إلي بعض السلبيات وتحريك الدوافع والرغبات الإنسانية لتغيير بعض الأوضاع أو الأنماط والسلوكيات الدخيلة علي المجتمع• وجدير بالذكر أن الظروف السياسية والاقتصادية التي يمر بها المجتمع قد فتحت شهيةكثير من كتاب ومؤلفي الدراما للخوض في هذه المشكلات وتعريتها ويعتبر مسلسلات "متخافوش" و"أفراح إبليس" و"الرحايا"، و"الباطنية"،و"ليالي"، و"حدف البحر"، و"ابن الأرندلي"، و"وكالة عطية" و"هدوءنسبي"، و"البوابة الثانية"، و"الأدهم" كلها اهتمت بالواقع وتناقش مشكلات الناس اليومية والحياتية وتخاطب الضمير الجمعي• وقد تناول مسلسل "متخافوش" وبشكل جريء مفهوم الديكتاتورية وعدم تفعيل الديمقراطية وتأثير الوضع السياسي علي الحياة الاقتصادية والاجتماعية من خلال الدور الذي قدمه نور الشريف "مكرم" صاحب المحطة الفضائية ويفضح من خلال برنامجه الذي يحمل اسم المسلسل قضية تزاوج السلطة ورأس المال وما ينتج عنهما من فساد• أما "أفراح إبليس" فمن خلاله تتجلي كل معاني الجريمة المنظمة التي تحدث تحت حماية السلطة بدءاً من جرائم القتل والتعذيب إلي تحقيق المكاسب والمنافع الشخصية التي يقوم بها الفنان جمال سليمان والتي تدفعه هذه العلاقة إلي ارتكاب أبشع الجرائم• ويقترب من نفس القضايا مسلسل "الباطنية" لصلاح السعدني وغادة عبد الرازق، وأيضا مسلسل "الرحايا" لنور الشريف• ويلاحظ أن ثالوث المال والسلطة والمرأة هما القاسم المشترك بين معظم الأعمال الدرامية، كما يناقشها بشكل مختلف مسلسل زينة "ليالي" والذي يخوض في قضية تشبه كثيرا قضية مقتل سوزان تميم خاصة أنه يناقش أيضا مشكلة أرقت الشعب المصري وأثرت علي أحواله الاقتصادية والاجتماعية وهي قضية رجال الأعمال الذين يقترضون من البنوك مليارات الجنيهات ويحصلون علي الإعفاءات والمزايا ثم يهربون خارج مصر بما نهبوه من أموال الشعب ويدخلون بهذه الأموال في شراكات مشبوهة من رجال أعمال إسرائيليين أو شركات مشبوهة، بالإضافة إلي أن مسلسل "ابن الأرندلي" يتعرض لقضية غرق آلاف المصريين علي "عبّارة" النائب ممدوح إسماعيل والثغرات الموجودة في القانون المصري التي تتيح لمرتكبي هذه الجرائم الإفلات بجرائمهم• أما مسلسل"حدف البحر" بطولة سمية الخشاب فيتناول قضية سرقة وبيع أعضاء المرضي وأخطاء الأطباء•• ومن أخطر القضايا التي يعاني منها شبابنا هي قضية الفقر والبطالة والاضطرار للهجرة غير الشرعية والنتائج المترتبة عليها وهي القضية التي كانت محور مسلسل "الأدهم" للفنان أحمد عز• ربما تكون الدراما قد اقتربت كثيرا من الحس الشعبي وأصبحت أكثر جرأة خاصة عندما يقدمها التليفزيون المصري وهي قضايا بالفعل شائكة بجانب ما يقدمه من مشكلات اجتماعية مثل العشوائيات والتي يناقشها مسلسل "وكالة عطية" لحسين فهمي• وهناك أيضا عملان أحدهما يتناول العلاقات الخارجية لمصروالمشكلات التي يواجهها أبناء الوطن وعلاقة مصر بالدول العربية وهو ما ركز عليه مسلسل "البوابة الثانية" لنبيلة عبيد بالإضافة للمسلسل الديني "صدق وعده" للفنان المخضرم حسن يوسف• رصد درامي لكن ما هو تفسير هذا النشاط الدرامي الذي يركز علي المشكلات الواقعية والحياتية للمصريين؟! يقول أيمن سلامة مؤلف مسلسل "ليالي" إنه بالفعل حدث تطور كبير في موضوعات دراما هذا العام فبعد أن كانت مقصورة علي الموضوعات الاجتماعية التي لا تخرج