وخلال الأعوام الماضية بدأت جرائم الشرف في التزايد والارتفاع المستمر من سنة إلي أخري، خاصة في الدول العربية والإسلامية من أجل "غسل العار"، وترتكب تحت عنوان "تطهير الشرف" وباسم الشرف، كان آخرها قيام شاب أردني بقتل شقيقته دفاعا عن الشرف بعد تغيبها لأكثر من شهريين عن المنزل، ثم سلم نفسه للشرطة• حول الحجم الحقيقي الآن لأعداد جرائم الشرف تؤكد د• عزة كريم أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، أنه في ظل تعتيم الأمن العام علي إصدار تقارير للكشف عن الحجم الحقيقي لهذه النوعية من الجرائم تبقي كل الإحصائيات مبنية علي التحليلات الاجتماعية، المعتمدة علي رصد الظاهرة التي تؤكد زيادة معدلها بشكل ملحوظ خلال الفترة الأخيرة• وتعود بنا د• عزة إلي دراسة حديثة للمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية والتي أكدت أن 92% من جرائم القتل التي وقعت في الفترة الأخيرة تندرج تحت ما يسمي بجرائم الشرف وهي الجرائم التي يرتكبها الأزواج أو الآباء أو الأشقاء بدافع الغيرة علي الشرف وغسل العار• وأوضحت الدراسة أن 70% من هذه الجرائم ارتكبها الأزواج ضد زوجاتهم و20% ارتكبها الأشقاء ضد شقيقاتهم بينما ارتكب الآباء 7% فقط من هذه الجرائم ضد بناتهم أما نسبة ل3% الباقية من جرائم الشرف فقد ارتكبها الأبناء ضد أمهاتهم• وأخطر ما جاء في الدراسة هو التأكيد علي أن 70% من جرائم الشرف لم تقع في حالة تلبس، وإنما اعتمد في ارتكبها سواء كان الزوج أو الأب أو الأخ علي الشائعات وهمسات الجيران والأصدقاء حول سلوك المجني عليها• وأضافت الدراسة أن تحريات المباحث في 60% من هذه الجرائم أكدت سوء ظن الجاني بالضحية وأنها كانت فوق مستوي الشبهات ، وأن 52% من هذه الجرائم ارتكبت بواسطة السكين أو المطواة أو الساطور وأن 11% منها تمت عن طريق الإلقاء من المرتفعات•• وحوالي 9% بالخنق سواء باليد أو الحبال أو الإيشارب•• و8% بالسم و5% نتيجة إطلاق الرصاص و5% نتيجة التعذيب حتي الموت• ورصدت عزة كريم العوامل المشجعة لانتشار هذا النوع من الجرائم والتي تمثلت في طبيعة المجتمع الذكوري السائد الذي لا يري في المرأة سوي جانب الجنس، وينظر إليها علي أنها سلعة تباع وتشتري وناقصة العقل ويسكنها الشيطان دوماً، إضافة إلي ممارسة التمييز الصارخ ضد المرأة في مختلف المجالات وعلي مختلف المستويات• وأشار أحمد ناجي المحامي وعضو المنظمة المصرية لحقوق الإنسان إلي دور سياسة الحكومة، التي تساند بصورة مباشرة أو غير مباشرة تلك الظواهر المنتهكة لحقوق وإنسانية المرأة، وذلك عن طريق عدم وجود أحكام وعقوبات صارمة ضد المجرمين ومرتكبي القتل بدافع غسل العار، وعدم الالتزام بالمواثيق الدولية المناهضة للعنف ضد المرأة، الأمر الذي دفع ناجي إلي التقدم إلي المحكمة الدستورية العليا أبريل الماضي، مطالبا القضاء بعدم دستورية المادة 237 من قانون العقوبات، قائلا: إن هذه المادة المطعون عليها يستطيع الكثير استغلالها للتخلص من شخص آخر• وأشارت د• عواطف عبد الرحمن