قسوة الغربة، والابتعاد عن أرض الأهل والأحباب، والدخول إلى دهاليز المجهول.. وغيرها من مخرجات اللجوء كانت من أبرز مآسي ويلات الحرب الدامية التي يعيشها السوريون من أجل نيل حريتهم والخلاص من رئيسهم بشار الأسد، الأمر الذي أفرز واقعا مؤلما علي كل السوريين سواء من يعيشون تحت نيران القصف ليل نهار أو من يفرون من الجحيم والمذابح اليومية إلي الدول المجاورة، فمن كتب لهم البقاء أحياء وفروا للملاجيء وفرتها لهم الدول المجاورة لسوريا يعانون من سوء المعاملة وتدني الخدمات في بعض الخدمات. ولم يكن أحد فيهم يتخيل يوما أنه سيصبح لاجئا في بلد آخر ويترك أرضه وماله وكل ما يملك لينجو بحياته وحياة أسرته.. وهذا ليس حال كل اللاجئين السوريين فقليل منهم استطاع النجاة بعائلته ولكن الغالبية العظمي فقدوا عوائلهم في المذابح التي ترتكب منذ أكثر من عام ونصف العام منذ بدء الثور السورية. مأساة اللاجئين السوريين أصبحت حديث العالم بعد أن طالبت الأممالمتحدة والأردن دول العالم بالتبرع بمبلغ سبعمائة مليون دولار للاجئين، كي تستطيع الدول التي تستضيفهم تحسين أوضاعهم المعيشية مع تزايد أعدادهم يوماً بعد يوم، وعجز حكومات هذه الدول عن توفير كل متطلباتهم ويبلغ عدد اللاجئين السوريين نحو مائتان وأبعة عشر ألف لاجئ علي حدود الأردن وتركيا ولبنان والعراق، ويتركز العدد الأكبر منهم في الأردن وتركيا، وقد ظهرت مشكلة اللاجئين السوريين بوضوح عقب المشاجرة التي وقعت في مخيم الزعتري الأردني عندما نظم نحو مائتي لاجئ مظاهرة ضد السلطات الأردنية بسبب تدني مستوي الخدمات في المعسكر وصعوبة الحياة فيه، وقد أصيب عدد من رجال الأمن الأردني في هذه الحادثة، مما دفع الأردن للإعلان بأنها تحتاج إلي دعم من المجتمع الدولي لتحمل هذه الأعداد الهائلة من اللاجئين والتي تعبر حدودها المئات كل ساعة، حتي وصل عدد اللاجئين السوريين في الأردن إلي نحو ستة وثلاثون ألف لاجئ قابلين للزيادة، ويشكو اللاجئون في مخيم الزعتري من الظروف الصعبة للحياة في الصحراء في جو شديد الحرارة ووجود عواصف ترابية بإستمرار إلي جانب ما يلاقونه من عقارب سامة وثعابين تهدد حياتهم، وأعلنت الأردن أنها تنوي إقامة المزيد من المخيمات لاستيعاب أعداد اللاجئين المتزايدة بمساعدة المجتمع الدولي، وقد أعلنت فرنسا أنها ستقدم مبلغ خمسة ملايين يورو زيادة عن المبلغ الذي تقدمه من أجل سوريا وقدره عشرون مليون يورو، في حين أعلنت بريطانيا زيادة قدرها ثلاثة ملايين جنيه استرليني علي مبلغ سبعة وعشرون مليون جنيه استلريني الذي دفعته حتي الآن. وليس الوضع بأحسن حالا في تركيا التي طلبت هي الأخري المجتمع الدولي بتقديم مساعدات عاجلة كي تتمكن من توفير الرعاية المناسبة للاجئين السوريين علي أراضيها الذي وصل عددهم حتي الآن إلي ثمانون ألف لاجئ موزعين علي خمسة معسكرات وتنوي إقامة أربعة معسكرات أخري لاستيعاب المزيد، كما أنها سجلت عدداً من السوريين في مدارسها حتي يتسني لهم إستكمال دراستهم مع بدء العام الدراسي. وكان مجلس الأمن قد رفض الإقتراح التركي بتوفير مناطق آمنة داخل الأراضي السورية لإستيعاب أعداد النازحين وإنتقد المفوض الأعلي لشئون اللاجئين في الأممالمتحدة "أنتونيو جوتيريز" فكرة إقامة مناطق آمنة للمدنيين داخل الأراضي السورية، مؤكدا أن هذا المقترح يتناقض مع القانون الإنساني، لأن التجربة أظهرت أنه من النادر إمكانية تأمين هذه المناطق، واستدل علي ما حدث في مجزرة "سربرنيتشا" بالبوسنة عام 1995 والتي وقعت في مكان المفترض أنه تحت حماية الأممالمتحدة. وفي لبنان لم يقتصر النزوح السوري علي المخيمات بل تجاوز ذلك إلي أشكال أخرى من النزوح تتفاوت بحسب الوضع المادي للنازحين ووجود علاقات صداقة وقرابة مع اللبنانيين، فمع إرتفاع أعداد اللاجئين المعدمين في الدول الأخري، إرتفعت أعداد الإشغالات في الفنادق الخمس نجوم بسبب السوريين الأثرياء. وفي العراق تزايدت أعداد النازحين مؤخراً بمنطقة كردستان العراقية التي دخلها حتي الآن نحو ستة عشر ألف لاجئ سوري منذ بدء الثورة، ومع إستمرار المجازر اليومية التي يرتكبها بشار في حق السوريين من المتوقع أن تتفاقم أزمة اللاجئين الذين أجبروا علي ترك وطنهم والعالم لازال يشاهد. وفي نفس السياق دعت الأممالمتحدة، المجتمع الدولي لمساعدتها في توفير إحتياجات اللاجئين السوريين من خلال رصد مبالغ مالية وإنشاء معسكرات جديده للإيواء. وقال مارتن كوبلر ممثل الأمين العام للأمم المتحدة، إن منظمة الأممالمتحدة ومفوضية اللاجئين تناشد المجتمع الدولي بمنحها خمسة وعشرون مليون دولار لمساعدة اللاجئين السوريين المقيمين في العراق فقط، حيث أن المبلغ المتوفر حالياً بالفوضية خمسة ملايين دولار فقط، مطالباً الحكومة العراقية منح حرية الحركة بالنسبة لهؤلاء اللاجئين اللذين يقطنون في مخيم القائم الحدودي. وأكد أصغر الموسوي وكيل وزارة الهجرة والمهجرين السابق بالحكومة العراقية، بأنه تم تشكيل لجنة عليا برئاسة وزارة الهجرة لتولى عملية مراقبة وإشراف وإدارة المخيمات وإستقبال اللاجئين"، لافتاً إلى أن الحكومة العراقية رصدت مبلغ خمسين مليار دينار عراقي لتمويل هذه الخطة، بجانب مساعدة العراقيين العائدين من سوريا. ومن جهتها قالت كلير بورجوا ممثلة مفوضية اللاجئين الدولية، إن المفوضية إستقبلت مجموعة من طلبات اللجوء السياسي لبعض اللاجئين السياسيين العراقيين بسوريا، والمفوضية بدأت وضع تحديد صفة اللجوء لهؤلاء في بلد ثالث بديلاً عن العراق وسوريا.