تضمن المارثون الرمضانى لهذا العام مشاركة العديد من نجوم السينما من خلاله، ومحاولتهم دخول الساحة الدرامية، ومنافسة نجوم الدراما المعتاد عليهم كل عام، فقد شهد شهر رمضان هذا العام أولى التجارب والبطولات الدرامية لنجوم السينما؛ مثل عادل امام ؛ أحمد السقا، كريم عبد العزيز، محمد سعد، غادة عادل. وكانت هذه الظاهرة هي أكثر ما لفت الأنظار إلى المسلسلات الدرامية هذا العام، فعلى الرغم من مشاركة بعض هؤلاء النجوم من قبل في بعض المسلسلات، لكن تجربتهم هذا العام جاءت مختلفة، حيث إنهم حملوا على عاتقهم مسئولية العمل الدرامي بالكامل، فقد عادا النجمان عادل إمام وأحمد السقا للدراما الرمضانية بعد غياب طويل، وكذلك قرر كريم عبد العزيز ومحمد سعد وغادة عادل أن ينافسوا دراميا بعد أن نجحوا في إثبات أنفسهم سينمائيا. ولم تكن تجربة احتلال نجوم السينما للشاشة التليفزيونية على المستوى المطلوب، فلم يستطع هؤلاء النجوم أن يفصلوا بين السينما والدراما، وجاءت أعمالهم الدرامية صورة مستنسخة من أشهر أفلامهم التي قدموها من قبل . فجاء مسلسل عادل إمام" فرقة ناجى عطا الله " شبيها جدا بفيلمه "شمس الزناتي"، حيث تضمنت الحلقات قيام عادل إمام بجمع أعضاء فرقته من أجل المهمة التي قام بالتحضير لها، وهو ما حدث في فيلم " شمس الزناتي"، كما جاءت الإيفيهات المستخدمة في المسلسل شبيهة جدا بما يقدمه " إمام " في أفلامه، وهو ما يعطي انطباعا بأن المشاهد يشاهد فيلما لعادل إمام وليس مسلسلا. وعلى نفس الطريقة أيضا ظهر الفنان "محمد سعد"، والذي لم يستطيع أن يظهر بأداء مميز في أولى تجاربه الدرامية "شمس الأنصاري"، فقد حاول في شخصيته أن يجمع بين شخصية "اللمبي" التي قدمها منذ عشرة أعوام، ونجح بها سينمائيا وأعادها في أكثر من فيلم، إلى جانب الشخصية الجدية والتي حاول أن يضفي من خلالها شيئا جديدا يميزه دراميا، ليظهر في المسلسل بتنويعة جديدة وصورة مستنسخة من شخصية اللمبي السينمائية. كذلك لم يستطع الفنان أحمد السقا أن يجدد من نفسه وجاء مسلسله "خطوط حمراء" نسخة مقلدة وممزوجة بين فيلميه "الجزيرة" و"المصلحة"، حيث يستعيد من خلال دوره في المسلسل الشخصية التي اعتاد على تقديمها في هذين الفيلمين، وهي الشخصية المحاربة للأعداء والمحبة للأصدقاء والعاشقة الرومنسية والمحافظة على الأصول في وقت واحد. كذلك ظهرت الفنانة غادة عادل في مسلسلها "سر علني" بنفس الشخصية التي ظهرت بها في فيلمها "الوتر"، ولعل السبب الرئيسى في الشخصيتين هو أن مؤلف المسلسل هو نفسه مؤلف فيلم الوتر "محمد ناير"، فقد جاءت انفعالات غادة وطريقة ملابسها وشكلها نفس ما ظهرت به في فيلم "الوتر" مما جعلها تكرر نفسها. أيضا لم يقدم الفنان "كريم عبد العزيز" شيئا جديدا من خلال أولى بطولاته الدرامية في مسلسل "الهروب"، حيث لجأ في المسلسل لمؤلف أفلامه "بلال فضل" الذى قدم معه فيلمي "واحد من الناس" و"خارج على القانون"، مما جعل سيناريو المسلسل فيه الكثير من أفلامه، بالإضافة إلى تركيز كريم عبد العزيز في المسلسل على نفس التيمة التي اعتاد عليها في أفلامه، والتي تنحصر في فكرة المواطن