أستاذ الصحافة بكلية الإعلام إلي تفاقم دور ونشاط وممارسات قوي الإسلام السياسي السلفية والمتخلفة ونشر قيمها في دول لا يزال المجتمع المدني وقيمه الحضارية الجديدة، والحرية الفردية والديمقراطية وحقوق الإنسان ومساواة المرأة بالرجل فيها بعيد المنال وراء انتشار هذا النوع من الجرائم• وتضيف عواطف إلي التخلف الاجتماعي وتأخر الوعي والعقلانية في سلوك الفرد والمجتمع بشكل عام وتجلياته في ظاهرة جرائم الشرف وغياب عملية التنوير الديني والاجتماعي، إضافة إلي حصول ردة حضارية في العديد من المجتمعات في الدول العربية والمنطقة وعودة العشائرية وفرض معاييرها وقيمها علي الفرد والمجتمع والتحكم بسلوكه، بالإضافة إلي التقاليد والعادات البالية والموروثة من عهود مظلمة سابقة وعجز عن وعي بدور ومكانة المرأة في المجتمع• وحول أسباب العنف الأسري المتزايد في الآونة الأخيرة، أكدت د• رباب الحسيني أستاذ الاجتماع بالمركزالقومي للبحوث الجنائية والاجتماعية: أن ضغوط الحياة اليومية تأتي في مقدمة الأسباب المؤدية للجرائم الأسرية، ومنها جرائم الشرف، حيث يلجأ الأزاوج إلي الانتحار أو التخلص من حياتهم وربما حياة أسرهم إذا كانت متطلبات الحياة تفوق قدراتهم• ويأتي الإدمان والانحلال الأخلاقي في المرتبة الثانية، إذ إن المدمن يرتكب في سبيل حصوله علي المخدرات أو تحت تأثيرها أبشع الجرائم مثل زنا المحارم وقتل الآباء والأمهات• علاوة علي الازدحام والمساكن العشوائية التي يعتمد من يعيشون بها علي البلطجة والعنف حتي الأب مع زوجته وأبنائه• وأشارت د• إيلين ثابت استشاري أمراض نفسية، إلي أن الجانب العاطفي عادة ما يكون له دور مؤثر في الجرائم التي تقع بين الأزواج فمشاعر الغيرة الحمقاء والألم الذي قد يسببه أحد الطرفين للآخر يمكن أن تؤدي بالإنسان في النهاية إلي ارتكاب الجرائم• فالعاطفة التي تستحوذ علي العقل غالباً ما تفقد المرء القدرة علي التفكير الصحيح والسليم ويكون البديل الاندفاع العاطفي الأهوج• وتنصح إيلين بضرورة وجود توازن بين الجانب العاطفي الوجداني والمادي العقلاني في العلاقات بين الزوجين حتي لا يكون الطريق ممهداً لارتكاب أي حماقات في المستقبل• أما غالبية المؤسسات الدينية وشيوخ الدين الذين يروجون لهذه الظاهرة بذريعة حماية المجتمع من التفسخ الخلقي فينصبون من أنفسهم حماة وقضاة في آن دون وجه حق•يذكر أن مركز حوار التنمية وحقوق الإنسان حذر في دراسة خاصة به من ارتفاع معدلات الجريمة خلال العام الماضي 2008 حتي بداية هذا العام خاصة التي ارتكبت بدافع الفقر• وكانت نتائج الدراسة التي أجريت علي تحليل لصفحات الحوادث في الصحف القومية والحزبية والمستقلة تفيد بارتكاب 254 جريمة في تلك الفترة فيما بلغ عدد المتهمين في تلك الجرائم 402 متهم• وأكد تقرير حديث أصدرته الجمعية الوطنية للدفاع عن الحقوق والحريات تزايد معدلات العنف الأسري في مصر بشكل غير مسبوق خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة• راصدا 82 جريمة قتل في نطاق الأسرة•