ارتفعت أسهم بوريس جونسون 48 عاماً عمدة لندن لدى البريطانيين بعد نجاحه باقتدار في تنظيم دورة الألعاب الأولومبية الصيفية بلندن 2012، ومن ثم بدأت التكهنات لترشيحه لمنصب رئيس وزراء بريطانيا القادم خلفاً لدايفيد كاميرون، فكثيرون يرون أن هذا الاقتراح غير جاد لأن بوريس جونسون ليس مؤهلاً لقيادة ثالث أكبر اقتصاد في أوروبا، في حين يعتقد البعض أن بوريس جونسون يطمح فعلياً في قيادة حزب المحافظين يوماً ما، وذلك رغم تصريحاته النافية لذلك في ظل ارتفاع شعبيته المتزايد جداً على حساب شعبية ديفيد كاميرون خلال هذه الفترة. بدأ عمدة لندن بوريس جونسون بجني ثمار النجاح الباهر الذي حققته الدورة الأوليمبية، والذي انعكس بدوره في الإقبال على فعاليات الدورة البارالمبية للمعاقين التي انعقدت خلال الفترة من 29 أغسطس وحتى التاسع في سبتمبر وتنافس فيها نحو أربعة آلاف رياضي. جونسون أكد أن نجاح دورة الألعاب الأولمبية عزز الطلب على شراء تذاكر فعاليات دورة المعاقين التي شهدت إقبالاً هائلاً حيث جري بيع أكثر من 2 مليون تذكرة طرحت للجماهير. شخصان ينتميان إلى حزب المحافظين دفعت بهما الدورة الأولمبية إلى أضواء المجد.. هما بوريس جونسون عمدة لندن، واللورد سباستيان كوا رئيس الدورة الحالية، واللذان ترشحهما بعض الدوائر البريطانية مستقبلاً لمنصبي رئيس الوزراء وعمدة لندن على التوالي. وفي مؤتمر صحفي عقد بعد نهاية الدورة الأولمبية أشاد الاثنان بنجاح خطط تأمين الأولمبياد دون وقوع أي حوادث، مؤكدين على انخفاض معدلات الجريمة في بريطانيا بنسبة 5% خلال البطولة، محاولة استثمار نجاح الألمبياد لصالحهما زاد من التكهنات حول مستقبل الرجلين في ظل استطلاع للرأي نشرته صحيفة "جارديان"، كشفت من خلاله أن واحداً فقد من بين ستة ناخبين يعتقد أن الحكومة الائتلافية الحالية سوف تظل صامدة حتى موعد الانتخابات العامة في عام 2015. يتزامن ذلك مع انخفاض شعبية رئيس الوزراء البريطاني دايفيد كاميرون؛ بسبب حالة الركود الاقتصادي، وارتفاع معدلات البطالة التي تجاوزت نسبة 8%، واتباعه سياسة موالية للولايات المتحدةالأمريكية، والتي كانت سبباً في رحيل سلفه رئيس الوزراء السابق توني بلير. أعضاء حزب المحافظين باتوا متشائمين من فرص بقائهم في السلطة، بل إن 53% منهم يرون أن حزب العمال المعارض سيفوز في الانتخابات المقبلة، وينتزع السلطة من الحكومة الائتلافية. ومن خلال هذه المعطيات برز اسم عمدة لندن بوريس جونسون على أنه الخيار الأفضل لدى ناخبي حزب المحافظين كطوق نجاة لإنقاذ الحزب. ومن ناحيته انتقص دايفيد كاميرون من مكانة عمدة لندن بعد نجاح أولمبياد، مشيراً إلى أنه لن يرشحه في منصب رئيس الوزراء لوجود عدد كبير من الشخصيات البارزة في الحزب التي تتسم بالجدارة لتولي هذا المنصب، ورفض دعم أي محاولة من جانب جونسون للجمع بين منصبه الحالي كعمدة لندن وسعيه إلى البرلمان إذا ما توافرت له الفرصة حتى يمكن الترشح لانتخابات عام 2015. ومن منصبه كعمدة لندن، اعتاد بوريس جونسون انتقاد سياسات الحكومة، مطالباً بوضع نهاية للأزمات المالية للبنوك، كما أنه عارض خفض أعداد رجال الشرطة، وكذلك خفض دعم الإسكان الشعبي؛ لأن ذلك سيدفع الفقراء للخروج من قلب لندن ليعانوا مثل عمليات التطهير العرقي في كوسوفو، كما أنه يولى اهتماماً خاصاً بقضايا المهاجرين. بعد الأولمبياد أصبح بوريس جونسون حديث اليوم في بريطانيا، وأكثر السياسيين شعبية، وهو معروف بشعره الأشقر الأشعث، واستخدامه لكثير من المصطلحات اللاتينية كونه دارساً للآداب الكلاسيكية في جامعة أكسفورد. يشتهر جونسون بخفة ظله ويطلق عليه اسم "المهرج"، وهو يستخدم الدراجة في تنقلاته، ويفضل أن يشار إليه باسمه الأول "بوريس"، كان جونسون معاصراً لكاميرون أثناء دراستهما في كلية اتيون التي تصل تكلفة التعليم بها 32.000جنيه إسترليني سنوياً، وهي الجامعة التي تخرج فيها 19 رئيس وزراء بريطانياً، بدأ جونسون حياته العملية صحفياً في جريدة "تايمز" لكنه فصل منها بسبب الفبركة الصحفية. تولى بعد ذلك تحرير مجلة "سبكتاتور" الموالية لحزب المحافظين، وأجبر على الاعتذار لمدينة ليفربول في عام 2004 بسبب تطاوله على سكانها، ارتبط اسم جونسون أيضاً بالفضائح عندما كشفت إحدى الصحف عن وجود علاقة بينه وبين إحدى السيدات استمرت أربع سنوات، وانتهت بإقدامها على إجراء عملية إجهاض، في البداية أنكر جونسون علاقته بالسيدة وعندما تم التأكد من كذبه، قام مايكل هاورد زعيم حزب المحافظين بفصله من منصبه كمتحدث فني عن الحكومة. ورغم أن الفضائح الجنسية لا تعد أمراً جسيماً في السياسات البريطانية، إلا أن سمعة جونسون وزلاته المتكررة تجعل انتقاله من مستوى العمودية إلى مستوى رئاسة الوزراء أمراً صعباً للغاية. جستين فيشر أستاذ العلوم السياسية بجامعة برونل بلندن يقول: "ربما ينجو العمدة من عثرات أو زلات اللسان لكن الأمر مختلف تماماً مع رئيس الوزراء".