البسيط الذى يتعرض للظلم والقهر، ويجد نفسه متورط في مشاكل فجأة؛ مثل ما قدمه في فيلم "أبو علي"، مما جعل المسلسل مزيجا من أهم أفلامه. مكاسب مالية ! وقد اعترض الناقد طارق الشناوي على محاولة هؤلاء النجوم استغلال نجاحهم السينمائي، خاصة نجاح بعض أفلامهم في التسلل إلى الشاشات التليفزيونية، وتحقيق المكاسب المادية الخيالية التي تحققها لهم الدراما المصرية. وأوضح الشناوي أن مشاركة نجوم السينما في الدراما بكثرة هذا العام، لم تأت من فراغ، وإنما جاء ذلك بناء على رغبة المنتجين، واللذين يسعون لتحقيق المكاسب المادية أيضا بغض النظر عن القيمة الفنية، فقد استغلوا نجاح هؤلاء الفنانين وتربعهم على عرش الإيرادات السينمائية؛ ليجعلوا منهم نجوما رمضانية يجذبون على أسمائهم المعلنين والجماهير أيضا. وعن الإفلاس الفكرى الذى عانت منه تلك المسلسلات، أوضح " الشناوي " أن السبب هو عدم التركيز على عرض أفكار جيدة، بقدر التركيز على ما يجذب المشاهدين لتلك الأعمال من خلال استخدام أكثر ما يميز كل فنان؛ مثل مشاهد الأكشن والرومانسية لكل من النجمين أحمد السقا وكريم عبد العزيز، وكذلك التركيز على الإفيهات الخفيفة والمعروفة لعادل إمام دون إعطاء اهتمام أكبر للقضية التي يعرضها المسلسل. ووصف "الشناوي" ما قدمه هؤلاء النجوم من أعمال بأنها مجرد إعادة لما قدموه من أعمال سينمائية ولم تأت بجديد، بل ولم تضف بريقا للدراما المصرية، وكان من المتوقع أن يدخل هؤلاء النجوم أسلوبا جديدا وقيمة جديدة للدراما، وهو ما لم يحدث؛ لتصبح مشاركتهم في المارثون الرمضاني هذا العام ليس لها قيمة، والأعمال والسيناريوهات معادة ومفصلة كلها لتتفق مع النجوم فقط لا غير. إفلاس فني ! ووصف الكاتب يسري الجندي قيام نجوم السينما، باستنساخ أعمالهم الدرامية من أفلامهم السينمائية بالإفلاس الفنى في الأفكار، والاعتماد على شخصيات معينة، وإغفال شخصيات أخرى، فقد أصبحنا نستخدم مبدأ الاحتكار في كل ما حولنا، مما أفقدنا الروح التجددية، فإذا نظرنا إلى أعمال هؤلاء النجوم سنجدهم يتعاملون مع ذات الكتاب والمخرجين اللذين تعاملوا معهم أكثر من مرة من قبل في أفلامهم، مما جعل هناك تشابهاً كبيراً في ما قدموه سينمائيا بما قدموه هذا العام دراميا. ورفض "الجندي" مبدأ التوحد في فريق العمل؛ لأن على الفنان أن ينوع من نفسه ومن أعماله وأن يقدم جديدا في كل عمل يظهر من خلاله، فقد لجأ كريم عبد العزيز في مسلسله إلى الكاتب بلال فضل في كتابة مسلسله الأول معتمداً على الثنائي الذى كوناه معا في أكثر من فيلم وحققوا به نجاحا سينمائيا، وكذلك الفنان عادل إمام والذى تعاون مع يوسف معاطي الذى كتب له الكثير من الأفلام. ويرى " الجندي " أنه كان على الفنانين والقائمين على كتابة تلك الأعمال الدرامية أن يدركوا ضرورة الفصل في أعمالهم، وعدم الخلط بين السينما والدراما حتى لا تظهر أعمالهم كصورة مشوهة ومستنسخة من أفلامهم حتى لا تصبح مشاركتهم في الدراما مجرد صورة باهتة، وللهروب من السينما لفترة بسبب ما، مرت به من أزمات في الفترة الأخيرة في محاولة لتحقيق نجاح من نوع آخر يتمثل في الدراما.