".. تفاصيل تصاعد أزمة شيرين عبد الوهاب وروتانا    موعد عيد الأضحى 2024 ووقفة عرفات فلكيًا.. (أطول إجازة رسمية)    بمشاركة مصر والسعودية.. 5 صور من التدريب البحري المشترك (الموج الأحمر- 7)    جامعة المنوفية تتقدم في تصنيف CWUR لعام 2024    العربية: مصر تواصل تكوين مخزون استراتيجي من النفط الخام بعشرات المليارات    معهد التغذية: نسيان شرب الماء يسبب الشعور بالتعب والإجهاد    أمير عيد يؤجل انتحاره لإنقاذ جاره في «دواعي السفر»    "العربة" عرض مسرحي لفرقة القنطرة شرق بالإسماعيلية    توقيع بروتوكول تجديد التعاون بين جامعة بنها وجامعة ووهان الصينية    قرار قضائي جديد بشأن سائق أوبر المتهم بالاعتداء على سيدة التجمع    وزيرا النقل والري يبحثان تنفيذ المحاور الرئيسية أعلي المجاري المائية والنيل (تفاصيل)    الأحد.. عمر الشناوي ضيف عمرو الليثي في "واحد من الناس"    أعطيت أمي هدية ثمينة هل تحق لي بعد وفاتها؟.. أمين الفتوى يوضح    أنشيلوتي يقترب من رقم تاريخي مع ريال مدريد    الطاهري: نقاشات صريحة للغاية في جلسات العمل المغلقة بالقمم العربية    المشدد 6 سنوات لعامل ضبط بحوزته 72 لفافة هيروين في أسيوط    «الداخلية»: ضبط 13 ألف قضية سرقة تيار كهربائي خلال 24 ساعة    دون إصابات.. تفاصيل نشوب حريق داخل شقة في العجوزة    خارجية البحرين: القاهرة حريصة على نجاح قمة المنامة.. ونقدر الدور المصري    نتيجة الصف الرابع الابتدائي الترم الثاني 2024 عبر بوابة التعليم الأساسي (الموعد والرابط المباشر)    «الأمن الاقتصادي»: ضبط 13166 قضية سرقة تيار كهربائي ومخالفة لشروط التعاقد    «القاهرة الإخبارية» ترصد آخر الاستعدادات للقمة العربية في البحرين قبل انطلاقها    كولر يحاضر لاعبى الأهلي قبل خوض المران الأول فى تونس    «الإفتاء» تحسم الجدل حول مشروعية المديح والابتهالات.. ماذا قالت؟    عبد العال: إمام عاشور وزيزو ليس لهما تأثير مع منتخب مصر    حلم ليلة صيف.. بكرة هاييجي أحلى مهما كانت وحلة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 16-5-2024    نجمة أراب أيدول برواس حسين تُعلن إصابتها بالسرطان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الذين يدفنون أحياء
نشر في صوت البلد يوم 17 - 03 - 2010

فقد كان أبي يحكي متفاخرا بأبيه، بأنه في آخر أيامه كان يدعو الله قائلا :
- ربنا يعمي حكيم الصحة عني .
فقد كانت بلدتنا - المراغة – تعاني – في ذلك الوقت - اضطهادا من الدولة بسبب غضب الملك فاروق على الشيخ محمد مصطفى المراغي – شيخ الأزهر – الذي طلب الملك منه أن يصدر فتوى بعدم زواج فريدة – طليقة الملك – من رجل بعده.
فرفض الشيخ المراغي قائلا له : هو أنت كنت سيدنا محمد ؟!
فكان طبيب الصحة يغيب عن الحضور إلى المراغة ،ويظل الميت منتظرا بالساعات الطوال ،وأهله يتعذبون ؛ خشية أن تفوح رائحته .
لكن جدي لأبي كان طيب الحظ، فقد ذهب أحد أقاربه لمقابلة طبيب الصحة ، منتظرا أن يسوف في الحضور – كعادته - وأن يعاني أهل الميت من تجاهله له،لكن تليفون دق فجأة,ولابد أن يذهب إلى جهة ما حالا ، فقال للرجل :
- هات الورق، (ووقعه بسرعة ) .
وظلت الأسرة تحكي عن هذه الكرامة التي لا تحدث إلا للقللين ،فرحين لأن الطبيب وقع على شهادة الوفاة دون أن يفحص الجثة .مع أن الصح أن يأتي الطبيب،ويفحص الجثة بنفسه ؛خشية أن يدفن الرجل دون أن يموت .وهذا ما يدّعونه على الفنان الراحل صلاح قابيل ،فيقولون أن بعد دفنه،فتحوا المقبرة لدفن ميت آخر ،فوجدوه جالسا، بمعني أنه أفاق بعد دفنه؛ وحاول الخروج من المقبرة،لكنه لم يستطع فمات في مكانه.
وكان في حينا رجل اسمه " الميت " ، يقال أنه دُفن في مقابر العمود وعاد ثانية بعد أن أفاق. وذلك لأن بعض أطباء الصحة لا يكلفون أنفسهم بالذهاب لفحص الجثة ، ويوقعون على شهادة الوفاة في مكاتبهم .وقد حدث في أسرتي أكثر من حادثة تؤكد هذا :
جاءت عمتي منذ سنوات طوال إلى بيتي في الصباح ،وقالت لي :
- ابن عمك إبراهيم مات، وسيدفن بعد ساعات قلائل.
