تحيا قوى التيار الليبرالي المصري بروح التخبط السياسي، حيال صعود نجم التيار الإسلامي في سدة الحكم، وتأثيره في الشارع على حسابهم، تلك القوى التى يأتى على رأسها حزب الوفد وغيره، حيث انكشف ضعفها مع أول انتخابات تشريعية بعد الثورة، وظهر عجز قدراتها التنظيمية على المواجهة، فظهرت قوى إسلامية جديدة قادتها جماعة الإخوان المسلمين وحزبها الحرية والعدالة، وكذا الجماعة السلفية وذراعها السياسية حزب النور.. إضافة إلى وجود تيارات شباب الثورة، ولم تستطع تلك الأحزاب المدنية مجاراة تيار الإسلام السياسي بسبب الأطماع السياسية في مقاعد البرلمان السابق، فقررت خوض التجربة منفردة، مما أدى إلى فشلها، وجاءت النتيجة باكتساح التيار الإسلامي لبرلمان الثورة بسهولة شديدة. وفي رأي د.عماد جاد الخبير السياسى بمركز الدراسات السياسية بالأهرام: "إن تحالفات القوى المدنية شكل من أشكال التعددية السياسية لمواجهة أرباب تيار الإسلام السياسي، لاسيما "الإخوان والسلفيين"، الذين شكلوا قوة جماهيرية في الشارع لا يستهان بها، بسبب استغلالهم للدين، وهذا ما لمسته القوى السياسية خلال الانتخابات البرلمانية والرئاسية، وكثرة التحالفات وفشلها تصيب القوى السياسية المدنية بالضعف أمام الرأي العام؛ لأنها لم تستقر حتى الآن على هدف سياسي موحد، والأطماع السياسية البحتة هي السبب في فشل جميع التحالفات السابقة". وأضاف د.عمرو الشوبكي، الخبير بمركز الدراسات السياسية بالأهرام، "أن فكرة التحالفات غير مجدية بسبب تكرار فشلها، لأن الكثير من القوى الليبرالية بعيدة عن الانسجام الإيديولوجى، بسبب كثرة الأفكار والتوجهات الفكرية والسياسية المتناقضة، ومن ثم فإن صعوبة صياغة برنامج سياسي موحد يصعب معه نجاح أية تحالفات قادمة". مؤكداً أن "الشو الإعلامي" وحده هو الذى يحكم هذه التحالفات، للظهور على الساحة السياسية فحسب، عقب أن فشلت القوى الليبرالية بعد الثورة في مليء، الفراغ السياسي الذي خلفه الحزب الوطني المنحل، وتركت الساحة خالية وجاهزة للأحزاب والتيارات الإسلامية. الأمة المصرية وعلى النقيض يرى حسام الخولي، المتحدث باسم حزب الوفد، أن تحالف "الأمة المصرية" التي تمت الدعوة إليه، مؤخراً سيكون مختلف عن باقي الأحزاب المدنية التي انهارت سريعاً، لأن حزب الوفد تعلم من التجارب الخاطئة الماضية، وسوف يسعى للتغلب على المشكلات السياسية التي قد تواجة التحالف مستقبلاً، المهم أن يكون لدى القوى المدنية قليل من التنازل السياسي للصالح العام، مؤكداً بأن التحلف الجديد، سوف يضم قوى مختلفة في أيديولوجيتها السياسية، لكنها مستقره على تحقيق هدف واحد هو "مدنية الدولة الجديدة في مصر"، لأن القوى الإسلامية تحاول استبدال الدينية بالمدنية بأسلوبها وطريقتها في الهيمنة على المؤسسات كافة، من هنا فإن هذا التحالف سيكون بعيدًا عن أحزاب التيار الإسلامي، ولن يسعى لضم أحد من رموز التيار الإسلامي وسنكتفي بالأحزاب المدنية والشخصيات العامة التي تؤيد استمرار بقاء الدولة المدنية. تحالفات سياسية ورفض علاء عبد المنعم، عضو مجلس الشعب السابق، تشكيل تحالفات سياسية، ويرى بأن الأحزاب الحالية عليها العمل بشكل قوى لإظهار صورتها السياسية والشعبية لدى المواطن البسيط، والفرد علية أن يقيم دور الحزب في الشارع ومدى اهتمامه بالقضايا الجماهيرية، لأنه طالما ابتعد الحزب عن القاعدة الجماهيرية، فلن يستطيع تكوين قاعدة شعبية تسانده أو تدعمه في أية مواجهات سياسية مع التيار الإسلامي المنغرس مع الشارع بشكل قوي.. مشيراً إلى أن مصر تمر حالياً بفترة انتقالية مع أصحاب التيار الإسلامي، ولو نجحوا في إدارة البلاد وبنائها بالشكل المطلوب، فسوف يكونوا هم القوى الجديدة سياسياً وشعبياً، ووقتها لن تجد القوى