عن التصوير في غرف النوم أو داخل المكاتب، فقد خرجت هذا العام إلي الشارع والواقع، وأكد أنه مسلسل "ليالي" لا يمت بصلة إلي قضية سوزان تميم ولكنه سلط الضوء علي ارتباط السلطة والمال بالمرأة سواء كانت فنانة أو امرأة عادية وهذه المشكلة أصبحت منتشرة خلال السنوات الأخيرة وانتهت للأسف بجرائم• ويشير المؤلف والسيناريست محمد صفاء عامر إلي أن كثرة المسلسلات والأعمال الدرامية هذا العام والتي ركزت علي المشكلات الاجتماعية والسياسية جاء نتيجة جهود فردية لبعض الكتاب لإخراج أعمالهم إلي النور، وقد أبدعوا في تصوير أبشع الجرائم التي ارتكبها رجال الأعمال في حق الفقراء في مصر،ولم يحاسبهم أحد مشيرا إلي مسلسله "أفراح إبليس" الذي يناقش هذه القضية• ويضيف صفاء عامر: نحن لم نحصل حتي الآن علي القدر الكافي من الحرية الذي يمكننا من نقد الواقع المصري وفضح بشاعته•• وهناك كثير من القضايا التي يوجد تحتها خطوط حمراء ممنوع الاقتراب منها، ولذلك فإن الدراما مازالت بعيدة كل البعد عن الشارع المصري وما يجري فيه، وما يقدمه الكتاب من أعمال هذا العام هو في الحقيقة خروجا عن العمل التقليدي الذي تعود عليه المشاهد• أما الكاتب أسامة أنور عكاشة فيري أن معظم الأعمال الدرامية تناولت السياسة بشكل سطحي بل ركزت علي إظهار رجال الأعمال لصوص دون الدخول في التفاصيل، حيث إن كتاب الدراما اعتمدوا فقط علي ما ينشر في الصحف والمجلات وصفحات الحوادث ونقلوه بالمسطرة في مسلسلاتهم، ولم نجد منهم من يتعرض لقضايا الإصلاح السياسي في مصر أو يطالب بالديمقراطية وعدم تزوير الانتخابات، وبالتالي لا يوجد شيء اسمه دراما سياسية حتي الآن، وليس صحيحا أن هناك قيوداً علي تناول موضوعات شائكة أو تحتها خطوطاً حمراء أو أنه هناك تعليمات بعدم نقد النظام الحاكم، حتي ولو كان فيجب القفز فوقها ونقد النظام بشراسة لأنه هو المسئول عن كثير من الأزمات والمشاكل التي يعاني منها الشعب المصري• ويؤكد المؤلف بشير الديك أن الصحف المستقلة وما تتناوله بجرأة في المشكلات والقضايا التي تهم الشعب المصري فتحت الباب أمام الكتاب للاقتراب من الشارع المصري وتناول الواقع وتقديم كل ما يشغل بال الرأي العام، فالظروف الجديدة كانت مادة مغرية للصحف ، وانتقلت بثرائها وزخمها إلي الدراما ورغم أن الواقع أكثر بشاعة ، إلا أنه أغري الكثير من الكتاب لتقديم أعمالهم الفنية مشيرا إلي أن التليفزيون كان أكثر إبداعاً في هذا المجال من السينما خاصة في تعامله مع القضايا السياسية فلقد قدمت العام الماضي "ظل المحارب" الذي انتقد نظم الحكم العربية ولم يسبق أن تعرضت له السيما، وأري أن معظم الأعمال هذا العام أكثر واقعية وبعيدة عن الخيال والافتعال الموجود بالسينما• أما المخرج يوسف شرف الدين فقد نفي أن يكون مسلسل "متخافوش" غير مباشر ويتناول قضايا وهمية بل إنه عمل مباشر ويتعرض لجميع القضايا السياسية في مصر والدول العربية مؤكدا أن الرقابة تفهمت تماما القضية التي يتطرق لها ولم تحذف منه مشهداً، لأن المسلسل لا يدعو للتظاهر أو العنف بل يقول للجمهور، واجه كل مشاكلك دون خوف وابحث عن الحل خاصة أنني تناولت أحداث غزة الأخيرة والوضع الداخلي ومواقف الغرب من تلك الأحداث• مؤكدا أن الدراما هذا العام ناقشت كل الظروف والأوضاع السياسية الداخلية والخارجية دون خوف•