صدر مؤخرا عن المركز القومي للترجمة بالقاهرة، كتاب "صناعة الأخبار العربية"، لمؤلفته نهي ميللر أستاذة الإعلام بمعهد دراسات الشرق الاوسط بجامعة كوبنهاجن، وترجمته للعربية حنان الصفتي .. ويتناول الكتاب الآليات التي تمكن وسائل الإعلام الرسمية من تبني خطاب إعلامي جديد يقوم علي أسس مهنية واضحة؛ حيث تقارن "ميللر" بين أداء الفضائيات العربية والأوروبية وأوجه الشبه والاختلاف من حيث الميزانيات والتقنيات والتدريب وثقافة فرق العمل، كما يهتم الكتاب بالإشارة إلي مصادر الإبهار والمهنية في عمل هذه الفضائيات. ويقع الكتاب في عدة أجزاء، يتناول الجزء الأول المنطقة العربية وأوجه التشابه والاختلاف، وإشارة إلي تاريخ صناعة الأخبار العربية، والصحافة وقيم الأخبار فيها ويبحث الجزء الثاني أدبيات الإخبار، ولغة كتابتها فيما يسمي ب "الفصحي المعاصرة". كما يناقش الكتاب التقارب في قيم الأخبار بين العالم العربي والأمريكي، والذي يبدو في تبني بعض القيم الإخبارية والفورية في إذاعة الخبر والتقارير الحية علي الهواء والاستخدام واسع النطاق للصحفيين أنفسهم باعتبارهم مصادر جيدة. وتعرضت "ميللر" في كتابها الي دراسة عدة قضايا ترتبط بأداء الاعلام العربي كقضايا الحريات العامة والأمية والديمقراطية والكفاءة المهنية لبعض الفضائيات؛ وفي مقدمتها قناة الجزيرة القطرية التي بدأت في العام 1996 . وتري الكاتبة أن حرب الخليج 1991 كانت محفزا علي بدء الإصلاح في مجال الإعلام العربي حيث بدأت في العام نفسه فضائية "ام. بي. سي" علي أيدي بعض الاثرياء السعودييين الذين ينحدرون من "الاسرة المالكة"، وتلاها اطلاق عدد من القنوات الفضائية العربية. وتقول نهي ميللر : إن البرامج الترفيهية تحتل المساحة الأكبر في الفضائيات العربية، أما المواد السياسية والثقافية فهي موجهة الي النخبة، ولكن مجمل ما تقدمه هذه الفضائيات جعل المشاهد العربي يقبل فكرة التنوع الثقافي والقومي بمشاهدة مسلسلات تليفزيونية وبرامج بلغات عامية محلية .. كما تري أن الفضائيات العربية "نجحت في رفع سقف الحرية"، وفرض روح المنافسة في ظل تفاوت الكفاءة المهنية بينها، وتضيف أن الفضائيات العربية تخاطب شريحة من الجمهور تعجز عن مخاطبتها وسائل الاعلام المطبوعة بسبب الامية. مترجمة الكتاب حنان الصفتي قالت في المقدمة: "ان القنوات الفضائية العربية أصبحت "هما ونعمة" للحكومات العربية فهي "تفضح الأداء المتدني" لكثير من التليفزيونات الوطنية، كما توفر علي هذه الحكومات جهدا كبيرا في إلهاء الشعوب الذي مارسته كثير من برامج الترفيه التي لا يعنيها التثقيف ولا رفع مستوي الوعي" . وأضافت : " إن الفضائيات لعبت بكفاءة دورا في الهاء الشعوب أكثر مما "تفعله هذه الحكومات بشعوبها فسادا وافسادا.. مازالت الحكومات العربية تسيطر الي حد ما علي الفضائيات حتي التجارية منها أو المستقلة، ولم يكن رجال الأعمال والمستثمرين الاعلاميين سوي واجهات لخلاصة "السياسيات الرسمية"، التي ينفذونها بشكل أكثر قسوة ".