فلم أذهب إلى العمل ؛وذهبتُ إلى بيت عمي، وقفنا في الشارع استعدادا لدفنه، كان طفلا لم يتجاوز الثالثة، وقد استخرجوا له شهادة الدفن ،وقعها طبيب الصحة دون أن يأتي إلى البيت،وفجأة حدثت جلبة في البيت ،فقد صحا الولد ،وعاش، وتزوج وانجب .وكانت عمتي إلى أن ماتت وهي تمازحه قائلة : يا أبو موتة.
وذهبتُ منذ سنوات إلى مكتب الصحة لاستخراج شهادة وفاة لابنة أختي الطفلة التي ماتت،وقابلت " التربي" الذي يجلس دائما بجوار باب الصحة ؛تحسبا لوجود حالات موت. قال لي وهو ينظر في ساعته: الدكتور في الصحة الكبيرة بشارع محرم بك ، على وشك الانصراف ولكي يوقع الشهادة وتدفن البنت اليوم لابد من ركوب تاكسي لنلحقه .
وبالفعل ركبنا تاكسي ،وكان الطبيب داخل سيارته في شارع محرم بك ،فنادى " التربي " وأشار إليه .فتوقف ووقع الشهادة وهو يسند الورق على صاج سيارته.وقع الشهادة دون خوف،غير مدرك بأننا لسنا أطباء ومن الممكن أن نكون مخطئين في ظننا ؛وأن تكون الطفلة مازالت على قيد الحياة ؛ومغمي عليها .
حتى عندما مات ابني ،وقع الطبيب اعتمادا على الروشتات التي تؤكد أنه مصاب بمرض خطير .
وقد حكى لي أحد أصدقائي بأن أمه عندما ماتت في المساء،ظل مستيقظا بجوارها وحده، يحرك جسدها من وقت لآخر ؛علها تقوم من غفوتها ،خشية أن تدفن دون أن تموت .
وقد كُنت في شبابي نائما لدي عمي ،فايقظني قبل الفجر بقليل لأن ابنه الصغير حرارته مرتفعة ،فذهبت لاستدعي عربة حنطور من الموقف بشارع إيزيس القريب من البيت ،وركبنا العربة أنا وهو وزوجته وابنه المريض ، سأل العربجي :
- إلي أين ؟
- مستشفى الحميات .
سار بنا الرجل حتى وقف أمام باب في مبني مستشفى الحميات، أعرفه جيدا فالمنطقة حوله يتخذونها سوقا بالنهار ،قال العربجي لي :
- أدخل وشوف فيه استقبال هنا.
فقد كان الباب الثاني بعيدا جدا.دخلت من الباب، كانت الإضاءة ضعيفة ،وطفل في حوالي السادسة عاريا ومغطي بقماش أبيض قصير يكشف عن ساقيه ، وجسده يرتعش.
لقد دخلت مشرحة مستشفى الحميات عند الفجر،وطفل موضوع فوق الرخام لم يمت، لا أدري لماذا تعجلوا واحضروه من فوق سريره قبل أن يموت ،ربما أكد الطبيب أن مافيش فايدة ، فنقلوه إلى المشرحة .
عدت إليهم حزينا ،وشاردا، كيف دخلت المشرحة وفي هذا الوقت المتأخر، وهل حقا كان الطفل يرتعش، أم أن الخوف جعلني أرى هذا؟!
مر على هذه الحادثة أكثر من أربعين عاما ،ومازلت أذكر ارتعاش الجسد فوق الرخام. حكيت لهم عما رأيت فلم يصدقني أحد . قالت زوجة عمي :
- أسكت .( وشدت على يدي ظنا منها إنني شاهدت عفريتا).
وسار العربجي بنا إلى باب الاستقبال البعيد.
ومنذ أيام قلائل دُفن شاب بعد أن صرخت زوجته وولولت، لكن شقيقه أرسل خطابا بعد عدة أيام من دفنه ؛بشكه في أن أخاه قد قتل،وأخرجوا الجثة من مدفنها وفحصوها فإذ بالشاب مخنوقا بيد عشيق زوجته التي ضربته بيد الهون. كان أملي أن أقرأ بعد عدة أيام أن النيابة أمرت بالتحقيق مع الطبيب الذي وافق على دفنه دون أن يفحصه، فلو عوقب واحد، سيهتم الباقي ولن يدفن المصريون أحياء بعد ذلك
قد يكون الانسان حياته افظع من الموت مدام حياته عدم يولد ويخرج من الحياة كأن لم يكن لا يسمح له بأن يكون فاعلا فى اى شئ لادراسته ولا وظيفته ولا من يمثله فى الحياة السيا سية لا يستطيع ان يعبر عما يجول بخاطره او ما يجيش بصدره وكأن لسانه خلق ليصمت وقد يحاسب على افكاره التى لم يصرح بها بناء على تخيلات السلطه فإن لم يجئه المةت طوعا القى بنفسه فى عرض البحار


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.