ارتفعت قيمة الأوراق المالية الأمريكية التي تملكها البنوك المركزية الأجنبية إلى 6.447 تريليون دولار مع نهاية الأسبوع الأول من الشهر الحالي منها 3.574 تريليون دولار قيمة سندات أصدرها البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، و2.873 تريليون دولار قيمة أذون خزانة باعتها وزارة الخزانة الأمريكية. وذكرت وكالة "رويترز"، أن البنوك المركزية الأجنبية، لاسيما الآسيوية خاصةً في الصين واليابان اشترت ديونًا أمريكية ضخمة خلال السنوات القليلة الماضية، بفضل الاحتياطي الهائل من الدولارات الذي تملكه هاتان الدولتان. ورغم أن حكومة بكين تمتلك احتياطيًا أجنبيًا ضخمًا، فإن 60% منه يتم تقييمه بالدولار الأمريكي الذي مازال أهم عملة نقدية في العالم، وإن كانت الصين تحاول أن تجعل اليوان عملةً عالمية حتى تقلل من مخاطر أسعار الصرف التي تتعرض لها الشركات الصينية بسبب اعتمادها على الدولار. يذكر أن أهم العقبات التي تمنع انتشار العملة الصينية على مستوى العالم تتمثل في، أن النظام المالي الصيني مازال محدودًا، وأن الأسواق المالية الصينية مغلقة بدرجة كبيرة أمام المستثمرين الأجانب علاوة على المنافسة المحدودة بين المؤسسات المالية المحلية. ويرى محللو الأسواق المالية أنه ليس هناك أيُّ مؤشر على قيام الحكومة الصينية برفع القيود المفروضة على حساباتها المالية في المستقبل القريب؛ وذلك لأن الصين وغيرها من الدول الآسيوية مازالت تمنع المضاربة في العملات؛ لتفادي الأزمات المالية كالتي وقعت في عام 1997 وتسببت في خسائر فادحة. ويقول المحللون: إنه رغم ذلك فإن أكثر من 30 بنكًا في هونج كونج بدأت منذ عام 2004 تقبل تحويلات نقدية باليوان، كما صدر في عام 2007 لأول مرة في بنوك هونج كونج سندات مقومة باليوان، بالإضافة إلى أن هونج كونج ستبدأ مع نهاية هذا العام تعاملات باليوان. وبدأت بعض البنوك المركزية في ماليزيا، ونيجيريا، وشيلي، وتايلاند، والبرازيل، وفنزويلا، بإدراج اليوان في محافظتها المالية واحتياطها الأجنبي، لدرجة أن هيئة هونج كونج النقدية رفعت استثماراتها في سوق الإنتربنك الصيني باليوان إلى الضعف خلال هذا العام. كما تدرس دول مجلس التعاون الخليجي صاحبة الثروات البترولية الضخمة المقومة بالدولار تنويع عملاتها ليندرج فيها اليوان أيضًا بفضل قوة اقتصاد الصين، وإن كانت قررت قبل ذلك استخدام اليورو ولكن أزمة الديون السيادية في منطقة اليورو جعلتها تستبعد اليورو المهدد بالانهيار. ووقع اختيار مجلس التعاون الخليجي على اليوان؛ نظرًا لتزايد العلاقات التجارية بين دول المجلس والصين والدول الآسيوية المجاورة لها، لاسيما أن الصين تسعى أيضًا لتحقيق مصالحها الإستراتيجية، وجعل اليوان عملةً عالمية في منطقة الخليج المليئة بالثروات البترولية. ولكن محافظ البنوك المركزية المقومة باليوان مازالت ضعيفة رغم اقتصاد الصين القوي، وتجارتها القوية مع معظم دول العالم، وتزايد استخدام اليوان في المعاملات التجارية بالمقارنة مع العملات الأجنبية الرئيسة الأخرى. ورغم أن العديد من البنوك الأمريكية تعرضت لخسائر فادحة لدرجة أن أكثر من ألف بنك أمريكي أعلن إفلاسه منذ الأزمة المالية التي ظهرت خلال النصف الثاني من عام 2007؛ بسبب أزمة الائتمان والرهن العقاري، لكن الحكومة الأمريكية استطاعت إنقاذ مؤسساتها المالية من الانهيار بفضل اقتصادها القوي، وإن كانت باتت صاحبة أكبر ديون خارجية في العالم. ومع ذلك فإن البنوك الأمريكية الضخمة المعروفة باسم الستة الكبار، وهي JP مورجان، وبنك أوف أمريكا، وسيتي جروب، و ويلز فارجو، وجولد مان ساكس، ومورجان ستانلي، لم تتأثر بالأزمة المالية العالمية وتضخمت أصولها لدرجة أنها تقدر حاليًا بحوالي 60% من الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي، على عكس البنوك الأوروبية التي تكبدت خسائر فادحةً خلال الأزمة العالمية، وجعلت أزمة اليورو تتفاقم لدرجة أنها على وشك الإفلاس في دول هامشية مثل إيرلندا، واليونان، وإسبانيا. وإذا كان أصول بنك JP مورجان وبنك أوف أمريكا أكبر من البنوك المنافسة غير الأمريكية بحوالي 50% على الأقل بالنسبة لحجم الأرصدة مما يجعل البنوك الأمريكية قوية، ولا تسبب متاعب مالية للحكومة الفيدرالية. أما البنوك الأوروبية الضخمة في دول مثل اليونان، أو إيطاليا، أو فرنسا فإنها تسبب مخاطر نظامية لحكوماتها وربما لمنطقة اليورو نفسها.