المدنية فائدة في أي مواجهات، لأنها بلا شك ستكون خاسرة للجولة قبل أن تبدأ، ولكن عليها القوى المدنية، أن تعمل بشكل قوي خلال هذه الفترة الانتقالية، لإثبات قوتها وبناء قواعد شعبية قوية، وانتشار مقارات، وللتواصل مع المواطنين البسطاء وعدم التعالي عليهم لضمان روح التنافسية بين التيار المدني والتيار الإسلامي. ومن جانبه قال عبد الغفار شكر، المتحدث باسم حزب التحالف الشعبى الاشتراكي، "بأن حزب الوفد الذي رفض الانضمام إلى تحالف "التيار الثالث"، يرغب الآن في إحداث فوضي وانشقاق داخل الأحزاب الأخرى، لأن قيام هذا التحالف معناه انهيار التحالفات الحزبية القائمة"، موضحاً بأن تشتت القوى المدنية واختلاف مصالحها السياسية يجعلهم غير قادرين على مواجهة التيار الإسلامي، وسوف تظل القوى الليبرلية ضعيفة طالما استمرت في عنادها والبحث عن مصالحها فقط، بعكس أصحب التيار الإسلامي الذي يتنازل كثيراً ليبقوا أقوياء، ويعالجوا أمورهم السياسية داخلياً رغم أنهم محدثين سياسياً؛ إلا أنهم استطاعوا أن يحدثوا الفارق سياسياً بعد سقوط النظم السابق، مؤكداً بأن كثرة التحلفات المدنية أمر طبيعي بشرط ألا يؤثر على التحالفات لقائمة فعلياً، وينبغي أن يكون الهدف واحداً وهو الحفاظ على بقاء الدولة المدنية. حقوق وأشار وحيد الأقصرى، رئيس حزب مصر العربي الاشتراكي، إلى أن تحالف القوى السياسية المدنية، هدفه تأكيد مدنية الدولة وحقوق المواطنة، وعدم التفريق على أساس الدين أو الجنس أو العرق، مؤكدًا وجود مساعي حقيقية منذ حل مجلس الشعب السابق لتشكيل تحالف ليبرالي قوي قادر على مواجهة الإسلاميين في الانتخابات القادمة، كما أن ما تسعى إليه القوى المدنية هو تمثيل مشرف في البرلمان المقبل، لإحداث توازن برلمانى يكون عكس سابقة، خاصةً أنها تدرك هذه المرة قوة بعض الأحزاب تاريخياً وجماهيرياً، ولن يتساوى حزب سياسي صغير بآخر له ثقله التاريخي وجماهيريته في الشارع المصري، وسوف يتصدي تحالف الأمة المصرية للمحاولات الإخوانية لترسيخ، ما يعرف "بأخونة الدولة" ومن الضرورى التصدي لتيار الإسلام السياسي للتأكيد على الهوية المدنية المصرية. زعامة وقال د.جمال حشمت، القيادى بحزب الحرية والعدالة، الذراع السياسة لجماعة الإخوان المسلمين: "إن الجماعة لا يرهبها على الساحة السياسية أية تحالفات سياسية ليبرالية، لأننا نعرف قدرنا جيداً في الشارع والانتخابات البرلمانية القادمة ستشكف، أن الإخوان لم تنهار شعبيتهم كما يردد بعض المعادين للوجود الإسلامي على الساحة السياسية"، مؤكداً بأن حزب الحرية والعدالة يرحب بوجود تحالف قوى يضم كافة القوى الإسلامية والليبرالية لخوض انتخابات مجلس الشعب القادمة، وتقسيم المقاعد لضمان التمثيل لجميع الأطياف السياسية، لاسيما أن مصر في مرحلة بناء سياسي وتحتاج تضافر جميع القوى الوطنية. ونفي "حشمت " وجود مشاورات مع حزب النور لتدشين تحالف انتخابى مواجهة لتحالف "الأمة المصرية" المدني، مؤكدا أن الإخوان وحزبها السياسي الحرية العدالة لم يدخلوا في حوار مع أى من القوى الوطنية والإسلامية، حتى الآن حول العملية الانتخابية، وربما تشهد الأيام القادمة تحالفات إسلامية إذا لزم الأمر. وأوضح د.أحمد أبو بركة المتحدث باسم حزب الحرية والعدالة، المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين، بأن الجماعة تدرك أن الانتخابات المقبلة اختباراً للقوى والأحزاب الليبرالية واليسارية، ولذلك فإنها تخشى من تحقيق نتائج هزيلة تمثل ضربة قاصمة مما يعني غيابها عن المشهد السياسي لأربع سنوات مقبلة، رافضاً فكرة دخول الجماعة وحزبها السياسي في أي تحالفات مدنية أو إسلامية ؛ لأن جميع الأحزاب المتحالفة تبحث عن "الزعامة" وتغليب مصالحها الحزبية على تحقيق الهدف السياسي.