في هذا الزمان الذي يُطلق عليه البعض عصر السرعة هناك عوامل عدة تتطلب من الفرد مضاعفة قراءته وعمل خطة تثقيفية للرقي بمستواه، ومتطلبات الحياة العصرية أجبرت الكثير من الناس على الإطلاع على الكتب لمعرفة أسرار هذه الحياة، وعندما نتحدث عن القراءة يجب أن ندرك أنها متعددة الأنواع وتتمحور حول أربعة فروع رئيسية: • القراءة الثقافية : وتشمل الإلمام بالأولويات من أمور الدين والدنيا بما فيها الثقافة الشرعية الواجبة على كمسلم والمعينة له على التزام الطريق الصحيح في هذه الحياة، فقد قال الرسول صلى الله عليه و سلم: " طلب العلم فريضة على كل مسلم "، وقال صلى الله عليه و سلم : "من يُرد الله به خيرا يُفقهه في الدين " - صحيح البخاري- ، والعلم والفقه يأتيان عن طريق القراءة و سعة الإطلاع . • القراءة الأكاديمية (الدراسية) : هذه القراءة تستوجب الفهم المتعمق لعدة مواد ليتمكن المرء من اجتياز اختبارمعين أو الحصول على مؤهل دراسي يعينه على العمل وتحديد المهنة، وتتميز بعدم وجود عامل الاختيار الحر للمادة المقروءة • القراءة المرجعية: نقوم بهذه القراءة عندما نرغب في البحث عن معلومات معينة قد تتطلب الإطلاع على عدة مراجع أو كتب، مثل البحث عن تفسيرآية كريمة أو معرفة حكم أو صحة حديث أو عند التحقق من معلومات جغرافية أو تاريخية عن بلد معين. • قراءة المتعة : قد تكون هذه أقل القراءات شأناً وتشمل قراءة الصحف والشعر وبعض القصص وما شابه ذلك ، وهدفهاغالباً يكون المعرفة والترويح عن النفس والتسلية فى بعض الأحيان، ولا شك أن الدراية بأصول القراءة السريعة سوف تعود بالفائدة العظمى على الفرد الواعي الطموح الراغب في استغلال وقته على أحسن وجه مهما كان نوع قراءته. تقول المُفكرة الإنجليزية كاثرين ردواي في كتابها " كيف تصبح قارئاً سريعاً" : عندما تجتمع القراءة والتَصُّور "أو التخيل" تصبح السرعة والإدراك أعلى، و بخصوص التدرب على زيادة الإدراك، فعندما ترى كلمة منزل تخيلها في عقلك منزلاً، فمع مرور الوقت وإتقانك التخيل الجيد سوف تصبح الكلمات مصورة و ملونة، وتخيل وأنت تقرأ كتاب أنك تنظر إلى فيلم سنيمائى أو مسلسل تلفزيوني ألا تحتاج إلى تحريك الشفاه أو اللفظ الذهني للمشاهد، والواقع يشهد أننا عندما نتابع فيلماً مُترجماً ترجمة كتابية، فإننا نقرأ الترجمة ونتفاعل مع الفيلم في نفس الوقت وبسرعة عالية جدًا بنسبة لقراءتنا للكتب. فالسؤال الذي يُطرح إذن : ما هي القراءة السريعة وما هي مبادئها ؟! القراءة السريعة: هي عبارة عن أسلوب للقراءة تتضاعف به كمية المادة المقروءة، في وقت معين مع الاحتفاظ بكامل الاستيعاب ، فالفرد الذي يتقن هذه المهارة بإمكانه في المتوسط اختزال وقت قراءة كتاب معين إلى الربع أو أقل، وهذا المتوسط يعتمد على مستوى القارئ وثقافته ومدىإتقانه وتدريبه على هذه المهارة. المبادئ الرئيسية (أ) القراءة الإلمامية : ويتلخص في القيام بعملية مرور سريع للتعرف الشكلي على المادة قبل الشروع الفعلي في قراءتها، مثلاً عند قراءة كتاب ما يمكن أن تتم عملية الإلمام من خلال الخطوات التالية: 1 - الاطلاع على مقدمة الكتاب والتعرف على أهداف المؤلف من كتابة الكتاب. 2- التعرف على أبواب أو فصول الكتاب الرئيسية و عناوينها العريضة وعلاقة بعضها ببعض. 3 - إلقاء نظرة سريعة على الأشكال التوضيحية المستخدمة في الكتاب وعلى الخاتمة. وعملية الإلمام هذه لها دور كبير في التحضير الذهني مما يساعد على سرعة الإستيعاب وبالتالي على سرعة القراءة. (ب) إتقان أسلوب القراءة السريعة: اعتدنا منذ بداية تعلم القراءة على عملية التراجع لقراءة الكلمة أو الكلمات مرة ثانية أوعدة مرات وأحياناً السطر بأكمله ، وقد تستمر هذه العادة مع الشخص حتى الكبر مع عدم وجود المبرر لها ، فعملية التراجع عند القراءة تؤدي إلى تشتيت الذهن وإعاقة تسلسل الأفكار لإكمال الصورة وترسيخ فكرة المادة المقروءة، ويعتبر التراجع من أكبر عوائق القراءة السريعة. (ج) استخدام القراءة العينية المنتظمة : إن عملية الجهر بالقراءة أو مجرد تحريك الشفاه تستغرق وقتاً أكبر وتتطلب جهداً أكثر ويعتبر ذلك من أكبر معوقات القراءة السريعة ؛ ولذا يجب اجتناب تحريك العينين بدرجة كبيرة بين بداية السطر ونهايته وباعتياد ذلك يتوسع مدى العين وتتمكن من التقاط كلمات السطر في نظرة واحدة وبصورة منتظمة ومتتابعة لكل سطر أو لكل مجموعة من الكلمات ، ولا يمكن تحقيق هذا إلا بعد التخلص نهائياً من عملية التراجع السابقة الذكر عند القراءة ، فتطبيق هذه العملية سيريح العين وينظم حركتها وسيؤدي في الوقت نفسه إلى مضاعفة سرعة القراءة . العوامل الفرعية هناك أيضاً بعض الصعوبات التي تبدو وكأنها قليلة الأهمية ، ولكن لها دور كبير منها: 1- الجلسة الصحيحة: عند القراءة يجب الجلوس جلسة صحيحة ومريحة بدون الاسترخاء التام ؛ حيث إن الجلسة الخاطئة تعيق الدورة الدموية التي تؤدي إلى تدني سرعة الاستيعاب،أما الاسترخاء فيفقد التركيز . ولكن يمكن استغلال وقت الراحة والاسترخاءلقراءة المتعة والتسلية التي لا تتطلب كثيراً من التركيز وليست ذات أهمية كبرى. 2- اختيار الوقت والمكان المناسبين : يجب اختيار الأوقات التي تناسب نوع القراءة ؛ فالقراءة الثقافية والأكاديمية تتطلب أن يكون القارئ نشطاً كالصباح الباكر ، وبعيداً عن الضوضاء ، وفي مكان تتوفر به التهوية والإضاءة المناسبة. 3- تحديد مدة القراءة : قبل الشروع بقراءة كتاب معين يجب تحديد طول الوقت المناسب لإكمال قراءةالكتاب ؛ فوجود عامل الضغط له أثر نفسي في رفع مستوى وسرعة القراءة كنتيجة لتحديد الوقت، ويجب أن نتذكر بأن النشاط البدني الرياضي يحتاج إلى التدرج في التدريب والتمرين ؛ لذا فإن فن القراءة السريعة من السهل جداً إتقانه ، ولكن بالتطبيق والتدرج. التغلب على العادات السيئة في القراءة قبل أن تتعلم القراءة بسرعة عليك أولاً التغلب على ثلاث عادات سلبية ومُعطِلة للتقدم سبق أن تبرمجنا عليها و تعلمناها كلنا في المراحل الأولية من تعليمنا، وإذا لم نتعلم منذ تلك المرحلة عادات أخرى، فإننا سوف نعيد تكرارها مئاتالمرات خلال جلسات القراءة، لذلك لا عجب في أننا نتراخى في القراءة التي تجعلنا أيضاً نشعر بالتعب . والعادات السيئة الثلاث هي : 1- قراءة الحروف والكلمات والجمل مع الصوت بسرعة الهمس. 2- القراءة كلمة بكلمة. 3- القراءة التراجعية. وربما لم يسمع البعض من قبل عن هذه العادات السيئة الثلاث في القراءة، وقد يكون البعض غير منتبه إلى أنه يمارسها في واقع حياته، ولكن عندما يعلم بذلك فسوف يدرك أنها أعاقت سرعته في القراءة طوال ما مضى من حياته، وهذه العادات الثلاث تجعل القراءة السريعة أمر صعب ، وإذا تخلي الإنسان عن أي من هذه العادات الثلاث فسوف يحقق قفزة هائلة في قدرته على القراءة الصائبة .